المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٥

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة يس

- ‌[سورة يس (36): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 9 الى 11]

- ‌[سورة يس (36): آية 12]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 20 الى 29]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة يس (36): آية 39]

- ‌[سورة يس (36): آية 40]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة يس (36): آية 77]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة يس (36): الآيات 80 الى 83]

- ‌[تفسير سورة الصافات]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 11 الى 17]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 18 الى 21]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 41 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 50 الى 61]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 62 الى 68]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 75 الى 82]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 102 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 114 الى 122]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 123 الى 132]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 157]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 165 الى 166]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 179]

- ‌[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]

- ‌[تفسير سورة ص]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة ص (38): آية 17]

- ‌[سورة ص (38): آية 18]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 21 الى 25]

- ‌[سورة ص (38): آية 26]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة ص (38): آية 44]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 48 الى 54]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]

- ‌[سورة ص (38): الآيات 84 الى 88]

- ‌[تفسير سورة الزمر]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 7]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 10]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 19]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 20]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 21]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 22]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 23]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 24 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 29]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الزمر (39): آية 42]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 46 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 53 الى 59]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 69 الى 70]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39): الآيات 73 الى 75]

- ‌[تفسير سورة غافر]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 13 الى 17]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 23 الى 27]

- ‌[سورة غافر (40): آية 28]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 38 الى 44]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 51 الى 54]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 78]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

- ‌[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]

- ‌[تفسير سورة فصلت]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 22 الى 25]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة فصلت (41): آية 44]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة فصلت (41): الآيات 52 الى 54]

الفصل: ‌[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

تَسَاوَيْنَ فِي الْحُسْنِ وَالشَّبَابِ، بَنَاتُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْآدَمِيَّاتِ. وَ" أَتْرابٌ" جَمْعُ تِرْبٍ وَهُوَ نَعْتٌ لِقَاصِرَاتٍ، لِأَنَّ" قاصِراتُ" نَكِرَةٌ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إِلَى الْمَعْرِفَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ يَدْخُلَانِهِ كما قال:

من القاصرات الطرف لو دب محول

ومن الذَّرِّ فَوْقَ الْإِتْبِ مِنْهَا لَأَثَّرَا «1»

قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ" أَيْ هَذَا الْجَزَاءُ الَّذِي وُعِدْتُمْ بِهِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالتَّاءِ أَيْ مَا تُوعَدُونَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ وَاخْتِيَارِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ" فَهُوَ خَبَرٌ." لِيَوْمِ الْحِسابِ" أَيْ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ، قَالَ الْأَعْشَى:

الْمُهِينِينَ مَا لهم لزمان

والسوء حَتَّى إِذَا أَفَاقَ أَفَاقُوا

أَيْ فِي زَمَانِ السُّوءِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنا مَا لَهُ مِنْ نَفادٍ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، كَمَا قَالَ:" عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ"[هود: 108] وقال:" فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ" مَمْنُونٍ." [التين: 6].

[سورة ص (38): الآيات 55 الى 61]

هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (59)

قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (60) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هَذَا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (61)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ" لَمَّا ذَكَرَ مَا لِلْمُتَّقِينَ ذَكَرَ مَا لِلطَّاغِينَ. قَالَ الزَّجَّاجُ:" هَذَا" خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٌ أَيِ الْأَمْرُ هَذَا فَيُوقَفُ عَلَى" هَذَا" قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ:" هَذَا" وَقْفٌ حَسَنٌ. ثُمَّ تَبْتَدِئُ" وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ" وهم الذين كذبوا الرسل.

(1). قائله امرؤ القيس. المحول: الصغير. والإتب: درع المرأة. وبرده تشق فتلبس من غير كمين ولا جبب. [ ..... ]

ص: 220

" لَشَرَّ مَآبٍ" أَيْ مُنْقَلَبٌ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ. ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:" جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ" أَيْ بِئْسَ مَا مَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ بِئْسَ الْفِرَاشُ لَهُمْ. وَمِنْهُ مَهْدُ الصَّبِيِّ. وَقِيلَ: فِيهِ حَذْفٌ أَيْ بِئْسَ مَوْضِعُ الْمِهَادِ. وَقِيلَ: أَيْ هَذَا الَّذِي وَصَفْتُ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَ مَرْجِعٍ فَيُوقَفُ عَلَى" هَذَا" أَيْضًا. قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ"" هذا" في موضع رفع بالابتداء وخبره" حَمِيمٌ" على التقديم والتأخير، أي هذا حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ فليذوقوه. ولا يوقف على" فَلْيَذُوقُوهُ" ويجوز أَنْ يَكُونَ" هَذَا" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَ" فَلْيَذُوقُوهُ" فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، وَدَخَلَتِ الْفَاءُ لِلتَّنْبِيهِ الَّذِي فِي" هَذَا" فَيُوقَفُ عَلَى" فَلْيَذُوقُوهُ" وَيَرْتَفِعُ" حَمِيمٌ" عَلَى تَقْدِيرِ هَذَا حَمِيمٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْأَمْرُ هَذَا، وَحَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ إِذَا لَمْ تَجْعَلْهُمَا خَبَرًا فَرَفْعُهُمَا عَلَى مَعْنَى هُوَ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ. وَالْفَرَّاءُ يَرْفَعُهُمَا بِمَعْنَى مِنْهُ حَمِيمٌ وَمِنْهُ غَسَّاقٌ وَأَنْشَدَ:

حَتَّى إِذَا مَا أَضَاءَ الصُّبْحُ» فِي غَلَسٍ

- وَغُودِرَ الْبَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودُ

وَقَالَ آخَرُ «2» :

لَهَا مَتَاعٌ وَأَعْوَانٌ غَدَوْنَ به

وقتب وَغَرْبٌ إِذَا مَا أُفْرِغَ انْسَحَقَا

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" هَذَا" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ" فَلْيَذُوقُوهُ" كَمَا تَقُولُ زَيْدًا اضْرِبْهُ. وَالنَّصْبُ فِي هَذَا أَوْلَى فَيُوقَفُ عَلَى" فَلْيَذُوقُوهُ" وَتَبْتَدِئُ" حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ" عَلَى تَقْدِيرِ الْأَمْرُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ. وَقِرَاءَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ بِتَخْفِيفِ السِّينِ فِي" وَغَسَّاقٌ". وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" وَغَسَّاقٌ" بِالتَّشْدِيدِ، وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي قَوْلِ الْأَخْفَشِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ، فَمَنْ خَفَّفَ فَهُوَ اسْمٌ مِثْلُ عَذَابٍ وَجَوَابٍ وَصَوَابٍ، وَمَنْ شَدَّدَ قَالَ: هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ نُقِلَ إِلَى فَعَّالٍ لِلْمُبَالَغَةِ، نَحْوَ ضَرَّابٍ وَقَتَّالٍ وَهُوَ فَعَّالٌ مِنْ غَسَقَ يَغْسِقُ فَهُوَ غَسَّاقٌ وَغَاسِقٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الزمهرير يخوفهم

(1). رواه السمين: أضاء البرق.

(2)

. قائله زهير بن أبى سلمى يصف الناقة. الى يستقى عليها. وقتب وغرب للمتاع. والقتب أداة السانية، الغرب الدلو العظيمة. وانسحقا أي مضى وبعد سيلانه.

ص: 221

بِبَرْدِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ الثَّلْجُ الْبَارِدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى بَرْدُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا. إِنَّهُ يُحْرِقُ بِبَرْدِهِ كَمَا يُحْرِقُ الْحَمِيمُ بِحَرِّهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: هُوَ قَيْحٌ غَلِيظٌ لو وقع منه شي بِالْمَشْرِقِ لَأَنْتَنَ مَنْ فِي الْمَغْرِبِ، وَلَوْ وَقَعَ منه شي فِي الْمَغْرِبِ لَأَنْتَنَ مَنْ فِي الْمَشْرِقِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ فُرُوجِ الزُّنَاةِ وَمِنْ نَتْنِ لُحُومِ الْكَفَرَةِ وَجُلُودِهِمْ مِنَ الصَّدِيدِ وَالْقَيْحِ وَالنَّتْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هُوَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِاللُّغَةِ، يُقَالُ: غَسَقَ الْجُرْحُ يَغْسِقُ غَسْقًا إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ أَصْفَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الْحَيَاةَ وَطِيبَهَا

إِلَيَّ جَرَى دَمْعٌ مِنَ اللَّيْلِ «1» غَاسِقُ

أَيْ بَارِدٌ. وَيُقَالُ: لَيْلٌ غَاسِقٌ، لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنَ النَّهَارِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْغَسَّاقُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ أَعْيُنِهِمْ وَدُمُوعِهِمْ يُسْقَوْنَهُ مَعَ الْحَمِيمِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْحَمِيمُ دُمُوعُ أَعْيُنِهِمْ، يُجْمَعُ فِي حِيَاضِ النَّارِ فَيُسْقَوْنَهُ، وَالصَّدِيدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ جُلُودِهِمْ. وَالِاخْتِيَارُ عَلَى هَذَا" وَغَسَّاقٌ" حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ سَيَّالٍ. وَقَالَ كَعْبٌ: الْغَسَّاقُ عَيْنٌ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ إِلَيْهَا سُمُّ كُلِّ ذِي حُمَّةٍ مِنْ عَقْرَبٍ وَحَيَّةٍ. وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الظُّلْمَةِ وَالسَّوَادِ. وَالْغَسَقُ أَوَّلُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ غَسَقَ اللَّيْلِ يَغْسِقُ إِذَا أَظْلَمَ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يُهْرَاقُ فِي الدُّنْيَا لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا. قُلْتُ: وَهَذَا أَشْبَهُ عَلَى الِاشْتِقَاقِ الْأَوَّلِ كَمَا بَيَّنَّا، إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغَسَّاقُ مَعَ سَيَلَانِهِ أَسْوَدَ مُظْلِمًا فَيَصِحُّ الِاشْتِقَاقَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ" قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو:" وَأُخَرُ" جَمْعُ أُخْرَى مِثْلَ الْكُبْرَى وَالْكُبَرِ. الْبَاقُونَ:" وَآخَرُ" مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ. وَأَنْكَرَ أَبُو عَمْرٍو" وَآخَرُ" لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" أَزْواجٌ" أَيْ لَا يُخْبَرُ بِوَاحِدٍ عَنْ جَمَاعَةٍ. وَأَنْكَرَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ" وَأُخَرُ" قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ" وَأُخَرَ" لَكَانَ مِنْ شَكْلِهَا. وَكِلَا الرَّدَّيْنِ لَا يَلْزَمُ وَالْقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَانِ." وَآخَرُ" أَيْ وَعَذَابٌ آخَرُ سِوَى الْحَمِيمِ وَالْغَسَّاقِ." مِنْ شَكْلِهِ" قَالَ قَتَادَةُ: مِنْ نَحْوِهِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هو

(1). عله من العين.

ص: 222

لا لزمهرير. وَارْتَفَعَ" وَآخَرُ" بِالِابْتِدَاءِ وَ" أَزْواجٌ" مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ" آخَرُ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" وَآخَرُ" مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ دَلَّ عَلَيْهِ" هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ" لِأَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَهُمْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَهُمْ آخَرُ وَيَكُونُ" مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ" صِفَةٌ لِآخَرَ فَالْمُبْتَدَأُ مُتَخَصِّصٌ بِالصِّفَةِ وَ" أَزْواجٌ" مَرْفُوعٌ بِالظَّرْفِ. وَمَنْ قَرَأَ" وَأُخَرُ" أَرَادَ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْعَذَابِ أُخَرُ، وَمَنْ جَمَعَ وَهُوَ يُرِيدُ الزَّمْهَرِيرَ فَعَلَى أَنَّهُ جَعَلَ الزَّمْهَرِيرَ أَجْنَاسًا فَجُمِعَ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ زَمْهَرِيرًا ثُمَّ جُمِعَ كَمَا قَالُوا: شَابَتْ مَفَارِقُهُ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ لِمَا فِي الْكَلَامِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الزَّمْهَرِيرَ الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ الْبَرْدِ بِإِزَاءِ الجمع في قول:" هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ" وَالضَّمِيرُ فِي" شَكْلِهِ" يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْحَمِيمِ أَوِ الْغَسَّاقِ. أَوْ عَلَى مَعْنَى" وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ" مَا ذَكَرْنَا، وَرُفِعَ" أُخَرُ" عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمْعِ بِالِابْتِدَاءِ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" صِفَةٌ لَهُ وَفِيهِ ذِكْرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُبْتَدَإِ وَ" أَزْواجٌ" خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَقْدِيرِ وَلَهُمْ أُخَرُ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" صِفَةٌ لِأُخَرَ وَ" أَزْواجٌ" مُرْتَفِعَةٌ بِالظَّرْفِ كَمَا جَازَ فِي الْإِفْرَادِ، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا ضَمِيرَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ ارْتَفَعَ" أَزْواجٌ" مُفْرَدٌ،، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ. وَ" أَزْواجٌ" أَيْ أَصْنَافٌ وَأَلْوَانٌ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: الشَّكْلُ بِالْفَتْحِ الْمِثْلُ وَبِالْكَسْرِ الدَّلُّ «1» . قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنَّ الْقَادَةَ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُمُ الْأَتْبَاعُ، قَالَتِ الْخَزَنَةُ لِلْقَادَةِ:" هَذَا فَوْجٌ" يَعْنِي الْأَتْبَاعَ وَالْفَوْجُ الْجَمَاعَةُ" مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ" أَيْ دَاخِلٌ النَّارَ مَعَكُمْ، فَقَالَتِ السَّادَةُ:" لَا مَرْحَباً بِهِمْ" أَيْ لَا اتَّسَعَتْ مَنَازِلُهُمْ فِي النَّارِ. وَالرَّحْبُ السَّعَةُ، وَمِنْهُ رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ فِي مَذْهَبِ الدُّعَاءِ فَلِذَلِكَ نُصِبَ، قَالَ النَّابِغَةُ:

لَا مَرْحَبًا بِغَدٍ وَلَا أَهْلًا به

وإن كان تفريق الأحبة في غد

(1). يقال امرأة ذات شكل (با لكسر) أي ذات دلال، وهو حسن الحديث وحسن المزح والهيئة.

ص: 223