الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الخامس عشر
[تفسير سورة يس
- 36]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ يس وَهِيَ مكية بإجماع. وهى ثلاث وثمانون آية، إ لا أَنَّ فِرْقَةً قَالَتْ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى" وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ"[يس: 12] نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلِمَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَتْرُكُوا دِيَارَهُمْ، وَيَنْتَقِلُوا إِلَى جِوَارِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى مَا يَأْتِي. وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" قرءوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ". وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ «1» عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عَلَيْهِ سُورَةُ يس إِلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" من قَرَأَ سُورَةَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ" خَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَيْضًا. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ" قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِي إِسْنَادِهِ هَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَلَا يَصِحُّ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ فِي الْقُرْآنِ لَسُورَةً تَشْفَعُ لِقُرَّائِهَا وَيُغْفَرُ لِمُسْتَمِعِهَا أَلَا وَهِيَ سُورَةُ يس تُدْعَى فِي التَّوْرَاةِ الْمُعِمَّةِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْمُعِمَّةُ؟ قَالَ:" تَعُمُّ صَاحِبَهَا بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَتَدْفَعُ عَنْهُ أَهَاوِيلَ الْآخِرَةِ وَتُدْعَى الدَّافِعَةَ وَالْقَاضِيَةَ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ:" تَدْفَعُ عَنْ صَاحِبِهَا كُلَّ سُوءٍ وَتَقْضِي لَهُ كُلَّ حَاجَةٍ وَمَنْ قَرَأَهَا عَدَلَتْ لَهُ عِشْرِينَ حَجَّةً وَمَنْ سَمِعَهَا كَانَتْ لَهُ كَأَلْفِ دِينَارٍ تَصَدَّقَ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ كَتَبَهَا وَشَرِبَهَا أَدْخَلَتْ جَوْفَهُ أَلْفَ دَوَاءٍ وَأَلْفَ نُورٍ وَأَلْفَ يَقِينٍ وَأَلْفَ رَحْمَةٍ وَأَلْفَ رَأْفَةٍ وَأَلْفَ هدى ونزع
(1). كذا في نسخ الأصل والذي في الدر المنثور: أبي الدردا.
عَنْهُ كُلُّ دَاءٍ وَغِلٍّ". ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مُسْنَدًا. وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ قَرَأَ" يس" حِينَ يُصْبِحُ أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْرِ لَيْلَتِهِ أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ. وَذَكَرَ النَّحَّاسُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لكل شي قَلْبٌ وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس مَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا كُفِيَ هَمَّهُ وَمَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا غُفِرَ ذَنْبُهُ. وقال شهر ابن حَوْشَبٍ: يَقْرَأُ أَهْلُ الْجَنَّةِ" طَه" وَ" يس" فَقَطْ. رَفَعَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الثَّلَاثَةَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: رَوَى الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أن لكل شي قَلْبًا وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ يس وَمَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ أُعْطِيَ يُسْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي يَوْمٍ أُعْطِيَ يُسْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُرْفَعُ عَنْهُمُ الْقُرْآنُ فَلَا يَقْرَءُونَ شَيْئًا إِلَّا طَهَ وَيس". وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ" يس" لَيْلًا لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ جَرَّبَهَا، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ التَّجْرِبَةُ. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسَاوَةً فَلْيَكْتُبْ" يس" فِي جَامٍ بِزَعْفَرَانٍ ثُمَّ يَشْرَبُهُ، حَدَّثَنِي أَبِي رحمه الله قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ أَشْرَفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" القرآن أفضل من كل شي دُونَ اللَّهِ وَفَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَمَنْ وَقَّرَ الْقُرْآنَ فَقَدْ وَقَّرَ اللَّهَ وَمَنَ لَمْ يُوَقِّرِ الْقُرْآنَ لَمْ يُوَقِّرِ اللَّهَ وَحُرْمَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ كَحُرْمَةِ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ. الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وما حل «1» مُصَدَّقٌ فَمَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ شُفِّعَ وَمَنْ محل به القرآن ص، دق وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ. وَحَمَلَةُ الْقُرْآنِ هُمُ الْمَحْفُوفُونَ بِحُرْمَةِ اللَّهِ الْمُلْبَسُونَ نُورَ اللَّهِ الْمُعَلَّمُونَ كَلَامَ اللَّهِ مَنْ وَالَاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ وَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدِ عَادَى اللَّهَ، يَقُولُ الله تعالى: يا حملة القرآن
(1). قال ابن الأثير: ما حل أي خصم مجادل مصدق.