المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الموصى له - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٣

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب الموصى له

‌بَابُ الْمُوصَى لَهُ

تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا ولِمُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبِ وَارِثِهِ كالْأَجْنَبِيِّ ولِأُمِّ وَلَدِهِ كَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا

باب الموصى له

هو الثالث من أركان الوصيَّة.

فائدة: لو وصف الموصى له أو الموقوف عليه بغير صفته، كأن يقول: على أولادي السود، وهم بيض، أو العشرة، وهم اثنا عشر، فههنا يعتبر الموصوف دون الصفة، كما في «الاختيارات» قال: والذي يقتضيه المذهب: أن الغلط في الصفة لا يمنع صحة العقد. انتهى.

قوله: (من مسلم) أي: معيَّن كزيد، أو لا كالفقراء. قوله:(ولو حربيا) كالهبة، فلا تصح لعامة النصارى أو نحوهم، ومحله كما في «المبدع»: إذا أوصى لحربي بغير سلاح وخيل. قال: فإن وصى له بشيء منهما، فيتوجه أنه كبيعه منه. قوله:(عليها) أي: أم ولده، أو زوجته. قوله:(على ولدها) منه أي: خاضنةً له.

ص: 450

وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا فَفَعَلَتْ وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ولِمُدَبَّرِهِ فَإِنْ ضَاقَ ثُلُثُهُ عَنْهُ وَعَنْ وَصِيَّتِهِ بُدِئَ بِعِتْقِهِ ولِقِنِّهِ بِمُشَاعٍ كَثُلُثٍ وبِنَفْسِهِ وَرَقَبَتِهِ يَعْتِقُ بِقَبُولِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِلَّا فبِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ لَا بِمُعَيَّنٍ وَلَا لِقِنِّ غَيْرِهِ وَلَا لِحَمْلٍ إلَّا إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ حِينَهَا بِأَنْ تَضَعَهُ حَيًّا

قوله: (وإن شرط عدم تزويجها) أي: أم ولده، أو زوجته. قوله:(ففعلت) أي: وافقت. قوله: (بديء) أي: من الثلث. قوله: (بمشاع) أي: من ماله. قوله: (كثلثه) أي: ثلث ماله. قوله: (وبنفسه) أي: القنِّ. قوله: (وإن كانت به) أي: الثلث. قوله: (وفضل شيء) أي: بعد عتقه. قوله: (لا بمعين) أي: لا تصح الوصية لقنه بمعين لا يدخل فيه. قوله: (ولا لقن غيره) أي: لا تصح الوصية لقن غيره، خلافًا لـ «الإقناع» ، وعليه فتكون لسيده بقبول القن، ولا يفتقر إلى إذن سيده. قوله:(إلا إذا علم وجوده) علم منه: أنه لا تصح الوصية لمن تحمل به هذه المرأة. قوله: (حينها) أي: الوصية. قوله: (بأن تضعه) أي: الأم حيًا، أي: لا ميتا، فتبطل.

ص: 451

لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِرَاشًا أَوْ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِهَا وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِهِ وإنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فكَذَا فَكَانَا فَلَهُمَا مَا شَرَطَ وَلَوْ كَانَ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ فَلَا وَطِفْلٌ: مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَصَبِيٌّ وَغُلَامٌ وَيَافِعٌ وَيَتِيمٌ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَا يَشْمَلُ الْيَتِيمُ وَلَدَ زِنًا وَمُرَاهِقٌ مَنْ قَارَبَهُ وَشَابٌّ وَفَتًى مِنْهُ إلَى ثَلَاثِينَ وَكَهْلٌ مِنْهَا إلَى خَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَشَيْخٌ مِنْهَا إلَى سَبْعِينَ ثُمَّ هَرِمَ وَإِنْ قَتَلَ وَصِيٌّ مُوصِيًا بَطَلَتْ لَا إنْ جَرَحَهُ

قوله: (لأقل من أربع سنين) أي: من الوصيةِ. قوله: (إن لم تكن) أي: الأم. قوله: (فراشًا) أي: لزوج أو سيدٍ. قوله: (أو من ستة أشهر) يعني: فراشا كانت، أو لا. قوله:(وكذا لو وصَّى به) يعني: فلا تصح إلا إذا علم وجودُه حين الوصيةِ. قوله: (إن كان ما في بطنِك فلا) أي: فلا شيء لهما، لأن أحدهما بعض ما في بطنها أو حملها، لا كله. وإن وصى لحمل امراة، فولدت ذكرا وأنثى، فالوصيَّة لهما بالسوية. قوله:(من لم يميز) وظاهره: من ذكر وأنثى. قوله: (من قاربه) أي: البلوغ. قوله: (ثم هرم) أي: إلى آخر عمره. قوله: (وإن قتل وصي موصيا) يعني: قتلا مضمونا بقصاص أو ديةٍ أو كفارةٍ، كما قال ابن نصر الله: ولو خطأ.

ص: 452

ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجُرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا فَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا وَكَذَا فَعَلَ مُدَبَّرٌ بِسَيِّدِهِ وَتَصِحُّ لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ ولِجَمِيعِهَا وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا يُعْطَى مِنْ زَكَاةٍ ولِكُتُبِ قُرْآنٍ وَعِلْمٍ ومَسْجِدٍ وَتُصْرَفُ فِي مَصْلَحَتِهِ ولِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ رُدَّ مُوصًى بِهِ أَوْ بَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ

قوله: (ثم أوصى) يعني: المجروح. قوله: (له) أي: لجارحه. قوله: (وكذا فعل مدبَّر بسيِّده) فإن قتل سيده بعد أن دبره، بطل، لا إن جرحه قبل. قوله:(ولجميعها) يعني: ولا يجب التعميم ولا التسوية، وتعطى الأصناف بأجمعهم، كما في «الإقناع». قال في «شرحه»: بخلاف الزكاة، والفرق بينها -حيث يجوز الاقتصار في الزكاة على صنف واحد- أن آية الزكاة أريد بها بيان من يجوز الدفع إليه، والوصية أريد بها من يجب الدفع إليه. انتهى. قال في «الإقناع» تبعا لـ «المغني»: وينبغي أن يعطى كل صنف ثمن الوصية، كما لو وصى لثمانِ قبائل، ويكفي من كل صنفٍ واحد. انتهى.

قوله: (ولفرسٍ حبيس

إلخ) فإن أراد موصٍ تمليك المسجد، أو الفرس، لم تصحَّ الوصية. قوله: (رد

إلخ) أي: ولا يصرف في حبيس آخر، نص عليه. قوله:(موصى به) يعني: إن لم يكن أنفق منه شيء.

ص: 453

كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ فَتَعَذَّرَ أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ لِيُعْتَقَ عَنْهُ أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا فَاشْتَرَوْهُ أَوْ عَبْدًا يُسَاوِيهَا بِدُونِهَا وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صُرِفَ فِي الْقُرَبِ وَيَبْدَأُ بِالْغَزْوِ وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ تَعَالَى فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيْ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ فمَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ فجِيرَانِهِ وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ صُرِفَ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا يَدْفَعُ إلَى كُلٍّ قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ حَتَّى يَنْفُد

قوله: (فتعذر) لموته، أو نحوه، فثمنه للورثة. قوله:(بدونها) فالفاضل للورثة. قوله: (حيث أراكَ الله) أي: أو يريك. قوله: (إلى فقراء أقاربه) أي: الموصي، غير الوارثين. قوله:(من الرضاع) كأمه وأخته. قوله: (وإن وصى أن يحج عنه بألف، صرف

إلخ) اعلم: أنه إذا قال الموصي: أوصيت أن يحج عني بألف. وجب صرف الألف من الثلث إن كان تطوعا في حجة بعد أخرى حتى ينفد. وإن قال: يحج عني حجة بألف. وجب صرف الألف من الثلث إن كان تطوعاً في حجة بعد أخرى حتى ينفد. وإن قال: يحج عني حجة بألف. دفع الكل إلى من يحج عني حجة واحدة، صرح بهاتين الصورتين المصنف، وصاحب «الإقناع» .

ص: 454

_________

فأما إن قال الموصي: حجوا عني بألف. ولم يقل: واحدة، لم يحج عنه إلا حجة واحدة، وما فضل للورثة. صرح بهذه الصورة أيضاً صاحب «الإقناع» واستشكلها بعضهم وادَّعى تخريجها على ضعيفٍ. وأقول: يمكن توجيه ذلك كلِّه؛ بأن قوله في الصورة الأولى: أوصيت أن يحج عني بألف. في قوة قوله: أوصيت بألفٍ في الحج؛ لأن «أن» والفعل بعدها في تأويل مصدر معرف، كما تقرر في محله، فحيث جعل الألف في جهة الحج، وجب صرفه كله فيه، ولو مرة بعد أخرى، لا سيما و «الـ» في الحج المؤول صالحة لاستغراق الأفراد الممكنة، فهو من قبيل الاستغراق العرفي، وهذا بخلاف ما إذا قال: يحجُّ عني حجة بألف. فإنه قوله: حجة، مفيد للوحدة، وأن الألف يصرف إلى من يفعلها، فوجب امتثال ذلك، كما صرح به الكتابان أيضًا. وأما الصورة الثالثة التي انفرد بها صاحب «الإقناع» عن «المنتهى» ، وهي قوله: حجوا عني بألف

إلخ، فإنه أتى بالفعل الغير المؤول بالمصدر، فليست كالصورة الأولى، ولم يقل: حجة واحدة، فليست كالثانية، بل أتى بالفعل فقط. ومن المقرر المشهور أن الأفعال نكرات، والنكرة عند الإطلاق إنما تقتضي وجود الماهية، وهو

ص: 455

فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ أَوْ الْبَقِيَّة حَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَلَا يَصِحُّ حَجُّ وَصِيٍّ بِإِخْرَاجِهَا وَلَا وَارِثٍ وَإِنْ قَالَ حَجَّةً بِأَلْفٍ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى مَنْ يَحُجُّ فَإِنْ عَيَّنَهُ فَأَبَى الْحَجَّ بَطَلَتْ فِي حَقِّهِ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ،

حاصل بالمرة، والأصل عدم إرادة الموصي لما زاد عليها، فحيث حج عنه مرة بأقل من الألف، فقد حصل مراده، فيكون الباقي للورثة، كما ذكره صاحب «الإقناع» . هذا ما ظهر للفقير، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فائدة: لو وصى أن يصلى عنه بدراهم، لم تنفذ وصيته، وصرفت الدراهم في الصدقة، ويختص بها أهل الصلاة. ولو وصى أن يشترى مكان معين فيوقف على جهة بر، فلم يُبَع ذلك المكان اشتري مكان آخر، ووقف عليها، وقد ذكر العلماء فيما إذا قال: بيعوا غلامي من زيدٍ وتصدَّقوا بثمنه، فامتنع زيد من شرائه، فإنَّه يباع من غيره ويتصدَّق بثمنه، ولو وصى بمال ينفق على وجه مكروه، صرف في القرب. قاله في «الاختيارات» ، نقله في «حاشية الإقناع» .

قوله: (فلو لم يكف الألف

إلخ) أن يحج به من بلد موص. قوله: (بطلت في حقه) أي: بطل تعيينه. قوله: (أو أجرةٍ) يعني: أن صحت الإجازة للحج.

ص: 456

وإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَعْطَى الْأَلْفَ وَحُسِبَ الْفَاضِلُ عَنْ نَفَقَةِ مِثْلٍ فِي فَرْضٍ والْأَلْفُ فِي نَفْلٍ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ فَأَعْتَقُوا نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُمْ عِتْقُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ قَالَ أَرْبَعَةً بِكَذَا جَازَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا مَعْلُومًا وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ وَصِيَّةً فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَخَذَ الْعَبْدُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ مِثْلِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ اُشْتُرِيَ بِثُلُثِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ وَلَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ وبِمِائَةٍ نَفَقَةً لَهُ فَاشْتُرِيَ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَبَاقِيهِ نَفَقَةٌ لَا إرْثَ وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ فلِأَهْلِ زُقَاقِهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ ولِجِيرَانِهِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ولِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ، أَوْ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ،

قوله: (بخمس مئة) أي: قيمتها خمس مئة فقط، إذ لو كانت تساوي ألفا، لم يلزم غيرها، كما تقدم قريبا. قوله:(وإن قال) أي: قال: اعتِقوا أربعة أرقاء. قوله: (ولو وصى بعتق عبد زيدٍ ووصيةٍ) له، أي: بأن قال: يشترى عبد زيد، ويعتق ويعطى مئة. قوله: (وإن وصى لأهل سكته

إلخ) فلو وصى لأهل العلم، فلمن اتصف به، أو لأهل القرآن، فللحفظة، كما ذكره الحجاوي في «الحاشية». قوله:(حال الوصية) أي: فلا يدخل فيهم من وجد بين الوصية والموت. قوله: (من كلِّ جانب) أي: فيقسم المال على عدد الدور،

ص: 457

أَوْ ِأَقْرَبِهِمْ رَحِمًا وَلَهُ أَبٌ وَابْنٌ، أَوْ جَدٌّ

أَخٌ فَهُمَا سَوَاءٌ وَأَخٌ مِنْ أَبٍ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ إنْ دَخَلَ فِي الْقَرَابَةِ سَوَاءٌ وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ مِنْهُمَا وَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فِيهَا

فَصْلٌ

وَلَا تَصِحُّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ أَوْ كُتُبِ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ أَوْ مَلَكٍ أَوْ مَيِّتٍ وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ يَعْلَمُ مَوْتَهُ أَوْ لَا وحَيٍّ فَلِلْحَيِّ النِّصْفُ وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُ بَهِيمَةٍ

وكل حصة دار تقسم على سكانها. وجيران المسجد من يسمع النداء، كما في «الإقناع» .

قوله: (إن دخل في القرابة) والمذهب: لا يدخل. قوله: (فيها) أي: القرابة.

قوله: (ولا تصح لكنيسة) أي: ولا لحصرها وقنادِيلها. قوله: (أو بيت نار) أي: ولو من ذمي؛ لأن ذلك إعانةٌ على معصيةٍ. ويصح أن يوصي ببناء ما يسكنه المجتاز من ذمي وحربي. قوله: (أو كتب التوارة) لتحريم الاشتغال بها؛ للتبديل. قوله: (وإن وصى لمن يعلم موته

إلخ) اعلم: أنه إذا جمع في وصيَّته بين من يصح تمليكه حقيقةً أو حكمًا، ومن لا يصح

ص: 458

وَتَصِحُّ لِفَرَسِ زَيْدٍ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَيَصْرِفُهُ فِي عَلَفِهِ فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ فَلِأَجْنَبِيٍّ السُّدُسُ وبِثُلُثَيْهِ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ نِصْفَهَا وَهُوَ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا

تمليكه كذلك، فإنه تارة يكون من لا يصح تمليكه كان من شأنه أن يصح تمليكه، فتفريق صفقة، أو لا، فالجميع لمن يصح تمليكه ويلغو ما عداه. فتدبر.

قوله: (ويصرفه) وصي فحاكم، لا وارث أو مالك. قوله:(فللأجنبي السدس) فلو كان الموصي قال في وصيته: وإذا ردوا وصية وارث، فالثلث كله للأجنبي، كان على ما قال. قوله: (وبثلثيه

إلخ) حاصل هذه العبارة: أن الورثة إما أن يجيزوا لهم، أو عكسه، أو يجيزوا للأجنبي وحده، أو للوارث وحده، أو يردوا ما زاد على الثلث، فهذه خمس صور: للأجنبي الثلث فيها في صورتين، وهما: الأولى والثالثة، وله السدس في ثلاثٍ، وهي: الثانية والرابعة، والخامسة. والوارث له الثلث في صورتين أيضاً، وهما: الأولى والرابعة، وله السدس في صورةٍ، وهي: الخامسة، ولا شيء له في الثانية والثالثة. وهذه الصور نص عليها المصنف إلا مسألة الرد لهما، أو لأجنبي وحده. وقد أشار في «الإقناع» إلي صورة الرد لهما بقوله: وإن ردوا وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي، فله، أي: -الأجنبي- السدس. انتهى.

ص: 459

وَلَوْ رَدُّوا نَصِيبَ وَارِثٍ أَوْ أَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الثُّلُثُ كَإِجَازَتِهِمْ لِلْوَارِثِ ولَهُ وَلِمَلَكٍ أَوْ وحَائِطٍ بِالثُّلُثِ فَلَهُ الْجَمِيعُ ولَهُ وَلِلَّهِ أَوْ لِلرَّسُولِ فنِصْفَانِ وَمَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وبِمَالِهِ لَابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّاهَا فَلَهُ التُّسْعُ وبِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُ التُّسْعِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُمْ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ

والحاصل: أن الورثة لهم حرمان الوارث من جميع وصيته، ولهم نقص الأجنبي نصف وصيته، لا أكثر من نصف وصيته. فتأمل.

قوله: (كإجازتهم للوارث) أي: مع الأجنبي؛ إذ لو قالوا: أجزنا وصية الوارث كلها، ورددنا نصف وصية الأجنبيِّ، لم يكن للأجنبي إلا السدس. قوله: (ولا يستحق معهم بالفقر

إلخ) أي: لأنه ذكره بعنوان يختص به، وهو العلم الشخصيُّ، فمنعه من مشاركة من أخص بوصف عام، كالفقر أو المسكنة أو نحو ذلك. هذا حاصل فرق ابن نصر الله، وهو حسن. شيخنا محمد الخلوتي.

ص: 460

وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَبِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِجِيرَانِهِ وَزَيْدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ قَالَ لِجَارِي أَوْ قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ قَالَ غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَهُ عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَصِحُّ أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيَرَةُ وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو أَوْ لِأَحَدِهِمَا صَحَّ لَا مُطْلَقًا

قوله: (باسم مشترك لم يصحَّ) وإن وصف موصى له أو موقوفا عليه بغير صفته، كأولادي السود، وهم بيضٌ، أو العشرة، وهم أكثر. ففي «الاختيارات»: الأوجه: أن يعتبر الموصوف دون الصفةِ. انتهى.

فائدة: قال أبوبكر: لو قال الموصي: اعتق عبدًا نصرانيًا، فأعتق مسلمًا، أو ادفع ثلثي إلى نصراني، فدفعه إلى مسلم، ضمن. قال أبو العباس: وفيه نظر. قوله: (ولا شيء له) أي: لإبهام الموصى له، كأنه قال: أوصيت بمئتين لمن يعتق من هذين. وفي كلام محمد الخلوتي هنا نظر. قوله: (ويصحُّ أعطوا ثلثي أحدهما) إنما صحَّت الوصيَّة هنا؛ لأنه أضاف تمليك الموصى له

ص: 461

وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، فَوَهَبَهُ الْخِدْمَةَ أَوْ رَدَّ عَتَقَ مُنَجَّزًا وَمَنْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ وَقْفِهِ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُنَجِّزَ وَارِثٌ فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ وَكَسْبُهُ بَيْنَ مَوْتِ وَتَنْجِيزِ إرْثٌ

إلى الورثة، وهم يعينون عند التمليك باختيارهم، بخلاف ما إذا نسب التمليك إلى نفسه، كما تقدَّم، أعني: نحو قوله: أوصيت بكذا لأحد هذين، فلا يصح. وفي كلام محمد الخلوتي هنا أيضًا نظرٌ.

قوله: (فوهبه

إلخ) أي: وهب الموصى له العبد الموصى به الخدمة. وقوله: (عتق منجزا) خالف فيه صاحب «الإقناع» وغيره كـ «المغني» و «الشرح» حيث قالوا: لا يعتق في الصورتين إلا بعد السنة.

ص: 462