المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الشُّفْعَةِ: اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعُ شِقْصِ شَرِيكِهِ مِمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٣

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌بَابُ الشُّفْعَةِ: اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعُ شِقْصِ شَرِيكِهِ مِمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ

‌بَابُ

الشُّفْعَةِ:

اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعُ شِقْصِ شَرِيكِهِ مِمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ

باب الشفعة

الشفعة بالضم، مشتقة من شفعت الشيء شفعا، من باب: ضرب ضممته إلى الفرد؛ لأن صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للملك المشفوع مثل اللقمة للملقوم، وتستعمل بمعنى التملك لذلك الملك. ومنه قولهم: من ثبتت له شفعة فأخر الطلب بغير عذر، بطلت شفعته. ففي هذا المثال جمع بين المعنيين، فإن الأولى للمال، والثانية للتملك، ولا يعرف لها فعل. انتهى. «مصباح». قوله:(استحقاق الشريك) أي: لا الجار، أي الشريك في ملك الرقبة ولو مكاتبًا. قوله: (شقص

إلخ) الشقص، بالكسر: السهم والنصيب. «قاموس» . قوله: (شريكه) أي: المنتقل عنه إلى غيره. قوله: (يعوض) متعلق بـ (انتقل) أي: بنحو بيع. قوله: (إن كان) أي: المنتقل إليه: (مثله) أي: مثل الشريك حين عقد؛ بأن يكونا مسلمين أو كافرين، أو المنتقل إليه دون الشريك؛ بأن يكون مسلمًا والآخر كافرًا، فلا شفعة لكافر على مسلم.

ص: 224

وَلَا تَسْقُطُ بِاحْتِيَالٍ وَيَحْرُمُ وَشُرُوطُهَا خَمْسَةٌ كَوْنُهُ مَبِيعًا،

قوله: (ولا تسقط باحتيال

إلخ) بأن يظهرا في العقد شيئا لا يؤخذ بالشفعة معه، ويتواطآ في الباطن على خلافه، كإظهار تواهب، أو زيادة ثمن، ونحوه. قال في «الفائق» قلت: ومن صور التحيُّل: أن يقفه المشتري، أو يهبه حيلة لإسقاطها، فلا تسقط بذلك عند الأئمة الأربعة. ويغلط من يحكم بهذا ممن ينتحل مذهب أحمد. وللشفيع الأخذ بدون حكم. انتهى. قال في القاعدة الرابعة والخمسين: هذا ظاهر. منصور. وإذا خالف أحدهما ما تواطآ عليه، فطالب صاحبه بما أظهره، لزمه في ظاهر الحكم. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه» قلت: إن لم تقم بينة بالتواطؤ، وله تحليف البائع أنه لم يتواطآ معه على ذلك. انتهى. ولا يحل في الباطن لمن غر صاحبه، الأخذ بخلاف ما تواطآ عليه. قاله في «الإقناع». وبخطه أيضاً على قوله:(باحتيال) أي: ويقبل قول مشترٍ بيمينه في عدمه، فتسقط.

قوله: (كونه مبيعاً) أي: حقيقة أو حكماً، فدخل صلحُ الإقرار، والجناية

ص: 225

فَلَا تَجِبُ فِي قِسْمِهِ وَلَا هِبَةٍ وَلَا فِيمَا عِوَضُهُ غَيْرُ مَالِيٍّ كَصَدَاقٍ وَعِوَضُ خُلْعٍ وصُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ وَلَا مَا أَخَذَ أُجْرَةً أَوْ ثَمَنًا فِي سَلَمٍ أَوْ عِوَضًا فِي كِتَابَةٍ الثَّانِي كَوْنُهُ مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ يَنْقَسِمُ إجْبَارًا فَلَا شُفْعَةَ لِجَارٍ فِي مَقْسُومٍ مَحْدُودٍ وَلَا فِي طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ لَا يَنْفُذُ

الموجبة للمال، وخرج مالو رجع الشقص لعاقد؛ لرده بنحو عيب؛ لأنه فسخ لا بيع. فتدبر. قوله:(فلا تجب في قسمة) إفراز، أو تراض. قوله:(ولا هبة) أي: بلا عوض. قوله: (ولا فيما عوضه غير مال) منه ما اشتراه ذمي بخمر، أو خنزير. قوله:(وعوض خلع) أو عتق، كأعتق عبدك عني بنصف دار. قوله:(عن قود) أي: ولو قلنا: الواجب في العمد أحد شيئين. ولو قال لأمِّ ولده: إن خدمت ولدي حتى يستغني، فلك هذا الشقص، فخدمته إلى الفطام، استحقته، ولا شفعة فيه، لأنه موصى به بشرط. قاله المصنف. قوله:(ولا ما أخذ أجرة) أي: أو جعالة. قوله: (كونه مشاعا) أي: غير مفرز. قوله: (من عقار) يعني: أرضا، وأما البناء والشجر، فتبع، كما سيجيء. قوله: (فلا شفعة

إلخ) مفرع على قوله (مشاعاً). قوله: (ولا في طريق) مفرع على قوله: (ينقسم إجبارا)

ص: 226

بِبَيْعِ دَارٍ فِيهِ وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ مُشْتَرٍ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ فَإِنْ كَانَ لَهَا بَابٌ آخَرُ وَأَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ لَهَا إلَى شَارِعٍ وَجَبَتْ وَكَذَا دِهْلِيزٌ وَصَحْنٌ مُشْتَرَكَانِ وَلَا فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ كَحَمَّامٍ صَغِيرٍ. وَبِئْرٍ وَطُرُقٍ وَعِرَاضٍ ضَيِّقَةٍ وَلَا فِيمَا لَيْسَ بِعَقَارٍ كَوَجَوْهَرٍ وَسَيْفٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُؤْخَذُ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ تَبَعًا لِأَرْضٍ،

قوله: (وجبت) أي: حيث أمكنت قسمته، كغيره. قوله:(وكذا) أي: فيما تقدم من التفصيل. قوله: (دهليز)، بكسر الدال: ما بين الباب والدار. قوله: (وصحن) أي: وسط الدار. قوله: (وبناء منفرد) فلو بيعت حصة من علو دار مشترك، فلا شفعة لصاحب السفل فيه، ولو كان السقف لهما، فإن كان السفل لهما والعلو لأحدهما، فباع رب العلو العلو ونصيبه من السفل، فللشريك الشفعة في السفل فقط دون العلو؛ لعدم الشركة فيه. قوله: (ويؤخذ غراس

الخ) وكذا نهر، وبئر، وقناة، ودولاب.

ص: 227

لَا ثَمَرٌ وَزَرْعٌ

الثَّالِثُ: طَلَبُهَا سَاعَةَ يَعْلَمُ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ لِطَهَارَةٍ أَوْ إغْلَاقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ أَوْ لِيَشْهَدَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ

قوله: (لا ثمر) ظاهر، فلو كان غير متشقق، دخل في الشفعة حيث أخذه الشفيع قبل التشقق، وإلا فلمشتر مبقىً، كما يأتي.

قوله: (الثالث: طلبها ساعة يعلم) أي: إن لم يكن عذر، وإلا بطلت فإن قدر معذور على التوكيل فيطلب الشفعة، فلم يفعل، أو لقي المشتري في غير بلده، فلم يطالبه - سواء قال: إنما تركت المطالبة لأطالبه في البلد الذي فيه البيع، أو لا، أو نسي المطالبة، أو البيع، أو جهلا باستحقاقه لها - سقطت شفعته. وإن قال الشريك لشريكه: بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك، ففعل، ثبت لكل منهما فيما بيع من نصيب صاحبه. قوله أيضًا على قوله: (الثالث طلبها

إلخ) قال الحارثي: في جعل هذا شرطا إشكال، وهو أن المطالبة بالحق فرع عن ثبوت ذلك الحق، ورتبة الشرط متقدمة على المشروط، فالصحيح: أنه شرط لاستدامة الشفعة لا لأصلها. انتهى. قوله: (أو ليشهد الصلاة) ظاهره: ولو نفلا، كالكسوف،

ص: 228

يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ أَوْ مَنْ عَلِمَ لَيْلًا حَتَّى يُصْبِحَ مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ أَوْ لِ صَلَاةٍ وَسُنَنِهَا وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ أَوْ جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ أَوْ أُشْهِدَ بِطَلَبِهِ

والتراويح وقد يقال: قوله في «شرحه» هنا: أو أخره من علم، وقد دخل وقت مكتوبة ليشهد الصلاة في جماعة يفيد التخصيص بالفرض. ويؤيده قوله: كـ «الإقناع» : ويأتي بالصلاة بسننها. فتدبر، والله أعلم.

قوله: (ونحوه) كمن أخر ليرقع ثوبه، أو ليلتمس ضالته. قوله:(مع غيبة مشتر) أي: في جميع هذه الصور. قوله: (ولو مع حضوره) فإن قيل: ما الفرق بين هذه المسألة وبين قوله قبل: (أو ليشهد الصلاة في جماعة) حيث قيد في الأولى بغيبة مشتر، وهنا لم يقيد بها؟ أجيب بأن الفرق بينهما: أنه في الأولى علم قبل دخوله المسجد، فلا تلزمه بالسعي إلى مطالبته بالشفعة، بل يعذر بتحصيل الجماعة، وحيئنذ فلو كان المشتري حاضرًا، وجبت المطالبة، وإلا سقطت، بخلاف الثانية، فإنه لم يعلم بالبيع إلا وهو في المسجد، أو علم به خارجه، وقدم الجماعة؛ لغيبة المشتري، ثم اجتمعا في المسجد، فلا يلزمه في الصورتين الطلب، إلا بعد الإتيان بالصلاة مع سننها. فلتأمل. قوله: (أو أشهد بطلبه

إلخ) أي: فإن لم يشهد، سقطت. وظاهر كلامه.

ص: 229

غَائِبٌ أَوْ مَحْبُوسٌ لَمْ تَسْقُطْ وَتَسْقُطُ بِسَيْرِهِ فِي طَلَبِهَا بِلَا إشْهَادٍ لَا إنْ أُخِّرَ طَلَبُهُ بَعْدَهُ وَلَفْظُهُ أَنَا طَالِبٌ أَوْ مُطَالِبٌ أَوْ آخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ قَائِمٌ عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُفِيدُ مُحَاوَلَةَ الْأَخْذِ وَيَمْلِكُ بِهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَيُوَرَّثُ

كالموفق: أن الشفيع إذا كان ببلد المشتري غير محبوس، لا بد من توجهه له. وصرح به في «العمدة» ، فلا يكفي إشهاده بالطلب. وقال الحارثي: المذهب الإجزاء، وهو اختيار أبي بكر، وجزم به في «الإقناع» . منصور البهوتي.

قوله: (غائب) أي: عن بلدته ولو قدر على التوكيل فيه. قوله: (أو محبوسا) ظلما، أي: أو مريض لا مرضًا يسيرًا. قوله: (بلا إشهاد) أي: قبل سيره، ولو سار بسيرٍ معتاد. قوله:(ولفظه) أي: لفظ الطلب الذي يكون وسيلة المعذور إلى الأخذ بالشفعة أن يقول

إلخ. قوله: (أنا طالب) أي: للشفعة. قوله: (مما يفيد محاولة الأخذ) كتملكت المشفوع. قوله: (ويملك به) لأن البيع السابق سبب، فإذا انضمت إليه المطالبة، كان كالإيجاب في البيع إذا انضم إليه القبول. قوله:(فيصحُّ تصرفه) أي: تصرف الشفيع في الشقص المشفوع؛ لانتقال الملك فيه إليه بالطلب.

ص: 230

وَلَا تشْتَرَط رُؤْيَتُهُ لِأَخْذِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ أَخَّرَهُمَا عَجْزًا كَمَرِيضٍ

قوله: (ولا تشترط رؤيته

إلخ) أي: ولا معرفة ثمن أيضًا. خلافاً لما جزم به في «المبدع» ، ونقله في «الإنصاف» عن الموفق وقطع به في «الإقناع» ، لكن المصنف تابع «للتنقيح» لما تقدم في خطبته. قوله أيضاً على قوله:(ولا تشترط رؤيته) أي: مشاهدة ما منه الشقص المشفوع، أي: العقار، فلا يشترط ذلك قبل التملك، قطع به في «التنقيح» وغيره. قال المصنف: ولعل الأصحاب نظروا إلى كونها انتزاعًا قهريًا، كرجوع نصف الصداق المعين إلى ملك الزوج بطلاقه قبل الدخول، وإن لم يكن رآه، كما لو وكل إنسان آخر في شراء عبدٍ، وتزويج امرأةٍ، وإصداقِها إيَّاه ففعل، ولم يَرَهُ الموكل، ثم طلقها قبل الدخول. انتهى. قوله:(وإن لم يجد من يشهده) أي: بأن لم يجد أحدًا، أو وجد من لا أهليَّة فيه، كالمرأة والفاسق، أو وجد مستوري الحالِ. قال في «تصحيح الفروع»: ينبغي

ص: 231

وَمَحْبُوس ظُلْمًا أَوْ لِإِظْهَارِ زِيَادَةَ ثَمَنٍ أَوْ نَقْصَ مَبِيعٍ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُهُ أَوْ لِتَكْذِيبِ مُخْبِرٍ لَا يُقْبَلُ فعَلَى شُفْعَتِهِ وَتَسْقُطُ إنْ كَذَّبَ مَقْبُولًا أَوْ قَالَ لِمُشْتَرٍ: بِعْنِيهِ أَوْ أَكْرَنِيهِ

أن يُشهدهما ولو لم يقبلهما الحاكم، أو وجد من لا يقدم معه إلى موضع المطالبة. قال في «المغني»: فإن وجد واحدًا لا أكثر، فأشهده، أو لم يشهده لم تسقط. انتهى. وردَّه الحارثي؛ بأن شهادة العدل يقضى بها مع اليمين.

قوله: (أو لإظهار زيادة ثمن) أو غير جنسه. قوله: (أو نقص مبيع) أي: لا زيادته. قوله: (أو لتكذيب مخبر

إلخ) فهم منه: أنه لو لم يكن يكذبه ولم يصدقه، كان على شفعته. وعبارة «الإقناع»: أو أخبره فلم يصدِّقه، أي: سواء كذبه أو لا، فهو على شفعته في الصورتين. قوله:(لا يقبل) أي: لفسقه. قوله: (وتسقط إن كذب مقبولا) أو لم يصدِّقه، أو صدَّق غير مقبول ولم يطلب فتسقط شفعته، كما جزم به في «الإقناع». قوله أيضا على قوله:(إن كذب مقبولا) أي: عدلا، ولا أنثى أو عبدًا. قوله:(أو قال لمشتر: بعنيه) أو هبنيه، أو ائتمني عليه، مثل ذلك ما لو قيل له:

ص: 232

أَوْ صَالِحْنِي أَوْ اشْتَرَيْتُهُ رَخِيصًا وَنَحْوَهُ لَا إنْ عَمِلَ دَلَّالًا بَيْنَهُمَا وَهُوَ السَّفِيرُ أَوْ تَوَكَّلَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ فَاخْتَارَ إمْضَاءَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ ضَمِنَ ثَمَنَهُ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ دَعَا لَهُ بَعْدَهُ وَنَحْوُهُ أَوْ أَسْقَطَهَا قَبْلَ بَيْعِ وَمَنْ تَرَكَ شُفْعَةَ مُوَلِّيهِ وَلَوْ لِعَدَمِ حَظِّ فَلَهُ إذَا صَارَ أَهْلًا الْأَخْذُ بِهَا

شريكك باع نصيبه من زيد، فقال: إن باعني زيد وإلا فلي الشفعة، فتسقط شفعته، كما قدمه الحارثي رحمه الله تعالى.

قوله: (أو صالحني) أي: أو قاسمني، أو اكتر مني. قوله:(ونحوه) كاشتريت غاليًا. قوله: (أو رضي) أي: أو أذن في البيع. قوله: (به) أي: بالبيع. قوله: (ونحوه) كرد سلامه. قوله: (ومن ترك شفعة موليه

إلخ) ولو أبا، أو على مجنون مطبق، أي: لا ترجى إفاقته، أي: أو صرح الولي بالعفو عنها، ثم إن عاد الولي، فأخذ بها، صحَّ إن كان أحظ.

واعلم: أنه يجب على الولي الأخذ بالشفعة حيث كان فيه حظ؛ بأن كان الشراء رخيصًا، أو بثمن المثل، أو للمحجور عليه مال يوفي الثمن منه، فإن ترك الولي إذن، فلا غرم عليه. وإلا يكن الأخذ حظ، كما لو غبن المشتري، أو كان الأخذ بها يحتاج إلى أن يستقرض ويرهن مال المحجور عليه، تعيَّن الترك، ولم يصح الأخذ. وأما المحجور عليه لفلس، فله الأخذ

ص: 233

الرابع: أَخْذُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ فَإِنْ طَلَبَ بَعْضَهُ مَعَ بَقَاءِ الْكُلِّ سَقَطَتْ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ أَخَذَ بَاقِيَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَوْ اشْتَرَى دَارًا

والعفو، ولا يجبر على أخذ وإن كان فيه حظ. وإن باع وصيٌّ أيتام نصيب أحدهم في شركة الآخر، فله الأخذ لذلك الآخر، فإن كان الوصي شريكاً، لم يأخذ لنفسه للتهمة، بخلاف مالو باع الوصي نصيب نفسه، فله الأخذ لليتيم إن كان حظ؛ لعدم التهمة. ولأب باع نصيب ولده أخذه بالشفعة؛ لأن له الشراء لنفسه من مال ولده. وإذا بيع شقص في شركة حملٍ، لم يكن لوليه أخذ قبل ولادته؛ لأنه لا يمكن تمليكه إذن بغير الوصية، فإذا ولد أخذ الولي إن كان حظ.

قوله: (الرابع أخذ

إلخ) قال الحارثي: هذا الشرط كالذي قبله من كونه ليس شرطا لأصل استحقاق الشفعة، فإن استحقاق الجميع أمر يتعلق بكيفية الأخذ، والنظر في كيفية الأخذ فرع استقراره، فيستحيل جعله شرطاً لثبوت أصله. قال: والصواب أن يجعل شرطاً للاستدامةِ، كما الذي قبله. نقله في «حاشية الإقناع». قوله:(مع بقاء الكل) أي: لم يتلف من المبيع شيء. قوله: (وإن تلفَ بعضُه) أي: ولو بفعل الله تعالى، كمطر. قوله:(بحصته) ومع بقاء صورة المبيع ونقصه، كانشقاق حائط وبوران أرض، ليس له الإ الأخذ بكل الثمن أو الترك. قوله:(فلو اشترى دارا) أي: شقصا منها.

ص: 234

بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَابَهَا أَوْ هَدَمَهَا، فَبَقِيَتْ بِأَلْفٍ أَخَذَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ بَيْنَ شُفَعَاءَ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ وَمَعَ تَرْكِ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ وَكَذَا إنْ غَابَ وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْضُ ثَمَنِهِ لِيَحْضُرَ غَائِبٌ فَإِنْ أَصَرَّ فَلَا شُفْعَةَ، وَالْغَائِبُ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا أَخَذَ بِحِصَّتِهِ،

قوله: (على قدر أملاكهم) أي: كمسائل الرد. قوله: (ومع ترك البعض

إلخ) أي: بعض الشركاء، وكذا لو أخذ بها أحد الشركاء، ثم رد ما أخذه بعيب، توفرت الشفعة على بقية الشركاء، فيأخذوا الكل أو يتركوا إن كان قبل أخذهم. قوله:(لم يكن الباقي) أي: من الشركاء. قوله: (وكذا إن غاب) البعض، أي: أصر على تأخيره فلا شفعة، كما لو أبى أخذ جميع المبيع. قوله:(والغائب على حقه) فإذا قدم ثان بعد أخذ أول، فإن شاء أخذ، وإن شاء عفا، وإن خرج الشقص مستحقا بعد أخذ الثاني مثلاً، فالعهدة على المشتري لا على الأول. قوله:(من غلته) كثمرٍ وأجر.

قوله: (أخذ بحصته) يعني: أن المشتري حيث كان شريكاً في العقار قبل الشراء،

ص: 235

فَإِنْ عَفَا لِيُلْزِمَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِشَفِيعٍ فِيمَا بِيعَ عَلَى عَقْدَيْنِ الْأَخْذُ بِهِمَا وبِأَحَدِهِمَا وَيُشَارِكُهُ مُشْتَرٍ إذَا أَخَذَ بالثَّانِي فَقَطْ وَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ حَقَّ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٌ حَقَّ اثْنَيْنِ أَوْ شِقْصَيْنِ مِنْ عَقَارَيْنِ صَفْقَةً فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا وأَخْذُ الشِّقْصَيْنِ وأَخْذُ شِقْصٍ بِيعَ مَعَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ بِحِصَّتِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا الْخَامِسُ: سَبْقُ مِلْكِ شَفِيعٍ لِلرَّقَبَةِ

فإنه يستقر ملكه على ما يقابل ما كان له، فلا ينتزع منه، وإلا فلا شفعة له على نفسه. فتدبر.

قوله: (فإن عفا) مشتر عن شفعته، كحاضرٍ أخذ بالشفعة عفا لغائب قدم. قوله:(على عقدين) وكذا أكثر، فإذا أخذ بغير الأول، فلسابقٍ مشاركته. قوله:(بالثاني) لا بهما أو بالأول فقط. قوله: (وإن إشترى اثنان

إلخ) أو واحد لنفسِه أو لغيره بوكالة أو ولاية حق واحد. قوله: (وأخذ شقص

إلخ) أي: مشفوعٍ. قوله: (على قيمتيهما) أي: الشقصين، أو الشقص وما معه. قوله: (سبق ملك

إلخ) أي: ببينة أو إقرار مشترٍ، فلا تكفي اليد. قوله:(للرقبة) أي: لجزء من رقبة ما منه الشقص المبيع.

ص: 236

فَيثبُتُ لِمُكَاتَبٍ لَا لِأَحَدِ اثْنَيْنِ اشْتَرَيَا دَارًا صَفْقَةً عَلَى الْآخَرِ ولَوْ مَعَ ادِّعَاءِ كُلٍّ السَّبْقَ وَتَحَالَفَا أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتُهُمَا وَلَا بِمِلْكٍ غَيْرِ تَامٍّ كَشَرِكَةِ وَقْفٍ أَوْ الْمَنْفَعَةِ. كَبَيْعِ شِقْصٍ مِنْ دَارٍ مُوصًى بِنَفْعِهَا لَهُ فَصْلٌ

وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ مَشْفُوعٍ بَعْدَ طَلَبِ بَاطِلٌ،

قوله: (كشركة وقف) ولو على معينٍ، ولا ينقض حكم حنبلي بثبوت الشفعة فيه، كالوقف على النفس وإجازة المشاع؛ لعدم مخالفته لنص إمامه، بخلاف ما لو حكم بعدم وقوع الثلاث المجموعة؛ لمخالفة نص إمامه. هذا معنى ما أفتى به المصنف قال: وسواء كان حاكمه يصلح للقضاء أو لا يصلح، على ما اختاره الموفق والشيخ تقي الدين وجماعة. قال في «الإنصاف» عن هذا القول: وهو الصواب، وعليه عمل الناس من مدد ولا يسع الناس غيره، وهو قول أبي حنيفة ومالكٍ.

قوله: (وتصرف مشتر) أي: ولو على معين. قوله: (باطلٌ) أي:

ص: 237

وقَبْلَهُ بِوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِمَا لَا تَجِبُ بِهِ شُفْعَةٌ ابْتِدَاءً كَجَعْلِهِ مَهْرًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ يُسْقِطُهَا لَا بِرَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ وَيَنْفَسِخَانِ بِأَخْذِهِ

ويحرم تصرف مشتر بعدَه، لانتقال الملك إلى الشفيع بالطلب في الأصحِّ، أو الحجر عليه به لحق الشفيع على مقابلة، فإن نهى الشفيع المشتري عن التصرف ولم يطالبه بها، لم يصر المشتري ممنوعًا، بل تسقط الشُّفعة على قولنا بالفورية، كما هو صحيح.

قوله: (بوقف) أي: على معين أو غيره. منصور البهوتي. قوله: (أو هبةٍ) أي: بلا عوض، ولو قبل قبضٍ، أو وصية قبلت قبل طلب، وإلا بطلت الوصية، ودفع شفيع الثمن لورثة الموصي لا للموصى له. قوله: (أو بما لا تجب

إلخ) عطفُ عام على خاص. قوله: (أو عوضا في خلع) أي: أو خلاف أو عتق. قوله: (أو صلحا) بمعنى اسم المفعول. قوله: (يسقطها) أي: إن لم تكن حيلة، كما تقدم، وهو خبر المبتدأ. وهو قوله: (وتصرف مشتر

إلخ). وقوله: (قبله بوقف) عطف على قوله: (بعد طلب). والحاصل: أن المبتدأ أخبر عنه بخبرين مرتبين على قيدين مختلفين. فتأمل. قوله: (وينفسخان) أي: الرهن والإجارة. قوله: (بأخذه) أي: الشفيع الشِّقص لسبق حقِّه حقهما،

ص: 238

وَإِنْ بَاعَ أَخَذَهُ شَفِيعٌ بِثَمَنِ أَيْ: الْبَيْعَيْنِ شَاءَ وَيَرْجِعُ مَنْ أُخِذَ الشِّقْصُ مِنْهُ بِبَيْعٍ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا أَعْطَاهُ

ولخروج الشقص من يد المشتري قهرًا، بخلاف البيع، ولاستناد الآخذ إلى حال الشراء. وإن وصى بالشقص، فإن أخذ شفيعٌ قبل قبول، بطلت الوصية، واستقر الأخذ، وكذا لو طلب ولم يأخذ، ويدفع الثمن إلى الورثة. وإن قبل موصى له قبل أخذ قبل أخذ شفيع وطلبه، بطلت الشفعة، وإن ارتدَّ وقتل أو مات، فلشفيع الأخذ من بيت المال، والمطالب بالشفعة وكيل بيت المال، انتهى. منصور البهوتي.

قوله: (أي البيعين شاء) وكذا لو تعددت البيوع. قوله: (ويرجع

إلخ) أي: فلو أخذ شفيعٌ بالبيع الأول، رجع المشتري الثاني على الأول، والثالث على الثاني، وهكذا، وينفسخ ما بعد البيع الأول، وإن أخذ بالأخير، فلا رجوع، واستقرَّت العقود، وإن أخذ بالمتوسط، استقر ما قبله وانفسخ ما بعده، فلو اشتراه الأول بعشرة أرادب شعيرٍ، والثاني بعشرة أرادب فول، والثالث بعشرة أرادب قمح، فإن أخذ الشفيع من الأول، دفع له الشعير، ويرجع كل من الثاني والثالث على بائعه بما دفع له، وإن أخذ من الثاني، دفع له الفول ورجع، وإن أخذ من الثالثِ، دفع له القمح، ولا رجوع لأحدٍ منهم على غيره. قوله:(بما) أي: بثمن.

ص: 239

وَلَا تَسْقُطُ بِفَسْخِ لِتَحَالُفٍ وَيُؤْخَذُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بَائِعٌ وَلَا بِإِقَالَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فِي شِقْصٍ وفِي ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ أَخْذِهِ بِهَا يُسْقِطُهَا لَا بَعْدَهُ

قوله: (ولا إقالة

إلخ) يعني: أنه إذا فسخ البيع بعيبٍ في الشقص، أو إقالة، ثم علم الشفيع، فله الأخذ بها، فينقض فسخه، ويؤخذ بما وقع عليه العقد، وإن أخذ الشفيع الشقص ثم ظهر على عيبٍ لم يعلماه، فله رده على المشتري، أو أخذ أرشه والمشتري على البائع كذلك، وأيهما علم به قبل العقد أو بعده لم يرده، ولكن إذا علم الشفيع وحده، فلا رد للمشتري، وله الأرش. وإن ظهر الثمن المعين مستحقًا، فالبيع باطل ولا شفعة، وإن ظهر بعضه مستحقًا، بطل فيه فقط، وثبت الشفعة في باقيه، وكذا لو كان الثمن نحو مكيل تلف قبل قبضه وقبل أخذٍ، فلا شفعة، ولا تصح إقالة بائع وشفيع. قوله:(المعين) كهذا العبد، فوجده أصم مثلا وفسخ، وغير المعين لا يمنع، كالشقص. والفرق بين العيب في الثمن المعين، والعيب في الشقص - حيث أسقط الفسخ في الأول الشفعة دون الفسخ في الثاني - أن في صورة عيب الثمن المعين حق البائع في استرجاع الشقص، ولا يحصل مع الأخذ، بخلاف ما إذا كان العيب في الشقص، فإن حق المشتري في استرجاع الثمن، وقد حصل له من الشفيع، فلا فائدة له في سقوط الشفعة، ولا ضرر عليه في ذلك. قوله:(يسقطها) خبر لمحذوف.

ص: 240

وَلِبَائِعٍ إلْزَامُ مُشْتَرٍ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَبِتَرَاجُعِ مُشْتَرٍ وَشَفِيعٍ بِمَا بَيْنَ قِيمَةِ وَثَمَنِهِ فَيَرْجِعُ دَافِعُ الْأَكْثَرِ بِالْفَضْلِ وَلَا يَرْجِعُ شَفِيعٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِأَرْشِ عَيْبٍ فِي ثَمَنٍ عَفَا عَنْهُ بَائِعٌ وَإِنْ أَدْرَكَهُ شَفِيعٌ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِزَرْعِ مُشْتَرٍ، أَوْ ظَهَرَ ثَمَرٌ أَوْ أُبِّرَ طَلْعٌ وَنَحْوِهِ فلَهُ وَيَبْقَى لِحَصَادٍ وجُذَاذٍ وَنَحْوِهِ بِلَا أُجْرَةٍ

قوله: (ولبائع) فسخ بعد أخذ شفيع. قوله: (بقيمةِ شقصه) لفواته عليه بيده. قوله: (بما بين قيمة

إلخ) أي: قيمة شقصٍ. قوله: (بالفضل) فإذا كانت قيمة الشقص مئةً، وقيمة العبد الذي هو الثمن مئة وعشرين، وكان المشتري أخذ المئة والعشرين من الشفيع، رجع الشفيع عليه بالعشرين؛ لأن الشقص إنما استقر عليه بالمئة. قوله:(عفا عنه بائع) فإن أخذ بائع أرشه، لم يرجع مشتر على شفيع أعطاه قيمة العبد مثلا سليما، وإلا رجع. قوله:(وإن أدركه) أي: المشفوع. قوله: (أو ظهر ثمر) أي: بعد شرائه. قوله: (أو أبر طلع) فلو كان موجودًا حين عقد بلا تأبير، ثم أبر قبل أخذ شفيع، فكذلك لمشتر مبقى، لكن يأخذ شفيع أرضا ونخلا بحصتهما من ثمن؛ لفوات بعض ما شمله عقد البيع عليه، والمراد بالتأبير: لازمه، وهو: التشقق مجازًا، ومن هنا علم: أن الطلع قبل التأبير زيادة متصلة، بخلاف نحو كثر، فلشفيع. قوله:(ونحوه) كظهور لقطة من نحو قثاء. قوله: (ونحوه) كلقاط. قوله: (بلا أجرةٍ) أي: على مشترٍ لشفيع.

ص: 241

وَإِنْ قَاسَمَ مُشْتَرٍ شَفِيعًا أَوْ وَكِيلَهُ زِيَادَةَ ثَمَنٍ وَنَحْوَهُ ثُمَّ غَرَسَ أَوْ بَنَى لَمْ تَسْقُطْ وَلِرَبِّهِمَا أَخَذَهُمَا وَلَوْ مَعَ ضَرَرِ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصًا بِقَلْعٍ فَإِنْ أَبَى فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ حِينَ تَقْوِيمِهِ أَوْ بِقَلْعِهِ وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَبَى فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَخَذَهَا وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِنْ بَاعَ شَفِيعٌ

قوله: (أو وكيله) أي: أو وليَّه؛ لكونه محجورًا عليه، ولا حظ فيها، ثم بلغ. قوله:(أو بنى) أي: فيما خرج له بالقسمة. قوله: (ولو مع ضرر) أي: لأرضٍ. قوله: (ولا يضمن نقصًا) أي: في أرض ولا تسوية حفر. قوله: (حين تقويمه) لا بما أنفق، زاد على القيمة أو نقص، فتقوم الأرض مغروسة أو مبنية، ثم تقوَّم خالية، فما بينهما فقيمة غراسٍ وبناءٍ. قوله:(من قيمته) أي: المذكورة. قوله: (وإن حفر بئرًا

إلخ) أي: مشتر لإظهار زيادة ثمنٍ ونحوِه، أو قاسم، كما تقدَّم، وحفر في نصيبه. قوله:(أخذها) يعني: شفيع.

قوله: (وإن باع شفيع

إلخ) اعلم: أنه إذا باع الشفيع جميع حصته بعد علمه ببيع شريكه، فإن شفعته تسقط، فإن باع بعض حصته عالماً، ففي سقوط الشفعة وجهان: أصحهما عند الحارثي: عدم السقوط؛ لقيام المقتضي وهو الشركة، ومفهوم كلام «الإقناع» السقوط، وللمشتري الأول الشفعة

ص: 242

شِقْصَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ فعَلَى شُفْعَتِهِ وَتَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ فِي ذَلِكَ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ شَفِيعٍ لَا بَعْدَ طَلَبِهِ أَوْ إشْهَادٍ بِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ كُلِّهِمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ فَإِنْ عَدِمُوا فَلِإِمَامٍ الْأَخْذُ بِهَا

فَصْلٌ

وَيَمْلِكُ الشِّقْصَ شَفِيعٌ

على الثاني؛ لأنه شريك في الرقبة، سواء أخذ منه ما اشتراه أو لم يؤخذ، أشبه المالك الذي لم تسحتقَّ عليه شفعةٌ.

قوله: (شقصه) أي: أو بعضه. قوله: (قبل علمه) لا بعده. قوله: (في ذلك) أي: الذي باعَه الشَّفيع كلا أو بعضاً. قوله: (بموت شفيع) أي: قبل طلبٍ مع قدرة، أو إشهاد مع عذر. قوله:(وتكون لورثته) اعلم: أنه حيث لم يستقر الملك قبل الموت، فعفا بعضُ الورثة، فليس للباقي إلا أخذ الكل أو الترك. فتدبر. قوله:(كلهم) ولو زوجًا، ومولى، وذوي أرحام. قوله:(فللإمام الأخذ بها): حيث لم يدخل بملك شفيع مع حظ، فإن قيل: ظاهر قوله: (فللامام

إلخ): أن الإمام مخير في ذلك مع أنه واجب عليه، فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أنه مبني على أن الملك لا يثبت بالطلب. والثاني: أنه فيما إذا أشهد لو يطالب. وإذا جاز للإمام الأخذ مع عدم ثبوت الملك للشفيع، علم حكم ما إذا ثبت الملك قبل الموت، وهذا أظهر، والله أعلم.

قوله: (ويملك الشقص

إلخ) أي: بلا حكم حاكم، واعلم: أنه لا يلزم المشتري تسليم الشقص حتى يقبض الثمن؛ لأن الشفعة عقدٌ قهريٌّ

ص: 243

مُلِئَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ الْمَعْلُومِ، وَيَدْفَعُ مِثْلَ مِثْلِيٍّ وقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ مِثْلُ مِثْلِيٍّ فقِيمَتُهُ أَوْ مَعْرِفَةُ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ فقِيمَةُ شِقْصٍ وَإِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ وَلَا حِيلَةَ سَقَطَتْ فَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ ومَعَهَا فقِيمَةُ شِقْصٍ وَإِنْ عَجَزَ وَلَوْ عَنْ بَعْضِ ثَمَنِهِ بَعْدَ إنْظَارِهِ ثَلَاثًا فَلِمُشْتَرٍ الْفَسْخُ

بخلاف البيع، فإنه عن رضىً.

قوله: (مليء) أي: قادر على ثمنه. قوله: (بقدر ثمنه) أي: وجنسه وصفته، أي: الذي استقر عليه شراؤه به. انتهى. منصور البهوتي. قوله: (المعلوم) يعني: أن الشفعة إنما تتم إذا علم الثمن؛ لأنه شرط لصحتها، بل لاستدامتها، فمتى جهل سقطت. قوله:(مثل مثلي) أي: مثل ثمن مثله، كقرض من مكيل وموزون. قوله:(وقيمة متقوم) أي: ثمن متقوم وقت لزوم عقد. قوله: (فإن تعذر مثل مثلي) من مكيل وموزون لعدمه. قوله: (أو معرفة) المتقوم بنحو تلف. قوله: (سقطت) كما لو نسي.

قوله: (فإن اتهمه) أي: اتهم شفيع مشترياً. قوله: (حلَّفه) اي: أنه لم يفعله حيلة. قوله: (وإن عجز) من أبواب: ضرب، وقتل، وتعب، وأقواها أولها. قوله:(ثلاثاً) أي: ثلاث ليالٍ بأيامها من حين الأخذ. قوله: (فلمشتر الفسخ) بلا حاكم يعني: أن المشتري إذن يملك فسخ الأخذ بالشفعة، كبائع

ص: 244

وَلَوْ أَتَى بِرَهْن أَوْ ضَامِن وَمَنْ بَقِيَ بِذِمَّتِهِ حَتَّى فَلِسَ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخٍ أَوْ ضَرْبٍ مَعَ الْغُرَمَاءِ ومُؤَجَّلٍ كَحَالٍّ وَإِلَّا فإلَى أَجَلِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ كَفَلَهُ مَلِيءٌ وَيُعْتَدُّ بِمَا زِيدَ أَوْ حُطَّ زَمَنُهُ وَيُصَدَّقُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَلَوْ قِيمَةَ عَرْضٍ وفِي جَهْلٍ بِهِ وأَنَّهُ غَرَسَ أَوْ بَنَى إلَّا مَعَ بَيِّنَةِ وَتُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ مُشْتَرٍ

بثمن حال، فتعذر بلا حاكم، كالرد بالعيب.

قوله: (ولو أتى برهن) أي: محرزٍ. قوله: (أو ضامن) أي: مليء. قوله: (فلس) أي: حجر عليه الحاكم لفلسٍ. قوله: (بين فسخ) لأخذٍ بشفعة. قوله: (حل) قبل أخذ بشفعة. قوله: (كحال) أي: فيما تقدم. قوله: (إن كان مليئا) أي: قادرًا على الوفاء. قوله: (ويعتد) في قدر ثمن. قوله: (بيمينه) إذا اختلف هو وشفيعٌ، حيث لا بينة. قوله: (ولو قيمة

إلخ) أي: ولو كان الثمن قيمة عرض اشترى به الشِّقص، واختلفا في قيمته، وقد فُقد، وإلا عرض على المقومين. قوله:(وجهل) لجواز كونه صبرة أونسيئة. قوله: (أو بنى) وادعى شفيع أنه كان بها حال الشراء. قوله: (وتقدم) أي: بينة شفيع؛ لأنه خارج. قوله: (على بينة مشتر) ولا تقبل شهادة بائع لواحدٍ منهما؛ لأنه متهم.

ص: 245

وإنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ وَأَثْبَتَهُ بَائِعٌ بِأَكْثَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ أَيْ: الشِّقْصِ بِأَلْفٍ فَإِنْ قَالَ خَلَطْتُ أَوْ نَسِيتُ أَوْ كَذَبْتُ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَى شَفِيعٌ شِرَاءَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ اتَّهَبْتُهُ أَوْ وَرِثْتُهُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَنْكَرَ وَأَقَرَّ بَائِعٌ بِهِ وَجَبَتْ ويَبْقَى الثَّمَنُ الْأَخِيرَةِ إنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِقَبْضِهِ فِي ذِمَّةِ شَفِيعٍ حَتَّى يَدَّعِيَهُ مُشْتَرٍ وَإِلَّا أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ بَائِعٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَوْ ادَّعَى شَرِيكٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ،

قوله: (وأثبته) أي: الشراء. قوله: (أو أنكر) أي: مدعى عليه الشراء. قوله: (وجبت) أي: ثبتت لشفيعٍ. قوله: (إن أقر بائع بقبضه) وليس لشفيع ولا بائع محاكمة مشتر ومخاصمته؛ ليثبت البيع في حقِّه؛ لعدم الحاجه إليه؛ لوصول كل منهما إلى مقصوده بدون المحاكمة. ومتى ادَّعى بائع أو مشتر الثمن دفع له؛ لأنه لأحدهما، وإن ادَّعياه جميعًا، فأقر المشتري بالبيع، وأنكر البائع القبض، فهو لمشتر، ويطالب البائع حيئنذ المشتري بثمنه ما لم يثبت دفعه إليه. قوله:(وإلا) أي: وإلا يكن بائع في الأخيرة أقر بقبض ثمنه. قوله: (أخذ الشقص) أي: الشفيع. قوله: (ولو ادعى

إلخ) من هنا إلى آخر الفصل من زيادته على «الإقناع» .

قوله: (أنه) أي: الحاضر. قوله: (اشتراه) أي: الشقص. قوله: (منه) أي: من الغائب. قوله: (وأنه) أي: المدعي. قوله: (يستحقه) أي: الشقص.

ص: 246

فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّكَ بِعْتَ نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ: نَعَمْ فَإِذَا قَدِمَ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ

فَصْلٌ

وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيمَا ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ لَا مَعَ خِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ

قوله: (فصدقه

إلخ) علم منه: أنه لو كذَّبه، كما لو قال من بيده الشقص: إنما أنا وكيل في حفظه، أو مودع، أنه لا يؤخذ بالشُّفعة، بل القول قول من بيده الشقص بيمينه، فإن نكل، احتمل أن يقضي عليه؛ لأنه لو أقر قضي عليه، واحتمل أن لا يقضى عليه؛ لأنه قضاء على غائب بلا بينة ولا إقرار. ذكره في «المغني» و «الشرح». قوله:(حلف) أي: وطالب بالأجرة من شاء منهما. قوله: (على الشفيع) لتلف المنافع تحت يده.

قوله: (فيما ادعى شراءه

إلخ) علم منه: أن لو أقر بمجرد الملك لموليه أو موكله الغائب، لم تجب، ولو أقر بعد بالشراء. فتأمل. قوله:(لموليه) أي: أو الغائب وهو على حجته إذا قدم. قوله: (لا مع خيارٍ) لهما أو لأحدهما.

ص: 247

وَعُهْدَةُ شَفِيعٍ عَلَى مُشْتَرٍ إلَّا إذَا أَنْكَرَ وَأَخَذَ مِنْ بَائِعٍ فإذَنْ عَلَيْهِ كَعُهْدَةِ مُشْتَرٍ فَإِنْ أَبَى مُشْتَرٍ قَبْضَ مَبِيعٍ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ وَإِنْ وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الثَّانِي وشَرِيكِ مُوَرِّثِهِ وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا لِمُضَارِبٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ،

قوله: (وعهدة شفيع

إلخ) العهدة في الأصل: كتابُ الشراء، يعني: فيما إذا ظهر الشقص مستحقاً أو معيباً، وأراد الشفيع الرجوع بالثمن أو الأرش. قوله:(قبض مبيع) ليسلمه للشفيع. قوله: (أجبره حاكم) لوجوبه عليه. قوله: (وإن ورث اثنان شقصًا) أي: أو اتهباه أو اشترياه، ولم يؤخذ بالشفعة. قوله:(ولا شفعة لكافر) أي: ولو ببدعةٍ، أو مرتدًا ولو أسلم بعد البيع، وهي من المفردات. قوله: (ولا لمضارب على رب المال

إلخ) اعلم: أن العامل إذا اشترى من مال المضاربة شقصا مشفوعا، فباقيه إما أن يكون لرب المال، أو للعامل، أو لأجنبي فرب المال لا شفعة له أصلاً، وهو المشار إليه بقوله:(ولا له على مضاربٍ) وذلك لأنه ملكه كلا أو بعضًا. والعامل لا شفعة له أيضاً إن ظهر ربح في مال المضاربة، وإليه أشار بقوله: (ولا لمضارب

إلخ) والأجنبي أمره ظاهر، ثم إذا باع مالك الباقي نصيبه، فإن كان أجنبيًا، فإما أن يبيعه لأجنبي، أو لرب المال، أو للعامل. وإن كان مالك الباقي هو العامل، فإما أن يبيعه لرب المال، أو لأجنبي. وإن كان هو رب المال، فإما أن يبيعه للعامل، أو لأجنبي، فهذه سبع صور. والمفهوم من كلام المصنف: ثبوت الشفعة فيها كلها إن كان حظ، كما

ص: 248

إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَلَا لَهُ عَلَى مُضَارِبٍ وَلَا لِمُضَارِبٍ فِيمَا بَاعَهُ مِنْ مَالِهَا وَلَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ شَرِكَةٌ لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ حَظٌّ فَإِنْ أَبَى أَخَذَ بِهَا رَبُّ الْمَالِ

يفهم ذلك من قوله: (وله الشفعة

إلخ)، فهذه عشرُ صورٍ، يوكن أن تزيد على ذلك. وبخطه أيضاً على قوله: (ولا لمضارب

إلخ) صورته: أن يشتري من مال المضاربة شقصاً مشفوعا للمضارب فيه شركة، فحيث ظهر في مال المضاربة ربح كان له جزء من الشقص، فلا تجب له على نفسه.

قوله: (إن ظهر ربح) أي: في مال المضاربة. قوله: (وإلا) أي: وإلا يظهر ربح. قوله: (ولا له على مضارب) صورته أن يشتري المضارب من مالها شقصا شركة لرب المال، فلا شفعة لربِّ المال فيه، ظهر ربح، أو لا؛ لأن ملكه كله أو بعضه. قوله: (ولا لمضارب فيما باعه من مالها

إلخ) صورته: أن يكون للمضارب شقص في دار ويشتري بقيتها من مال المضاربة، ثم يبيع هذا الشقص الذي اشتراه من مال المضاربة، أي: فلا شفعة له فيه، والله أعلم. قوله:(إن كان حظ) نحو كونه بدون ثمن مثله. قوله: (أخذ بها ربُّ المال) ولا ينفذ عفو مضاربٍ عنها.

ص: 249