المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٥

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة يس

- ‌[سورة يس (36): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 9 الى 11]

- ‌[سورة يس (36): آية 12]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 20 الى 29]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة يس (36): آية 39]

- ‌[سورة يس (36): آية 40]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة يس (36): آية 77]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 80 الى 83]

- ‌[تفسير سورة الصافات]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 11 الى 17]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 41 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 50 الى 61]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 62 الى 68]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 75 الى 82]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 102 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 114 الى 122]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 123 الى 132]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 157]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 165 الى 166]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 179]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]

- ‌[تفسير سورة ص]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة ص (38): آية 17]

- ‌[سورة ص (38): آية 18]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 21 الى 25]

- ‌[سورة ص (38): آية 26]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة ص (38): آية 44]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 48 الى 54]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 84 الى 88]

- ‌[تفسير سورة الزمر]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 7]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 10]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 19]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 20]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 21]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 22]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 23]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 24 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 29]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 42]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 46 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 53 الى 59]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 73 الى 75]

- ‌[تفسير سورة غافر]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 13 الى 17]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 23 الى 27]

- ‌[سورة غافر (40): آية 28]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 38 الى 44]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 78]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]

- ‌[تفسير سورة فصلت]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 22 الى 25]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة فصلت (41): آية 44]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 52 الى 54]

الفصل: ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (18) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقالُوا يَا وَيْلَنا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلْ نَعَمْ" أَيْ نَعَمْ تُبْعَثُونَ." وَأَنْتُمْ داخِرُونَ" أَيْ صَاغِرُونَ أَذِلَّاءُ، لِأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا وُقُوعَ مَا أَنْكَرُوهُ فَلَا مَحَالَةَ يَذِلُّونَ وَقِيلَ: أَيْ سَتَقُومُ الْقِيَامَةُ وَإِنْ كَرِهْتُمْ، فَهَذَا أَمْرٌ وَاقِعٌ عَلَى رَغْمِكُمْ وَإِنْ أَنْكَرْتُمُوهُ الْيَوْمَ بِزَعْمِكُمْ." فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ" أَيْ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ. وَسُمِّيَتِ الصَّيْحَةُ زَجْرَةً، لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الزَّجْرُ أَيْ يُزْجَرُ بِهَا كَزَجْرِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ عِنْدَ السَّوْقِ." فَإِذا هُمْ قِيامٌ" يَنْظُرُونَ" أَيْ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ. وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ:" فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا"[الأنبياء: 97]. وَقِيلَ: أَيْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْبَعْثِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَقالُوا يَا وَيْلَنا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ" نَادَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْوَيْلِ، لِأَنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ يَعْلَمُونَ مَا حَلَّ بِهِمْ. وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ يَاوَيْ لَنَا، وَوَيْ بِمَعْنَى حُزْنٍ. النَّحَّاسُ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَكَانَ مُنْفَصِلًا وَهُوَ فِي الْمُصْحَفِ مُتَّصِلٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَكْتُبُهُ إِلَّا مُتَّصِلًا. وَ" يَوْمُ الدِّينِ" يَوْمَ الْحِسَابِ. وَقِيلَ: يَوْمَ الْجَزَاءِ." هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ" قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، أَيْ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَذَّبْنَا بِهِ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ. وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، أَيْ هَذَا يَوْمُ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ فَيَبِينُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ. فَ" فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" [الشورى: 7].

[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (27) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (28) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (31)

فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)

ص: 72

قَوْلُهُ تَعَالَى:" احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ"، هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ:" احْشُرُوا الْمُشْرِكِينَ وَأَزْواجَهُمْ" أَيْ أَشْيَاعَهُمْ فِي الشِّرْكِ، وَالشِّرْكُ الظُّلْمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"[لقمان: 13] فَيُحْشَرُ الْكَافِرُ مَعَ الْكَافِرِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:" احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ" قَالَ: الزَّانِي مَعَ الزَّانِي، وَشَارِبُ الْخَمْرِ مَعَ شارب الخمر، وصاحب السرقة مع صاحب السر قه. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" وَأَزْواجَهُمْ" أَيْ أَشْبَاهَهُمْ. وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ. وَقِيلَ:" وَأَزْواجَهُمْ" نِسَاؤُهُمُ الْمُوَافِقَاتُ عَلَى الْكُفْرِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ، وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ:" وَأَزْواجَهُمْ" قُرَنَاءَهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ. وَهَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ أَيْضًا: يُحْشَرُ كُلُّ كَافِرٍ مَعَ شيطانه في سلسلة." وَما كانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ" مِنَ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ وَإِبْلِيسَ." فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ" أَيْ سُوقُوهُمْ إِلَى النَّارِ. وَقِيلَ:" فَاهْدُوهُمْ" أَيْ دُلُّوهُمْ. يُقَالُ: هَدَيْتُهُ إِلَى الطَّرِيقِ، وَهَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ، أَيْ دَلَلْتُهُ عَلَيْهِ. وَأَهْدَيْتُ الْهَدِيَّةَ وَهَدَيْتُ الْعَرُوسَ، وَيُقَالُ أَهْدَيْتُهَا، أَيْ جَعَلْتُهَا بِمَنْزِلَةِ الْهَدِيَّةِ. قوله تعالى:" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ" وَحَكَى عِيسَى بْنُ عُمَرَ" أَنَّهُمْ" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَيْ لِأَنَّهُمْ وَبِأَنَّهُمْ، يُقَالُ: وَقَفْتُ الدَّابَّةَ أَقِفُهَا وَقْفًا فَوَقَفَتْ هِيَ وُقُوفًا، يَتَعَدَّى ولا يتعدى، أي احسبوهم. وَهَذَا يَكُونُ قَبْلَ السَّوْقِ إِلَى الْجَحِيمِ، وَفِيهِ تقديم وتأخير،

ص: 73

أَيْ قِفُوهُمْ لِلْحِسَابِ ثُمَّ سُوقُوهُمْ إِلَى النَّارِ. وَقِيلَ: يُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ أَوَّلًا ثُمَّ يُحْشَرُونَ للسؤال إذا قربوا من النار." إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ" عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم، قال الْقُرَظِيُّ وَالْكَلْبِيُّ. الضَّحَّاكُ: عَنْ خَطَايَاهُمْ. ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا: عَنْ ظُلْمِ الْخَلْقِ. وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ يُحَاسَبُ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْحِجْرِ"«1» الْكَلَامُ فِيهِ. وَقِيلَ سُؤَالُهُمْ أَنْ يُقَالَ لهم:" لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ

" [الأنعام: 130] إقامة الحجة. وَيُقَالُ لَهُمْ:" مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ" عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، أَيْ يَنْصُرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَيَمْنَعُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. وَقِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ:" نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ" [القمر: 44]. وَأَصْلُهُ تَتَنَاصَرُونَ فَطُرِحَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا. وَشَدَّدَ الْبَزِّيُّ التَّاءَ فِي الْوَصْلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ" قَالَ قَتَادَةُ: مُسْتَسْلِمُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ عز وجل. ابْنُ عَبَّاسٍ: خَاضِعُونَ ذَلِيلُونَ. الْحَسَنُ: مُنْقَادُونَ. الْأَخْفَشُ: مُلْقُونَ بِأَيْدِيهِمْ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ." وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ" يَعْنِي الرُّؤَسَاءَ وَالْأَتْبَاعَ" يَتَساءَلُونَ" يَتَخَاصَمُونَ. وَيُقَالُ لَا يَتَسَاءَلُونَ فَسَقَطَتْ لَا. النَّحَّاسُ: وَإِنَّمَا غَلِطَ الْجَاهِلُ بِاللُّغَةِ فَتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ:" فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ" [المؤمنون: 101] إِنَّمَا هُوَ لَا يَتَسَاءَلُونَ بِالْأَرْحَامِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَمَا نَفَعْتَنِي، أَوْ أَسْقَطْتَ لِي حَقًّا لَكَ عَلَيَّ، أَوْ وَهَبْتَ لِي حَسَنَةً. وَهَذَا بَيِّنٌ، لِأَنَّ قَبْلَهُ" فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ" [المؤمنون: 101]. أَيْ لَيْسَ يَنْتَفِعُونَ بِالْأَنْسَابِ الَّتِي بَيْنَهُمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:" إِنَّ الرَّجُلَ لَيُسَرُّ بِأَنْ يُصْبِحَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى ابْنِهِ حَقٌّ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ لِأَنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ"، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:" رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ مِنْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ فَأَتَاهُ فَاسْتَحَلَّهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ فَيَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ زِيدَ عليه من سيئات المطالب". و" يَتَساءَلُونَ" ها هنا إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُوَبِّخَهُ في أنه أضله أو فتح بَابًا مِنَ الْمَعْصِيَةِ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْدَهُ" إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ" قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ قَوْلُ الْكُفَّارِ لِلشَّيَاطِينِ. قَتَادَةُ: هُوَ قَوْلُ الإنس للجن. وقيل: هو من قول

(1). راجع ج 10 ص 60 طبعه أولى أو ثانيه.

ص: 74

الأتباع للمتبوعين، دليله قول تَعَالَى:" وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ"[سبأ: 31] الْآيَةَ. قَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: أَيْ تَأْتُونَنَا عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَتَصُدُّونَنَا عَنْهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوٌ مِنْهُ. وَقِيلَ: تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ الَّتِي نُحِبُّهَا وَنَتَفَاءَلُ بِهَا لِتَغُرُّونَا بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النُّصْحِ. وَالْعَرَبُ تَتَفَاءَلُ بِمَا جَاءَ عَنِ الْيَمِينِ وَتُسَمِّيهِ السَّانِحَ. وَقِيلَ:" تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ" تَأْتُونَنَا مَجِيءَ مَنْ إِذَا حَلَفَ لَنَا صَدَّقْنَاهُ. وَقِيلَ: تَأْتُونَنَا مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَتُهَوِّنُونَ عَلَيْنَا أَمْرَ الشَّرِيعَةِ وَتُنَفِّرُونَنَا عَنْهَا. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ جِدًّا، لِأَنَّ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ يَكُونُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَالْيَمِينُ بِمَعْنَى الدِّينِ، أَيْ كُنْتُمْ تُزَيِّنُونَ لَنَا الضَّلَالَةَ. وَقِيلَ: الْيَمِينُ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، أَيْ تَمْنَعُونَنَا بِقُوَّةٍ وَغَلَبَةٍ وَقَهْرٍ، قَالَ اللَّهُ تعالى:" فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ"[الصافات: 93] أَيْ بِالْقُوَّةِ وَقُوَّةِ الرَّجُلِ فِي يَمِينِهِ، وَقَالَ الشاعر:

إذا ما راية رفعت لمجد

وتلقاها عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ

أَيْ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:" تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ" أَيْ مِنْ قِبَلِ الْحَقِّ أَنَّهُ مَعَكُمْ، وَكُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى." قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا قَوْلُ الشَّيَاطِينِ لَهُمْ. وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِ الرُّؤَسَاءِ، أَيْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قَطُّ حَتَّى نَنْقُلَكُمْ مِنْهُ إِلَى الْكُفْرِ، بَلْ كُنْتُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَأَقَمْتُمْ عَلَيْهِ لِلْإِلْفِ وَالْعَادَةِ." وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ" أَيْ مِنْ حُجَّةٍ فِي تَرْكِ الْحَقِّ" بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ" أَيْ ضَالِّينَ مُتَجَاوِزِينَ الْحَدَّ." فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا" هُوَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْمَتْبُوعِينَ، أَيْ وَجَبَ علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا ذائقو الْعَذَابَ، كَمَا كَتَبَ اللَّهُ وَأَخْبَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ" لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" [السجدة: 13]. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ: (إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ كَتَبَ لِلنَّارِ أَهْلًا وَلِلْجَنَّةِ أَهْلًا لَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ)." فَأَغْوَيْناكُمْ" أَيْ زَيَّنَّا لَكُمْ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ" إِنَّا كُنَّا غاوِينَ" بالوسوسة والاستدعاء. ثم قال خبرا عنهم:" فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ" الضَّالُّ وَالْمُضِلُّ." إِنَّا كَذلِكَ" أَيْ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ" نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ" أَيِ الْمُشْرِكِينَ.! إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ" أَيْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ قُولُوا فَأَضْمَرَ الْقَوْلَ.

ص: 75