الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
المساقاة:
دَفْعُ شَجَرٍ مَغْرُوسٍ مَعْلُومٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ من ثَمَرُهُ
باب المساقاة
مفاعلة من السقي؛ لأنه أهم أمرها بالحجاز.
قوله: (دفع شجر) لا ما يتكرر حمله، بل مزارعة. قوله:(معلوم) أي: بالمشاهدة لهما أو الصفة التي لا يختلف الشجر معها، كالبيع، هكذا في "المغني" و "شرح المنتهى" وغيرهما، والمراد: كما يصح البيع بالوصف؛ لما تقدم من أنه خاص بما يصح السلم فيه. قاله في "شرح الإقناع". فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (معلوم) أي: فلا يصح على أحد هذين الحائطين. قوله: (له ثمر) فلا يصح على نحو حور وصفصاف؛ لأنه لا ثمر له. قوله: (مأكول) عمومه يشمل ما لو كان الثمر موجوداً لكنه لم يكمل.
قاله المصنف: قال في "الإقناع": فإن بقي من العمل ما لا تزيد به الثمرة، كالجذاذ ونحوه، لم يصح، أي: عقد المساقاة.
فائدة: فسر صاحب "الإقناع" المساقاة بما فسر به المصنف المناصبة، وبما فسر به المصنف المساقاة أيضا. قال في "شرحه": فعلمت أن المساقاة أعام من المناصبة. انتهى.
وَالْمُنَاصَبَةُ. الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ بِلَا غَرْسٍ مَعَ أَرْضٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَرِهِ أَوْ مِنْهُمَا وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ. أَوْ مَزْرُوعٍ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصَّلِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ عَاقِدِ كُلٍّ نَافِذَ التَّصَرُّفِ وَتَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِهَا ومُعَامَلَةٍ وَمُفَالَحَةٍ. واعْمَلْ بُسْتَانِي هَذَا
قوله: (لمن يغرسه ويعمل عليه) ويقوم بمصالحه من سقي وغيره.
قوله: (من ثمره) أي: تلك السنة، لا منه، ولا بآصع أو دراهم، أو من بستان آخر. قوله:(بلا غرس) علم منه: أنه لا بد من كون الغرس من رب الأرض. قوله: (منه) أي: من عين الشجر، والثمرة تابعة للأصل، وبهذا يخالف الصورة الثالثة. قوله:(أو منهما) أي: لا من شجر وأرض.
قوله: (من المتحصل) أي: لا منه ومن الأرض، وكذا المضاربة. قوله: (ويعتبر
…
إلخ) أي: للثلاثة. قوله: (نافذ التصرف) وهو الحر، المكلف، الرشيد. قوله: (وتصح مساقاة بلفظها
…
إلخ) أي: وكذا يصح قبول بما يدل عليه من قول وفعل، فشروعه في العمل قبول. قوله:(ومفالحة) يقال: فلح الأرض: شقها، وبابه: نفع. قوله: (و: اعمل بستاني هذا) يعني: حتى تكمل ثمرته على النصف مثلا.
وَنَحْوِهِ ومَعَ مُزَارَعَةٍ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وعَلَى ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ مَوْجُودَيْنِ يَنْمِيَانِ بِعَمَلٍ وَتَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى وبِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ أَوْ غَيْرِهِ
قوله: (ونحوه) أي: من كل لفظ يؤدي معناها. قوله: (بلفظ إجارة) كأستأجرتك لتعمل على هذا البستان حتى تكمل ثمرته بثلثها، أو استأجرتك لتزرع هذا الحب بهذه الأرض، وتعمل عليه حتى يتم بالربع ونحوه؛ لأن هذا اللفظ مؤد للمعنى. قوله:(بعمل) هذا تصريح بما فهم من عموم الحد، كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله: (وتصح إجارة أرض
…
إلخ) هذه حقيقة، خلافاً لأبي الخطاب.
قوله: (بجزء مشاع) لا بآصع معلومة مما يخرج منها. قوله: (فإن لم تزرع
…
إلخ) قلت: أو زرعت فلم تنبت. قاله الشيخ منصور البهوتي.
قوله: (نظر إلى معدل المغل) من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: إلى المغل المعدل، أي: الموازن لما يخرج منها لو زرعت. قوله: (المسمى) أي: منه، فإن فسدت، فأجرة المثل. قوله:(بطعام) أي: وإجارة أرض بطعام.
قوله: (من جنس الخارج) لا منها، كما تقدم.
وَلَوْ عَمِلَا فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ أَوْ كُلِّهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إنْ شَرَطَ الْكُلَّ لَهُ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ مُسَاقَاةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ وَيَصِحُّ إلَى جِذَاذٍ وإدْرَاكٍ. ووَمَتَى انْفَسَخَتْ وَقَدْ ظَهَرَ ثَمَرٌ فبَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ وَعَلَى عَامِلٍ تَمَامُ الْعَمَلِ
قوله: (بنصفه) أي: أو أقل؛ لأنه لم يجعل له شيء في مقابلة عمله، ولا شيء لعامل إذن؛ لتبرعه، وهذا نظير ما تقدم في شركة العنان إذا كان العمل من أحدهما ولم يشرط له أزيد من ربح ماله. فتدبر. قوله:(إن شرط الكل له) لأنه عمل بعوض لم يسلم له. كما لو قال: خذ هذه الألف مضاربة وجميع الربح لك، كما تقدم. قوله:(ولا يشترط) فإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالباً، فلم تحمل تلك السنة، فلا شيء للعامل؛ لأنه دخل على ذلك. قوله:(ويصح إلى جذاذ وإدراك ومدة تحتمله) أي: تحتمل إدراك الثمرة فيها. قوله: (فبينهما) حتى لو تلفت إلا واحدة. قوله: (وعلى عامل تمام العمل) يعني: إذا انفسخت بعد ظهور الثمرة بموت أحدهما، أو فسخه، ووارق العامل يقوم مقامه في الملك والعمل، فإن أبى وارث أن يأخذ ويعمل، لم يجبر، ويستأجر الحاكم من التركة من يعمل، فإن لم تكن تركة أو تعذرت، بيع من نصيب
_________
العامل ما يحتاج إليه تكميل العمل، واستؤجر من يعمله. ذكره في "المغني". وإن باع عامل أو وارثه نصيبه لمن يقوم مقامه، جاز لكن إن كان المبيع ثمراً، لم يصح إلا بعد بدو الصلاح، أو لمالك الأصل، وإن كان المبيع نصيب المناصب من الشجر، صح مطلقاً، وصح شرط عمل على مشتر كمكاتب بيع، فإن لم يعلم، فله الخيار بين فسخ وأخذ أرش. ذكر معناه في "الإقناع". وقال في محل آخر: وإذا ساقى رجلا أو زرارعه، فعامل العامل غيره على الأرض أو الشجر بغير إذن ربه، لم يجز. قال في "شرحه": كالمضارب لا يضارب في المال. انتهى. ولم يتعقبه بشيء، وأقول: ينبغي حمل هذا الأخير على ما إذا فعل ذلك قبل شروعه في العمل، وظهور الثمرة والزرع؛ وظهور الثمرة والزرع؛ لئلا يناقض ما تقدم من صحة إقامة غيره مقامه. فتدبر. ثم رأيته في "الإقناع" ذكر أنه لو أراد الزراع ترك العمل وبيع عمل يديه وما أنفق قبل ظهور الزرع، لم يجز، وهو يؤيد ما قلنا. فتدبر. قوله أيضاً على قوله: (وعلى عامل
…
إلخ) فإن حدثت ثمرة
الْمُنَقِّحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ دَوَامُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُنَاصَبَةِ وَلَوْ فُسِخَتْ إلَى أَنْ تَبِيدَ وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لِعَامِلٍ فَسَخَ أَوْ هَرَبَ قَبْلَ ظُهُورِ وَلَهُ إنْ مَاتَ أَوْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَإِنْ بَانَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ
أخرى بعد الفسخ، فلا شيء له فيها. منصور البهوتي.
قوله: (والواقع كذلك) لعله فيما إذا شرط جزء من الشجر، لا من الثمر وحده. قوله:(وله إن مات) أحدهما. قوله: (أجر عمله) أي: بخلاف المضاربة؛ لأن الربح لا يتولد من المال بنفسه، وإنما يتولد من العمل ولم يحصل بعمله ربح، والثمر متولد من عين الشجر وقد عمل على الشجر عملا مؤثراً في الثمرة مفضياً إلى ظهورها غالباً، فكان لعمله تأثير في حصول الثمر، وظهوره بعد الفسخ. ذكره ابن رجب في "القواعد".
فتدبر. قوله: (مستحقاً) أي: ملكاً أو وقفاً لغير المساقي بعد عمل عاملٍ فيه. قوله: (فله أجر مثله) أي: على الغاصب.
فصل
وعلى عامل مَا فِيهِ نُمُوٌّ أَوْ صَلَاحٌ لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ مِنْ سَقْيٍ وطَرِيقِهِ وَتَشْمِيسُ وَإِصْلَاحُ مَحَلِّهِ وحَرْثٍ وَآلَتِهِ وَبَقَرِهِ وَزِبَارٍ وَتَلْقِيحٍ
فصل فيما يلزم العامل ورب المال وغير ذلك
قوله: (وعلى عامل ما
…
إلخ) أي: في الثلاثة عند الإطلاق. قوله: (من) بيان لـ (ما). قوله: (سقي) أي: بماء حاصل لا يحتاج إلى حفر بئر، ولا إدارة دولابٍ، لا حفر بئر، أو تحصيل الماء بنحو شراء، فإنه على المالك، كما يأتي. قوله:(وطريقه) أي: إصلاح طريقه بكري وتنظيف. قوله: (وحرث) أي: وفعل حرث. قوله: (وزبار) الزبار، بكسر الزاي: تخفيف الكرم من الأغصان، وكأنه مولد. قاله في "الحاشية"، وقوله: مولد، أي: عربي غير محض. قال في "المصباح": رجل مولد بالفتح: عربي غير محض، وكلام مولد كذلك. انتهى. قوله:(وتلقيح) التلقيح: التأبير، وهو: وضع طلع ذكر النخل في طلع أنثاه. وذكر النخل يقال له: فحال، كتفاح،
وَقَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ وَتَفْرِيقُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ وَنَقْلِ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ لِجَرِينٍ وَحَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَلِقَاطٍ وَتَصْفِيَةُ وَتَجْفِيفُ وَحِفْظُ إلَى قِسْمَةٍ وَعَلَى رَبِّ أَصْلٍ حِفْظُهُ كَسَدِّ حَائِطٍ وَإِجْرَاءِ نَهْرٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ ودُولَابٍ وَمَا يُدِيرُهُ وَشِرَاءِ مَاءٍ ومَا يُلَقَّحُ بِهِ
وفحل، كفلس، ويجمع الأول على فحاحيل، والثاني على فحول وفحال، ومن جمعه على فحول قول الشاعر:
تأبري يا خيرة الفسيل
…
تأبري من حنذ فشولي
إذ ضن أهل النخل بالفحول
وللشعر قصة مذكورة في "المصباح"، فراجعه.
قوله: (مضر) يعني: بشجر أو زرع، وقطع شوك، وشجر يابس، وآلة ذلك، كالفأس ونحوه. قوله:(ونحوه) كزرع. قوله: (ولقاط) أي: لنحو قثاء وباذنجان.
قوله: (وتصفية) أي: لزرع. قوله: (وتجفيف) أي: لثمرة. قوله: (حفظه) أي: ما يحفظه. قوله: (وما يديره) من بهائم. قوله: (وما يلقح به) من طلع فحال ويسمى الكثر، بضم الكاف وسكون المثلثة وفتحها، كما في "الشرحين"،
وَتَحْصِيلُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ وَعَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا جِذَاذٌ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ عَلَى عَامِلٍ لَا عَلَى أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ وَيُتَّبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ
وفي "المصباح": والكثر: بفتحتين: الجمار: ويقال: الطلع، وسكون الثاء لغة. انتهى. ففيه أربع لغات. فتدبر.
قوله: "وتحصيل زبل" الزبل: السرجين، وهو الروث. قوله:(وسباخ) سبخت الأرض سبخا من باب: تعب، فهي: سبخة، ككلمة، أي: ملحة. "مصباح". قوله: (في الكلف) الكلف جمع كلفة. كغرف جمع غرفة، وهي: ما تحملته على المشقة، قال في "المصباح": التكاليف: المشاق، الواحدة: تكلفة أيضا، وكلفت في الأمر من باب: تعب: حملته على مشقة، وكلَّفته الأمر فتكلفه، كحملته فتحمل-وزنا ومعنى- على مشقة. انتهى.
قول: (السلطانية) قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: لمن له الولاية على المال أن يصرفه فيما يخصه من الكلف. كناظر الوقف والوصي والوكيل. قال: ومن لم يخلص مال غيره من التلف إلا بما أدى عنه. رجع به في أظهر قولي العلماء.
الْعُرْفُ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَكُرِهَ حَصَادٌ وَجِذَاذٌ لَيْلًا وَعَامِلٌ كَمُضَارِبٍ فِيمَا يُقْبَلُ أَوْ يُرَدُّ قَوْلُهُ فِيهِ ومُبْطِلٍ وجُزْءٍ مَشْرُوطٍ
قوله: (العرف) فيما عرف أخذه من رب المال، فهو عليه، وما عرف من العامل فعليه، وما طلب من قرية من وظائف سلطانية ونحوها، فعلى قدر الأموال، وإن وضعت على الزرع، فعلى ربه، وعلى العقار، فعلى ربه ما لم يشترط على مستأجر، وإن وضع مطلقًا، فالعادة. قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
فائدة: إذا فسخ العامل المزارعة قبل الزرع أو بعده قبل ظهوره، فلا شيء له، وليس له بيع ما عمل في الأرض، وإن أخرجه مالك، فله أجر عمله، وما أنفق في الأرض وبعد ظهور الزرع، له حصته وعليه تمام العمل، كالمساقاة. قوله:(ما لم يكن شرط) يعني: فيعمل به، وإن ساقاه على أرضٍ خراجية، فالخراج على رب المال، لأنه يجب على رقبةِ الأرض، أثمرت الشجرة أو لم تثمر، زرع الأرض أو لم يزرعها.
قوله: (ليلاً) نصا، ولعله لخشية حصول ضرر. قال المصنف: قوله: (وعامل
…
إلخ) في مساقاة ومزارعة. قوله: (فيما يقبل) كنفي تعد. قوله: (أو يرد قوله فيه) كدعوى دفع ثمرة وزرع لربهما. قوله: (ومبطل) كمجهول ودراهم.
فَإِنْ خَانَ فَمُشْرِفٌ يَمْنَعُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَامِلٌ مَكَانَهُ وَأُجْرَتُهُمَا مِنْهُ وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَلِمَالِكٍ قَبْلَ فَرَاغِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِهِ نَفْعٌ لِعَدَمِ بَطْشِهِ أُقِيمَ مَقَامَهُ أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ
قوله: (فإن خان) وتثبت بإقرار، أو بينة، أو نكول. قوله:(فمشرف يمنعه) يعني: أنه يضم إليه إذن من يمنعه الخيانة، ليحفظ المال، كالوصي إذا ثبتت خيانته تحصيلا للغرضين، كما سيأتي في الوصايا. قوله:(وأجرتهما) أي: المشرف والعامل مكانه. قوله: (وإن اتهم) أي: ولم تثبت. قوله: (ضم أمين) أي: إلى العامل المتهم. قوله: (من نفسه) أي: المالك. قوله: (لعدم بطشه) البطش: الأخذ بالعنف، وبطشت اليد: إذا عملت، وبابه: ضرب. والبطش هنا كناية عن القوة على العمل. قوله: (أقيم مقامه) يعني: إن عجز بالكلية. قوله: (أو ضم إليه) أي: إن ضعف.
فصل
وشرط علم بذر وقَدْرِهِ وَكَوْنُهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ ولَوْ عَامِلًا وَبَقَرُ الْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ
فصل في المزارعة
قوله: (وكونه من رب الأرض) أي: مالك عينها أو منفعتها، كالمستأجر، والموقوف عليه، وكذا من في يده أرض خراجية. كما صرح بذلك في "الإقناع". قال في "شرحه": وكذلك ينبغي في ناظر الوقف إذا رآه مصلحة. انتهى. والأجرة على المستأجر دون المزارع، وكذا الخراج على من هي في يده لا على المزارع، كما في المساقاة.
فائدة: لو كان البستان مشتملاً على ما تصح المساقاة عليه، وما لا تصح، صحت فيما يصح فقط، هذا ظاهر كلامهم في تفريق الصفقة، ويحتمل أن يقال: يدخل غيره تبعاً.
تتمة: لا شيء للعامل من غير الثمرة، كالجريد والليف والورق، ونحوه. قاله: في "حاشية الإقناع". قوله: (ولو عاملا) أي: ولو كان رب الأرض عاملا على الزرع في أرضه.
وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ بَذْرٍ مِنْ عَامِلٍ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ لَهُمَا أَوْ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَذْرِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَالْبَذْرِ مِنْ ثَالِثٍ أَوْ وَالْبَقَرِ مِنْ رَابِعٍ أَوْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْمَاءِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ شَرَطَ لِعَامِلٍ نِصْفَ هَذَا النَّوْعِ وَرُبُعَ لِآخَرَ وَجُهِلَ قَدْرُهُمَا أَوْ إنْ سَقَى سَيْحًا أَوْ زَرَعَ شَعِيرًا فالرُّبُعُ، وبِكُلْفَةٍ. أَوْ حِنْطَةً فالنِّصْفُ أَوْ لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَإِلَّا فالرُّبُعُ أَوْ أَنْ يَأْخُذ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ أَوْ: سَاقَيْتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ أُسَاقِيَك الْآخَرَ بِالرُّبُعِ فَسَدَتَا كَمَا لَوْ شَرَطَا
قوله: (ولا يصح كونه بذر
…
إلخ) حاصل ما ذكر المصنف من الصور الفاسدة في هذه المسألة سبع صور. قوله: (أو منهما) أي: من رب الأرض والعامل معاً. قوله: (ولا من أحدهما) أي: أحد المزارعين سواء عملا، أو أحدهما، أو غيرهما. قوله:(أو البذر من ثالث) أي: أو كون الأرض من واحد، والعمل من ثان، والبذر من ثالث. وقوله:(أو البقر من رابع) أي: زيادة على الثلاثة. قوله: (كما لو شرطا) أي: رب المال والعامل.
لأحدهما قفزانا أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ زَرْعَ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرِ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَمَنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ بِفَضْلٍ عَنْ حِصَّتِهِ صَحَّ مَنْ زَارَعَ أَوْ أَجَّرَ أَرْضًا وَسَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ بِهَا صَحَّ مَا لَمْ تَكُنْ
قوله: (معينة) وكذا لو شرط لأحدهما ما على السواقي أو الجداول، منفردًا أو مع نصيبه.
فائدة: لا يجوز أن يشرط على الفلاح شيئاً مأكولاً ولا غيره، من دجاج وغيرها التي يسمونها خدمة، ولا يجوز أخذه بشرطٍ ولا غيره، كما تقدم في القرض.
قوله: (والزرع) أي: إذا فسدت المزارعة. قوله: (أو الثمر) يعني: إذا فسدت المساقاة. قوله: (بفضلٍ) أي: كما تقدم نظيره في المساقاة وشركة العنان، حتى لو زارعه بقدر حصة العامل في الأرض، لم تصح، كما تقدم في المساقاة وشركة العنان، ولا شيء للعامل هنا لتبرعه، وإن زارعه بالكل، لم تصح أيضاً، وله أجرةُ المثل، لأنه عمل بعوض لم يسلم له. فتدبر.
حِيلَةً وَمَعَهَا إنْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَتَفْرِيقُ صَفْقَةٍ وَلِمُسْتَأْجِرٍ فَسْخُ
قوله: (ومعها) أي: مع الحيلة على بيع الثمرة قبل وجودها، أو قبل بدو صلاحها، بأن آجره الأرض بأكثر من أجرتها، وساقاه على الشجر بجزء من ألف جزء ونحوه، فيحرم ذلك، ولا يصح كل من الإجارة والمساقاة على ما في "الإقناع". وكذا على ما نقله المصنف عن "المنقح". قال في "الإقناع": سواء جمعا بين العقدين، أو عقدا واحدا بعد آخر، ومقتضى ما قدمه المصنف-رحمه الله أنه يصح في الإجارة، ويبطل في المساقاة، كما أفاده في "شرح الإقناع" ومتى قطع بعض الشجر المثمر-والحالة هذه- فإنه ينقص من العوض المستحق بقدر ما ذهب من الشجر، سواء قيل بصحة العقد أو فساده. قاله في:"الإقناع". قال في "شرحه": قاله الشيخ تقي الدين. قلت: مقتضى القواعد أنه لا يسقط من أجرة الأرض شيء إذا قلنا بصحتها، لأن الأرض هي المعقود عليها، ولم يفت منها شيء، وأما إذا فسدت، فعليه أجرة مثل الأرض، ويرد الثمرة، وله أجرة مثل عمله فيها، والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ الْمُنَقِّحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ عَقْدِ الْحِيلَةِ مُطْلَقًا
قوله: (وإلا) صحت، أي: الإجارة. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان فيه إبطال حق لآدمي أو لله تعالى، وسواء كان إجارة أو مساقاة، جمع بينهما في عقد أو فرقهما