الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، بدفع ما هو أقل منه إليه أو إلى غيره بعد الاجتهاد التام في الدفع- فهو محسن، وما على المحسنين من سبيل. وكذلك، وكيل المالك من المتأديين والكتّاب وغيرهم، الذي يتوكل لهم في العقد والقبض ودفع ما يطلب منهم، لا يتوكل للظالمين في الأخذ. وكذلك لو وضعت مظلمة على أهل قرية أو درب أو سوق أو مدينة، فتوسط رجل محسن في الدفع عنهم بغاية الإمكان، وقسّطها بينهم على قدر طاقتهم، من غير محاباة لنفسه ولا لغيره، ولا ارتشاء، بل توكل لهم في الدفع عنهم والإعطاء- كان محسنا. لكن الغالب أن من يدخل في ذلك يكون وكيل الظالمين محابيا مرتشيا مخفرا لمن يريد، وآخذا ممن يريد وهذا من أكبر الظلمة الذين يحشرون في توابيت من نار هم وأعوانهم وأشباههم، ثم يقذفون في النار، انتهى.
وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: اخشوه فيما أمركم ونهاكم إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. يعني لمن خالف أمره. ففيه وعيد وتهديد عظيم. ثم بين تعالى المحرمات التي أشير إليها بقوله تعالى: إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فقال:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (5) : آية 3]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَاّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وهي ما فارقه الروح بغير سبب خارجيّ. لأنها تنجست بمفارقته من غير مطهر، من ذكر اسم الله تحقيقا أو تقديرا، كإسلام الذابح. كذا في (التبصير) . وقد خص من (الميتة) السمك بالسّنة: فإنه حلال.
مات بتذكية أو غيرها. لما
رواه مالك في موطئه، والشافعي وأحمد في مسنديهما، وأبو داود والترمذيّ والنّسائيّ وابن ماجة في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، عن أبي هريرة «1»
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر؟ فقال: هو
(1) أخرجه مالك في الموطأ في الطهارة: حديث 12.
وأبو داود في: الطهارة، 41- باب الوضوء بماء البحر، حديث 83.
الطهور ماؤه، الحل ميتته»
. وهكذا الجراد. لما سيأتي. قال الرازيّ: تحريم الميتة موافق لما في العقول. لأن الدم جوهر لطيف جدّا. فإذا مات الحيوان حتف أنفه احتبس الدم في عروقه، وتعفن وفسد، وحصل من أكله مضار عظيمة. انتهى.
أخرج ابن مندة في كتاب (الصحابة) من طريق عبد الله بن جبلة بن حبان بن حجر عن أبيه عن جده حبان قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة. فأنزل تحريم الميتة فاكفأت القدر وَالدَّمُ أي: المسفوح منه. لقوله تعالى في الأنعام: أَوْ دَماً مَسْفُوحاً [الأنعام: 145] . وقد روى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن الطحال؟ فقال: كلوه. فقالوا: إنه دم. فقال: إنما حرم عليكم الدم المسفوح. وكذا رواه حماد بن سلمة عن يحيي بن سعيد بن القاسم عن عائشة قالت: إنما نهى عن الدم السافح.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ: حدثنا عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم عن أبيه عن بن عمر مرفوعا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» : «أحل لنا ميتتان ودمان. فأما الميتتان فالسمك والجراد. وأما الدمان فالكبد والطحال» . وكذا رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم
. وهو ضعيف. قال الحافظ البيهقيّ: ورواه إسماعيل بن أبي إدريس، عن أسامة، وعبد الله وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، مرفوعا. قال الحافظ ابن كثير: وثلاثتهم كلهم ضعفاء. ولكن بعضهم أصلح من بعض. وقد رواه سليمان ابن بلال، أحد الأثبات، عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، فوقفه بعضهم عليه، قال الحافظ أبو زرعة الرازيّ: وهو أصح. نقله ابن كثير.
أقول: أقوى مما ذكر في الحجة، ما
في الصحيحين «2» وغيرهما من حديث ابن أبي أوفي قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد.
وفيهما أيضا من حديث «3» جابر، إن البحر ألقى حوتا ميتا فأكل منه الجيش. فلما قدموا قالوا للنبيّ
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 97.
وابن ماجة في: الصيد، 9- باب صيد الحيتان والجراد، حديث 3218.
(2)
أخرجه البخاري في: الذبائح والصيد، 13- باب أكل الجراد، حديث 2200.
وأخرجه مسلم في: الصيد والذبائح، حديث 52.
(3)
أخرجه البخاري في: المغازي، 65- باب غزوة سيف البحر، حديث 1226.
وأخرجه مسلم في: الصيد والذبائح، حديث 17.
صلى الله عليه وسلم. فقال: كلوا رزقا أخرج الله لكم. أطعمونا منه إن كان معكم. فأتاه بعضهم بشيء
. وفي البخاري «1» عن عمر في قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ [المائدة: 96] . قال: صيده ما اصطيد. وطعامه ما رمي به. وفيه عن ابن عباس قال:
طعامه ميتته.
قال ابن كثير: روى ابن أبي حاتم عن أبي أمامة وهو صديّ بن عجلان قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله، وأعرض عليهم شرائع الإسلام، فأتيتهم. فبينما نحن كذلك، إذ جاءوا بقصعة من دم فاجتمعوا عليها يأكلونها. فقالوا: هلم، يا صديّ! فكل. قال، قلت: ويحكم، إنما أتيتكم من عند من يحرّم هذا عليكم، فأقبلوا عليه، قالوا: وما ذاك؟ فتلوت عليهم هذه الآية:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
…
الآية. ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه
. وزاد بعد هذا السياق قال: فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ويأبون علي. فقلت: ويحكم! اسقوني شربة من ماء فإني شديد العطش. قال، وعليّ عباءتي. فقالوا: لا. ولكن ندعك حتى تموت عطشا. قال: فاغتممت وضربت برأسي في العباء. ونمت على الرمضاء في حرّ شديد. قال، فأتاني آت في منامي بقدح من زجاج. لم ير الناس أحسن منه. وفيه شراب لم ير الناس ألذ منه. فأمكنني منه فشربته. فلما فرغت من شرابي استيقظت، فلا، والله! ما عطشت ولا عربت (عرب كفرح فسدت معدته. قاموس) بعد تيك الشربة.
ورواه الحاكم في مستدركه عن عليّ بن حماد، عن أحمد بن حنبل بسنده إلى أبي أمامة. وزاد بعد قوله (بعد تيك الشربة) : فسمعتهم يقولون: أتاكم رجل من سراة قومكم فلم تمجعوه بمذقة؟ فأتوني بمذقة فقلت: لا حاجة لي فيها. إن الله أطعمني وسقاني. وأريتهم بطني، فأسلموا عن آخرهم. انتهى.
قال الزمخشري: كان أهل الجاهلية يأكلون هذه المحرمات: البهيمة التي تموت حتف أنفها. والفصيد، وهو الدم في المباعر، يشوونها ويقولون: لم يحرم من فزد له. وتقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة في قوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ.. [البقرة: 173] الآية.
قال المهايميّ: حرم الدم لأنه متعلق الروح بلا واسطة. فأشبه النجس بالذات،
(1) أخرجه البخاري في: الذبائح والصيد، 12- باب قول الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ.
لا يؤثر فيه المطهر. وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ لأنه نجس في حياته بصفاته الذميمة وهي، وإن زالت بالموت، فهو منجّس ولم يقبل التطهير. لأنه لما كان نجسا حال الحياة والموت، أشبه النجس بالذات، فكأنه زيد تنجيسه بالموت. وإنما ذكر اللحم إشارة إلى أنه، وإن لم يكن موصوفا في الحياة بالصفات المنجسة لروحه، كان متنجسا بنجاسة روحه، ثم بزوال الروح. انتهى.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ يعني إنسيّه ووحشيه، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطّرد.
وفي صحيح مسلم عن بريدة بن الخصيب الأسلمي رضي الله عنه قال «1» : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه»
، فإذا كان هذا التنفير لمجرد اللمس، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به؟ وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الأجزاء من الشحم وغيره.
وفي الصحيحين «2» : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام: فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام»
وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أي:
نودي عليه بغير اسم الله، كما في (الصحاح) وأصل الإهلال رفع الصوت، وكان العرب في الجاهلية، يذكرون أسماء أصنامهم عند الذبح، فحرم الله ذلك بهذه الآية.
وبقوله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: 121] .
قال ابن كثير في الآية: أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله، فهو حرام. لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم. فمن عدل بها عن ذلك، وذكر عليها اسم غيره من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك من سائر المخلوقات، فإنها حرام بالإجماع. وإنما اختلف العلماء في متروك التسمية، إما عمدا أو نسيانا، كما سيأتي تقريره في سورة الأنعام، إن شاء الله تعالى.
(1) أخرجه مسلم في: الشعر، حديث 10.
(2)
أخرجه البخاري في: البيوع، 112- باب بيع الميتة والأصنام، حديث 1121 ونصه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، عام الفتح، وهو بمكة «إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس. فقال «لا. هو حرام» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك «قاتل الله اليهود. إن الله لما حرّم شحومها، جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه»
.
وروى ابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي سبرة قال: كان رجل من بني رياح يقال له: ابن نائل. وكان شاعرا. نافر غالبا، جدّ الفرزدق بماء بظهر الكوفة. على أن يعقر هذا مائة من إبله، إذا وردت الماء. فلما وردت الماء. قاما بسيفيهما فجعلا يكشفان عراقيبها. قال: فخرج الناس على الحمرات والبغال يريدون اللحم. وعليّ بالكوفة.
قال: فخرج عليّ. على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، وهو ينادي: يا أيها الناس! لا تأكلوا من لحومها. فإنما أهل بها لغير الله. هذا أثر غريب. يشهد له بالصحة ما
رواه أبو داود عن ابن عباس «1» قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاقرة الأعراب»
. ثم
أسند عن عكرمة «2»
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل.
أفاده ابن كثير.
وفي (القاموس وشرحه) : وعاقره: فاخره وكارمه في عقر الإبل. ويقال: تعاقرا إذا عقرا إبلهما، يتباريان بذلك، ليرى أيهما أعقر لها. ومن ذلك معاقرة غالب بن صعصعة. أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحيّ لما تعاقرا بصوأر. فعقر سحيم خمسا ثم بدا له. وعقر غالب مائة.
وفي حديث ابن عباس: لا تأكلوا من تعاقر الأعراب. فإني لا آمن أن يكون مما أهل به لغير الله.
قال ابن الأثير: هو عقرهم الإبل، كان الرجلان يتباريان في الجود والسخاء.
فيعقر هذا وهذا. حتى يعجز أحدهما الآخر. وكانوا يفعلونه رياء وسمعة وتفاخرا.
ولا يقصدون به وجه الله تعالى. فشبهه بما ذبح لغير الله تعالى. انتهى.
وروى الإمام مسلم عن عليّ «3» رضي الله عنه قال: «حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه. لعن الله من آوى محدثا. لعن الله من غير منار الأرض» .
وروى الإمام أحمد عن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك؟ يا رسول الله! قال:
مر رّجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا. فقالوا لأحدهما:
قرب قال: ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا، فخلوا
(1) أخرجه أبو داود في: الأضاحي، 14- باب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب، حديث 2820.
(2)
أخرجه أبو داود في: الأطعمة، 7- باب في طعام المتباريين، حديث 3754.
(3)
أخرجه مسلم في: الأضاحي، حديث 43.
سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل. فضربوا عنقه. فدخل الجنة» .
وفي هذه القصة ترهيب من وجوه: منها كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصا من شرهم.
ومنها معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين، كيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم. مع كونهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر. ومنها أن في هذا شاهدا
للحديث الصحيح: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك» «1» .
كذا في كتاب (التوحيد) .
وَالْمُنْخَنِقَةُ وهي التي تموت بالخنق إما قصدا وإما اتفاقا. بأن تتخبل في وثاقها فتموت به. قال الحسن وغيره: هي التي تختنق بحبل الصائد أو غيره. وبأي وجه اختنقت فهي حرام. وقال ابن عباس: كانت الجاهلية يخنقون الشاة. حتى إذا ماتت أكلوها. والمنخنقة من جنس الميتة، لأنها لما ماتت، وما سال دمها، كانت كالميت حتف أنفه. إلا أنها فارقت الميتة بكونها تموت بسبب انعصار الحلق بالخنق، بخلاف الميتة فإنها بلا سبب.
قال المهايمي: المنخنقة، وإن ذكر اسم الله عليها فقد عارضه سريان خباثة الخانق إليها، مع تنجسها بالموت وَالْمَوْقُوذَةُ يعني المقتولة بالخشب. وكان أهل الجاهلية يضربون الشاة بالعصيّ. حتى إذا ماتت أكلوها. وفي (القاموس وشرحه) الوقذ شدة الضرب. وقذه يقذه وقذا: ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت. وشاة وقيذ وموقوذة قتلت بالخشب. وقال أبو سعيد: الوقذ الضرب على فأس القفا.
فيصير هدتها إلى الدماغ، فيذهب العقل. فيقال: رجل موقوذ.
وفي الصحيح أن عديّ ابن حاتم قال: «قلت: يا رسول الله! إني أرى بالمعراض الصيد، فأصيب. قال: إذا رميت بالمعراض فخرق فكله. وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ. فلا تأكله» «2» .
وَالْمُتَرَدِّيَةُ هي الساقطة من جبل أو في بئر، فتموت. والتردي السقوط فهي مهواة.
وهذه الثلاثة في معنى الميتة. فإنها ماتت ولم يسل دمها. وَالنَّطِيحَةُ هي التي نطحتها أخرى فماتت. فهي حرام. وإن جرحها القرن وخرج منها الدم ولو من
(1) أخرجه البخاري في: الرقاق، 29- باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك، حديث 2433، عن عبد الله بن مسعود.
(2)
أخرجه البخاري في: البيوع، 3- باب تفسير المشبّهات، حديث 141.
وأخرجه أيضا في: الذبائح والصيد، 3- باب ما أصاب المعراض بعرضه.