المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص) - تحفة الأحوذي - جـ ٨

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَرْحَبًا)

- ‌41 - كتاب الأدب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ إِذَا عَطَسَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ التَّشْمِيتِ بِحَمْدِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَمْ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعُطَاسَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلَسُ فِيهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في تقليم الأظافر)

- ‌(باب ما جاء فِي التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَخْذِ مِنْ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْبَطْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاتِّكَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِ الْأَنْمَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في نظر الفجاءة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَابِ النِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عن الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَحْذِيرِ فِتْنَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ اتِّخَاذِ الْقُصَّةِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مُتَعَطِّرَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(باب ما جاء في كراهية مباشرة الرجل للرجل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّظَافَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ للرجال وَالْقَسِّيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْبَيَاضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْحُمْرَةِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَخْضَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّزَعْفُرِ وَالْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُفِّ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ نتف الشيب)

- ‌(باب ما جاء أن المستشار مؤتمن)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشُّؤْمِ)

- ‌(باب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعِدَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ اسْمِ الْمَوْلُودِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(باب ما جاء مَا يُكْرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسْمِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ)

- ‌(باب ما جاء لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ)

- ‌(أَبْوَابُ الْأَمْثَالِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل الله عز وجل لعباده)

- ‌(بَاب مَا جاء في مثل النبي والأنبياء)

- ‌(بَاب مَا جاء مَثَلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

- ‌(باب ما جاء مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ)

- ‌(باب ما جاء مَثَلِ ابْنِ آدَمَ وَأَجَلِهِ وَأَمَلِهِ)

- ‌42 - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ يس)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حم الدُّخَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْمُلْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا زُلْزِلَتْ)

- ‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص وفي سورة إذا زلزلت)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قَارِئِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جاء في من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابِ

- ‌43 - أبواب القراءات

- ‌(باب ما جاء أن القرآن أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌44 - أبواب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ برأيه)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الرَّعْدِ)

- ‌(باب ومن سورة إبراهيم)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَة الْحِجْرِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ النَّحْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ طه)

الفصل: ‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص)

قوله (إذا زلزلت) أَيْ سُورَةُ إِذَا زُلْزِلَتْ (تَعْدِلُ) أَيْ تُمَاثِلُ (نِصْفَ الْقُرْآنِ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (وقل هو الله أحد

تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) لِأَنَّ عُلُومَ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَعِلْمُ الشَّرَائِعِ وَعِلْمُ تَهْذِيبِ الْأَخْلَاقِ

وهي مشتملة على الأول (وقل يا أيها الكافرون

تَعْدِلُ رُبْعَ الْقُرْآنِ) لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَحْوَالِ النَّشْأَتَيْنِ فَهِيَ لِتَضَمُّنِهَا الْبَرَاءَةَ مِنَ الشِّرْكِ رُبُعٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَتَصْحِيحُ الْحَاكِمِ مَرْدُودٌ انْتَهَى

وَذَكَرَ الْحَافِظُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْفَتْحِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ وَأَبِي الشَّيْخِ وَقَالَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَفِي سَنَدِهِ يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ انْتَهَى

لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَمَانِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ الَّتِي لَا أُصُولَ لَهَا فاستحق الترك كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ

2 -

(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ)

قَوْلُهُ (أخبرنا زَائِدَةُ) هُوَ بن قدامة (عن منصور) هو بن الْمُعْتَمِرِ (عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ) هُوَ الْأَوْدِيُّ (عَنِ امْرَأَةِ أَبِي أَيُّوبَ) هِيَ أُمُّ أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) الْأَنْصَارِيُّ اسْمُهُ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ

قَوْلُهُ (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَزَادَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَسَأَلُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (مَنْ قَرَأَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ الله أحد الله الصمد

وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رواية أبي

ص: 166

خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ يَقْرَأُ قُلْ هو الله أحد فَهِيَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ فَكَأَنَّ رِوَايَةَ الْبَابِ بِالْمَعْنَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمَّى السُّورَةَ بِهَذَا الِاسْمِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَوْ يَكُونَ بَعْضُ رواته كان يقرأها كَذَلِكَ

فَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقرأ الله أحد الله الصمد بِغَيْرِ قُلْ فِي أَوَّلِهَا (فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ فَقَدْ قرأ ثلث القرآن وفي حديث أي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ كَمَا عَرَفْتَ

قَالَ الْحَافِظُ حَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ هِيَ ثُلُثٌ بِاعْتِبَارِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ أَحْكَامٌ وَأَخْبَارٌ وَتَوْحِيدٌ

وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هِيَ عَلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَكَانَتْ ثُلُثًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ جَزَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أجزاء فجعل قل هو الله أحد جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنَانِ جَمِيعَ أَوْصَافِ الْكَمَالِ لَمْ يُوجَدَا فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ وَهُمَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى أَحَدِّيَّةِ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِجَمِيعِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَدَ يُشْعِرُ بِوُجُودِهِ الْخَاصِّ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَالصَّمَدُ يُشْعِرُ بِجَمِيعِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ سُؤْدُدُهُ فَكَانَ مَرْجِعُ الطَّلَبِ مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التحقيق إلا لمن جاز جَمِيعَ خِصَالِ الْكَمَالِ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ كَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ بِصِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ ثُلُثًا انْتَهَى

وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْمِثْلِيَّةَ عَلَى تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَقَالَ مَعْنَى كَوْنِهَا ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَنَّ ثَوَابَ قراءتها يحصل للقارى مِثْلُ ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَقِيلَ مِثْلُهُ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ

وَهِيَ دَعْوَى بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَيُؤَيِّدُ الْإِطْلَاقَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الأخير وقال فيه قل هو الله تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَخَرَجَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَلِأَبِي عُبَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ من قرأ قل هو الله أحد فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَإِذَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهَلْ ذَلِكَ لِثُلُثٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ أَوْ لِأَيِّ ثُلُثٍ فُرِضَ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا كَانَ كَمَنْ قَرَأَ خَتْمَةً كَامِلَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ عَمِلَ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ كَانَ كَمَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ يَخْتَصُّ بِصَاحِبِ الْوَاقِعَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَدَّدَهَا فِي لَيْلَتِهِ كَانَ كَمَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ تَرْدِيدٍ قَالَ الْقَابِسِيُّ وَلَعَلَّ الرَّجُلَ الَّذِي جَرَى لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ غَيْرَهَا فَلِذَلِكَ اسْتَقَلَّ عَمَلُهُ فَقَالَ لَهُ الشَّارِعُ ذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُ في عمل الخير وإن قل

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ مَنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ أَخْلَصُ مِمَّنْ أَجَابَ فِيهِ بِالرَّأْيِ

ص: 167

قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْمَذْكُورُ بِلَفْظِ مَنْ قرأ قل هو الله أحد فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ قراءة سورة قل هو الله أحد تَعْدِلُ قِرَاءَةَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم قُلْ هو الله أحد تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ قِرَاءَتَهَا تَعْدِلُ قِرَاءَةَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ وَيَحْصُلُ لِقَارِئِهَا ثَوَابُ قِرَاءَةِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَالرِّوَايَاتُ بَعْضُهَا يُفَسِّرُ بَعْضًا هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي سَعِيدِ إِلَخْ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالُوا وَكَيْفَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قال قل هو الله أحد تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَأَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُمَا التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مَنْ قرأ قل هو الله أحد عَشِيَّةَ عَرَفَةَ أَلْفَ مَرَّةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والنسائي وبن مَاجَهْ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَرْغِيبِهِ وَنَقَلَ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ) الرَّازِيُّ أَبُو يَحْيَى (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) يُقَالُ اسْمُ جَدِّهِ السَّائِبُ بْنُ عمير صدوق من السادسة (عن بن حُنَيْنٍ) اسْمُهُ عُبَيْدٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ وَصَرَّحَ مَالِكٌ أَيْضًا فِي رِوَايَتِهِ حَيْثُ قَالَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَخْ

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ بِنُونَيْنِ مُصَغَّرًا الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ مِنَ الثَّالِثَةِ

وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عَنْ أَبِي حُنَيْنٍ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ رَاوٍ كُنْيَتُهُ أَبُو حُنَيْنٍ

ص: 168

قوله (وجبت) أي له (قلت ما وجبت) أي ما مَعْنَى قَوْلِكَ جَزَاءً لِقِرَاءَتِهِ وَجَبَتْ أَوْ مَا فَاعِلُ وَجَبَتْ (قَالَ الْجَنَّةُ) أَيْ بِمُقْتَضَى وَعْدِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ الَّذِي لَا يُخْلِفُهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مالك والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد (وبن حُنَيْنٍ هُوَ إِلَخْ) وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ أبو حنين مكان بن حُنَيْنٍ وَهُوَ غَلَطٌ كَمَا عَرَفْتَ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ) نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدٌ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مُحَمَّدُ بْنُ محمد بن مرزوق الباهلي البصري بن بِنْتِ مَهْدِيٍّ وَقَدْ يُنْسَبُ لِجَدِّهِ مَرْزُوقٍ صَدُوقٌ له أوهام من الحادية عشرة (أخبرنا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو سَهْلٍ) الْكِلَابِيُّ الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ السَّقَطِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ ضَعِيفٌ مِنَ الثَّامِنَةِ

قَوْلُهُ (مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ مرة قل هو الله أحد) أَيْ إِلَى آخِرِهِ أَوْ هَذِهِ السُّورَةَ (مُحِيَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كِتَابِ أَعْمَالِهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ مَا مُحَصَّلُهُ إِنَّ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا الذَّنْبَ أَيِ الدَّيْنَ لَا يُمْحَى عَنْهُ وَلَا يُغْفَرُ وَجَعَلَ الدَّيْنَ مِنْ جِنْسِ الذُّنُوبِ تَهْوِيلًا لِأَمْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحَى عَنْهُ ذُنُوبَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا تُؤَثِّرُ قِرَاءَةُ هَذِهِ السُّورَةِ فِي مَحْوِهَا

قَوْلُهُ (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ شَرْطٌ مَعَ جَزَائِهِ أَيْ قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يَعْمَلِ الشَّرْطُ الثَّانِي فِي جَزَائِهِ أَعْنِي يَقُولُ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَاضٍ فَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ إِذَا فَلَا يَعْمَلْ فِي الْجَزَاءِ كَمَا فِي قول الشاعر

ص: 169

وَإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالِي وَلَا حَرَمُ (عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ (ادْخُلْ عَلَى يَمِينِكَ الْجَنَّةَ) قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ عَلَى يَمِينِكَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ ادْخُلْ فَطَابَقَ هَذَا قَوْلَهُ فَنَامَ عَلَى يَمِينِهِ يَعْنِي إِذَا أَطَعْتَ رَسُولِي وَاضْطَجَعْتَ عَلَى يَمِينِكَ وَقَرَأْتَ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا صِفَاتِي فَأَنْتَ الْيَوْمَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَاذْهَبْ مِنْ جَانِبِ يَمِينِكَ إِلَى الْجَنَّةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ كما عرفت

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْقَطَّانُ (أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ) الْيَشْكُرِيِّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ أَوْ أَبُو مُنَيْنٍ بِنُونٍ مُصَغَّرًا الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ يخطىء مِنَ السَّادِسَةِ

قَوْلُهُ (احْشُدُوا) أَيِ اجْتَمِعُوا وَاسْتَحْضِرُوا الناس والحشد والجماعة وَاحْتَشَدَ الْقَوْمُ لِفُلَانٍ تَجَمَّعُوا لَهُ وَتَأَهَّبُوا كَذَا فِي النِّهَايَةِ

وَقَالَ فِي الصُّرَاحِ الْحَشْدُ مِنْ باب ضرب يضرب ونصر يننصر وَحَشَدُوا أَيِ اجْتَمَعُوا وَاحْتَشَدُوا وَتَحَشَّدُوا كَذَلِكَ انْتَهَى (ثُمَّ خَرَجَ) أَيْ مِنَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ (إِنِّي لَأُرَى) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَأَظُنُّ (هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنَ السَّمَاءِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَذَلِكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم

ص: 170

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) الْقَطَوَانِيُّ بِفَتْحِ القاف والطاء أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي صدوق يتشبع وَلَهُ أَفْرَادٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح) وأخرجه بن مَاجَهْ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله (حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ (عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ) هُوَ الْعُمَرِيُّ

قَوْلُهُ (فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ يَقْرَأُ بِهَا افْتَتَحَ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ أَيْ مِنَ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ هَذَا مَعْنَاهُ وَاضِحٌ وَأَمَّا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ يَقْرَأُ بِهَا تَكْرَارًا فَتَفَكَّرْ (فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ) يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ صَنِيعَهُ ذَلِكَ خِلَافَ مَا أَلِفُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (فَقَالُوا إِنَّكَ تَقْرَأُ بِهَذِهِ السُّورَةِ) أَيْ سورة قل هو الله أحد (مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ أَصْحَابُكَ) أَيْ يَقُولُونَ لَكَ وَلَمْ يَرِدِ الْأَمْرُ بِالصِّيغَةِ الْمَعْرُوفَةِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ مِنَ التَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرُوهُ كَأَنَّهُمْ

ص: 171

قَالُوا لَهُ افْعَلْ كَذَا وَكَذَا (وَمَا يَحْمِلُكَ أَنْ تَقْرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ

قَالَ الْحَافِظُ سَأَلَهُ عَنْ أَمْرَيْنِ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ إِنِّي أُحِبُّهَا وَهُوَ جَوَابٌ عَنِ الثَّانِي مُسْتَلْزِمٌ لِلْأَوَّلِ بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ إِقَامَتُهُ السُّنَّةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الصَّلَاةِ فَالْمَانِعُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْأَمْرِ الْمَعْهُودِ وَالْحَامِلُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحَبَّةُ وَحْدَهَا (إِنَّ حُبَّهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ) دَلَّ تَبْشِيرُهُ لَهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى الرِّضَا بِفِعْلِهِ وَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ أَدْخَلَكَ وَإِنْ كَانَ دُخُولُ الْجَنَّةِ مُسْتَقْبَلًا تَحْقِيقًا لِوُقُوعِ ذَلِكَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ

تَنْبِيهٌ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قِصَّةَ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَقِصَّةَ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قِصَّتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ لَا أَنَّهُمَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ وَيَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا أَنَّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ كَانَ يَخْتِمُ بِهَا وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْآخَرِ وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا أَمِيرَهُمْ وَفِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ يُحِبُّهَا فَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ قَالَ إِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَبَشَّرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ واللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص: 172