الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفجر
هى مكية، وآياتها ثلاثون، نزلت بعد سورة الليل.
ومناسبتها لما قبلها.
(1)
أنه ذكر فى تلك الوجوه الخاشعة والوجوه الناعمة، وذكر فى هذه طوائف من المكذبين المتجبرين الذين وجوههم خاشعة، وطوائف من الذين وجوههم ناعمة.
(2)
أن القسم الذي فى أول السورة كالدليل على صحة ما تضمنته خاتمة السورة السابقة من الوعد والوعيد.
[سورة الفجر (89) : الآيات 1 الى 5]
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْفَجْرِ (1) وَلَيالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (4)
هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
الإيضاح
(وَالْفَجْرِ) الفجر هو الوقت الذي ينشق فيه الضوء، وينفجر النور، وقد أقسم ربنا به، لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وما يترتب على ذلك من المنافع كانتشار الناس وسائر الحيوان من الطير والوحش لطلب الرزق، وهو كقوله:
«وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ» وقوله: «وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ» .
(وَلَيالٍ عَشْرٍ) هى عشر ليال يتشابه حالها مع حال الفجر، فيكون ضوء القمر فيها مطارد الظلام الليل إلى أن تغلبه الظلمة، كما يهزم ضوء الصبح ظلمة الليل حتى يسطع النهار، ولا يزال الضوء منتشرا إلى الليل الذي بعده.
وضوء الأهلة فى عشر ليال من أول كل شهر يشق الظلام، ثم لا يزال الليل يغالبه إلى أن يغلبه، فيسدل على الكون حجبه، وهذه الليالى العشر غير متعينة فى كل شهر فإن ضوء الهلال قد يظهر حتى تغلبه الظلمة فى أول ليلة من الشهر.
وقد يكون ضئيلا يغيب ضوؤه فى الشفق فلا يعدّ شيئا.
والخلاصة- إن الليالى العشر تارة تبتدئ من أول ليلة، وأخرى من الليلة الثانية.
(وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) أي والزوج والفرد من هذه الليالى فهو سبحانه أقسم بالليالي جملة ثم أقسم بما حوته من زوج وفرد.
وبعد أن أقسم بضروب من الضياء أقسم بالليل مرادا منه الظلمة فقال:
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) أي والليل إذا يمضى ويذهب، وهو كقوله:«وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ» وقوله: «وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ» .
ونعمة الله على عباده بتعاقب الليل والنهار واختلاف مقاديرهما بحسب الأزمنة والفصول- مما لا يجحدها إلا مكابر، لا جرم أقسم ربنا بهما تنبيها إلى أن تعاقبهما بتدبير مدبر حكيم، عالم بما فى ذلك من المصلحة لعباده.
انظر إلى ما فى إقبال الصبح من عميم النفع، فإنك لترى أنه يفرج كربة الليل وينبه إلى استقبال العمل، وكذلك تدرك ما فى الليالى المقمرة من فائدة، فهى تستميل النفس إلى النّقلة، وتيسر للناس النّجعة، وبخاصة فى أيام الحر الشديد فى بلاد كبلاد العرب.
وكذا نعرف ما فى الظلام من منفعة، فإن فيه تهدأ النفوس، وتسكن الخواطر وتستقر الجنوب فى مضاجها، لتستريح من عناء العمل، وتستعين بالنوم على إعادة القوى، وتختفى الناس من مطاردة اللصوص، ولله در المتنبي حيث يقول:
وكم لظلام الليل عندك من يد
…
تخبّر أنّ المانوية تكذب