الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 -
(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ)
أَيْ غَضِّهِ (وَتَخْمِيرُ الْوَجْهِ) أَيْ تَغْطِيَتُهُ بِالْيَدِ أَوْ بِالثَّوْبِ (عِنْدَ الْعُطَاسِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ انْدِفَاعُ الْهَوَاءِ بِعَزْمٍ مِنَ الْأَنْفِ مَعَ صَوْتٍ يُسْمَعُ
(أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْقَطَّانُ (عَنْ سُمَيٍّ) هُوَ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) اسْمُهُ ذَكْوَانُ
قَوْلُهُ (إِذَا عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَجُوِّزَ كَسْرُهُ (وَغَضَّ) أَيْ خَفَضَ (بِهَا) أَيْ بِالْعَطْسَةِ (صَوْتَهُ) والمعنى لَمْ يَرْفَعْهُ بِصَيْحَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِصَوْتِهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَمِنْ آدَابِ الْعَاطِسِ أَنْ يَخْفِضَ بِالْعَطْسِ صَوْتَهُ وَيَرْفَعَهُ بِالْحَمْدِ وَأَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ لِئَلَّا يَبْدُوَ مِنْ فِيهِ أَوْ أَنْفِهِ مَا يُؤْذِي جَلِيسَهُ وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ يَمِينًا وَلَا شمالا لئلا يتضرر بذلك
قال بن الْعَرَبِيِّ الْحِكْمَةُ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ بِالْعُطَاسِ أَنَّ فِي رَفْعِهِ إِزْعَاجًا لِلْأَعْضَاءِ وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ أَنَّهُ لَوْ بَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ آذَى جَلِيسَهُ وَلَوْ لَوَى عُنُقَهُ صِيَانَةً لِجَلِيسِهِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ الِالْتِوَاءِ وَقَدْ شَاهَدْنَا مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ صَوْتَهُ
وَلَهُ شَاهِدٌ من حديث بن عُمَرَ بِنَحْوِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ
1 -
(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ)
قَوْلُهُ (عَنِ الْمَقْبُرِيِّ) هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ (الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ والتثاؤب من
الشَّيْطَانِ) لِأَنَّ الْعُطَاسَ يَنْشَأُ عَنْهُ النَّشَاطُ لِلْعِبَادَةِ فَلِذَلِكَ أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ يَنْشَأُ مِنَ الِامْتِلَاءِ فَيُورِثُ الْكَسَلَ فَأُضِيفَ لِلشَّيْطَانِ (فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ) أَيْ فَمِهِ لِيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ (وَإِذَا قَالَ آهْ آهْ) حِكَايَةُ صَوْتِ الْمُتَثَائِبِ (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ يَضْحَكُ مِنْهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ يَرْضَى بِتِلْكَ الْغَفْلَةِ وَبِدُخُولِهِ فَمَهُ لِلْوَسْوَسَةِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ أَمَرَ بِكَظْمِ التَّثَاؤُبِ وَرَدِّهِ وَوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ لِئَلَّا يَبْلُغَ الشَّيْطَانُ مُرَادَهُ مِنْ تَشْوِيهِ صُورَتِهِ وَدُخُولِهِ فَمَهُ وَضَحِكِهِ مِنْهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن خزيمة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي (أخبرني بن أَبِي ذِئْبٍ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ أَبُو سَعِيدٍ وَاسْمُهُ كَيْسَانُ
قَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ) لِأَنَّهُ سَبَبُ خِفَّةِ الدِّمَاغِ وَصَفَاءِ الْقُوَى الْإِدْرَاكِيَّةِ فَيَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى الطَّاعَةِ (وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ عَنِ النَّشَاطِ فِي الطَّاعَةِ وَيُوجِبُ الْغَفْلَةَ وَلِذَا يَفْرَحُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَهُوَ الْمَعْنَى فِي ضَحِكِهِ الْآتِي
قَالَ الْقَاضِي التَّثَاؤُبُ بِالْهَمْزِ التَّنَفُّسُ الَّذِي يُفْتَحُ عَنْهُ الْفَمُ وَهُوَ إِنَّمَا يَنْشَأُ مِنَ الِامْتِلَاءِ وَثِقَلِ النَّفْسِ وَكُدُورَةِ الْحَوَاسِّ وَيُورِثُ الْغَفْلَةَ وَالْكَسَلَ وَسُوءَ الْفَهْمِ وَلِذَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ الشَّيْطَانُ وَضَحِكَ مِنْهُ وَالْعُطَاسُ لِمَا كَانَ سَبَبًا لِخِفَّةِ الدِّمَاغِ
وَاسْتِفْرَاغِ الْفَضَلَاتِ عَنْهُ وَصَفَاءِ الرُّوحِ وَتَقْوِيَةِ الْحَوَاسِّ كَانَ أَمْرُهُ بِالْعَكْسِ (فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ) احْتِرَازٌ مِنْ حَالِ عَدَمِ سَمَاعِهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ (فَإِذَا تَثَاءَبَ أحدكم) قال الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الترمذي وقع في رواية المحبوبي عن التِّرْمِذِيِّ بِالْوَاوِ وَفِي رِوَايَةِ السِّنْجِيِّ بِالْهَمْزِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ بِالْهَمْزِ وَكَذَا فِي حديث أبي سعيد عند أبو دَاوُدَ وَأَمَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَبِالْوَاوِ قَالَ وَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ مُسْلِمٍ وَفِي بَعْضِهَا بِالْهَمْزِ وَقَدْ أَنْكَرَ الْجَوْهَرِيُّ كَوْنَهُ بِالْوَاوِ
قَالَ تَقُولُ تَثَاءَبَتْ عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلَتْ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبَتْ قَالَ وَالتَّثَاؤُبُ أَيْضًا مَهْمُوزٌ وَقَدْ يَقْلِبُونَ الهمز المضمومة واوا والاسم الثوباء بِالضَّمِّ ثُمَّ هَمْزٍ عَلَى وَزْنِ الْخُيَلَاءِ وَجَزَمَ بن دُرَيْدٍ وَثَابِتُ بْنُ قَاسِمٍ فِي الدَّلَائِلِ بِأَنَّ الَّذِي بِغَيْرِ وَاوٍ بِوَزْنِ تَيَمَّمَتْ فَقَالَ ثَابِتٌ لَا يُقَالُ تَثَآبَ بِالْمَدِّ مُخَفَّفًا بَلْ يُقَالُ تثأب بالتشديد
وقال بن دُرَيْدٍ أَصْلُهُ مِنْ ثُئِبَ فَهُوَ مَثْئُوبٌ إِذَا اسْتَرْخَى وَكَسِلَ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُمَا لُغَتَانِ وَبِالْهَمْزِ وَالْمَدُّ أَشْهَرُ انْتَهَى (فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ) أَيْ فَلْيَكْظِمْ فَمَهُ وَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَيْهِ (وَلَا يَقُولُ هَاهْ هَاهْ) حِكَايَةٌ لِصَوْتِ الْمُتَثَائِبِ (فَإِنَّمَا ذَلِكَ) أَيِ التَّثَاؤُبُ (مِنَ الشَّيْطَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أُضِيفَ التَّثَاؤُبُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الشَّهَوَاتِ إِذْ يَكُونُ عَنْ ثِقَلِ الْبَدَنِ وَاسْتِرْخَائِهِ وَامْتِلَائِهِ وَالْمُرَادُ التَّحْذِيرُ مِنَ السَّبَبِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْهُ وَهُوَ التَّوَسُّعُ فِي الْمَأْكَلِ وَإِكْثَارِ الْأَكْلِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو داود والنسائي (وهذا) أي حديث بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أصح من حديث بن عَجْلَانَ) أَيْ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْقَاطِ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ بَيَّنَ التِّرْمِذِيُّ وجه كونه أصح منه بقوله وبن أَبِي ذِئْبٍ أَحْفَظُ إِلَخْ (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَحَادِيثُ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ رَوَى بَعْضَهَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعْضَهَا سَعِيدٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَخْ) وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ بن عجلان قال يحيى القطان عن بن عَجْلَانَ كَانَ سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ