الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد أعدّ لهم كتاب أحصيت فيه جميع أعمالهم ليحاسبوا بها، فويل للمكذبين بيوم الجزاء، وما يكذب به إلا كل من تجاوز حدود الدين وانتهك حرماته، وإذا تليت عليهم آيات القرآن قالوا ما هى إلا أقاصيص الأولين نقلها محمد عن السابقين، وليست وحيا يوحى كما يدعى.
الإيضاح
(كَلَّا) أي ازدجروا عما أنتم عليه من التطفيف والغفلة عن الحساب.
ثم علل هذا بقوله:
(إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) أي كفوا عما أنتم عليه، فإن الفجار سيحاسبون على أعمالهم، وقد أعد الله لهم كتابا أحصى فيه أعمالهم يسمى (سجّينا) .
(وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟) أي ليس ذلك مما تعلمه أنت ولا قومك.
ثم فسره له فقال:
(كِتابٌ مَرْقُومٌ) أي كتاب قد جعلت له علامة بها يعرف من رآه أنه لا خير فيه.
وقصارى ما سلف- إن للشر سجلا دونت فيه أعمال الفجار وهو كتاب مسطور بيّن الكتابة، وهذا السجل يشتمل عليه السجل الكبير المسمى بسجين. كما تقول:
إن كتاب حساب قرية كذا فى السجل الفلاني المشتمل على حسابها وحساب غيرها من القرى فلكل فاجر من الفجار صحيفة. وهذه الصحائف فى السجل العظيم، المسمى بسجين.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) أي شدة وعذاب لمن يكذب بيوم الجزاء، سواء كان بجحد أخباره أو بعدم المبالاة بما يكون فيه من عقاب وعذاب.
وأعظم دليل على عدم المبالاة هو الإصرار على الجرائم، والمداومة على اقتراف السيئات.
ثم بين أوصاف من يكذب بهذا اليوم فقال:
(وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) أي وما يكذب بهذا اليوم إلا من اعتدى على الحق، وعمى عن الإنصاف، واعتاد ارتكاب الجرائم، إذ يصعب عليه الإذعان بأخبار الآخرة، لأنه يأبى النظر فى أدلتها، وتدبر البينات المرشدة إلى صدقها، إلى أنه يعلل نفسه بالإنكار، ويهوّن عليها الأمر بالتغافل، أو التعلق بالأمانى من نصرة الأولياء، أو توسط الشفعاء.
أما من كان ميالا إلى العدل، واقفا عند ما حدّ الله لعباده فى شرائعه وسننه فى نظام الكون. فأيسر شىء التصديق باليوم الآخر، وهو أعون له على ما تميل إليه نفسه.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي وإذا قرئ عليه القرآن أنكر كونه منزلا من عند الله، وزعم أنه أخبار الأولين، أخذها محمد من غيره من السابقين.
وقد يكون المعنى- إنها أباطيل ألقيت على آبائهم الأولين فكذبوها ولم تجز عليهم، فلسنا أول من يكذب بها حتى تزعمون أن تكذيبنا بها يعتبر عجلة منا، فإنا إنما تأسّينا فى تكذيبنا بها بآبائنا الأولين الذين سبقونا.