الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه. لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» . رواه مسلم.
وعن سهل بن سعد «1» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليّ عليه السلام، يوم خيبر:«فو الله! لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من حمر النعم»
، متفق عليه.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قيل: يا رسول الله هذا! نصرته مظلوما، فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: تحجزه وتمنعه من الظلم. فذاك نصرك إياه» «2» . رواه الإمام أحمد والشيخان.
وعن يحيى بن وثاب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» ، رواه الإمام أحمد «3» .
وروى الطبرانيّ والضياء المقدسيّ عن أوس بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مشى مع ظالم ليعينه، وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام»
،
وعن النوّاس «4» ابن سمعان قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: البر حسن الخلق.
والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس» . رواه مسلم.
تنبيه: في فروع مهمة
.
قال بعض الزيدية: من ثمرات الآية وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأنه لا يجوز إعانة متعدّ ولا عاص، فيدخل في ذلك تكثير سواد الظلمة بوجه، من قول أو فعل أو أخذ ولاية أو مساكنة. وفي (الإكليل) : استدل المالكية بالآية على بطلان إجارة الإنسان نفسه، لحمل خمر ونحوه، وبيع العنب لعاصره خمرا والسلاح لمن يعصي به، وأشباه ذلك. انتهى. وهو متّجه.
(1)
أخرجه البخاري في: الجهاد، 102- باب دعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة، حديث 1405 ونصه: عن سهل بن سعد رضي الله عنه، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر «لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه» . فقاموا يرجون لذلك أيّهم يعطى. فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى. فقال «أين عليّ» ؟ فقيل: يشتكي عينيه. فأمر فدعي له. فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء. فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال «على رسلك، حتى تنزل بساحتهم. ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم. فو الله! لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم»
. (2)
أخرجه البخاري في: المظالم، 4- باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما. حديث 1203 ونصه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» .
وفي الباب نفسه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» قالوا: يا رسول الله! هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال «تأخذ فوق يديه»
. (3) أخرجه في المسند 2/ 43 والحديث رقم 5022.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه، في: البر والصلة والآداب، حديث 15. [.....]
وقال شيخ الإسلام تقيّ الدين بن تيمية في كتابه (السياسة الشرعية) : ولا يحل للرجل أن يكون عونا على ظلم. فإن التعاون نوعان: نوع على البر والتقوى، من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين، فهذا ما أمر الله به ورسوله. ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة، فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية، متوهما أنه متورع. وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع، إذ كان كل منهما كف وإمساك.
والثاني- تعاون على الإثم والعدوان، كالإعانة على دم معصوم، أو أخذ مال معصوم، وضرب من لا يستحق الضرب، ونحو ذلك. فهذا الذي حرمه الله ورسوله.
نعم، إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق، وتعذر ردها إلى أصحابها، ككثير من الأموال السلطانية، فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين، كسداد الثغور ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك، من الإعانة على البر والتقوى، إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال، إذا لم يمكن معرفة أصحابها وردها عليهم ولا على ورثتهم- أن يصرفها مع التوبة، إن كان هو الظالم، إلى مصالح المسلمين. وإن كان غيره قد أخذها فعليه أن يفعل بها ذلك. وكذلك لو امتنع السلطان من ردها، كان الإعانة على إنفاقها في مصالح أصحابها، أولى من تركها بيد من يضيعها على أصحابها وعلى المسلمين. فإن مدار الشريعة على قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16] . المفسر لقوله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102] . وعلى
قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . أخرجاه في الصحيحين «1» .
وعلى أن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتبطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت، كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما- هو المشروع، والمعين على الإثم والعدوان من أعان ظالما على ظلمه. أما من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه، أو على أداء المظلمة، فهو وكيل المظلوم لا وكيل الظالم. بمنزلة الذي يقرضه أو الذي يتوكل في حمل المال له إلى الظالم. مثال ذلك: وليّ اليتيم والوقف، إذا طلب ظالم منه مالا، فاجتهد في دفع
(1)
أخرجه البخاري في: الاعتصام، 2- باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول الله تعالى:
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، حديث 2585 ونصه: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «دعوني ما تركتكم. إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه. وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
وأخرجه مسلم في: الفضائل، حديث 130
.