الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يومئذ شأن يغنيه. لا ينظر الرجال إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض.
وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ ما تفضلنا به عليكم في الدنيا، فشغلتم به عن الآخرة من الأموال والأولاد والخدم والخول وَراءَ ظُهُورِكُمْ يعني: في الدنيا، ولم تحملوا منه نقيرا. كناية عن كونهم لم يصرفوه إلى ما يفيد في الآخرة.
وقد ثبت في الصحيح «1» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول ابن آدم: مالي! مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟
وزاد في رواية: وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس.
وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ أي: لله في الربوبية، واستحقاق العبادة، لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ قرئ بالرفع. أي: شملكم. فإن البين من الأضداد، يستعمل للوصل والفصل. وبالنصب على إضمار الفاعل، لدلالة ما قبله عليه. أي: تقطع الأمر، أو الاشتراك، أو وصلكم بينكم. أو على إقامته مقام موصوفه والأصل: لقد تقطع ما بينكم، وقد قريء به. أي: تقطع ما بينكم من الأسباب والوصلات.
وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أي: ذهب عنكم ما زعمتم من رجاء الأنداد والأصنام، كقوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا، كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ، وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:
166-
167] . وقال تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ [المؤمنون: 101] . وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [العنكبوت: 25] والآيات في هذا كثيرة جدا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (6) : آية 95]
إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)
إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى شروع في بعض مبدعاته الدالة على كمال قدرته،
(1) أخرجه مسلم في: الزهد والرقائق، حديث 3 و 4 عن عبد الله بن الشخّير.
وعلمه وحكمته، إثر تقرير شأن توحيده تعالى، وذلك للتنبيه على أن المقصود الأعظم هو معرفته سبحانه وتعالى بجميع صفاته وأفعاله، وأنه مبدع الأشياء وخالقها.
ومن كان كذلك كان هو المستحق للعبادة، لا هذه الأصنام التي كانوا يعبدونها، ولتعريف خطئهم في الإشراك الذي كانوا عليه. والمعنى: أن الذي يستحق العبادة دون غيره، هو الله الذي فلق الحب عن النبات، والنواة عن النخلة.
وفي معنى (فالق) قولان:
أحدهما- أنه بمعنى خالق. وهو قول ابن عباس في رواية العوفيّ عنه. وبه قال الضحاك ومقاتل. قال الواحديّ: ذهبوا ب (فالق) مذهب (فاطر) . وأنكر الطبري هذا، وقال: لا يعرف في كلام العرب (فلق الله الشيء) ، بمعنى خلق. ونقل الأزهريّ عن الزجاج جوازه. وكذا المجد في القاموس.
قال الرازي: (الفطر) هو الشق، وكذلك (الفلق) . فالشيء قبل أن دخل في الوجود كان معدوما محضا، ونفيا صرفا. والعقل يتصور من العدم ظلمة متصلة لا انفراج فيها، ولا انفلاق، ولا انشقاق. فإذا أخرجه المبدع الموجود من العدم إلى الوجود، فكأنه بحسب التخيل والتوهم شق ذلك العدم وفلقه. وأخرج الحدث من ذلك الشق. فهذا التأويل لا يبعد حمل الفالق على الموجد والمبدع.
والقول الثاني- وهو قول الأكثرين: أن الفلق هو الشق. وفي معناه وجهان:
أحدهما- مروي عن ابن عباس قال: فلق الحبة عن السنبلة، والنواة عن النخلة. وهو قول الحسن والسدّي وابن زيد. قال الزجاج: يشق الحبة اليابسة، والنواة اليابسة، فيخرج منها ورقا أخضر.
الوجه الثاني- وهو قول مجاهد: أنه الشقاق اللذان في الحب والنوى.
وضعف بأنه لا دلالة فيه على كمال القدرة.
و (الحب) : ما ليس له نوى، كالحنطة والشعير والأرز.
و (النوى) : جمع نواة، وهو الموجود في داخل الثمرة، مثل نوى التمر والخوخ وغيرهما.
قال الإمام الرازي: إذا عرفت ذلك، فنقول: إنه إذا وقعت الحبة أو النواة في الأرض الرطبة، ثم مرّ به قدر من المدة، أظهر الله تعالى في تلك الحبة والنواة من أعلاها شقّا، ومن أسفلها شقّا آخر، فالأول يخرج منه الشجرة الصاعدة إلى الهواء