الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة عبس
هى مكية، وآياتها ثنتان وأربعون، نزلت بعد سورة النجم.
ومناسبتها- لما قبلها- أنه ذكر هناك أنه منذر من يخشاها- وذكر هنا من ينفعه الإنذار.
[سورة عبس (80) : الآيات 1 الى 10]
بسم الله الرحمن الرحيم
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (2) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (4)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَما عَلَيْكَ أَلَاّ يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (8) وَهُوَ يَخْشى (9)
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)
شرح المفردات
عبس: أي قطب وجهه من ضيق الصدر، وتولى: أي أعرض، أن جاءه الأعمى: أي لأجل أن جاءه، وما يدريك: أي أىّ شىء يعرّفك حال هذا الأعمى؟
يزكى: أي يتطهر بما يلقن من الشرائع، يذّكر: أي يتعظ، استغنى: أي بماله وقوته عن سماع القرآن، تصدى: أي تتصدى وتتعرض بالإقبال عليه، يسعى أي يسرع، يخشى: أي يخاف من الغواية، تلهى: أي تتلهى وتتغافل.
المعنى الجملي
نزلت هذه السورة فى ابن أم مكتوم عمرو بن قيس ابن خال خديجة، وكان أعمى وهو من المهاجرين الأولين. استخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة يصلى بالناس مرارا، وكان يؤذن بعد بلال.
وكان من حديثه أن أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ومعه صناديد قريش: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، يدعوهم للإسلام، ويذكّرهم بأيام الله، ويحذرهم بطشه وجبروته، ويعدهم أحسن المثوبة إن أسلموا، وهو شديد الحرص على أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، لأنه يعلم أن سيسلم بإسلامهم خلق كثير، إذ بيدهم مقادة العرب.
فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله أقرئنى وعلمنى مما علمك الله، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، فكره الرسول قطعه لكلامه، وظهرت فى وجهه الكراهة، فعبس وأعرض عنه.
وقد عاتب الله نبيّه بأن ضعف ذلك الأعمى وفقره لا ينبغى أن يكون باعثا على كراهة كلامه والإعراض عنه، لأن ذلك يورث انكسار قلوب الفقراء، وهو مطالب بتأليف قلوبهم كما قال:«وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» وقال: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» .
ولأنه كان ذكىّ الفؤاد إذا سمع الحكمة وعاها، فيتطهر بها من أو ضار الآثام، وتصفو بها نفسه، أو يذكّر بها ويتعظ فتنفعه العظة فى مستأنف أيامه.
أما أولئك الأغنياء فأكثرهم جحدة أغبياء، فلا ينبغى التصدي لهم، طمعا فى إقبالهم على الإسلام، ليتبعهم غيرهم.
وقوّة الإنسان إنما هى فى ذكاء لبّه، وحياة قلبه، وإذعانه للحق متى لا حت له أماراته، أما المال والنشب، والحشم والأعوان فهى عوار تجىء وترتحل، وتفرّ حينا ثم تنتقل.