الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن أَبِي سُلَيْمٍ
قَوْلُهُ (إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي) أَيِ احْذَرُوا مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ (فَإِنَّ مَعَكُمْ) أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله وَهُمِ الْحَفَظَةُ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ (وَحِينَ يُفْضِي) أَيْ يَصِلُ (فَاسْتَحْيُوهُمْ) أَيْ مِنْهُمْ (وَأَكْرِمُوهُمْ) أَيْ بِالتَّغَطِّي وَغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُ تعظيمهم وتكريمهم
قال بن الْمَلَكِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْمُجَامَعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَكَانَ قَدِ اخْتَلَطَ أَخِيرًا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ
7 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ)
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْحَمَّامُ مُثَقَّلٌ مَعْرُوفَةٌ وَالتَّأْنِيثُ أَغْلَبُ فَيُقَالُ هِيَ الْحَمَّامُ وَجَمْعُهَا حَمَّامَاتٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَيُذَكَّرُ فَيُقَالُ هُوَ الْحَمَّامُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ذَكَرَ طَرَفَيِ الْإِيمَانِ اخْتِصَارًا أَوْ إِشْعَارًا بِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ كَمَالُ الْإِيمَانِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ التَّهْدِيدُ (فَلَا يُدْخِلْ) مِنْ بَابِ الْإِدْخَالِ أَيْ فَلَا يَأْذَنْ بِالدُّخُولِ (حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ) أَيِ امْرَأَتَهُ (فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ مَعَهُمْ كَأَنَّهُ تَقْرِيرٌ عَلَى مُنْكَرٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ من طريق بن لهيعة عن أبي يزيد الزبير جابر (وَقَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْثٌ لَا يُفْرَحُ بِحَدِيثِهِ) قَدْ عَرَفْتَ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي عُذْرَةَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ لَهُ حَدِيثٌ فِي الْحَمَّامِ وَهُوَ مَجْهُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ لَهُ صُحْبَةً كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّاهُ وكذا ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ وَيُقَالُ جَزَمَ بِصُحْبَتِهِ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ فِي الْمَيَازِرِ) جَمْعُ مِئْزَرٍ وَهُوَ الْإِزَارُ قَالَ الْمُظْهِرُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَخِّصْ لِلنِّسَاءِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ جَمِيعَ أَعْضَائِهِنَّ عَوْرَةٌ وَكَشْفُهَا غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِثْلُ أَنْ تكون مريضة تدخل الدواء أَوْ تَكُونَ قَدِ انْقَطَعَ نِفَاسُهَا تَدْخُلُ لِلتَّنْظِيفِ
أَوْ تَكُونُ جُنُبًا وَالْبَرْدُ شَدِيدٌ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ وَتَخَافُ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْبَارِدِ ضَرَرًا أَوْ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إِزَارٍ سَاتِرٍ لِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي فَلَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ رَوَاهُ أَحْمَدُ مَا لَفْظُهُ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ لِلذُّكُورِ بِشَرْطِ لُبْسِ الْمَآزِرِ وَتَحْرِيمِ الدُّخُولِ بِدُونِ مِئْزَرٍ وَعَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاسْتِثْنَاءُ الدُّخُولِ مِنْ عُذْرٍ لَهُنَّ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ تَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي رَوَتْهُ لِنِسَاءِ الْكُورَةِ وَهُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ إِلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ كَمَا سَيَأْتِي
فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا إِنْ صَحَّ انْتَهَى
قُلْتُ أَشَارَ الشَّوْكَانِيُّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ إِلَى حديثها الاتي في هذا الباب وأشار الحديث الَّذِي فِيهِ إِلَّا مَرِيضَةٌ أَوْ نُفَسَاءُ
إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِالْأُزُرِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ رَوَاهُ أَبُو داود وبن مَاجَهْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا غَيْرُ وَاحِدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ التنوخي قاضي إفريقية وقد غمزه البخاري وبن أَبِي حَاتِمٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ إِلَخْ) وأخرجه أبو داود وبن مَاجَهْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي عُذْرَةَ هَلْ يُسَمَّى فَقَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّاهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَقِيلَ إِنَّ أَبَا عُذْرَةَ أَدْرَكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَازِمٍ الْحَافِظُ لَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَأَبُو عُذْرَةَ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَأَحَادِيثُ الْحَمَّامِ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْهَا عَنِ الصَّحَابَةِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا فَهُوَ صَرِيحٌ انْتَهَى
قوله (عن منصور) هو بن الْمُعْتَمِرِ
قَوْلُهُ (أَنَّ نِسَاءً مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ) بِكَسْرِ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ مِيمٍ فَمُهْمَلَةٌ هِيَ بَلْدَةٌ مِنَ الشَّامِ (أَوْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (تَضَعُ ثِيَابَهَا) أَيِ السَّاتِرَةَ لَهَا (إِلَّا هَتَكَتِ السِّتْرَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ حِجَابَ الْحَيَاءِ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا) لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالتَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ أَنْ يَرَاهَا أَجْنَبِيٌّ حَتَّى لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَكْشِفْنَ عَوْرَتَهُنَّ فِي الْخَلْوَةِ أَيْضًا إِلَّا عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ فَإِذَا كَشَفَتْ أَعْضَاءَهَا فِي الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَدْ هَتَكَتِ السِّتْرَ الَّذِي أَمَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ لِبَاسًا لِيُوَارِيَ بِهِ سَوْآتِهِنَّ وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى فَإِذَا لَمْ يَتَّقِينَ اللَّهَ تَعَالَى وَكَشَفْنَ سَوْآتِهِنَّ هَتَكْنَ السِّتْرَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى