الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخالق الذي يعلم ملَكات النفس الإنسانية كلها، وشرع لكل ملكة ما يناسبها، وأحداث الحياة ستضطرهم إلى ما قنن الله لخلافته في الأرض.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ الله أَعْلَمُ. .} .
الجدل: مأخوذ من جَدْل الحبل بعضه على بعض لتقويته، وإنْ كانت خيطاً رفيعاً نبرمه فنعطيه سُمْكاً وقوة؛ لذلك الخيط حين نبرمه يقلّ في الطول؛ لأن أجزاءه تتداخل فيكون أقوى، فالجدْل من تمتين الشيء وتقويته، وكذلك الجدال؛ فهو محاولة تقوية الحجة أمام الخَصْم.
وفي آية أخرى: {وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ. .} [النحل: 125] فالمعنى: إنْ جادلوك بعد التي هي أحسن فقُلْ {الله أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحج:
68]
يعني: ردهم إلى الله واحتكم إليه؛ لذلك جاء بعدها: {الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة. .} .
لاحظ أن الحق سبحانه لم يقُلْ: يحكم بيننا وبينكم كما يقتضي المعنى؛ لأنكما طرفان تتجادلان. وكأن الحق تبارك وتعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم َ: أتركهم فسوف يختلفون هم فيما بينهم، ولن يظل الخلاف معك؛ لأن الخلاف في شيء واحد ينشأ عن هوى النفس، وهوى النفس ينشأ من الحرص على السلطة الزمنية، يعني: أرحْ نفسك، فربُّك سيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.