الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أي جاء يوم القيامة بالأعمال الحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يعني عشر حسنات أمثالها في الحسن.
قال (المهايمي) كمن أهدى إلى سلطان عنقود عنب يعطيه بما يليق بسلطنته، لا قيمة العنقود. انتهى. والعشر أقل ما وعد من الأضعاف. وقد جاء الوعد بسبعين، وبسبعمائة وبغير حساب. ولذلك قيل: المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر في العدد الخاص مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ أي: بالأعمال السيئة فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها في القبح.
قال المهايمي: فمن كفر خلد في النار، فإنه ليس أقبح من كفره. كمن أساء إلى سلطان يقصد قتله. ومن فعل معصية عذب بقدرها كمن أساء إلى آحاد الرعية.
انتهى.
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ أي: بنقص الثواب وزيادة العقاب.
لطيفة:
قال القاشانيّ في قوله تعالى فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها: هذا أقل درجات الثواب.
وذلك أن الحسنة تصدر بظهور القلب والسيئة بظهور النفس. فأقل درجات ثوابها أنه يصل إلى مقام القلب الذي يتلو مقام النفس في الارتقاء، تلو مرتبة العشرات للآحاد في الأعداد. وأما في السيئة فلأنه لا مقام أدون من مقام النفس. فينحط إليه بالضرورة. فيرى جزاءه في مقام النفس بالمثل. ومن هذا يعلم أن الثواب من باب الفضل. فإنه يزيد به صاحبه ويتنوّر استعداده ويزداد قبوله لفيض الحق. فيتقوى على أضعاف ما فعل ويكتسب به أجورا متضاعفة إلى غير نهاية، بازدياد القبول على فعل كل حسنة وزيادة القدرة والشغف على الحسنة عند زيادة الفيض إلى ما لا يعلمه إلا الله. كما قال بعد ذكر أضعافها إلى سبعمائة: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [البقرة:
261] ، وأن العقاب من باب العدل إذ العدل يقتضي المساواة. ومن فعل بالنفس، إذا لم يعف عنه، يجازي بالنفس سواء. انتهى.
تنبيه:
وردت أحاديث كثيرة في معنى الآية.
فروى الإمام أحمد «1» عن ابن عباس أن
(1) أخرجه في المسند 1/ 279 والحديث رقم 2519.
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فيما يروي عن ربه تعالى: إن ربكم تبارك وتعالى رحيم. من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة. فإن عملها كتبت له عشرة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة. ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة. فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله ولا يهلك على الله إلا هالك. ورواه البخاريّ «1» ومسلم «2» والنسائيّ.
وروى الإمام «3» أحمد ومسلم «4» عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تبارك وتعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أو أزيد. ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر. ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا. ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا. ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة بعد أن لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة.
وروى الشيخان «5» عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها. وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة. لفظ البخاري.
وروى الطبراني عن أبي مالك الأشعريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام
. وذلك لأن الله تعالى قال: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها
وروى «6» الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله. ورواه النسائي
والترمذي وزاد: فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها، اليوم بعشرة أيام.
(1) أخرجه البخاري في: الرقاق، 31- باب من هم بحسنة أو سيئة، حديث 2435.
(2)
أخرجه مسلم في: 1- كتاب الإيمان، حديث رقم 207.
(3)
أخرجه في المسند 5/ 148.
(4)
أخرجه مسلم في: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث 22، ونصه: عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها، أو أغفر. ومن تقرّب مني شبرا، تقربت منه ذراعا. ومن تقرب مني ذراعا، تقرّبت منه باعا. ومن أتاني يمشي، أتيته هرولة. ومن لقيني بقراب الأرض (قراب الأرض ما يقارب ملأها) خطيئة، لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة»
. (5) أخرجه البخاري في: التوحيد، 35- باب قوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ، حديث 2601.
وأخرج في معناه مسلم في: الإيمان حديث 205.
(6)
أخرجه في المسند 5/ 146.