الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش وَمَنْ قَالَ آلِهَةٌ تُعْبَدُ «1» . وَقِيلَ: الْمَلَأُ الْأَعْلَى هَاهُنَا قُرَيْشٌ، يَعْنِي اخْتِصَامُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ سِرًّا، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ." إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ" أَيْ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا الْإِنْذَارُ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ" إِلَّا إِنَّمَا" بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، لِأَنَّ الْوَحْيَ قَوْلٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ لِي إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ مُبِينٌ، وَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، لِأَنَّهَا اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَأَنَّكَ قُلْتَ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا الْإِنْذَارُ، النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى إِلَّا لِأَنَّمَا. والله أعلم.
[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]
إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (71) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَاّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (74)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ"" إِذْ" مِنْ صِلَةِ" يَخْتَصِمُونَ" الْمَعْنَى، مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى حِينَ يَخْتَصِمُونَ حِينَ" قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ". وَقِيلَ:" إِذْ قالَ" بَدَلٌ مِنْ" إِذْ يَخْتَصِمُونَ" وَ" يَخْتَصِمُونَ" يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِكَلَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَقْتَ اخْتِصَامِهِمْ." فَإِذا سَوَّيْتُهُ"" إِذَا" تَرُدُّ الْمَاضِيَ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّهَا تُشْبِهُ حُرُوفَ الشَّرْطِ وَجَوَابُهَا كَجَوَابِهِ، أَيْ خَلَقْتُهُ." وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي" أَيْ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَمْلِكُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرِي. فَهَذَا مَعْنَى الْإِضَافَةِ، وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي" النِّسَاءِ" «2» فِي قَوْلِهِ في عيسى" وَرُوحٌ مِنْهُ" [النساء: 171]." فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ" نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ. وَهَذَا سُجُودُ تَحِيَّةٍ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ"«3» ." فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ" أَيِ امْتَثَلُوا الْأَمْرَ وَسَجَدُوا لَهُ خُضُوعًا لَهُ وَتَعْظِيمًا لِلَّهِ بِتَعْظِيمِهِ" إِلَّا إِبْلِيسَ" أَنِفَ مِنَ السُّجُودِ لَهُ جَهْلًا بِأَنَّ السُّجُودَ لَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ، وَالْأَنَفَةُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ اسْتِكْبَارًا كُفْرٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ بِاسْتِكْبَارِهِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي، هَذَا فِي" الْبَقَرَةِ"«4» مستوفى.
(1). زيادة يقتضيها المقام وذكرها أبو حيان في تفسيره.
(2)
. راجع ج 6 ص 22 وما بعدها طبعه أولى أو ثانيه.
(3)
. راجع ج 1 ص 293 طبعه ثانيه أو ثالثه.
(4)
. راجع ج 1 ص 296 وما بعدها طبعه ثانيه أو ثالثه.