الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 -
(بَاب مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ إِذَا عَطَسَ)
اعْلَمْ أَنَّ الْعُطَاسَ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ فَلَا بُدَّ لِلْعَاطِسِ إِذَا عَطَسَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تعالى
قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ الْعَاطِسُ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ بِالْعُطَاسِ نِعْمَةٌ وَمَنْفَعَةٌ بِخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي دِمَاغِهِ الَّتِي لَوْ بَقِيَتْ فِيهِ أَحْدَثَتْ لَهُ أَدْوَاءَ عَسِرَةً شُرِعَ لَهُ حَمْدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ مَعَ بَقَاءِ أَعْضَائِهِ عَلَى الْتِئَامِهَا وَهَيْئَتِهَا عَلَى هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ الَّتِي هِيَ لِلْبَدَنِ كَزَلْزَلَةِ الْأَرْضِ لَهَا انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ) هُوَ أَبُو خِدَاشٍ الْيَحْمَدِيُّ الْبَصْرِيُّ (أَخْبَرَنَا حَضْرَمِيٌّ) بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظِ النِّسْبَةِ بن عَجْلَانَ مَوْلَى الْجَارُودِ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ في ترجمته روى عن نافع مولى بن عُمَرَ وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْيَحْمَدِيُّ وَغَيْرُهُ ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ
رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا فِيمَا يَقُولُهُ الْعَاطِسُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا عطس إلى جنب بن عُمَرَ) أَيْ مُنْتَهِيًا جُلُوسُهُ إِلَى جَنْبِهِ (فَقَالَ) أَيِ الْعَاطِسُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَهْلِهِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ زِيَادَةُ السَّلَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذْكَارِ (فَقَالَ) أَيْ (بن عمر وأنا أقول) كما تَقُولُ أَيْضًا (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) لِأَنَّهُمَا ذِكْرَانِ شَرِيفَانِ كُلُّ أَحَدٍ مَأْمُورٌ بِهِمَا لَكِنْ لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ يُضَمَّ السَّلَامُ مَعَ الْحَمْدِ عِنْدَ الْعَطْسَةِ بَلِ الْأَدَبُ مُتَابَعَةُ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ مِنْ تِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَّا بِقِيَاسٍ جَلِيٍّ (عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ) فَالزِّيَادَةُ الْمَطْلُوبَةُ إِنَّمَا هِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحَمْدَلَةِ سَوَاءٌ وَرَدَ أَوْ لَا وَأَمَّا زِيَادَةُ ذِكْرٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الضَّمِّ إِلَيْهِ فَغَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورَاتِ
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَقُولُ الْعَاطِسُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رفعه إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَمِثْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَفْعَهُ يَقُولُ الْعَاطِسُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَلِابْنِ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ مِثْلُهُ وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ رَفَعَهُ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَدِيثَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَوَرَدَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَعِنْدَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مَنْ قَالَ عِنْدَ عَطْسَةٍ سَمِعَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا كَانَ لِيَجِدَ وَجَعَ الضِّرْسِ وَلَا الْأُذُنِ أَبَدًا
وَهَذَا مَوْقُوفٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَا زَادَ مِنَ الثَّنَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَمْدِ كَانَ حَسَنًا فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الحمد لله فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْحَمُكَ اللَّهُ
وَعَطَسَ آخَرُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ فَقَالَ ارْتَفَعَ هَذَا عَلَى هَذَا تِسْعَ عَشْرَةَ دَرَجَةً
وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَطَسْتُ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ثَلَاثًا فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكًا أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَبَيَّنَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ الْمَغْرِبُ وَسَنَدُهُ لَا بَأْسَ به وأخرج بن السُّنِّيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَطَسَ فَخَلَّى يَدِي ثُمَّ قَامَ فَقَالَ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْته فَقَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فقال إِذَا أَنْتَ عَطَسْتَ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِكَرَمِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِعِزِّ جَلَالِهِ
فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ صَدَقَ عَبْدِي ثَلَاثًا مَغْفُورًا لَهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا كله ما لفظه ونقل بن بَطَّالٍ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ الْعَاطِسَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ يَزِيدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالَّذِي يَتَحَرَّرُ من الأدلة أن كل ذلك مجزىء لَكِنْ مَا كَانَ أَكْثَرَ ثَنَاءً أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَأْثُورًا
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَاطِسِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ عُطَاسِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَكَانَ أَحْسَنَ فَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ كَذَا قَالَ
وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ ثُمَّ الْأَوْلَوِيَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ