المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٥

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة يس

- ‌[سورة يس (36): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 9 الى 11]

- ‌[سورة يس (36): آية 12]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 20 الى 29]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة يس (36): آية 39]

- ‌[سورة يس (36): آية 40]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة يس (36): آية 77]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 80 الى 83]

- ‌[تفسير سورة الصافات]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 11 الى 17]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 41 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 50 الى 61]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 62 الى 68]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 75 الى 82]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 102 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 114 الى 122]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 123 الى 132]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 157]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 165 الى 166]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 179]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]

- ‌[تفسير سورة ص]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة ص (38): آية 17]

- ‌[سورة ص (38): آية 18]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 21 الى 25]

- ‌[سورة ص (38): آية 26]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة ص (38): آية 44]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 48 الى 54]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 84 الى 88]

- ‌[تفسير سورة الزمر]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 7]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 10]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 19]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 20]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 21]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 22]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 23]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 24 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 29]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 42]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 46 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 53 الى 59]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 73 الى 75]

- ‌[تفسير سورة غافر]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 13 الى 17]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 23 الى 27]

- ‌[سورة غافر (40): آية 28]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 38 الى 44]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 78]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]

- ‌[تفسير سورة فصلت]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 22 الى 25]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة فصلت (41): آية 44]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 52 الى 54]

الفصل: ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لَهُ وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ، إِذْ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُشْرِكُ وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إِشْرَاكٌ، وإلا حباط الْإِبْطَالُ وَالْفَسَادُ، قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: فَمَنِ ارْتَدَّ لَمْ تَنْفَعْهُ طَاعَاتُهُ السَّابِقَةُ وَلَكِنَّ إِحْبَاطَ الرِّدَّةِ الْعَمَلَ مَشْرُوطٌ بِالْوَفَاةِ عَلَى الْكُفْرِ، وَلِهَذَا قَالَ:" مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ" فالمطلق ها هنا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْحَجِّ. قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ مَالِكٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" «1» بَيَانُ هَذَا مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ تَعَالَى:(بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ) النَّحَّاسُ: فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَفْظُ اسْمِ اللَّهِ عز وجل مَنْصُوبٌ بِ أَعْبُدُ" قَالَ: وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ يَكُونُ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، وَحَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، فَأَمَّا الْفَاءُ فَقَالَ: الزَّجَّاجُ: إِنَّهَا لِلْمُجَازَاةِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ زَائِدَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاعْبُدْ: أَيْ فَوَحِّدْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلِ اللَّهَ: فَأَطِعْ (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) لِنِعَمِهِ بخلاف المشركين

: ‌

[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (68)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) قَالَ الْمُبَرِّدُ: مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ مِنْ قَوْلِكَ فُلَانٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَمَا عظموه حق عظمته إذ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ وَهُوَ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَمَالِكُهَا، ثم أخبر عن قدرته وعظمته فقال:(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ). ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ ذلك بجارحة

(1). راجع ج 3 ص 48 طبعه أولى أو ثانية.

ص: 277

فَقَالَ: (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ). وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يا محمد إن الله يمسك السموات عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ:" وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ". قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ". وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ:" وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ" قَالَتْ: قُلْتُ فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ" فِي رِوَايَةٍ" عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ" قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ:" وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ" وَيَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ" عِبَارَةٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِجَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ، يُقَالُ مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قَبْضَتِي، بِمَعْنَى مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قُدْرَتِي، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ الْأَشْيَاءُ فِي قَبْضَتِهِ يُرِيدُونَ فِي مِلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى الْقَبْضُ وَالطَّيُّ إِفْنَاءُ الشَّيْءِ وَإِذْهَابُهُ فَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ:" وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا ذَاهِبَةٌ فَانِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ، يَشْهَدُ لِذَلِكَ شَاهِدَانِ قَوْلُهُ:" وَالْأَرْضُ جَمِيعاً" وَلِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعَ تَفْخِيمٍ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَوْلُهُ:" وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ" لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ طَيًّا بِعِلَاجٍ وَانْتِصَابٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْفَنَاءُ وَالذَّهَابُ، يُقَالُ: قَدِ انْطَوَى عَنَّا مَا كُنَّا فِيهِ وَجَاءَنَا غَيْرُهُ، وَانْطَوَى عَنَّا دَهْرٌ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ وَالذَّهَابِ، وَالْيَمِينُ في كلام العرب قد تون بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَالْمِلْكِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ" يُرِيدُ بن الْمِلْكَ، وَقَالَ:" لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ" أَيْ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ أَيْ لَأَخَذْنَا قُوَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ، قَالَ الْفَرَّاءُ والمبرد: اليمين القوة والقدرة، وأنشداء:

إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ

تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ باليمين «1»

(1). قائله الحطيئة، وقيل هو للشماخ. [ ..... ]

ص: 278

وَقَالَ آخَرُ: وَلَمَّا رَأَيْتُ

الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُورُهَا

تَنَاوَلْتُ مِنْهَا حَاجَتِي بِيَمِينِ

«1» قَتَلْتُ شُنَيْفًا ثُمَّ فَارَانَ بَعْدَهُ

وَكَانَ عَلَى الْآيَاتِ غَيْرَ أَمِينِ

وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتْ قدرته شاملة لكل شي أَيْضًا، لِأَنَّ الدَّعَاوَى تَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، كَمَا قَالَ:" وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ" وَقَالَ:" مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ فِي" الْفَاتِحَةِ"«2» وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ:" ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ" وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ فِي" التَّذْكِرَةِ" بَيَانًا، وَتَكَلَّمْنَا عَلَى ذِكْرِ الشِّمَالِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَوْلُهُ:" ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْضَ بِشِمَالِهِ". قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) بَيَّنَ مَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ وَطَيِّ السَّمَاءِ وَهُوَ النَّفْخُ فِي الصُّوَرِ، وَإِنَّمَا هُمَا نَفْخَتَانِ، يَمُوتُ الْخَلْقُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا وَيَحْيَوْنَ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي" النَّمْلِ"«3» وَ" الْأَنْعَامِ"«4» أَيْضًا، وَالَّذِي يَنْفُخُ فِي الصُّوَرِ هُوَ إِسْرَافِيلُ عليه السلام، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَكُونُ مَعَهُ جِبْرِيلُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّوَرِ بِأَيْدِيهِمَا- أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا- قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ" خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ، وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ الصُّوَرِ، وَقَالَ:" عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَائِيلُ وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ" وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَثْنَى مَنْ هُمْ؟ فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ مُتَقَلِّدِينَ أَسْيَافَهُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ. رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ، وَقِيلَ: جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ عليهم السلام. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ"

(1). كذا في الأصول ولم نعثر على هذين البيتين فيما لدينا من المراجع.

(2)

. راجع ج 1 ص 142 طبعه ثانية أو ثالثة.

(3)

. راجع ج 13 ص 239 وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.

(4)

. راجع ج ط ص 20 طبعه أولى أو ثانية.

ص: 279

فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ هُمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ: هُمْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وإسرافيل وملك الموت فيقول الله لِمَلَكِ الْمَوْتِ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِي وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ بَقِيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَعَبْدُكَ الضَّعِيفُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى خُذْ نَفْسَ إِسْرَافِيلَ وَمِيكَائِيلَ فَيَخِرَّانِ مَيِّتَيْنِ كَالطَّوْدَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ فَيَقُولُ مُتْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَيَمُوتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِجِبْرِيلَ يَا جِبْرِيلُ مَنْ بَقِيَ فَيَقُولُ تَبَارَكْتَ وتعاليت يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَجْهُكَ الْبَاقِي الدَّائِمُ وَجِبْرِيلُ الْمَيِّتُ الْفَانِي فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا جِبْرِيلُ لأبد مِنْ مَوْتِكَ فَيَقَعُ سَاجِدًا يَخْفِقُ بِجَنَاحَيْهِ يَقُولُ سبحانك ربى تبارك وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام" فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ فَضْلَ خَلْقِهِ عَلَى خَلْقِ مِيكَائِيلَ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ عَلَى الظَّرِبِ «1» مِنَ الظِّرَابِ" ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ، وَذَكَرَهُ النَّحَّاسُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ:" فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ" قال: جبرئيل وَمِيكَائِيلُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ وَمَلَكُ الْمَوْتِ وَإِسْرَافِيلُ" وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ:" إِنَّ آخِرَهُمْ مَوْتًا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَامُ" وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الشُّهَدَاءِ أَصَحُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي" النَّمْلِ"«2» ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ رِضْوَانُ وَالْحُورُ وَمَالِكٌ وَالزَّبَانِيَةُ. وَقِيلَ: عَقَارِبُ أَهْلِ النَّارِ وَحَيَّاتُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الله الواحد القهار وما يدع أحد مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا أَذَاقَهُ الْمَوْتَ. وقال قتادة: الله أعلم بثنياه، وقيل: الاستثناء فِي قَوْلِهِ:" إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ" يَرْجِعُ إِلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ النَّفْخَةِ الْأُولَى، أَيْ فيموت من في السموات وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ سَبَقَ مَوْتُهُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ مَاتُوا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَابْنِ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ من اليهود بسوق الْمَدِينَةِ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَدَهُ فَلَطَمَهُ، قَالَ: تَقُولُ هَذَا وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(1). الظرب ككتف الجبل الصغير والجمع ظراب، وقد يجمع في القلة على أظرب.

(2)

. راجع ج 13 ص 241 طبعه أولى أو ثانية.

ص: 280