المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن) - تحفة الأحوذي - جـ ٨

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَرْحَبًا)

- ‌41 - كتاب الأدب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ إِذَا عَطَسَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ التَّشْمِيتِ بِحَمْدِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَمْ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعُطَاسَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلَسُ فِيهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في تقليم الأظافر)

- ‌(باب ما جاء فِي التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَخْذِ مِنْ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْبَطْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاتِّكَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِ الْأَنْمَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في نظر الفجاءة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَابِ النِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عن الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَحْذِيرِ فِتْنَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ اتِّخَاذِ الْقُصَّةِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مُتَعَطِّرَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(باب ما جاء في كراهية مباشرة الرجل للرجل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّظَافَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ للرجال وَالْقَسِّيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْبَيَاضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْحُمْرَةِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَخْضَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّزَعْفُرِ وَالْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُفِّ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ نتف الشيب)

- ‌(باب ما جاء أن المستشار مؤتمن)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشُّؤْمِ)

- ‌(باب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعِدَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ اسْمِ الْمَوْلُودِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(باب ما جاء مَا يُكْرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسْمِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ)

- ‌(باب ما جاء لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ)

- ‌(أَبْوَابُ الْأَمْثَالِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل الله عز وجل لعباده)

- ‌(بَاب مَا جاء في مثل النبي والأنبياء)

- ‌(بَاب مَا جاء مَثَلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

- ‌(باب ما جاء مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ)

- ‌(باب ما جاء مَثَلِ ابْنِ آدَمَ وَأَجَلِهِ وَأَمَلِهِ)

- ‌42 - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ يس)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حم الدُّخَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْمُلْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا زُلْزِلَتْ)

- ‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص وفي سورة إذا زلزلت)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قَارِئِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جاء في من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابِ

- ‌43 - أبواب القراءات

- ‌(باب ما جاء أن القرآن أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌44 - أبواب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ برأيه)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الرَّعْدِ)

- ‌(باب ومن سورة إبراهيم)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَة الْحِجْرِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ النَّحْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ طه)

الفصل: ‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

4 -

(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

وغير القارىء قَوْلُهُ (مَثَلُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ تَكْرِيرِهِ لَهَا وَمُدَاوَمَتِهِ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ دَأْبَهُ وَعَادَتَهُ كَفُلَانٍ يَقْرِي الضَّيْفَ وَيَحْمِي الحريم يعطي وَفِي رِوَايَةٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ (كَمَثَلِ الْأُتْرُنْجَةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِيهِ لُغَاتٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْأُتْرُجُّ وَالْأُتْرُجَّةُ وَالتُّرُنْجَةُ وَالتُّرُنْجُ مَعْرُوفٌ وَهِيَ أَحْسَنُ الثِّمَارِ الشَّجَرِيَّةِ وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ الْعَرَبِ انْتَهَى

وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ بِالْأُتْرُنْجَةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مَا يُوجَدُ مِنَ الثِّمَارِ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ وَأَجْدَى لِأَسْبَابِ كَثِيرَةٍ جَامِعَةٍ لِلصِّفَاتِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهَا وَالْخَوَاصِّ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا فَمِنْ ذَلِكَ كُبْرُ جِرْمِهَا وَحُسْنُ مَنْظَرِهَا وَطِيبُ مَطْعَمِهَا وَلِينُ مَلْمَسِهَا تَأْخُذُ الْأَبْصَارَ صِبْغَةً وَلَوْنًا فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ تَتُوقُ إِلَيْهَا النَّفْسُ قَبْلَ التَّنَاوُلِ تُفِيدُ آكِلَهَا بَعْدَ الالتذاذ بذوقها طيب نكهة ودباغ معدة وهضم وَاشْتِرَاكَ الْحَوَاسِّ الْأَرْبَعِ الْبَصَرُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ وَاللَّمْسُ فِي الِاحْتِظَاءِ بِهَا (وَمَثَلُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) أَيْ وَيَعْمَلُ بِهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَ الطِّيبِيُّ التَّمْثِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ اشْتَمَلَ عَلَى مَعْنًى مَعْقُولٍ صِرْفٍ لَا يُبْرِزُهُ عَنْ سكنونة إِلَّا تَصْوِيرُهُ بِالْمَحْسُوسِ الْمُشَاهَدِ ثُمَّ إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ تَأْثِيرٌ فِي بَاطِنِ الْعَبْدِ وَظَاهِرِهِ وَإِنَّ الْعِبَادَ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ النَّصِيبُ الْأَوْفَرُ مِنْ ذَلِكَ التَّأْثِيرِ وهو المؤمن القارىء وَمِنْهُمْ مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ الْمُنَافِقُ الْحَقِيقِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَثَّرَ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَهُوَ الْمُرَائِي أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُوَ الْمُؤْمِنُ الذي لا يقرأه وَإِبْرَازُ هَذِهِ الْمَعَانِي وَتَصْوِيرُهَا إِلَى الْمَحْسُوسَاتِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوَافِقُهَا وَيُلَائِمُهَا أَقْرَبُ وَلَا أَحْسَنُ وَلَا أَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَاتِ وَالْمُشَبَّهَ بِهَا وَارِدَةٌ عَلَى تَقْسِيمِ الْحَاصِلِ لِأَنَّ النَّاسَ إِمَّا مُؤْمِنٌ أَوْ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَالثَّانِي إِمَّا مُنَافِقٌ صِرْفٌ أَوْ مُلْحَقٌ بِهِ وَالْأَوَّلُ إِمَّا مُوَاظِبٌ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَوْ غَيْرُ مُوَاظِبٍ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا فَقِسِ الْأَثْمَارَ الْمُشَبَّهَ بِهَا وَوَجْهُ الشَّبَهِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مُنْتَزَعٌ مِنْ أَمْرَيْنِ مَحْسُوسَيْنِ طَعْمٌ وَرِيحٌ وليس بمفرق كما في قوله أمرىء الْقَيْسِ كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْبًا وَيَابِسًا لَدَى وَكْرِهَا الْعُنَّابُ وَالْحَشَفُ الْبَالِي

ص: 133

(كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ) هِيَ كُلُّ نَبْتٍ طَيِّبِ الرِّيحِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشْمُومِ (كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ) الْحَنْظَلُ نَبَاتٌ يَمْتَدُّ عَلَى الْأَرْضِ كَالْبِطِّيخِ وَثَمَرُهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ الْبِطِّيخِ لَكِنَّهُ أَصْغَرُ مِنْهُ جِدًّا وَيُضْرَبُ الْمَثَلُ بمرارته (ريحها مر وطعمها مُرٌّ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ قِيلَ الَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَحْسَنُ لِأَنَّ الرِّيحَ لَا طَعْمَ لَهُ إِذِ الْمَرَارَةُ عَرَضٌ وَالرِّيحُ عَرَضٌ وَالْعَرَضُ لَا يَقُومُ بِالْعَرَضِ وَوُجِّهَ هَذَا بِأَنَّ ريحها لما كان كريحا اسْتُعِيرَ لِلْكَرَاهَةِ لَفْظُ الْمَرَارَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْكَرَاهَةِ الْمُشْتَرَكَةِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ

قَوْلُهُ (لَا تَزَالُ الرِّيَاحُ تُفَيِّئُهُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ تُحَرِّكُهُ وَتُمِيلُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا (وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ بَلَاءٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ التَّشْبِيهُ إِمَّا مُفَرَّقٌ فَيُقَدَّرُ لِلْمُشَبَّهِ مَعَانٍ بِإِزَاءِ مَا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْبَغِي أَنْ يَرَى نَفْسَهُ عَارِيَةً مَعْزُولَةً عَنِ اسْتِيفَاءِ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ مَعْرُوضَةً لِلْحَوَادِثِ وَالْمُصِيبَاتِ مَخْلُوقَةً لِلْآخِرَةِ لِأَنَّهَا دَارُ خُلُودٍ (كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْأَرْزُ وَيُضَمُّ شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَرْزَةُ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا شَجَرَةُ الْأَرْزَنِ وَهُوَ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ وَقِيلَ هُوَ الصَّنَوْبَرُ (لَا تَهْتَزُّ) أَيْ لَا تَتَحَرَّكُ (حَتَّى تُسْتَحْصَدَ) على بناء المفعول وقال بن الْمَلَكِ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ حَصَادِهَا فَتُقْطَعُ انْتَهَى فَكَذَلِكَ الْمُنَافِقُ يَقِلُّ بَلَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا لِئَلَّا يَخِفَّ عَذَابُهُ فِي الْعُقْبَى قَالَ الطِّيبِيُّ شَبَّهَ قَلْعَ شَجَرَةِ الصَّنَوْبَرِ وَالْأَرْزَنِ فِي سُهُولَتِهِ بِحَصَادِ الزَّرْعِ فَدَلَّ عَلَى سُوءِ خَاتِمَةِ الْكَافِرِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

ص: 134

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى) الْأَنْصَارِيُّ (أَخْبَرَنَا معن) هو بن عِيسَى الْقَزَّازُ (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) إِمَامُ دَارِ الْهِجْرَةِ

قَوْلُهُ (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْفَهْمِ في العلم قال صحبت بن عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ وَلَهُ عَنْهُ فِي الْبُيُوعِ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا (لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مِثْلُ الْمُؤْمِنِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَوْ بفتح الميم والمثلثة وهما بمعنى قال الجوهر مِثْلُهُ وَمَثَلُهُ كَلِمَةُ تَسْوِيَةٍ كَمَا يُقَالُ شِبْهُهُ وَشَبَهُهُ بِمَعْنًى قَالَ وَالْمَثَلُ بِالتَّحْرِيكِ أَيْضًا مَا يُضْرَبُ مِنَ الْأَمْثَالِ انْتَهَى

وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ النَّخْلَةِ وَالْمُؤْمِنِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ سُقُوطِ الْوَرَقِ ما رواه الحرث بْنُ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخر عن بن عُمَرَ وَلَفْظُهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ لَا تَسْقُطُ لَهَا أُنْمُلَةٌ أَتَدْرُونَ مَا هِيَ قَالُوا لَا

قَالَ هِيَ النَّخْلَةُ لَا تَسْقُطُ لَهَا أُنْمُلَةٌ وَلَا تَسْقُطُ لِمُؤْمِنٍ دَعْوَةٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِي مجاهد عن بن عُمَرَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَبَرَكَةُ النَّخْلِ موجودة في جميع أجزائها مستمر فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا فَمِنْ حِينِ تَطْلُعُ إِلَى أَنْ تَيْبَسَ تُؤْكَلُ أَنْوَاعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْتَفَعُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا حَتَّى النَّوَى فِي عَلَفِ الدَّوَابِّ وَاللِّيفُ فِي الْحِبَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ بَرَكَةُ الْمُؤْمِنِ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَنَفْعُهُ مُسْتَمِرٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ حَتَّى بَعْدَ مَوْتِهِ (حَدِّثُونِي) أَيْ أَخْبِرُونِي (فَوَقَعَ النَّاسُ) أَيْ ذَهَبَتْ أَفْكَارُهُمْ فِي أَشْجَارِ الْبَادِيَةِ فَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ يُفَسِّرُهَا بِنَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ وَذَهِلُوا عَنِ النَّخْلَةِ يُقَالُ وَقَعَ الطَّائِرُ عَلَى الشَّجَرَةِ إذ نَزَلَ عَلَيْهَا (وَوَقَعَ فِي نَفْسِي) بَيَّنَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ بن عُمَرَ وَجْهَ ذَلِكَ قَالَ فَظَنَنْتَ أَنَّهَا النَّخْلَةُ مِنْ أَجْلِ الْجُمَّارِ الَّذِي أُتِيَ بِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُلْغَزَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَفَطَّنَ لِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَأَنَّ الْمُلْغِزَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي التَّعْمِيَةِ بِحَيْثُ لَا يَجْعَلُ لِلْمُلْغَزِ بَابًا يَدْخُلُ مِنْهُ بَلْ كُلَّمَا قَرَّبَهُ كَانَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ (فَاسْتَحْيَيْتَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْفَهْمِ فِي الْعِلْمِ

ص: 135