الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح المفردات
الزلزلة: الحركة الشديدة مع اضطراب، والأثقال: واحدها ثقل، وهو فى الأصل متاع البيت كما قال:«وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ» والمراد هنا ما فى جوف الأرض من الدفائن كالموتى والكنوز، وتقول أوحيت له وأوحيت إليه ووحي له ووحي إليه، أي كلمه خفية أو ألهمه كما جاء فى قوله:«وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ» يصدر: أي يرجع، فالوارد هو الآتي للماء ليشرب أو يستقى، والصادر: هو الراجع عنه، أشتاتا: واحدهم شتيت أي متفرقين متمايزين لا يسير محسنهم ومسيئهم فى طريق واحدة، الذرة: النملة الصغيرة، أو هى الهباء الذي يرى فى ضوء الشمس إذا دخلت من نافذة، ومثقال الذرة: وزنها، وهو مثل فى الصغر.
سبب نزول هذه السورة
كان الكفار كثيرا ما يسألون عن يوم الحساب فيقولون «أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ» ويقولون: «مَتى هذَا الْوَعْدُ؟» وما أشبه ذلك، فذكر لهم فى هذه السورة علامات ذلك فحسب، ليعلموا أنه لا سبيل إلى تعيين ذلك اليوم الذي يعرض الناس فيه على ربهم لعقاب المذنبين وثواب المؤمنين.
الإيضاح
(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) أي إذا اضطربت الأرض وتحركت حركة شديدة ونحو الآية قوله: «إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا» ، وقوله:«يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ» .
وفى ذلك إيماء إلى شدة الحال يومئذ، ولفت لأنظار الكافرين إلى أن يتدبروا
الأمر ويعتبروا، وكان يقال لهم: إذا كان الجماد يضطرب لهول هذا اليوم، فهل لكم أن تستيقظوا من غفلتكم، وترجعوا عن عنادكم؟.
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) أي وأخرجت الأرض ما فى جوفها من الكنوز والدفائن والأموات، فإنها لشدة اضطرابها يثور باطنها ويقذف ما فيه.
ونحو الآية قوله: «وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ» .
ومثال هذا ما نراه فى حياتنا الدنيا من جبال النار الثائرة (البراكين) كما حدث فى إيطاليا سنة 1909 من ثوران بركان ويزوف وابتلاعه مدينة مسينا ولم يبق من أهلها ديّارا ولا نافخ نار.
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها؟) أي وقال من يكون من الناس مشاهدا لهذا الزلزال الذي يخالف أمثاله فى شدته، ويحار العقل فى معرفة أسبابه، ويصيبه الدّهش مما يرى ويبصر: ما لهذه الأرض، وما الذي وقع لها مما لم يعهد له نظير من قبل؟ كما جاء فى آية أخرى:«وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى» .
(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) أي فى ذلك الوقت وقت الزلزلة تحدثك الأرض أحاديثها، والمراد أن حالها وما يقع فيها من الاضطراب والانقلاب، وما لم يعهد له نظير من الخراب، تعلم السائل وتفهمه أن ما يراه لم يكن لسبب من الأسباب التي وضعت لأمثاله مما نراه حين استقر نظام هذا الكون.
ثم بين سبب ما يرى فقال:
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أي إن ما يكون للأرض يومئذ إنما هو بأمر إلهي خاص، فيقول لها كونى خرابا كما قال لها حين بدء النشأة الأولى كونى أرضا، وإنما سمى ذلك وحيا، لأنه أتى على خلاف ما عهد منذ نشأة الأرض، قاله الأستاذ الإمام.
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) أي يوم يقع الخراب العظيم لهذا العالم الأرضى، ويظهر ذلك الكون الجديد كون الحياة الأخرى، يصدر الناس متفرقين