المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

منه فى حال الفقر والمسكنة، لأنه فى حال فقره لا - تفسير المراغي - جـ ٣٠

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة النبأ

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 1 الى 16]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 17 الى 30]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 31 الى 36]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 37 الى 40]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌ما اشتملت عليه هذه السورة

- ‌سورة النازعات

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 1 الى 14]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 15 الى 26]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 27 الى 33]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 34 الى 41]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 42 الى 46]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌موضوعات السورة الكريمة

- ‌سورة عبس

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 1 الى 10]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 11 الى 16]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 17 الى 23]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 24 الى 32]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 33 الى 42]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌ما جاء فى هذه السورة الكريمة من مقاصد

- ‌سورة التكوير

- ‌[سورة التكوير (81) : الآيات 1 الى 14]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التكوير (81) : الآيات 15 الى 29]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌موضوعات هذه السورة الكريمة

- ‌سورة الانفطار

- ‌[سورة الانفطار (82) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الانفطار (82) : الآيات 6 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الانفطار (82) : الآيات 9 الى 19]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌ما فى هذه السورة من مقاصد

- ‌سورة المطففين

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 1 الى 6]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 7 الى 13]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 14 الى 17]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 18 الى 28]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 29 الى 36]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الانشقاق

- ‌[سورة الانشقاق (84) : الآيات 1 الى 15]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الانشقاق (84) : الآيات 16 الى 25]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد السورة

- ‌سورة البروج

- ‌[سورة البروج (85) : الآيات 1 الى 9]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة البروج (85) : الآيات 10 الى 11]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة البروج (85) : الآيات 12 الى 16]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة البروج (85) : الآيات 17 الى 22]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الطارق

- ‌[سورة الطارق (86) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الطارق (86) : الآيات 5 الى 10]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌كيفية حصول الحمل ونمو الجنين فى الرحم

- ‌[سورة الطارق (86) : الآيات 11 الى 17]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد السورة

- ‌سورة الأعلى

- ‌[سورة الأعلى (87) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأعلى (87) : الآيات 6 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأعلى (87) : الآيات 9 الى 13]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأعلى (87) : الآيات 14 الى 19]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الغاشية

- ‌[سورة الغاشية (88) : الآيات 1 الى 7]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الغاشية (88) : الآيات 8 الى 16]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الغاشية (88) : الآيات 17 الى 20]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الغاشية (88) : الآيات 21 الى 26]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الفجر

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 1 الى 5]

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 6 الى 14]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 15 الى 16]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 17 الى 20]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 21 الى 26]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 27 الى 30]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة البلد

- ‌[سورة البلد (90) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة البلد (90) : الآيات 5 الى 10]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة البلد (90) : الآيات 11 الى 20]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الشمس

- ‌[سورة الشمس (91) : الآيات 1 الى 10]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الشمس (91) : الآيات 11 الى 15]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الليل

- ‌[سورة الليل (92) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الليل (92) : الآيات 5 الى 11]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الليل (92) : الآيات 12 الى 21]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الضحى

- ‌[سورة الضحى (93) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الضحى (93) : الآيات 6 الى 11]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد السورة الكريمة

- ‌سورة الشرح

- ‌[سورة الشرح (94) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الشرح (94) : الآيات 5 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد السورة

- ‌سورة التين

- ‌[سورة التين (95) : الآيات 1 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة العلق

- ‌[سورة العلق (96) : الآيات 1 الى 5]

- ‌تقدمة تاريخية

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة العلق (96) : الآيات 6 الى 19]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد هذه السورة

- ‌سورة القدر

- ‌[سورة القدر (97) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌تقدمة تبين ميقات هذه الليلة

- ‌الإيضاح

- ‌سورة البينة

- ‌[سورة البينة (98) : الآيات 1 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الزلزلة

- ‌[سورة الزلزلة (99) : الآيات 1 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌سبب نزول هذه السورة

- ‌الإيضاح

- ‌مقاصد السورة

- ‌سورة العاديات

- ‌[سورة العاديات (100) : الآيات 1 الى 11]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة القارعة

- ‌[سورة القارعة (101) : الآيات 1 الى 11]

- ‌الإيضاح

- ‌سورة التكاثر

- ‌[سورة التكاثر (102) : الآيات 1 الى 8]

- ‌شرح المفردات

- ‌أسباب نزول السورة

- ‌الإيضاح

- ‌سورة العصر

- ‌[سورة العصر (103) : الآيات 1 الى 3]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الهمزة

- ‌أسباب نزول هذه السورة

- ‌[سورة الهمزة (104) : الآيات 1 الى 9]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الفيل

- ‌[سورة الفيل (105) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌قصص أصحاب الفيل كما رواه أرباب السير

- ‌الإيضاح

- ‌سورة قريش

- ‌[سورة قريش (106) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الماعون

- ‌[سورة الماعون (107) : الآيات 1 الى 7]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الكوثر

- ‌أسباب نزول هذه السورة

- ‌[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 الى 3]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الكافرون

- ‌أسباب نزول السورة

- ‌[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]

- ‌الإيضاح

- ‌سورة النصر

- ‌[سورة النصر (110) : الآيات 1 الى 3]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة المسد

- ‌أسباب نزول هذه السورة

- ‌[سورة المسد (111) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الإخلاص

- ‌أسباب نزولها

- ‌[سورة الإخلاص (112) : الآيات 1 الى 4]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الفلق

- ‌[سورة الفلق (113) : الآيات 1 الى 5]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌سورة الناس

- ‌[سورة الناس (114) : الآيات 1 الى 6]

- ‌شرح المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌خاتمة التفسير

- ‌خاتمة الطبع

- ‌فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: منه فى حال الفقر والمسكنة، لأنه فى حال فقره لا

منه فى حال الفقر والمسكنة، لأنه فى حال فقره لا يتمنى إلا سلامة نفسه وأعضائه، أما فى حال الغنى فيتمنى ذلك ويتمنى سلامة مماليكه وأتباعه وأمواله.

ألا يعلم أنه راجع إلى ربه فمجازيه على ما يعمل؟ وقد بلغ من حمقه أن يأمر وينهى، وأنه يوجب على غيره طاعته، ثم هو بعد ذلك يعرض عن طاعة ربه.

أما ينبغى له أن يهتدى ويشتغل بأمر نفسه؟ فمن كان ذا عقل ورأى وثروة وجاه وأعوان، واختار الهدى، وتخلق بأخلاق المصلحين، كان ذلك خيرا له، وأجدى.

وإنا لننكلنّ به نكالا شديدا فى العاجلة، ونهيننّه يوم العرض والحساب، وليدع أمثاله من المغرورين، فإنهم لن يمنعوه، ولن ينصروه ثم ختم السورة بأمره بالتوفر على عبادة ربه فعلا وإبلاغا للناس، مبتغيا بذلك القربى منه.

‌الإيضاح

(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) أي حقا إن أمر الإنسان لعجيب فإنه متى أحسّ من نفسه قدرة وثروة خرج من الحد الذي يجب أن يكون عليه، واستكبر عن الخشوع لربه، وتطاول بأذى الناس، وعدّ نفسه فوقهم جميعا، وقد كان من حقه أن يكون وإياهم أعضاء أسرة واحدة يتعاونون فى السراء والضراء.

ويحب الخير لهم كما يحب لنفسه.

روى البخاري: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» .

وروى عن علىّ فى نصيحته لابنه الحسن: أحب الخير لغيرك كما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها.

وقد حكم على الإنسان باعتبار الأعم الأغلب فى أفراده، وإلا فإن الغنى والقوة فى أيدى الأتقياء من وسائل الخير، وأفضل أسباب السعادة الدنيوية والأخروية،

ص: 202

لأنهم يستعملونهما فيما يرضى ربهم، ويعود عليهم بالنفع فى دينهم ودنياهم.

ثم حذر من الطغيان وأنذر من عاقبته، وأبان أن ما بيد الطاغي عارية، وليست نفسه بباقية، وأن مرجع الأمر كله لله فقال:

(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى)

أي إن المرجع إلى ربك وحده، وهو مالك أمرك وما تملك، وسيتبين لك عظيم غرورك حينما تخرج من هذه الحياة، وتظهر فى مظهر الذل، وتحاسب على كل ما اجترحته فى حياتك الأولى، قلّ أو كثر، عظم أو حقر كما قال:«وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ» .

ثم أعقب ما تقدم بالوعيد والتهديد والتعجيب فقال:

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى) أي أخبرنى عن حال هذا الأحمق، فإن أمره لعجب، فقد بلغ به الكبر والتمرد والعناد أن ينهى عبدا من عبيد الله عن صلاته ويعتقد أنه يجب عليه طاعته، وهو ليس بخالق ولا رازق، فكيف يستسيغ ذلك لنفسه، ويعرض عن طاعة الخالق الرازق.

وقد روى أن عليا كرم الله وجهه رأى قوما يصلون قبل صلاة العيد فقال:

ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فقيل له: ألا تنهاهم؟ فقال: أخشى أن أدخل تحت قوله تعالى: «أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى» .

(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) أي أخبرنى عن حال ذلك الطاغية لو تخلق بأخلاق المصلحين، ودعا إلى البر وتقوى الله، أما كان ذلك خيرا له من الكفر به والنهى عن طاعته، فإن ذلك يفوّت عليه أعلى المراتب، ويجعله فى أحط الدركات وأدناها.

ص: 203

والخلاصة- أما كان الأفضل له أن يهتدى ويهدى غيره إلى خصال البر والخير، وقد كانت هذه حال النبي صلى الله عليه وسلم فعمله كان إما فى إصلاح نفسه بالعبادات من صلاة وصيام وغيرهما، وإما فى إصلاح غيره بأمره بالتقوى ودعائه إليها.

(أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى) أي أنبئنى عن حال هذا الكافر، إن كذب بدلائل التوحيد الظاهرة. وأمارات القدرة الباهرة، وأعرض عن دعوتك والاستماع لهديك، ودعا الناس إلى مثل ذلك أفلا يخشى أن تحل به قارعة، ويصيبه من عذاب الله ما لا قبل له باحتماله؟ ألا عقل له يرشده إلى أن خالق هذا الكون مطلع على عمله، وأنه حكيم لا يهمل عقابه، وأنه سيؤاخذه بكل ما اقترف من جرم؟

ولا يخفى ما فى هذا من تهديد وتخويف للعصاة والمذنبين.

ثم زاد فى الزجر والوعيد فقال:

(كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) أي لا يستمرنّ بهذا الكافر جهله وغروره وطغيانه، قسما لئن لم ينته عن هذا الطغيان، ويكفّ عن نهى المصلى عن صلاته لنأخذن بناصيته ولنذيقنه العذاب الأليم.

ألا إن تلك الناصية لكاذبة لغرورها بقوتها، مع أنها فى قبضة خالقها، فهي تزعم ما لا حقيقة له، وإنها لخاطئة، لأنها طغت وتجاوزت حدها، وعتت عن أمر ربها.

ونسبة الكذب والخطيئة إلى الناصية، والكاذب والمخطئ صاحبها، من قبل أنها مصدر الغرور والكبرياء.

وقد أمر هذا الكافر على ضرب من التهكم والتوبيخ بأن يدعو أهل الدفاع من قومه وذوى النجدة والبطش لينقذوه مما سيحل به فقال:

(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ. سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) أي فليجمع أمثاله ممن ينتدى معهم ليمنع المصلين المخلصين، ويؤذى أهل الحق الصالحين، فإنه إن فعل ذلك تعرض لسخط

ص: 204