المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَرْحَبًا)

- ‌41 - كتاب الأدب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ إِذَا عَطَسَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ التَّشْمِيتِ بِحَمْدِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَمْ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعُطَاسَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلَسُ فِيهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في تقليم الأظافر)

- ‌(باب ما جاء فِي التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَخْذِ مِنْ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْبَطْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاتِّكَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِ الْأَنْمَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في نظر الفجاءة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَابِ النِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عن الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَحْذِيرِ فِتْنَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ اتِّخَاذِ الْقُصَّةِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مُتَعَطِّرَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(باب ما جاء في كراهية مباشرة الرجل للرجل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّظَافَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ للرجال وَالْقَسِّيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْبَيَاضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْحُمْرَةِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَخْضَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّزَعْفُرِ وَالْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُفِّ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ نتف الشيب)

- ‌(باب ما جاء أن المستشار مؤتمن)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشُّؤْمِ)

- ‌(باب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعِدَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ اسْمِ الْمَوْلُودِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(باب ما جاء مَا يُكْرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسْمِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ)

- ‌(باب ما جاء لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ)

- ‌(أَبْوَابُ الْأَمْثَالِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل الله عز وجل لعباده)

- ‌(بَاب مَا جاء في مثل النبي والأنبياء)

- ‌(بَاب مَا جاء مَثَلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

- ‌(باب ما جاء مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ)

- ‌(باب ما جاء مَثَلِ ابْنِ آدَمَ وَأَجَلِهِ وَأَمَلِهِ)

- ‌42 - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ يس)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حم الدُّخَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْمُلْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا زُلْزِلَتْ)

- ‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص وفي سورة إذا زلزلت)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قَارِئِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جاء في من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابِ

- ‌43 - أبواب القراءات

- ‌(باب ما جاء أن القرآن أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌44 - أبواب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ برأيه)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الرَّعْدِ)

- ‌(باب ومن سورة إبراهيم)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَة الْحِجْرِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ النَّحْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ طه)

الفصل: ‌(باب ومن سورة مريم)

20 -

(باب وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ)

مَكِّيَّةٌ أَوْ إِلَّا سَجْدَتُهَا فَمَدَنِيَّةٌ أَوْ إِلَّا (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) آيَتَيْنِ فَمَدَنِيَّتَانِ وَهِيَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ آية

قوله (حدثنا بن إِدْرِيسَ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

قَوْلُهُ (إِلَى نَجْرَانَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ انْتَهَى

وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ نَجْرَانُ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ فُتِحَ سَنَةَ عَشْرٍ سُمِّيَ بِنَجْرَانَ بْنِ زَيْدَانَ بْنِ سَبَأٍ وَمَوْضِعٌ بِالْبَحْرَيْنِ موضع بِحُورَانَ قُرْبِ دِمَشْقَ وَمَوْضِعٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَوَاسِطٍ انتهى (فقالوا) أي أهل نجران (ألستم تقرأون) أَيْ فِي الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ (يَا أخت هارون) وَبَعْدَهُ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كانت أمك بغيا

قال بن كَثِيرٍ أَيْ يَا شَبِيهَةَ هَارُونَ فِي الْعِبَادَةِ أَنْتِ مِنْ بَيْتٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ مَعْرُوفٍ بِالصَّلَاحِ وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ فَكَيْفَ صَدَرَ هَذَا مِنْكِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالسُّدِّيُّ قِيلَ لَهَا أُخْتُ هَارُونَ أَيْ أَخِي مُوسَى وَكَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ يَا أَخَا تَمِيمٍ وَالْمُضَرِيِّ يَا أَخَا مُضَرَ وَقِيلَ نُسِبَتْ إِلَى رَجُلٍ صَالِحٍ كَانَ فِيهِمُ اسْمُهُ هَارُونُ فَكَانَتْ تَتَأَسَّى بِهِ فِي الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ انْتَهَى (وَقَدْ كَانَ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى مَا كَانَ) أَيْ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَرْيَمُ عليها السلام أُخْتًا لِهَارُونَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (أَلَّا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ حَرْفُ التَّحْضِيضِ أَيْ هَلَّا (أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ) يَعْنِي أَنَّ هَارُونَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (يَا أخت هارون) لَيْسَ هُوَ هَارُونَ النَّبِيَّ أَخَا مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَلِ الْمُرَادُ بِهَارُونَ هَذَا رَجُلٌ آخَرُ مُسَمًّى بِهَارُونَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ أَوْلَادَهُمْ بأسماء الأنبياء والصالحين قبلهم

قال بن جَرِيرٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي قِيلَ لَهَا يَا

ص: 477

أُخْتَ هَارُونَ وَمَنْ كَانَ هَارُونُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ نَسَبُوا مَرْيَمَ إِلَى أنها أخته فقال بعضهم قيل لها هَارُونُ نِسْبَةً مِنْهُمْ لَهَا إِلَى الصَّلَاحِ لِأَنَّ أَهْلَ الصَّلَاحِ فِيهِمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ هَارُونَ وَلَيْسَ بِهَارُونَ أَخِي مُوسَى

ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِيَ به هارون أخو مُوسَى وَنُسِبَتْ مَرْيَمُ إِلَى أَنَّهَا أُخْتُهُ لِأَنَّهَا مِنْ وَلَدِهِ يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ يَا أَخَا تَمِيمٍ وَلِلْمُضَرِيِّ يَا أَخَا مُضَرَ

ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَاسِقًا مُعْلِنَ الْفِسْقِ فَنَسَبُوهَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (يَعْنِي حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ هَذَا) وَإِنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهَا انْتَهَى مُلَخَّصًا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

قَوْلُهُ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) يَعْنِي خَوِّفْ يَا مُحَمَّدٌ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْحَسْرَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسِيءَ يَتَحَسَّرُ هَلَّا أَحْسَنَ الْعَمَلَ وَالْمُحْسِنُ هَلَّا زَادَ فِي الْإِحْسَانِ (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ (حَتَّى يُوقَفَ عَلَى السُّورِ) أَيْ سُورِ الْأَعْرَافِ (فَيَشْرَئِبُّونَ) بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ موحدة ثقيلة مضمومة من الأشريباب أي يمدون أعناقهم ويرفعون رؤوسهم للنظر (الحياة والبقاء) أي الخلود (فرحا محركة أَيْ سُرُورًا (فِيهَا) أَيْ فِي النَّارِ (تَرَحًا) بِفَتْحَتَيْنِ ضِدُّ الْفَرَحِ أَيْ هَمًّا وَحُزْنًا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ والنسائي

ص: 478

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ بَهْرَامَ التميمي (حدثنا شيبان) هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ

قَوْلُهُ (وَرَفَعْنَاهُ) أَيْ إِدْرِيسُ (مَكَانًا عَلِيًّا) وَهُوَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا مَكَانًا عَلِيًّا

وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَرْفَعُ مَكَانًا مِنْهُ وَهَذَا الِاسْتِشْكَالُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ أَحَدٍ

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُرْفَعْ إِلَى السَّمَاءِ مَنْ هُوَ حَيٌّ غَيْرُهُ

وَرُدَّ بِأَنَّ عِيسَى عليه الصلاة والسلام أَيْضًا قَدْ رُفِعَ وَهُوَ حَيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ

قَالَ الْحَافِظُ وَكَوْنُ إِدْرِيسَ رُفِعَ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ مَرْفُوعَةٍ قَوِيَّةٍ (لَمَّا عُرِجَ بِي رَأَيْتُ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ بن مَرْدَوَيْهِ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ

قَوْلُهُ (وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَهَمَّامٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَهَذَا عِنْدِي مُخْتَصَرٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ الطَّوِيلِ

قَوْلُهُ (حدثنا عمر بن ذر) الهمداني المرهبي (عن أبيه) هو ذر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْهِبِيُّ

ص: 479

الْهَمْدَانِيُّ

قَوْلُهُ (مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا) أَيْ تَجِيئَنَا وَتَتَنَزَّلَ عَلَيْنَا (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ ربك) أَيْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قُلْ يَا جِبْرِيلُ مَا نَتَنَزَّلُ وَقْتًا غِبَّ وَقْتٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَى مَا تَقْتَضِيه حِكْمَتُهُ (لَهُ مَا بين أيدينا) أَيْ أَمَامَنَا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ (وَمَا خَلْفَنَا) مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَتَمَامُ الْآيَةِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ

أَيْ لَهُ عِلْمُ ذَلِكَ جميعه وما كان ربك نسيا أَيْ نَاسِيًا يَعْنِي تَارِكًا لَكَ بِتَأْخِيرِ الْوَحْيِ عنك كذا في الجلالين

وقال الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ قِيلَ الْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ أَيْدِينَا أَمْرُ الدُّنْيَا وَمَا خَلْفَنَا أَمْرُ الْآخِرَةِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا وَالسُّدِّيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَقِيلَ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَمَا خَلْفَنَا أَيْ مَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يُرْوَى نَحْوُهُ عن بن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وبن جريج والثوري واختاره بن جَرِيرٍ أَيْضًا انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد البخاري وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ

قَوْلُهُ (عَنْ قَوْلِ اللَّهِ) وإن منكم إلا واردها

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْوُرُودِ فِي الْآيَةِ فَقِيلَ هُوَ الدُّخُولُ روى عبد الرزاق عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي مَنْ سمع من بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى المؤمنين بردا وسلاما

وروى الترمذي وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ سَمِعْتَ مُرَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ يَرُدُّونَهَا أَوْ يَلِجُونَهَا ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْوُرُودِ الْمَمَرُّ عَلَيْهَا

رَوَاهُ

ص: 480

الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَسَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَمِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَزَادَ يَسْتَوُونَ كُلُّهُمْ عَلَى مَتْنِهَا ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَمْسِكِي أَصْحَابَكَ وَدَعِي أَصْحَابِي فَيَخْرُجُ الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةً أَبْدَانُهُمْ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالدُّخُولِ تَجُوزُ بِهِ عَنِ الْمُرُورِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهَا فَوْقَ الصِّرَاطِ فِي مَعْنَى مَنْ دَخَلَهَا لَكِنْ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الْمَارَّةِ بِاخْتِلَافِ أَعْمَالِهِمْ فَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ الْبَرْقِ وَيُؤَيِّدُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مُبَشِّرٍ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ النَّارُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا الْآيَةَ

وَفِي هَذَا بَيَانُ ضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْوُرُودُ مُخْتَصٌّ بِالْكُفَّارِ وَمَنْ قَالَ مَعْنَى الْوُرُودِ الدُّنُوُّ مِنْهَا وَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ الْإِشْرَافُ عَلَيْهَا وَمَنْ قَالَ مَعْنَى وُرُودِهَا مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْحُمَّى

عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ لَيْسَ بِبَعِيدٍ وَلَا يُنَافِيه بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى (يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ) يَرِدُ عَلَى وَزْنِ يَعِدُ مُضَارِعٌ مِنَ الْوُرُودِ بِمَعْنَى الْحُضُورِ يُقَالُ وَرَدْتَ مَاءَ كَذَا أَيْ حَضَرْته وَإِنَّمَا سَمَّاهُ وُرُودًا لِأَنَّ الْمَارَّةَ عَلَى الصِّرَاطِ يُشَاهِدُونَ النَّارَ وَيَحْضُرُونَهَا

قال التُّورْبَشْتِيُّ الْوُرُودُ لُغَةً قَصْدُ الْمَاءِ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هَا هُنَا الْجَوَازُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ (ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَنْصَرِفُونَ عَنْهَا فإن الصدر إِذَا عُدِّيَ بِعَنِ اقْتَضَى الِانْصِرَافَ وَهَذَا عَلَى الِاتِّسَاعِ وَمَعْنَاهُ النَّجَاةُ إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ انْصِرَافٌ وَإِنَّمَا هُوَ الْمُرُورُ عَلَيْهَا فَوَضَعَ الصَّدْرَ مَوْضِعَ النَّجَاةِ لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي بَيْنَ الصُّدُورِ وَالْوُرُودِ

قَالَ الطِّيبِيُّ ثُمَّ فِي ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِثْلُهَا فِي قوله تعالى ثم ننجى الذين اتقوا فِي أَنَّهَا لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ لَا الزَّمَانِ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى التَّفَاوُتَ بَيْنَ وُرُودِ النَّاسِ النَّارَ وَبَيْنَ نَجَاةِ الْمُتَّقِينَ مِنْهَا فَكَذَلِكَ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّفَاوُتَ بَيْنَ وُرُودِ النَّاسِ النَّارَ وَبَيْنَ صُدُورِهِمْ مِنْهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصُّدُورِ الِانْصِرَافُ انْتَهَى

قَالَ القارىء الْحَاصِلُ أَنَّ الْخَلْقَ بَعْدَ شُرُوعِهِمْ فِي الْوُرُودِ يَتَخَلَّصُونَ مِنْ خَوْفِ النَّارِ وَمُشَاهَدَةِ رُؤْيَتِهَا وَمُلَاصَقَةِ لَهَبِهَا وَدُخَانِهَا وَتَعَلُّقِ شَوْكِهَا وَأَمْثَالِهَا عَلَى مَرَاتِبَ شَتَّى فِي سُرْعَةِ الْمُجَاوَزَةِ وَإِبْطَائِهَا

(بِأَعْمَالِهِمْ) أَيْ بِحَسْبِ مَرَاتِبِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ (فَأَوَّلُهُمْ) أَيْ أَسْبَقُهُمْ (كَلَمْحِ الْبَرْقِ) أَيْ كَسُرْعَةِ مُرُورَةِ (ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ) أَيْ جَرْيِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْعَدْوُ الشَّدِيدُ (ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلِهِ) أَيْ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَعَدَّاهُ بِفِي لِتَمَكُّنِهِ مِنَ السَّيْرِ

كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَقِيلَ أَرَادَ

ص: 481

الرَّاكِبَ فِي مَنْزِلِهِ وَمَأْوَاهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ السَّيْرُ وَالسُّرْعَةُ أَشَدَّ (ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ) أَيْ عَدْوِهِ (ثُمَّ كَمَشْيِهِ) أَيْ كَمَشْيِ الرَّجُلِ عَلَى هَيْئَتِهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وصححه والبيهقي والدارمي وبن أبي حاتم

قوله (حدثنا عبد الرحمن) هو بن مَهْدِيٍّ

قَوْلُهُ (وَلَكِنِّي أَدْعُهُ عَمْدًا) أَيْ أَتْرُكُهُ يَعْنِي أَتْرُكُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ التَّرْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ

تَنْبِيهٌ ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي فَائِدَةِ دُخُولِ الْمُؤْمِنَينَ النَّارَ وُجُوهًا أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُهُمْ سُرُورًا إِذَا عَلِمُوا الخلاص منه

وثانيها أن فيه مزيدهم عَلَى أَهْلِ النَّارِ حَيْثُ يَرَوْنَ الْمُؤْمِنَينَ يَتَخَلَّصُونَ مِنْهَا وَهُمْ بَاقُونَ فِيهَا

وَثَالِثُهَا أَنَّهُمْ إِذَا شَاهَدُوا ذَلِكَ الْعَذَابَ عَلَى الْكُفَّارِ صَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَزِيدِ الْتِذَاذِهِمْ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ وَلَا نَقُولُ صَرِيحًا إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَدْخُلُونَ النَّارَ أَدَبًا مَعَهُمْ وَلَكِنْ نَقُولُ إِنَّ الْخَلْقَ جَمِيعًا يَرِدُونَهَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ

فَالْعُصَاةُ يَدْخُلُونَهَا بِجَرَائِمِهِمْ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالسُّعَدَاءُ يَدْخُلُونَهَا لِشَفَاعَتِهِمْ فَبَيْنَ الدَّاخِلِينَ بَوْنٌ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ

ص: 482

قوله (إذا أحب الله عبدا نادى جبرائيل) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَمْرٌ مِنَ الْإِحْبَابِ أَيْ أَحِبَّهُ أَنْتَ أَيْضًا

قال النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ هِيَ إِرَادَتُهُ الْخَيْرَ لَهُ وَهِدَايَتُهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبُغْضُهُ إرادة عقابه أو شقاوته ونحوه وحب جبرائيل وَالْمَلَائِكَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ وَثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ وَدُعَاؤُهُمْ وَالثَّانِي أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَهُوَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ وَاشْتِيَاقٌ إِلَى لِقَائِهِ وَسَبَبُ حُبِّهِمْ إِيَّاهُ كَوْنُهُ مُطِيعًا لِلَّهِ تَعَالَى مَحْبُوبًا لَهُ انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ بَيَانُ سَبَبِ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ وَالْمُرَادِ بِهَا فَفِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ الْعَبْدَ لَيَلْتَمِسُ مَرْضَاةَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ يَا جِبْرِيلُ إِنَّ عَبْدِي فُلَانًا يَلْتَمِسُ أَنْ يُرْضِيَنِي أَلَا وَإِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ

الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والطبراني ويشهد له حديث أبي هريرة الاني فِي الرِّقَاقِ فَفِيهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ

الْحَدِيثَ انْتَهَى (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فينادي) أي جبرائيل (في السماء) وفي حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ (ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ

قَالَ النَّوَوِيُّ أَيِ الْحُبُّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَرِضَاهُمْ عَنْهُ تَمِيلُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ وَتَرْضَى عَنْهُ (فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)

قال بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَغْرِسُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنَينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ لِمُتَابَعَتِهَا الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ يَغْرِسُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَحَبَّةً وَمَوَدَّةً وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والشيخان

ص: 483

قوله (حدثنا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ (عَنْ أَبِي الضُّحَى) هُوَ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ

قَوْلُهُ (جِئْتُ الْعَاصَ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا أَجَوْفًا وَنَاقِصًا قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ (بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ) هُوَ وَالِدُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ وَكَانَ لَهُ قَدْرٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُوَفَّقْ لِلْإِسْلَامِ (أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِي عِنْدَهُ)

وفي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ كُنْتَ قَيِّنًا بِمَكَّةَ فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فَاجْتَمَعَتْ لِي عِنْدَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمَ (فَقُلْتُ لَا) أَيْ لَا أَكْفُرُ (حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ حِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أكفر أبدا والنكتة في تعبيره بالبعث تعيير الْعَاصِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِهِ (أَفَرَأَيْتَ) لَمَّا كَانَ مُشَاهَدَةُ الْأَشْيَاءِ وَرُؤْيَتُهَا طَرِيقًا إِلَى الْإِحَاطَةِ بِهَا عِلْمًا وَإِلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْهَا اسْتَعْمَلُوا أرأيت فِي مَعْنَى أَخْبِرْ وَالْفَاءُ جَاءَتْ لِإِفَادَةِ مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ التَّعْقِيبُ كَأَنَّهُ قَالَ أَخْبِرْ أَيْضًا بِقِصَّةِ هَذَا الْكَافِرِ وَاذْكُرْ حَدِيثَهُ عَقِيبَ حَدِيثِ أُولَئِكَ وَالْفَاءُ بَعْدَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَاطِفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَنَظَرْتَ فَرَأَيْتَ (الَّذِي كَفَرَ) يَعْنِي الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ (بِآيَاتِنَا) أَيْ بِالْقُرْآنِ (وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ) أَيْ لَأُعْطَيَنَّ (مَالًا وَوَلَدًا) يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ الْبَعْثِ وَبَعْدَهُ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) أَيْ أعلمه وأن يُؤْتَى مَا قَالَهُ وَاسْتَغْنَى بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَنْ همزة الوصل فخذفت أم اتخذ عند الرحمن عهدا بِأَنْ يُؤْتَى مَا قَالَهُ (كَلَّا) أَيْ لَا يُؤْتَى ذَلِكَ (سَنَكْتُبُ) فَأَمَرَ بِكَتْبِ مَا يَقُولُ ونمد له من العذاب مدا أَيْ نَزِيدُهُ بِذَلِكَ عَذَابًا فَوْقَ عَذَابِ كُفْرِهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

ص: 484