الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح المفردات
الخطاب: المخاطبة والمكالمة، الروح: جبريل عليه الصلاة والسلام، والمآرب:
المرجع، والإنذار: الإخبار بالمكروه قبل وقوعه، والمرء الإنسان ذكرا كان أو أنثى، ما قدمت يداه: أي ما صنعه فى حياته الأولى.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن يوم القيامة موعد للفصل بين الخلائق، وتنتهى به أيام الدنيا، وأن دار العذاب معدة للكافرين، وأن الفوز بالنعيم للمتقين أعقب ذلك بأن هذا يوم يقوم فيه جبريل والملائكة صفّا صفا لا يتكلمون إلا إذا أذن لهم ربهم وقالوا قولا صحيحا.
ثم أتبعه بأن هذا اليوم حق لا ريب فيه، وأن الناس فيه فريقان: فريق بعيد من الله ومرجعه إلى النار، وفريق مآبه القرب من الله ومنازل الكرامة، فمن كانت له مشيئة صادقة، فليتخذ مآبا إلى ربه، وليعمل عملا صالحا يقرّبه منه، ويحلّه محل كرامته.
ثم عاد إلى تهديد المعاندين وتحذيرهم من عاقبة عنادهم، وأنهم سيعلمون غدا ما قدمته أيديهم ويرونه حاضرا لديهم، وحينئذ يندمون، ولات ساعة مندم، ويبلغ من أمرهم أن يقولوا: ليتنا كنا ترابا لم نصب حظا من الحياة.
الإيضاح
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) أي إنه سبحانه المالك لشئونهما، المدبر لأمورهما، ولا يملك أحد من أهلهما مخاطبته تعالى بالشفاعة إلا بإذنه.
ثم أكد هذا وقرره بقوله:
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) أي إن الملائكة على جلالة أقدارهم، ورفيع درجاتهم لا يستطيعون أن يتكلموا فى هذا اليوم، إجلالا لربهم، ووقوفا عند أقدارهم، إلا إذا أذن لهم ربهم، وقالوا قولا صدقا وصوابا.
وفى الآية دلالة على أنهم مع قربهم من ربهم لا يستطيع أحد منهم أن يشفع لأحد أو يطلب منحة إلا بعد أن يأذن له ربه، ولا يأذن إلا لمن علم أنه سيجاب، لأنه يقول الصواب، وإنما يكون الكلام ضربا من التكريم لمن يأذن له ويختص به، ولا أثر له فيما أراده البتة.
والملائكة مخلوقات غيّبها الله عنا، ولم يجعل لنا قدرة على رؤيتها. فعلينا أن نؤمن بها وإن لم نرها، ونصدّق بما جاء فى كتابه من أوصافها غير باحثين عن حقيقتها.
وبعد أن ذكر أحوال المكلفين فى درجات الثواب والعقاب، وبيّن عظمة يوم القيامة- أردف ذلك بيان أن هذا اليوم حق لا ريب فيه فقال:
(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ) أي ذلك اليوم متحقق لا ريب فيه ولا مفر منه، وأنه يوم تبلى فيه السرائر، وتنكشف فيه الضمائر، أما أيام الدنيا فأحوال الخلق فيها مكتوبة، وضمائرهم غير معلومة.
(فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) أي فمن شاء عمل صالحا يقربه من ربه، ويدنيه من كرامته وثوابه، ويباعد بينه وبين عقابه.
ثم زاد فى تخويف الكفار وإنذارهم فقال:
ِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً)
أي إنا نحذركم عذاب يوم القيامة وهو قريب، لأن كل ما هو آت قريب كما قال:«كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها» .