المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الوديعة: الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ بِلَا عِوَضٍ وَالْإِيدَاعُ تَوْكِيلُ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٣

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب الوديعة: الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ بِلَا عِوَضٍ وَالْإِيدَاعُ تَوْكِيلُ

‌باب

الوديعة:

الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ بِلَا عِوَضٍ وَالْإِيدَاعُ تَوْكِيلُ فِي حِفْظِهِ وَالِاسْتِيدَاعُ تَوَكُّلٌ فِي حِفْظِهِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ تَصَرُّفٍ وَيُعْتَبَرُ لَهَا أَرْكَانُ وَكَالَةٍ وَهِيَ أَمَانَةٌ لَا تُضْمَنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ

باب الوديعة

تطلق على العين والعقد. قوله: (المال) أو المختص، لا نحو كلبٍ لا يقتنى. قوله:(المدفوع) لا ما ألقته ريحٌ. قوله: (إلى من يحفظه) لا نحو عارية. قوله (بلا عوض) لا أجير على حفظِه. قوله: (توكيل) أي: فتصح بكل قول دل على إيداع. قوله: (تبرعا) أي: من الحافظ. قوله: (توكل

إلخ) أي: فتصح بكل قول أو فعل دل على استيداع. قوله: (كذلك) أي: تبرعا. قوله: (بغير تصرف) تصريح بم علم من مفهوم الحفظ؛ لأن مقتضاه بقاء العين على حالها إلى أن يأخذها ربها، فإن أذن فيه، فعارية وتقدم.

قوله: (وتعتبر لها أركان وكالةٍ) أي: ما يعتبر فيها من البلوغ، والعقل، والرشد، وتعيين وديعٍ. وقبولها مستحبٌّ لمن علم من نفسه الأمانة، ويكفي القبض قبولا. قال في «المبدع»: ويكره لغيره. انتهى. أي: لمن لا يعلم من

ص: 250

وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا عُرْفًا كَحِرْزِ سَرِقَةٍ

نفسه ذلك. قال منصور البهوتي: قلت: ولعلَّ المراد: بعد إعلامه بذلك إن كان لا يعلمه؛ لئلا يغره. انتهى. وتنفسخ بموت أحدهما، وجنونه، وبعزله مع علمِه، وقبله لا ينعزل، بخلاف وكيلٍ، فإن عزل نفسه، فهي بعده أمانة، حكمها في يده حكم الثوب الذي أطارته الريح إلى داره، يجب رده، فإن تلف قبل التمكن من ردِّه، فهدر. قاله في «الإقناع». قال في «شرحه»: وفهم منه: أنه إن تلف بعد تمكنه من ردِّه أنه يضمنه؛ لأنه متعد بإمساكه فوق ما يتمكن فيه من الرد. انتهى. وقد سبق لصاحب «الإقناع» في الغصب: أنه إذا أطارت الريح ثوب غيره إلى داره، أو حصل في داره حيوانٌ، أو طائر غير ممتنع، فإنَّ الواجب حفظه، وإعلام صاحبه إن عرفه. ومقتضاه عدم وجوب. فتأمل.

قوله: (في حرز مثلها) قال في «الرعاية» : من استودع شيئاً، حفظه في حرز مثله عاجلا مع القدرة، وإلا ضمن. نقله منصور البهوتي. قوله:(كحرز سرقةٍ) أي: في كل مالٍ بحسبه.

ص: 251

فَإِنْ عَيَّنَهُ رَبُّهَا فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ ضَمِنَ وَلَوْ رَدَّهَا إلَى الْمُعَيَّنِ وبِمِثْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا فَأَخْرَجَهَا لِغَشَيَانٍ شَيْءٍ

قوله: (فإن عينه) أي: بأن قال: احفظها في هذا البيت. قوله: (فأحرزها بدونه) أي: المعين في الحفظ. ظاهره: ولو كان حرز مثلها. قوله: (ولو ردها إلى المعين) يعني: وتلفت. وعلى قياسه: لو لم يعينه، فأحرزها بدون حرز مثلها، فيضمن- ولو ردها إلى حرز المثل - بجامع التعدِّي. تأمل.

قوله: (وبمثله) أي: في الحفظ. قوله: (أو فوقه) كما لو أودعه خاتما وقال: البسه في خنصرك، فلبسه في بنصره، ولا فرق بين الجعل أولا في غير المعين، وبين النقل إليه. قوله:(لا يضمن) إن تلفت، حيث لم ينهه عن إخراجها عن المعين، وإلا ضمن، إلا لخوف عليها، كما سيأتي. قوله أيضا على قوله:(لا يضمن) ظاهره: ولونهاه عن حفظها بمثله، أو فوقه ولا يعارضه ما يأتي من قوله:(أو أخرجها لغير خوف، فتلفت، ضمن) قال منصور البهوتي هناك: سواءٌ أخرجها إلى مثله، أو أحرز منه؛ لمخالفة ربها بلا حاجة ويحرم. انتهى؛ لأنا نقول: ما هنا فيما إذا حفظها ابتداء في حرز مثلها، أو فوقه، وما يأتي فيما إذا أخرجها من الحرز المعين. قوله: (فأخرجها لغشيان شيء

إلخ) فلو أخرج الوديعة المنهي عن إخراجها، وتلفت، فادعى الوديع أنه أخرجها (لغشيان شيء الغالب منه الهلاك)، وأنكر صاحبها وجوده، فعلى الوديع البينة أنه كان في

ص: 252

الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ لَمْ يَضْمَنْ إنْ وَضَعَهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ فَوْقَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَحْرَزَهَا فِي دُونِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَهَا إذَنْ أَوْ أَخْرَجَهَا لِغَيْرِ خَوْفٍ فَتَلِفَتْ ضَمِنَ

ذلك الموضع ما ادعاه؛ لأنه لا تتعذر إقامة البينة عليه؛ لظهوره، ثم يقبل قوله في التلف به بيمينه. قوله أيضا على قوله: (لغشيان

إلخ) غشيته أغشاه، من باب: تعب: أتيته. والاسم: الغشيان بالكسر. «مصباح» .

قوله: (الغالب منه الهلاك) كنهبٍ، وحريق متلف. قوله:(لم يضمن) لعله مقيد بما إذا لم يكمنه ردها إلى صاحبها، وإلا ضمن، كما يعلم من قوله الآتي:(ومن أراد سفرًا، أو خاف عليها عنده). والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (لم يضمن) ويعايا بها، ولو كانت العين في بيت ربها، فقال لآخر بأجرة أو لا: احفظها في محلها، فنقلها عنه من غير خوفٍ، ضمنها؛ لأنه ليس وديعًا، ومع خوفٍ، عليه إخراجها. قوله:(وإن تركها إذن) أي: حالة الغشيان، وكان قد نهاه عن إخراجها. ولم يقل: وإن خفت عليها. كما يعلم مما بعده. قوله: (أو أخرجها) أي: من حرزٍ نهاه مالكها عن إخراجها منه. قوله: (فتلفت) بالأمر المخوف، أو غيره؛ لأنه صار مفرطاً بعدم الإخراج، ولو أحرزها بأحرز من الأول.

ص: 253

فَإِنْ قَالَ لَا تُخْرِجْهَا وَإِنْ خِفْتَ عَلَيْهَا فَحَصَلَ خَوْفٌ وَأَخْرَجَهَا أَوْ لَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلِفْ بَهِيمَةً حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَهَا لَا إنْ نَهَاهُ مَالِكٌ وَيَحْرُمُ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ

قوله: (ماتت) أي: بتركه. قوله: (لا إن نهاه مالك) فلو نهاه وليٌّ، فهل يضمن الولي فقط إذا لم يعلم أنها ليست ملكة؟ وإذا علم، فعلى من القرار؟ وكونه على الوديع أقربُ. قوله: (وإن أمره به

إلخ) إنما قيَّد اللزوم بالأمر بالإنفاق؛ لأنه لم يأمره به، ففي ذلك تفصيل، وجملته: أن الإتفاق على البهيمة واجب، فإذا أمر المالك الوديع به فرضي، وجب عليه بلا إشكالٍ، وإن لم يأمره به، فإن قدر الوديع على المالك، أو وكيله، طالبه بالإنفاق عليها، أو بردِّها عليه، أو بأن يأذن له في الإنفاق عليها ليرجع به، فإن عجز عن استئذانه، فأنفق، رجع بالأقلِّ مما أنفق، أو نفقة المثل، كما لو أمره به، ولو لم يستأذن حاكماً، أو يشهد مع قدرته عليهما، هذا حيث نوى الرجوع بما أنفق في الصورتين، أعني: ما إذا أذن له ربها، أو عجز عن استئذانه، ومتى اختلفا في قدر نفقةٍ، فقول وديع بيمينه إن وافق قوله المعروف، وفي قدر المدَّة، فقول مالك بيمينه، فإن ترك الوديع الإنفاق الواجب عليه، فماتت بذلك، ضمنها في الصورتين. فتدبر. وهل يرجع في الأوليين أم لا؟

ص: 254

واتْرُكْهَا فِي جَيْبِكَ فَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي كُمِّكَ فَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ أَخَذَهَا بِسُوقِهِ وَأُمِرَ بِحِفْظِهَا فِي بَيْتِهِ فَتَرَكَهَا إلَى حِينِ مُضِيِّهِ فَتَلِفَتْ أَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذَا

مقتضى ما تقدم في الرهن: لا يرجع، أي: لقدرته على استئذان المالك وردها عليه.

قوله: (واتركها في جيبك

إلخ) اعلم: أنَّ الجيب أعلى حفظا من اليد والكم، حيث كان الجيب ضيقا، أو مزرورًا، وأن اليد والكم حرزان مختلفان، كل منهما دون الآخر حفظا من وجه. إذا تقرَّر ذلك واستحضرت القاعدة التي ذكرها المصنف أول الباب - وهي قوله: (فإن عينه ربها

إلخ) - علمت حكم هذه الثلاثة، من أنه إذا أمره بحفظها في الجيب المقيد، فحفظها في يده أو كمه، ضمن، أو في أحدهما، فوضعها فيه، لا [يضمن]، أو في أحدهما فوضعها في الآخر، ضمن. قوله:(إلى حين مضيه) أي: فوق ما يمكنه أن يمضي فيه. علم منه: أنه لو بادر بالمضي إلى بيته، فتلفت في طريقه، لا يضمن. وهل مثله لو علم المودع من عادة الوديع أنه لا يمضي إلي بيته إلا في وقت معلوم، كما إذا دفع له شيئاً يحفظه في بيته وهو في السوق في أول النهار، ويعلم أنَّه لا يرج إلى البيت إلا في آخر النهار، فتركها الوديع إلى وقت رواحِهِ، فتلفت؟ ظاهر المتن:

ص: 255

الْبَيْتِ وَلَا تُدْخِلْهُ أَحَدًا فَخَالَفَ فَتَلِفَتْ بِحَرْقٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ سَرِقَةٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَاخِلٍ ضَمِنَ لَا إنْ قَالَ: اُتْرُكْهَا فِي كُمِّك أَوْ يَدِكَ فَتَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ أَوْ أَلْقَاهَا عِنْدَ هُجُومِ نَاهِبٍ وَنَحْوِهِ إخْفَاءً لَهَا وَإِنْ قَالَ مُودِعُ خَاتَمٍ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصِرِ ضَمِنَهُ لَا عَكْسُهُ إلَّا إنْ انْكَسَرَ لِغِلَظِهَا وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ لِعُذْرٍ إلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ

أنه يضمن. ويحتمل لا ضمان، تأمَّل.

قوله: (بحرقٍ) اسم من إحراق النار. قوله: (فتركها في جيبِه) ولم يكن واسعا غير مزرور. قوله: (ونحوه) كقاطع طريق. قوله: (إخفاء لها) ظاهره: ولو ألقاها وحدها من بين ماله. وهل إذا لم يلقها، فأخذت، يضمن أم لا؟ قوله:(إلا) أي: أو لم يدخله في جمعيها. قوله: (وإن دفعها) أي: دفع الوديع الوديعة. قوله: (ماله) أي: مال الوديع. قوله: (ونحوهما) كخازنه. قوله: (أو لعذر) كموت وسفر مخوفٍ. قوله: (وإلا ضمن) أي: وإلا يكن عذر عند دفعها لأجنبي، أو حاكمٍ.

ص: 256

وَلِمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْقَرَارُ إنْ عَلِمَ وَإِنْ دَلَّ لِصًّا ضَمِنَا وَعَلَى اللِّصِّ الْقَرَارُ وَمَنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ رَدَّهَا إلَى مَالِكهَا أَوْ مَنْ

قوله: (ولمالك مطالبة الأجنبي) أي: ببدل الوديعة، وسكت عن الحاكم، ومقتضى «الإقناع»: أن له مطالبته أيضا، وعبارته: وإن دفعها إلى أجنبي، أو حاكم لعذر، لم يضمن، وإلا ضمن، وللمالك مطالبته، ومطالبة الثاني. انتهى. فقوله: الثاني شامل للأجنبي والحاكم، وفسره الشارح بقوله: وهو القابض من المستودع؛ لأنَّه قبض ما ليس له قبضه، أشبه المودع من الغاصب. انتهى. ووجه ما في «الإقناع»: أن الحاكم لا ولاية له على مكلف رشيد حاضر، كما صرح به المصنف في «شرحه» .

قوله: (أيضا) أي: كما له مطالبة الوديع. قوله: (وعليه) أي: الأجنبي.

قوله: (إن علم) أي: علم الحال، وإلا فعلى الأول. قوله: (ومن أراد

إلخ) أي: أي وديع. قوله: (أو خاف عليها) أي: من نهبٍ، أو غرق، ونحوها. قوله:(إلى مالكها) وشريكٍ كأجنبيٍّ.

ص: 257

يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً أَوْ وَكِيلِهِ فِي قَبْضِهَا إنْ كَانَ وَلَا يُسَافِرُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ أَحْفَظَ لَهَا الْمُنَقِّحُ وَالْمَذْهَبُ بَلَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَا وَكِيلَهُ حَمَلَهَا مَعَهُ إنْ كَانَ أَحْفَظَ وَلَمْ يَنْهَهُ وَإِلَّا دَفَعَهَا لِحَاكِمٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِثِقَةٍ كَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْ دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ سَاكِنًا ثِقَةً فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ ضَمِنَهَا

قوله: (وإن لم يخف عليها) في السَّفر. قوله: (المنقح: والمذهب بلى

إلخ) يعني: أن المذهب جواز السفر بالوديعة، والحال أن ربها حاضر، والسفر آمن أو أحفظ، أي: ولم ينهه المالك. وجزم به في «الإقناع» . قال في «شرحه» : فعلى هذا لا يضمنها إن تلفت معه، سواء كان به ضرورة إلى السفر أولا، لأنه نقلها إلى موضعٍ مأمونٍ، فلم يضمنها، كما لو نقلها في البلد، وكأب ووصيٍّ، لا كمستأجر لحفظ شيء. انتهى. قوله:(والحالة هذه) أي: إن لم يخف، أو كان أحفظ. قوله:(انتهى) ومحله إن لم ينهه عنه. قوله: (ولا وكيله) أي: ولا من يحفظ ماله عادةً. منصور البهوتي. قوله: (وإلا دفعها) أي: وإلا يكن أحفظ، أو نهاه. قوله:(أو دفنها) أي: إن لم يضرها الدفن. قوله: (وأعلم ساكناً) أي: لا غيره. قوله: (ثقة) أي: لا غيره.

ص: 258

وَلَا يَضْمَنُ مُسَافِرٌ أُودِعَ فَسَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ بِالسَّفَرِ وَإِنْ تَعَدَّى فَرَكِبَهَا لَا لِسَقْيِهَا أَوْ لَبِسَهَا لَا لِخَوْفٍ مِنْ عُثٍّ وَنَحْوِهِ وَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَنْشُرْهَا أَوْ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا أَوْ لِيَنْظُرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَدَّهَا أَوْ كَسَرَ خَتْمَهَا أَوْ حَلَّ كِيسَهَا أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا أَوْ خَلَطَهَا لَا بِمُتَمَيِّزٍ وَلَوْ فِي إحْدَى عَيْنَيْنِ بَطَلَتْ فِيهِ وَوَجَبَ رَدُّهَا فَوْرًا وَلَا تَعُودُ

قوله: (فسافر) أي: سار في سفره ودام. قوله: (وإن تعدى) يعني: بانتفاعه. قوله: (لا لسقيها) أي: أو علفها. قوله: (من عث) هو سوس يلحس الصوف، علم منه: أنه إذا لبِسَها خوفاً عليها من نحو العث، لا ضمان، ومثله إذا لبسها. وقوله:(ويضمن إن لم ينشرها) هل أجرة النشر على المالك؟ الظاهر: نعم، حيث تعذَّر استئذانه. قوله:(ونحوه) كفرشه. قوله: (لينفقها) أي: له أو لغيره. قوله: (ثم ردَّها) أي: إلى وعائها ولو بنية الأمانة. قوله: (أو جحدها) ظاهره: ولو نسياناً. قوله: (ولو في أحد عينين) أي: ولو كان التعدِّي، أو الجحد، أو الحفظ بغير متميِّز. قوله:(بطلت) جواب (إن) من قوله: (وإن تعدى) فيما حصل فيه شيء من الثلاثة المذكورة. قوله: (فورًا) لزوال الاستئمان بالتعدي.

ص: 259

وَدِيعَةً بغير عقد متجدد وَصَحَّ كُلَّمَا خُنْتَ ثُمَّ عُدْتَ إلَى الْأَمَانَةِ فَأَنْتَ أَمِينٌ وَإِنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا أَوْ أَذِنَ فِي أَخْذِهِ فَرَدَّ بَدَلَهُ بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَخْتُومَةً أَوْ مَشْدُودَةً أَوْ الْبَدَلُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ

قوله: (وصح) أي: قول مالك لوديع. قوله: (كلما خنت) أي: لصحة تعليق الإيداع على الشرط، كالوكالة. قوله:(فأنت أمين) قال منصور البهوتي: وإن خلط إحدى وديعتي زيدٍ بالأخرى بلا إذن، وتعذر التمييز، فوجهان، ذكره في «الرعاية» وإن اختلطت الوديعةُ بلا فعل، ثم ضاع البعض، جعل من مال المودع في ظاهر كلامه، ذكره المجد في «شرحه». انتهى. ولعل المراد في الأخيرة: إذا تلف بلا تفريطٍ، وأمَّا معه، فيضمن مطلقًا. الذي يظهر في الأولى: لا ضمان إلا أن ينهاه مالك، أو يكن له غرض في إفراد كل واحدةٍ من العينين؛ لحلٍّ ونحوه، والله أعلم. قوله:(أو بدله) أي: بلا إذن، كدرهم أبيض بأسود. قوله:(فردَّ بدله) أي: متميزًا، ففيه احتباكٌ. قوله:(غير متميز) أي: في الثانية، وهي مسألة الإذن في

ص: 260

وَيَضْمَنُ بِخَرْقِ كِيسٍ مِنْ فَوْقِ شَدٍّ أَرْشِهِ الْكِيسِ فَقَطْ ومِنْ تَحْتِهِ أَرْشَهُ وَمَا فِيهِ وَمَنْ أَوْدَعَهُ صَغِيرٌ وَدِيعَةً لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهَا لِوَلِيِّهِ وَيَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ يَخَفْ هَلَاكَهَا مَعَهُ كَضَائِعٍ وَمَوْجُودٍ فِي مَهْلَكَةٍ فَلَا وَمَا أُودِعَ أَوْ أُعِيرَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ قِنٍّ لَمْ

الأخذ لا في الرد، ومنه يعلم حكم الضَّمان إذا ردَّ البدل غير متميز في الأولى بالأولى.

قوله: (وما فيه) أي: إن ضاع لهتك الحرز ولا يضمن بمجرد نية التعدِّي، بل لابد من فعلٍ أو قول. منصور البهوتي. قوله:(بردها لوليه) أي: في ماله، كدينه الذي له عليه. قوله:(ويضمنهما) أي: قابضُها من صغير. قوله: (مالم يكن مأذوناً له) أي: في الإيداع. قوله: (أو يخف) أي: قابضها من الصَّغير. قوله: (معه) إن تركها. قوله: (فلا) أي: فلا ضمان؛ لقصده التخليص من الهلاك، فالحفظ فيه لمالكه. قوله: (وما أودع

إلخ) قال منصور البهوتي: أي: أودعه مالكه أو أعاره وهو جائز التصرف. انتهى. وهو يشير إلى أنه لو كان المودع، أو المعير غير جائز

ص: 261

يَضْمَنْ بِتَلَفٍ وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حُرٍّ فِي رَقَبَتِهِ

فصل

وَالمودع أمين يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي رَدِّ وَلَوْ عَلَى يَدِ قِنِّهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ خَازِنِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّهَا إلَيْهِ وفِي قَوْلِهِ أَذِنْتَ لِي فِي دَفْعِهَا

التصرف، فمن ضمان القابض مطلقًا، كما تقدم في الحجر، وأوضحه في «شرح الإقناع» بحثا.

قوله: (بتلف) أي: في يد قابضه. قوله: (غير حر) شمل القنَّ، والمدبر، والمكاتب، وأم الولد، والمعلق عتقه بصفة، قال في «شرح الإقناع»: ظاهر قوله - يعني الحجاوي - كغيره إذا أتلفه: أنه لو تلف بيده، لا ضمان ولو بتعد، أو تفريط، وهو كالصريح في قول «التنقيح»: ولا يضمن الكل تلفهما، أي: الوديعة والعارية بتفريط، لكن مقتضى تعليلهم بما تقدم: أنه يضمن إن تعدى أو فرط، ويكون كإتلافه. انتهى.

قوله: (في رد) أي: في دعوى رد الوديعة إلى مالكها، أو من يحفظ مال. قوله:(ولو على يد قنه) أي: قن مدعي الرد. قوله: (إليه) أي: كما لو كان حياً. قوله: (وفي قوله: إذن لي

إلخ) مع إنكار المالك الإذن ولا بينة به، وهذه المسألة من المفردات، ولو اعترف المالك بالإذن، وأنكر الوديع، فقول وديعٍ، ثم إن أقر المدفوع إليه في الصورتين بالقبض، فلا كلام، وإلا حلف وبرئ، وفاتت على ربها، هذا إن كان الثاني وديعاً،

ص: 262

إلَى فُلَانٍ وَفَعَلْتُ وتَلَفِ لَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، كَحَرِيقٍ وَنَحْوِهِ إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِوُجُودِهِ وعَدَمِ خِيَانَةٍ وتَفْرِيطٍ وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا لِحَاكِمٍ أَوْ وَرَثَةِ مَالِكٍ أَوْ رَدًّا بَعْدَ مَطْلِهِ بِلَا

فإن كان دائناً، فقوله بيمينه أيضا، لكن يضمن الدافع حيث لم يشهد، أو يكن بحضور مالك، سواء صدقه المالك، أو كذبه، كما تقدم في الوكالة. قوله:(وتلف) أي: ودعوى تلف بسبب خفيٍّ، كسرقةٍ، وكذا إن لم يذكر سبباً. قوله:(ونحوه) كنهبٍ، قوله: (إلا مع بينة

إلخ) قال في «الإقناع» : ويكفي في ثبوته - أي: السبب الظاهر - الاستفاضة. قال في «شرحه» : فعلى هذا: إذا علمه القاضي بالاستفاضة، قبل قول الوديع بيمينه، ولم يكلفه بينة تشهد بالسبب، ولا يكون من القضاء بالعلم، كما ذكره ابن القيم في «الطرق الحكمية» في الحكم بالاستفاضة لا في خصوص هذه. انتهى. قوله:(بوجوده) ثم يحلف. قوله: (وتفريط) أي: وعدم [تفريط]. قوله: (وإن ادعى) أي: الوديع. قوله: (أو ردًا) أي: أو تلفاً، لم يقبل، كغاصب، ويضمن. قوله:(بعد مطله) أي: تأخير دفعها لمستحقه.

ص: 263

عُذْرٍ أَوْ مَنْعِهِ أَوْ وَرَثَةُ رَدًّا وَلَوْ لِمَالِكٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ وَيَقْبَلَانِ بِهَا بَعْدَهُ

قوله: (أو ورثة ردا، ولو لمالك

إلخ) وكذا ملتقط. ومن أطارت الريح إلى داره ثوباً، لم يقبل إلا ببيِّنة. قال في «الإقناع»: ومن حصل في يده أمانة بغير رضى صاحبها كاللقطة، ومن أطارت الريح إلى داره ثوباً، وجبت المبادرة إلى الرد مع العلم بصاحبها، والتمكن منه، وكذا إعلامه. قال في «شرحه»: أي: الواجب عليه أحد أمرين: إما الرد، أو الإعلام. انتهى المقصود.

وبعد تعلم: تقييد ما سبق لصاحب «الإقناع» في الغصب وغيره بما هنا، قال في «شرحه» أيضا هنا: لأن مؤنة الرد لا تجب عليه، وإنما الواجب التمكين من الأخذ. قاله في القاعدة الثانية والأربعين. قوله أيضًا على قوله:(ورثة ردًا) أي: ورثة لوديع ردًا منهم، أو من مورثهم، وكذا ملتقطٌ، ومن أطارت إليه الريح ثوباً ونحوه. قوله:(ثم أقر) أي: بالإيداع. قوله: (لم يقبل) أي: لتكذيبه لها بجحوده. قوله: (ويقبلان بها

إلخ) أي: كما لو ادَّعى عليه بالوديعة يوم الجمعة، فجحدها، ثم أقر بها يوم السبت، ثم ادعى ردًا، أو تلفًا بغير تفريط يوم الأحد وأقام بذلك بيِّنة، قبلت؛ لأنه

ص: 264

وَإِنْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ قُبِلَا لَا وُقُوعُهُمَا بَعْدَ إنْكَارِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ وَارِثِ قَبْلَ إمْكَانَ رَدِّ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَنْ أَخَّرَ رَدَّهَا أَوْ مَالًا أُمِرَ بِدَفْعِهِ بَعْدَ طَلَبٍ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ وَيُمْهَلُ لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ بِقَدْرِهِ وَيَعْمَلُ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ عَلَى كِيسٍ

ليس بمكذب لها إذن، فلو شهدت البينة برد أو تلف مطلقين، واحتمل كونه قبل الجحود وكونُه بعده لم يسقط الضَّمان. وحيث ثبت التلف، كما في صورة التعيين بعد الجحود، لم يسقط الضمان، كالغاصب. وبخطه أيضا على قوله:(ويقبلان بها) أي: الرد والتلف، أي: دعواهما. فإن أطلقت البينة لم تسمع؛ لأن الضمان محقق، فلا يزول بالشَّك.

قوله: (قبلا) أي: الرد والتلف قبل إنكاره بيمينه. قوله: (عند وارث) أي: لوديع. قوله: (قبل إمكان رد) أي: لنحوِ جهلٍ بها، أو به. قوله:(ونحوه) كصلاة. قوله: (بقدره) أي: المذكور. قوله: (ويعمل بخط مورثه) أي: وجوبا. قوله: (على كيسٍ) قال شيخنا: من نحوِ ذلك إذا وَجد خطَّه على كتابٍ: هذا وقف ونحوه. ويفرق بينه وبين ما ذكروه في غير هذا الموضع؛ من أنه لا بد مع الخط من قرينةٍ، كوضعه بخزانة الوقف؛ بأن ذلك فيما إذا كان الخط غير خط مورِّثه، ولم يكن تحقق جريان ملك مورثه عليه، وما هنا فيما إذا اجتمع الأمران. فتدبر. من خط شيخنا محمد الخلوتي.

ص: 265

وَنَحْوَهُ هَذَا وَدِيعَةٌ، أَوْ لِفُلَانٍ وَيَعْمَلُ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ وُجُوبًا أَوْ لَهُ عَلَى فُلَانٍ ويَحْلِفَ وَإِنْ ادَّعَاهَا اثْنَانِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فلَهُ بِيَمِينِهِ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ ولَهُمَا فلَهُمَا وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا وَصَدَّقَاهُ أَوْ سَكَتَا فَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَاهُ

وأراد شيخه: خاله الشيخ منصور رحمهما الله تعالى.

قوله: (ونحوه) كصندوق. قوله: (ويحلف) مع شاهد إذا علم من مورثه الصدق، وهذا مما يخالف به الحلف الشهادة. قوله:(فأقر) أي: الوديع. قوله: (بيمينه) قال منصور البهوتي: فلو قال الوديع: أودعنيها الميت، وقال: هي لفلان، ورثته: بل هي له، فقول وديعٍ مع يمينه. أفتى به الشيخ تقي الدين. انتهى رحمه الله تعالى ونفعني به. قوله:(ويحلف) أي: الوديع وتكون بيمينه على نفي العلم. قاله في «المبدع» .

قوله: (ويحلف لكل منهما) أي: ويحلف وديع لكل منهما على نصفِها، فإن نكل، لزمه عوضها يقتسمانه. قوله:(وإن كذباه) أي: أو أحدهما.

ص: 266

حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالَتَيْنِ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَإِنْ أَوْدَعَاهُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يَنْقَسِمُ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكَهُ أَوْ وَامْتِنَاعِهِ سَلَّمَ إلَيْهِ

قوله: (أنه لا يعلمه) وكذا إن كذبه أحدُهما، فإن نكل قضي عليه بالنكول، فتؤخذ منه القيمة والعين، فيقترعان عليها، أو يتفقان. هذه طريقة «المحرر» وجماعة، وقدمها الحارثي. «شرحه» .

فائدة: قال المجد في «شرحه» : لو كان على الوديع دينٌ بقدر الوديعة كألف درهمٍ، فأعطاه الوديع ألفًا ثم اختلفا، فقال الوديع: الذي دفعت إليك وفاءٌ عن الدين، والوديعة تلفت، فقال المالك: بل هوَ الوديعة، والدين بحاله، فالقول قول الوديع. انتهى. قوله:(في الحالتين) ما إذا صدَّقاه، أو كذَّباه وحلف. قوله:(فمن قرع حلف وأخذها) وكذا حكم عاريةٍ، ورهن، وبيعٍ مردودٍ بعيب، أو خيارٍ، أو غيرهما. ويأتي في الدعاوى والبينات. منصور البهوتي. ثم لو تبين أنها للمقروع، فقال الإمام: قد مضت القرعة، وعلى القارع قيمتها للمقروع. فتأمل. قوله:(ينقسم) لا كآنية نحاس، وحلي، ومختلف إجزاءٍ، إلا بإذن شريكه، أو حاكم. قوله:(سلم إليه) أي: وجوباً بلا حاكمٍ.

ص: 267

وَلِمُودِعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُ مُودَعٌ أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهَا لِغَيْرِ رَبِّهَا فَإِنْ طَلَبَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا حَلَفَ مُتَأَوِّلًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ ضَمِنَهَا وَيَأْثَمُ إنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ وَهُوَ دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا وَيُكَفِّرُ

قوله: (ولمودع

إلخ) لعل المراد في مقابلة من قال: ليس لهم ذلك، فيكون واجباً عليه، ولا سيما مع غيبة المالك. قوله:(ومستأجر) قلت: ومثلهم العدل بيده الرهن، والأجير على حفظ عين، والوكيل فيه، والمستعير والمجاعل على عملها. منصور البهوتي. قوله:(ولم يجد بدًا) من الحلف؛ بأن كان الطالب ليمينه متغلبا عليه بسلطنة، أو تلصُّص، ولا يمكنه الخلاص منه إلا بالحلف. قوله:(حلف متأولا) فينوي: لا وديعة لفلانٍ عندي في موضع كذا، من المواضع التي ليست بها ونحوه، ولم يحنث ولو بطلاق، إن كان الضرر الحاصل بالتغريم كثيرًا يوازي الضرر في صورة الإكراه. كما حرره الحارثي رحمه الله تعالى. قوله:(إن لم يتأول) لكذبه. قوله: (وهو) أي: إثم حلفه بدون تأويل. قوله: (ويكفر) قد يفهم منه: أنها ليست غموسًا؛ لأن اليمين الغموس لا كفارة فيها، ولم يستثنوا هناك شيئاً، ولعل الخلاف في عدم إثمه هنا. فليتأمل.

ص: 268