الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإسناد على شرط الشيخين، عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: «نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟
قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك. فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله. ولا فيما لا يملك ابن آدم» .
ففيه، أن المعصية قد تؤثر في الأرض. وكذلك الطاعة. وفيه المنع من النذر إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية، ولو بعد زواله. أو عيد من أعيادهم، ولو بعد زواله أيضا. وأنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه نذر معصية وفيه الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم، ولو لم يقصده. كذا في (كتاب التوحيد) .
لطيفة:
(النّصب) بضمتين، وضم فسكون، إما جمع، واحده نصاب. ككتاب وكتب. أو مفرد جمعه أنصاب كعنق وأعناق. وقفل وأقفال. وفي (القاموس وشرحه) : النّصب: كل ما نصب وجعل علما. وكل ما نصب فعبد من دون الله تعالى. والأنصاب حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهلّ عليها ويذبح لغير الله تعالى. وقال القتيبيّ: النصب صنم أو حجر. وكانت الجاهلية تنصبه تذبح عنده، فيحمرّ بالدم. ومنه حديث «1» أبي ذر في إسلامه قال: فخرجت مغشيّا عليّ ثم ارتفعت كأني نصب أحمر. يريد أنهم ضربوه حتى أدموه. فصار كالنصب المحمّر بدم الذبائح. انتهى.
قال ابن جريح: كانت النصب ثلاثمائة وستين نصبا. وكانوا يذبحون عندها وينضحون ما أقبل منها إلى البيت، بدماء تلك الذبائح. ويشرحون اللحم ويضعونه على النصب.
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ أي: وحرم عليكم، أيها المؤمنون، الاستقسام بالأزلام، أي: طلب القسم والحكم بها. والأزلام جمع زلم (محركة) . و (كصرد) وهي: قداح ثلاثة كانوا يستقسمون به في الجاهلية. مكتوب على أحدها: (افعل) وعلى الآخر (لا تفعل) والثالث غفل، ليس عليه شيء. وقد زلّمت وسوّيت ووضعت
فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد» ؟ قال: لا. قال «هل كان فيها عيد من أعيادهم» ؟ قال: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أوف بنذرك. فإنه لا وفاء للنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم» .
(1)
أخرجه مسلم في: فضائل الصحابة، حديث 132 وهو حديث طويل.
في الكعبة. يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد رجل سفرا أو نكاحا. أتى السادن وقال:
أخرج لي زلما. فيجيلها ثم يخرج زلما منها. فإذا خرج قدح الأمر، مضى على ما عزم عليه. أو النهي قعد عما أراده. أو الفارغ أعاد.
قال الأزهريّ (في معنى الآية) : أي: تطلبوا من جهة الأزلام ما قسم لكم من أحد الأمرين. فمعنى الاستقسام هو طلب معرفة ما قسم له من الخير والشر، مما لم يقسم له بواسطة ضرب القداح. وذكر محمد بن إسحاق وغيره أن أعظم أصنام قريش، صنم كان يقال له هبل. منصوب على بئر داخل الكعبة، فيها توضع الهدايا، وأموال الكعبة فيه. وكان عنده سبعة أزلام مكتوب فيها ما يتحاكمون فيه مما أشكل عليهم. فما خرج لهم منها رجعوا إليه ولم يعدلوا عنه. وفي (اللباب) : كانت أزلامهم سبع قداح مستوية مكتوب على واحد منها: (أمرني ربي) وعلى واحد:
(نهاني) وعلى واحد (منكم) وعلى واحد (من غيركم) وعلى واحد: (ملصق) وعلي واحد (العقل) وعلى واحد غفل. أي ليس عليه شيء. وكانت العرب، في الجاهلية، إذا أرادوا سفرا أو تجارة أو نكاحا، أو اختلفوا في نسب أو أمر قتيل، أو تحمل عقل، أو غير ذلك من الأمور العظام- جاءوا إلى هبل. وكانت أعظم صنم لقريش بمكة. وجاءوا بمائة درهم. وأعطوها صاحب القداح حتى يجيلها لهم. فإن فرج (أمرني ربي) فعلوا ذلك الأمر. وإن خرج (نهاني ربي) لم يفعلوه. وإن أجالوا على نسب، فإن خرج (منكم) كان وسطا منهم. وإن خرج (من غيركم) كان حلفا فيهم. وإن خرج (ملصق) كان على حاله. وإن اختلفوا في العقل. وهو الدين، فمن خرج عليه قدح العقل تحمّله. وإن خرج غفل أجالوا ثانيا. حتى يخرج المكتوب عليه. فنهاهم الله عن ذلك وحرمه وسماه فسقا. كما يأتي:
وثبت في الصحيحين «1»
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة، وجد إبراهيم وإسماعيل مصورين فيها. وفي أيديهما الأزلام. فقال:«قاتلهم الله، لقد علموا أنهما لم يستقسما بها أبدا»
. وفي الصحيح «2» أن سراقة بن مالك بن جعشم، لما خرج في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وهما ذاهبان إلى المدينة. مهاجرين، قال: فاستقسمت بالأزلام: هل أضرّهم أم لا؟
فخرج الذي أكره: لا تضرهم. قال فعصيت الأزلام واتبعتهم. ثم استقسم بها ثانية
(1) أخرجه البخاري في: الأنبياء، 8- باب قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا، عن ابن عباس.
حديث 264.
(2)
أخرجه البخاري في: مناقب الأنصار، 45- باب هجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، حديث 1822.