المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٥

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة يس

- ‌[سورة يس (36): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 9 الى 11]

- ‌[سورة يس (36): آية 12]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 20 الى 29]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة يس (36): آية 39]

- ‌[سورة يس (36): آية 40]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة يس (36): آية 77]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 80 الى 83]

- ‌[تفسير سورة الصافات]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 11 الى 17]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 41 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 50 الى 61]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 62 الى 68]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 75 الى 82]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 102 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 114 الى 122]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 123 الى 132]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 157]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 165 الى 166]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 179]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]

- ‌[تفسير سورة ص]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة ص (38): آية 17]

- ‌[سورة ص (38): آية 18]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 21 الى 25]

- ‌[سورة ص (38): آية 26]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة ص (38): آية 44]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 48 الى 54]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 84 الى 88]

- ‌[تفسير سورة الزمر]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 7]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 10]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 19]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 20]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 21]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 22]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 23]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 24 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 29]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 42]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 46 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 53 الى 59]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 73 الى 75]

- ‌[تفسير سورة غافر]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 13 الى 17]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 23 الى 27]

- ‌[سورة غافر (40): آية 28]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 38 الى 44]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 78]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]

- ‌[تفسير سورة فصلت]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 22 الى 25]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة فصلت (41): آية 44]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 52 الى 54]

الفصل: ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

[تفسير سورة فصلت]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ فُصِّلَتْ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ وَهِيَ أربع وخمسون، وقيل: ثلاث وخمسون آية.

[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

بسم الله الرحمن الرحيم

حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)

وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (5)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" قَالَ الزَّجَّاجُ:" تَنْزِيلٌ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ" كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ" وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ عَلَى إِضْمَارِ هَذَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:" كِتَابٌ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ:" تَنْزِيلٌ". وَقِيلَ: نَعْتٌ لِقَوْلِهِ:" تَنْزِيلٌ". وَقِيلَ:" حم" أَيْ هَذِهِ" حم" كما تقول با ب كَذَا، أَيْ هُوَ بَابُ كَذَا فَ" حم" خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ أَيْ هُوَ" حم"، وَقَوْلُهُ:" تَنْزِيلٌ" مبتدأ آخر، وقوله:" كِتابٌ" خبر." فُصِّلَتْ آياتُهُ" أَيْ بُيِّنَتْ وَفُسِّرَتْ. قَالَ قَتَادَةُ: بِبَيَانِ حَلَالِهِ مِنْ حَرَامِهِ، وَطَاعَتِهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ. الحسن: بالوعد والوعيد. سفيان: بالثواب والعقاب. وقرى" فُصِّلَتْ" أَيْ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، أَوْ فُصِلَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا، مِنْ قَوْلِكَ فُصِلَ أَيْ تَبَاعَدَ مِنَ الْبَلَدِ." قُرْآناً عَرَبِيًّا" فِي نَصْبِهِ وُجُوهٌ، قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَدْحِ. وَقِيلَ: عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيِ اذْكُرْ" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: عَلَى إِعَادَةِ الْفِعْلِ، أَيْ فَصَّلْنَا" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ أَيْ" فُصِّلَتْ آياتُهُ" فِي حَالِ كَوْنِهِ" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: لَمَّا شُغِلَ" فُصِّلَتْ" بِالْآيَاتِ حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ انْتَصَبَ." قُرْآناً" لِوُقُوعِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَطْعِ." لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ إِنَّ

ص: 337

الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَقِيلَ: يَعْلَمُونَ الْعَرَبِيَّةَ فَيَعْجِزُونَ عَنْ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَرَبِيٍّ لَمَا عَلِمُوهُ. قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ، وَالسُّورَةُ نَزَلَتْ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا لِقُرَيْشٍ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ." بَشِيراً وَنَذِيراً" حَالَانِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْعَامِلُ فِيهِ" فُصِّلَتْ". وَقِيلَ: هُمَا نَعْتَانِ للقرآن" بَشِيراً" لأولياء الله" نَذِيراً" لأعدائه. وقرى" بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ" صِفَةٌ لِلْكِتَابِ. أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ" فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ" يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ" فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ" سَمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ الرَّيَّانَ بْنَ حَرْمَلَةَ قَالَ: قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَبُو جَهْلٍ قَدِ الْتَبَسَ عَلَيْنَا أَمْرُ مُحَمَّدٍ، فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُلًا عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَالْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ فَكَلَّمَهُ ثُمَّ آتَانَا بِبَيَانٍ مِنْ أَمْرِهِ، فقال عتبة ابن رَبِيعَةَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ الْكِهَانَةَ وَالشِّعْرَ وَالسِّحْرَ، وَعَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا لَا يَخْفَى عَلَيَّ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ. فَقَالُوا: إِيَتِهِ فَحَدِّثْهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ هَاشِمٌ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّه؟ فَبِمَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا، وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا، وَتُسَفِّهُ أَحْلَامَنَا، وَتَذُمُّ دِينَنَا؟ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ الرِّيَاسَةَ عَقَدْنَا إِلَيْكَ أَلْوِيَتَنَا فَكُنْتَ رَئِيسَنَا مَا بَقِيتَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْبَاءَةَ زَوَّجْنَاكَ عَشْرَ نِسَاءٍ مِنْ أَيِّ بَنَاتِ قُرَيْشٍ شِئْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ جَمَعْنَا لَكَ مَا تَسْتَغْنِي بِهِ أَنْتَ وَعَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ بَذَلْنَا لَكَ أَمْوَالَنَا فِي طَلَبِ مَا تَتَدَاوَى بِهِ أَوْ نُغْلَبُ فِيكَ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاكِتٌ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:" قَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ" قَالَ: نعم. (قال فاسمع منى)«1» قال يا بن أخى أَسْمَعُ. قَالَ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" إلى قول:" فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ"[فصلت: 13] فَوَثَبَ عُتْبَةُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ لَيَسْكُتَنَّ، وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى قريش فجاءه أبو جهل، فقال:

(1). الزيادة من سيرة ابن هشام.

ص: 338

أَصَبَوْتَ إِلَى مُحَمَّدٍ؟ أَمْ أَعْجَبَكَ طَعَامُهُ؟ فَغَضِبَ عُتْبَةُ وَأَقْسَمَ أَلَّا يُكَلِّمَ مُحَمَّدًا أَبَدًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، وَلَكِنِّي لَمَّا قَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ أَجَابَنِي بِشَيْءٍ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِشِعْرٍ وَلَا كِهَانَةٍ وَلَا سِحْرٍ، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ مَا سَمِعَ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ:" مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ"[فصلت: 13] وَأَمْسَكْتُ بِفِيهِ وَنَاشَدْتُهُ بِالرَّحِمِ أَنْ يَكُفَّ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا إِذَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَكْذِبْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ، يَعْنِي الصَّاعِقَةَ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ لَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ" حم. فُصِّلَتْ" حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّجْدَةِ فَسَجَدَ وَعُتْبَةُ مُصْغٍ يَسْتَمِعُ، قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. فَلَمَّا قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِرَاءَةَ قَالَ لَهُ:" يَا أَبَا الْوَلِيدِ قَدْ سَمِعْتَ الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْكَ فَأَنْتَ وَذَاكَ" فَانْصَرَفَ عُتْبَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فِي نَادِيهَا فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي مَضَى بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ. ثُمَّ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ أَبَا الْوَلِيدِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ مُحَمَّدٍ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ وَلَا بِالْكِهَانَةِ، فَأَطِيعُونِي فِي هَذِهِ وَأَنْزِلُوهَا بِي، خَلُّوا مُحَمَّدًا وَشَأْنَهُ وَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِمَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ نَبَأٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ الْعَرَبُ كُفِيتُمُوهُ بِأَيْدِي غَيْرِكُمْ، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا أَوْ نَبِيًّا كُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ، لِأَنَّ مُلْكَهُ مُلْكُكُمْ وَشَرَفَهُ شَرَفُكُمْ. فَقَالُوا: هَيْهَاتَ سَحَرَكَ مُحَمَّدٌ يَا أَبَا الْوَلِيدِ. وَقَالَ: هَذَا رَأْيِي لَكُمْ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ" الْأَكِنَّةُ جَمْعُ كِنَانٍ وَهُوَ الْغِطَاءُ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ"«1» . قَالَ مُجَاهِدٌ: الْكِنَانُ لِلْقَلْبِ كَالْجُنَّةِ لِلنَّبْلِ." وَفِي آذانِنا وَقْرٌ" أَيْ صَمَمٌ، فَكَلَامُكَ لَا يَدْخُلُ أَسْمَاعَنَا، وَقُلُوبُنَا مَسْتُورَةٌ مِنْ فَهْمِهِ." وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ" أَيْ خِلَافٌ فِي الدِّينِ، لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَهُوَ يَعْبُدُ اللَّهَ عز وجل. قَالَ مَعْنَاهُ الْفَرَّاءُ وَغَيْرَهُ. وَقِيلَ: سَتْرُ مَانِعٌ عَنِ الْإِجَابَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا جَهْلٍ اسْتَغْشَى عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حِجَابٌ. اسْتِهْزَاءٌ مِنْهُ. حَكَاهُ النَّقَّاشُ وَذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. فالحجاب هنا (!)

(1). راجع ج 2 ص 25 طبعه ثانيه.

ص: 339