المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

النبات شائعة لا تقتصر على مَنْ يملكه بخلاف الأكل منه، - تفسير الشعراوي - جـ ١٦

[الشعراوي]

الفصل: النبات شائعة لا تقتصر على مَنْ يملكه بخلاف الأكل منه،

النبات شائعة لا تقتصر على مَنْ يملكه بخلاف الأكل منه، فحين تمر ببستان أو حديقة تتمتع بمنظرها وجمال ألوانها وتُسَرُّ برائحتها.

وفي النفس الإنسانية ملكات تتغذى على هذه الخضرة، وعلى هذه الألوان وتنبسط لهذا الجمال، ولو لم تكُنْ تمتلكه.

لذلك الحق سبحانه وتعالى ينبهنا إلى هذه المسألة في قوله تعالى: {انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ. .} [الأنعام: 99] أي: أن النظر مشاع للجميع، ثم بعد ذلك اتركوا الخصوصيات لأصحابها، تمتَّعوا بما خلق الله، ففي النفس ملكَات أخرى غير الطعام.

واقرأ أيضاً قوله تعالى في الخيل: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] فليست الخيل لحمل الأثقال وفقط، وإنما فيها جمال وأُبَّهة، تُرضِي شيئاً في نفوسكم، وتُشْبِع ملكَة من ملكاتها.

ثم يقول الحق سبحانه: {ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق. .} .

ص: 9714

أي: أن ما حدث في خَلْق الإنسان تكويناً، وما حدث في إنبات الزرع تكويناً ونماءً، يردُّ هذا كله إلى أن الله تعالى {هُوَ الحق. .} [الحج:

‌ 6]

فلماذا أتى بالحق ولم يقُلْ الخالق؟ قالوا: لأن الخالق قد يخلق شيئاً ثم يتخلى عنه، أمّا الله سبحانه وتعالى فهو الخالق الحق، ومعنى الحق أي: الثابت الذي لا يتغير، كذلك عطاؤه لا يتغير، فسوف يظل سبحانه خالقاً يعطيك كل يوم؛ لأن عطاءه سبحانه دائم لا ينفد.

ص: 9714

وإذا نظرتَ إلى الوجود كله لوجدته دروة مكررة، فالله عز وجل قد خلق الأرض وقدَّر فيها أقواتها، فمثلاً كمية الماء التي خلقها الله في الكون هي هي لم تَزِدْ ولم تنقص؛ لأن للماء دورة في الحياة، فالماء الذي تشربه طوال حياتك لا يُنقص في كمية الماء الموجود؛ لأنه سيخرج منك على صورة فضلات ليعود في دورة الماء في الكون من جديد.

وهكذا في الطعام الذي تأكله، وفي الوردة الجميلة الطرية التي نقطفها، كل ما في الوجود له دورة يدور فيها، وهذا معنى:{وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا. .} [فصلت: 10]

فمعنى: {الحق. .} [الحج: 6] هنا الثابت الذي لا يتغير في الخَلْق وفي العطاء. فلا تظن أن عطاء الله لك شيء جديد، إنما هو عطاء قديم يتكرر لك ولغيرك.

ثم يقول تعالى: {وَأَنَّهُ يُحْيِي الموتى. .} [الحج: 6] كما قُلْنا في الآية السابقة: {وَتَرَى الأرض هَامِدَةً. .} [الحج: 5] أي: ساكنة لا حياةَ فيها، والله وحده القادر على إحيائها؛ لذلك نجد علماء الفقه يُسمُّون الأرض التي نصلحها للزراعة (إحياء الموات) فالله تعالى

ص: 9715