المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٣

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

‌باب ميراث الغرقى وَمَنْ عَمِيَ مَوْتِهِمْ

إذَا عَلِمَ مَوْتَ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا فَلَا إرْثَ وَإِنْ جَهِلَ أَسْبَقَ هَلْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَا؟ أَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ، أَوْ جَهِلُوا عَيْنَهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ كُلٍّ سَبْقَ الْآخَرِ وَرِثَ كُلُّ مَيِّتٍ صَاحِبَهُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَوَّلًا يُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ فَفِي أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو يَصِيرُ مَالَ

باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

كالهدمى، أي: خفي حال موتهم تقدمًا، وتأخرا، ومعيَّةً.

قوله: (وإن جهل أسبق) أي: من حيث السبق؛ بأن لم يعلم هل سبق أحدهما الآخر، أو لا؟ قوله:(من تلادِ مالِه) أي: قديمه الذي مات وهو يملكه. قوله: (على الأحياء من ورثتِهِ) أي: ورثة الآخر، فتعمل للأحياء من ورثة هذا الآخرِ مسألةً، وتقابل بينها وبين سهام مورِّثهم، وتنزل مسألة الأحياء منزلة فريقٍ في المسألة، وسهم مورثهم كسهم ذلك الفريق، ثم تفعل ما يقتضيه التصحيح، وقد حصل بهذا قسم تلاد أحدهما على كل ورثته، وطريف الآخر على أحياء ورثته. قوله:(ثم يصنع بالثاني كذلك) أي: إذا أردتَ

ص: 558

_________

قسم تلاد الآخر على جميع ورثته، عملت مسألتَهم، ونظرت ما يخص الميت منها، فتقسمه على أحياء ورثته، وتنزل مسألتهم مع سهم مورثهم كفريق له سهم، كما تقدم. وحاصل الكلام في هذا المقام: أنَّه إذا مات جماعة بهدم ونحوه وجهل الأسبق، فإنك تفرض تقدم موت واحدٍ منهم، فتقسم ماله الأصلي على جميع من يرثه من الأحياء، ومن مات معه، فما حصل للأحياء، فلا إشكال فيه، وما حصل لواحد ممن مات معه، تقسمه على أحياء ورثته، أعني: ورثة الميت الذي ورثناه، وتجعل مسألتهم مع سهم مورثهم كفريق له سهم في المسألة، ثم تفعل كذلك فيما بقي من الموتى الوارثين أيضًا، وما آل الأمرُ إليه على قياس ما يقضتيه تصحيح المسائل، فهو مصحَّحُ مسألة واحد من الموتى، وقد علم به قسمة ماله على جميع ورثته، وقسم ما ورثه بعض الموتى على أحياء ورثته، ثم تنتقل إلى الميت الآخر، وتفرضه مات أولا، وتعمل فيه كعملك في الأول، وهكذا إلى آخر الموتى. وتوضيح ذلك بعمل المسألة التي ذكرها المصنف في قوله: (وفي زوج وزوجة وابنهما

إلخ) فتفرض مثلا: موت الزوج أولا، فورثته: زوجتان، وأم، وابن، مسألتهم من أربعةٍ وعشرين، وتصح من ثمانية وأربعين لزوجته الثمن ستة، لكل واحدة منهما ثلاثة، ولأمه السدس ثمانية، والباقي أربعة وثلاثون لابنه، ثم تنظر في نصيب زوجته الميتةِ -وهو ثلاثة- فتقسمه على أحياء ورثتها، أعني: أباها وابنها من غيره، ومسألتهما من ستة: للأب السدس، والباقي للابن، فتجعل هذه المسألة، أعني: الستة مع نصيب الزوجةِ.

ص: 559

كُلِّ وَاحِدٍ لِمَوْلَى الْآخَرِ

الثلاثة كفريق في مسألة الزوج: له ثلاثة، فترد الستة إلى وفقها اثنين وتحفظهما، ثم تنظر في نصيب الابن، أعني: الأربعة والثلاثين، فتقسمه على أحياء ورثته، أعني: أم أبيه، وأخاه لأمه، وعاصبه إن كان، فمسألته من ستة أيضًا، وتعتبر فيها ما تقدَّم، فتردها لوفقها ثلاثة، فمسألة الزوج، أعني: الثمانية والأربعين كأنَّ فيها فريقين، لأحدهما ثلاثة، وعدد الفريق ستة، وللآخر أربعة وثلاثون، وعدد الفريق ستة، فتضرب راجع أحد العددين في راجع الآخر، أعني: اثنين في ثلاثة بستة، وهي جزء السَّهم، فتضربها في الثمانية والأربعين، تكن مئتين وثمانية وثمانين، فلأمه ثمانية في ستة بثمانية وأربعين، ولزوجته الحية ثلاثة في ستة ثمانية عشر، ومثلها لورثة الميتةِ: لأبيها سدسها، وباقيها لابنها الحي، والباقي وهو مئتان وأربعة لورثة الابن: الجدة، والأخ لأم، والعاصب. هذا آخر قسم تلاد مال الزوج.

ثم نفرض أن الزوجة هي التي ماتت أولا، ورثتها زوج، وأب، وابنان، مسألتهم من اثني عشر، وتصح من أربعة وعشرين، فلزوجها ستة تقسم على أحياء ورثته، أعني: الزوجة الحية، وأمه، والعاصب إن كان، ومسألته من اثني عشر، توافق سهامهم بالسدس، فتردها إلى اثنين، ولابن الزوجة الميت سبعةٌ، تقسم على أحياء ورثته: الجدة، والأخ لام، والعاصب، ومسألته من ستة، وراجع مسألة الزوج داخل في الستة، فتضرب ستة في أربعةٍ وعشرين، تكن مئة وأربعةً وأربعين، هذا مصحح مسألة الزوجة،

ص: 560

وفِي زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنِهِمَا خَلَّفَ امْرَأَةً أُخْرَى وأُمًّا وَخَلَّفَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا، فمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لزوْجَته الْمَيِّتَةِ

أعني: الذي يقسم بها تلاد مالها، فلأبيها أربعة في ستة بأربعة وعشرين، ولابنها الحي سبعة في ستة باثنين وأربعين، ولورثة ابنها الميت مثل ذلك، لجدته سدسُها سبعة، ولأخته لأمه كذلك، والباقي للعاصب، ولورثة الزوج الأحياء نصيبه، ستة في ستةٍ بستةٍ وثلاثين، ومجموع ذلك هو المئة والأربعة والأربعون، وأما مسألة الابن التي يقسم بها تلاد ماله، فهي من ثلاثة، وذلك أنا نفرض موته قبل أبويه، فيرثانه فقط، ثم ثلث الأم يقسم على ورثتها الاحياء، كما تقدم، ومسألة ورثتها من ستة، وثلثا الأب على ورثته الأحياء من اثني عشر، كما تقدم أيضًا، فتردها لوفق نصيبه، وهو نصفها ستة، ثم تكتفي بأحد الستتين، فتضربها في ثلاثة، تكن ثمانية عشر، لورثة أمه ستة، ولورثة أبيه اثنا عشر، وعلى هذا فقس.

قوله: (وفي زوج وزوجة وابنهما

إلخ) اعلم: أن حاصل العمل في هذه المسألة الذي أشار إليه المصنف رحمه الله: أن تجعل لكلِّ واحد من الثلاثة مسألةً، تقسم بها تلاد ماله الذي كان في يده قبل الغرق ونحوه، وفي كل مسألةٍ من المسائل الثلاث تقدر من عدا صاحب المسألة من الأحياء والأموات معه وراثاً على حسب ما يتقضيه الإرث،

ص: 561

_________

فما حصل لأحياء وثته، لا إشكال فيه، فتبقيه بحاله، وما حصل للميت معه، تقسمه على أحياءِ ورثته، أعني: الأحياء من ورثة أحد الميتين، فتعمل مسألةً لورثته الأحياء، وتقابل بينهما وبين سهام ميته، فتجعل مسألة كفريق له سهام، فإن انقسم، فلا إشكال، وإن وافق، فرد المسألة إلى وفقها كما ترد الفريق إلى وفقه، وتبقى المسألة بحالها إن باينتها السهام، وتفعل كذلك في نصيب الميت الآخر. والحاصل: أنك تجعل مسألة كل من هذه المسألة كفريق له سهام؛ لأنهم بمنزلة مورثهم الذي هو أحد الميتين، ثم تتمم العمل المعهود في الكسر على فريقين فأكثر مثلا، وقد تمَّ عمل أحد المسائل الثلاث، ثم تفعل مثل ذلك في كل من الآخرين، فلذلك عمل المصنف للزوج مسألة، وتمم عمل ما آل إلى الزوجة والابن، ثم للزوجة مسألةً وتمم كذلك، ثم للابن مسألة كذلك. وتوضيحه أن تقول: نقدر موت الزوج أولا، وله من الورثة زوجتان وأم وابنٌ، فمسألته من أربعة وعشرين، وتصح من ثمانية وأربعين، لزوجتيه الثمن ستة، لكل منهما ثلاثة، ولأمه السدس ثمانية، ولابنه الباقي أربعة وثلاثون، فأما نصيب أمه وزوجته الحية، فلا إشكال فيهما، وأما نصيب زوجته الميتة، فتقسمه على الأحياء من ورثتها، أعني: أباها وابنها الحيين، وأما ابنها الميت، فلا شيء له من نصيبها من زوجها؛ لأنه ليس من تلاد مالها، بل من طريفه، وعلى هذا فقس.

ص: 562

ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ سُدُسٌ وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ تُرَدُّ مَسْأَلَتُهَا إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا بِالثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَلِابْنِهِ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأُمِّ أَبِيهِ سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ فاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةَ وَثَمَانِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْهَا مِنْ سِتَّةٍ فَدَخَلَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ وَلَا مُوَافَقَةَ وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ سِهَامِهِ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ

_________

ص: 563

وَإِنْ ادَّعَوْهُ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ تَعَارَضَتَا تَحَالَفَا وَلَمْ يَتَوَارَثَا فَفِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا. فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ثُمَّ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ وَقَالَ أَخُوهَا مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا حَلَفَ كُلٌّ عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَكَانَ مُخَلَّفُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمُخَلَّفُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَ وَرَثَةُ كُلٍّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا وَشَكُّوا، هَلْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَرِثَ مَنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ نَحْوِهِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ كَفَارِسٍ وَرِثَ مَنْ بِهِ مَنْ الَّذِي بِالْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الزَّوَالِ

قوله: (تحالفا) أي: حلف كل على ما أنكره من دعوى صاحبه، كما سيأتي.

ص: 564