المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٥

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة يس

- ‌[سورة يس (36): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 9 الى 11]

- ‌[سورة يس (36): آية 12]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 20 الى 29]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة يس (36): آية 39]

- ‌[سورة يس (36): آية 40]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة يس (36): آية 77]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 80 الى 83]

- ‌[تفسير سورة الصافات]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 11 الى 17]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 41 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 50 الى 61]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 62 الى 68]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 75 الى 82]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 102 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 114 الى 122]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 123 الى 132]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 157]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 165 الى 166]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 179]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]

- ‌[تفسير سورة ص]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة ص (38): آية 17]

- ‌[سورة ص (38): آية 18]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 21 الى 25]

- ‌[سورة ص (38): آية 26]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة ص (38): آية 44]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 48 الى 54]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 84 الى 88]

- ‌[تفسير سورة الزمر]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 7]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 10]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 19]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 20]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 21]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 22]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 23]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 24 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 29]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 42]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 46 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 53 الى 59]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 73 الى 75]

- ‌[تفسير سورة غافر]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 13 الى 17]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 23 الى 27]

- ‌[سورة غافر (40): آية 28]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 38 الى 44]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 78]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]

- ‌[تفسير سورة فصلت]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 22 الى 25]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة فصلت (41): آية 44]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 52 الى 54]

الفصل: ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

بسم الله الرحمن الرحيم

حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَاّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" حم" اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" حم" اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ رَبِّكَ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" حم" اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ. وَعَنْهُ:" الر" وَ" حم" وَ" ن" حُرُوفُ الرَّحْمَنِ مُقَطَّعَةٌ. وَعَنْهُ أَيْضًا: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ. مُجَاهِدٌ: فَوَاتِحُ السُّوَرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: الْحَاءُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ حَمِيدٍ وَحَنَّانٍ وَحَلِيمٍ وَحَكِيمٍ، وَالْمِيمُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ مَلِكٍ وَمَجِيدٍ وَمَنَّانٍ وَمُتَكَبِّرٍ وَمُصَوِّرٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَا" حم" فَإِنَّا لَا نَعْرِفُهَا فِي لِسَانِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" بَدْءُ أَسْمَاءٍ وَفَوَاتِحُ سُوَرٍ" وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ قُضِيَ مَا هُوَ كَائِنٌ. كَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى تَهَجِّي" حم"، لِأَنَّهَا تَصِيرُ حُمَّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ قُضِيَ وَوَقَعَ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

فَلَمَّا تَلَاقَيْنَاهُمْ وَدَارَتْ بِنَا الرَّحَى

- وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ مَدْفَعُ

وَعَنْهُ أَيْضًا: إِنَّ الْمَعْنَى حُمَّ أَمْرُ اللَّهِ أَيْ قَرُبَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

قَدْ حُمَّ يَوْمِي فَسُرَّ قَوْمٌ

- قَوْمٌ بِهِمْ غَفْلَةٌ وَنَوْمٌ

وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْحُمَّى، لِأَنَّهَا تُقَرِّبُ مِنَ الْمَنِيَّةِ. وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ قَرُبَ نَصْرُهُ لِأَوْلِيَائِهِ، وَانْتِقَامُهُ مِنْ أَعْدَائِهِ كَيَوْمِ بَدْرٍ. وَقِيلَ: حُرُوفُ هِجَاءٍ، قَالَ الْجَرْمِيُّ: وَلِهَذَا تُقْرَأُ سَاكِنَةَ الْحُرُوفِ

ص: 289

فَخَرَجَتْ مَخْرَجَ التَّهَجِّي وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ أُعْرِبَتْ، فَتَقُولُ: قَرَأْتُ" حم" فتنصب، وقال الشَّاعِرُ «1»:

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ فَهَلَّا

- تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ

وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ:" حَمْ" بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى مَعْنَى اقْرَأْ حم أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وأبو السمال بكسرها. والإمالة والكسر للالتقاء السَّاكِنَيْنِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْقَسَمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِقَطْعِ الْحَاءِ مِنَ الْمِيمِ. الْبَاقُونَ بِالْوَصْلِ. وَكَذَلِكَ فِي" حم. عسق". وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ بِالْإِمَالَةِ فِي الْحَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ. الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا. قَوْلُهُ تَعَالَى:" تَنْزِيلُ الْكِتابِ" ابْتِدَاءٌ وَالْخَبَرُ" مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" تَنْزِيلُ" خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هَذَا" تَنْزِيلُ الْكِتابِ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" حم" مُبْتَدَأً وَ" تَنْزِيلُ" خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقُرْآنَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ مَنْقُولًا وَلَا مِمَّا يجوز أن يكذب به. قوله تعالى:" غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ" قَالَ الْفَرَّاءُ: جَعَلَهَا كَالنَّعْتِ لِلْمَعْرِفَةِ وَهِيَ نَكِرَةٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ خَفْضٌ عَلَى الْبَدَلِ. النَّحَّاسُ: وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي هَذَا وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ" غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَعْرِفَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا لِمَا مَضَى فَيَكُونَا نَعْتَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ فَيَكُونَا نَكِرَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا نَعْتَيْنِ عَلَى هَذَا وَلَكِنْ يَكُونُ خَفْضُهُمَا عَلَى الْبَدَلِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، فَأَمَّا" شَدِيدِ الْعِقابِ" فَهُوَ نَكِرَةٌ وَيَكُونُ خَفْضُهُ عَلَى الْبَدَلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" غافِرِ الذَّنْبِ" لِمَنْ قَالَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"" وَقابِلِ التَّوْبِ" مِمَّنْ قَالَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"" شَدِيدِ الْعِقابِ" لِمَنْ لَمْ يَقُلْ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنْتُ إِلَى سُرَادِقِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي مَكَانٍ لَا تَمُرُّ فِيهِ الدَّوَابُّ، قَالَ: فَاسْتَفْتَحْتُ" حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" فَمَرَ عَلَيَّ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَلَمَّا قُلْتُ" غافِرِ الذَّنْبِ" قَالَ: قُلْ يَا غافِرِ الذَّنْبِ اغْفِرْ لِي ذنبي، فلما قلت:" قابِلِ التَّوْبِ" قال:

(1). قائله شريح بن أوفى العبسي- وقيل هو للأشتر النخعي.

ص: 290

قُلْ يَا قَابِلَ التَّوْبِ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، فَلَمَّا قُلْتُ:" شَدِيدِ الْعِقابِ" قَالَ: قُلْ يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ اعْفُ عَنِّي، فَلَمَّا قُلْتُ:" ذِي الطَّوْلِ" قَالَ: قُلْ يَا ذَا الطَّوْلِ طُلْ عَلَيَّ بِخَيْرٍ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِبَصَرِي، فَالْتَفَتُّ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ أَرَ شَيْئًا. وَقَالَ أَهْلُ الْإِشَارَةِ:" غافِرِ الذَّنْبِ" فَضْلًا" وقابِلِ التَّوْبِ" وَعْدًا" شَدِيدِ الْعِقابِ" عَدْلًا" لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ" فَرْدًا. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ افْتَقَدَ رَجُلًا ذَا بَأْسٍ شَدِيدٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقِيلَ لَهُ: تَتَابَعَ فِي هَذَا الشَّرَابِ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ مِنْ عُمَرَ إِلَى فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، وَأَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ" ثُمَّ خَتَمَ الْكِتَابَ وَقَالَ لِرَسُولِهِ: لَا تَدْفَعْهُ إِلَيْهِ حَتَّى تَجِدَهُ صَاحِيًا، ثُمَّ أَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالتَّوْبَةِ، فَلَمَّا أَتَتْهُ الصَّحِيفَةُ جَعَلَ يقرؤها وَيَقُولُ: قَدْ وَعَدَنِي اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَحَذَّرَنِي عِقَابَهُ، فَلَمْ يَبْرَحْ يُرَدِّدُهَا حَتَّى بَكَى ثُمَّ نَزَعَ فَأَحْسَنَ النَّزْعَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ. فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ أَمْرُهُ قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا إِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدَكُمْ قَدْ زَلَّ زَلَّةً فَسَدِّدُوهُ وَادْعُوا اللَّهَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيَاطِينِ عَلَيْهِ. وَ" التَّوْبِ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ تَابَ يَتُوبُ تَوْبًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ تَوْبَةٍ نَحْوَ دَوْمَةٍ وَدَوْمٍ وَعَزْمَةٍ وَعَزْمٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ «1»:

فَيَخْبُو سَاعَةً وَيَهُبُّ سَاعَا

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوْبُ بِمَعْنَى التَّوْبَةِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِي أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، أَيْ يَقْبَلُ هَذَا الْفِعْلَ، كَمَا تقول قالا قَوْلًا، وَإِذَا كَانَ جَمْعًا فَمَعْنَاهُ يَقْبَلُ التَّوْبَاتِ." ذِي الطَّوْلِ" عَلَى الْبَدَلِ وَعَلَى النَّعْتِ، لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ. وَأَصْلُ الطَّوْلِ الْإِنْعَامُ وَالْفَضْلُ يُقَالُ مِنْهُ: اللَّهُمَّ طُلْ عَلَيْنَا أَيْ أَنْعِمْ وَتَفَضَّلْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" ذِي الطَّوْلِ" ذِي النِّعَمِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ذِي الْغِنَى وَالسَّعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا"[النساء: 25] أَيْ غِنًى وَسَعَةً. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا:" ذِي الطَّوْلِ" ذِي الْغِنَى عَمَّنْ لَا يَقُولُ لا إله إلا الله. وقال عكرمة:

(1). قائله القطامي وصدره:

وكنا كالحريق أصاب غابا

ص: 291