المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يشرع صعود جبل الرحمة - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كره إخراج تراب الحرم، وحجارته

- ‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

- ‌«من وقف بعرفة، ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه»

- ‌ الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس

- ‌«من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج»

- ‌ يخطب الإمام بمنى يوم النحر

- ‌السنة أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف

- ‌تضمن حجه ست وقفات للدعاء

- ‌إن أخطأ الناس، فوقفوا في الثامن، أو العاشر أجزأهم

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌يقسم فاضل بين أحرار المسلمين

- ‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

- ‌فصل في أحكام أهل الذمة

- ‌ليس لكافر دخول مسجد، ولو أذن له مسلم

-

- ‌كتاب البيع

- ‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

- ‌ الخامس (أن يكون) المعقود عليه (مقدورًا على تسليمه)

- ‌ يجوز دخول الأرض المملوكة لأخذ الماء والكلأ

- ‌ السابع (أن يكون الثمن معلومًا) للمتعاقدين

- ‌ البيعتان في بيعة هو الشرطان في البيعة

- ‌«الثاني» ما يصح معه البيع

- ‌باب الخياروقبض المبيع والإقالة

- ‌ يجوز (لمن له الخيار الفسخ

- ‌ ما لم يعلم عيبه بدون كسره

- ‌باب بيع الأصول والثمار

الفصل: ‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

مستقبل القبلة (1)(عند الصخرات وجبل الرحمة)(2) لقول جابر: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصوى إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة (3) و‌

‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

(4) .

(1) لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف كذلك، ولأبي نعيم عن ابن عمر مرفوعا «خير المجالس ما استقبل به القبلة» .

(2)

أي ويسن أن يقف عند الصخرات المنفرشة عند الجبل الذي هو بوسط أرض عرفات.

(3)

رواه مسلم وغيره، فدل على سنية الموقف هناك، والقصواء هي التي كان يركبها في أسفاره، و «حبل المشاة» بالحاء المهملة، والحبل: المستطيل من الرمل، وقيل: الضخم منه؛ وهو هنا اسم موضع فيه رمال مجتمعة، وإنما أضيف إلى الماشي، لأنه لا يقدر أن يصعد عليه إلا الماشي، وهو طريق المشاة، ومجتمعهم الذي يسلكونه، ويقفون فيه، والرمل باق فيه إلى الآن، وقد أجريت معه العين.

فموضع موقفه صلى الله عليه وسلم هو الفجوة المستعلية، التي عند الصخرات المفروشات، السود الكبار وبه مسجد، جداره فوق ذراع عند جبل الرحمة بحيث يكون أمامك إلى اليمين قليلا إذا استقبلت القبلة، وينبغي أن يقرب من موقف النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الإمكان، وفي الفائق: المسنون تحري موقفه صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، واستقبالها مستحب في كل طاعة إلا لدليل، وسواء كان جبل الرحمة بين يديه حال استقباله القبلة، أو خلفه، فإنه لم يرد في الشرع استقباله دون القبلة.

(4)

إجماعًا قاله الشيخ وغيره، وقال: وأما صعود الجبل الذي هناك فليس من السنة، وكذلك القبة التي فوقه، التي يقال لها قبة آدم لا يستحب دخولها، ولا الصلاة فيها، والطواف بها من الكبائر.

ص: 133

(1) لدعاء الناس هناك، ويقال له «إلال» على وزن «هلال»

(2)

من الأدعية في ذلك اليوم العظيم، والموقف الكبير، والدعاء في مشاعر الحج بعرفة، ومزدلفة، ومنى، والصفا، والمروة، أفضل من القراءة، بالنص والإجماع، قال الشيخ: ولم يعين النبي صلى الله عليه وسلم لعرفة دعاء، ولا ذكرا، بل يدعو الرجل بما شاء من الأدعية الشرعية، ويكبر ويهلل، ويذكر الله تعالى، حتى تغرب الشمس.

(3)

رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وفيه:«أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي عشية عرفة: لا إله إلا الله» ، إلخ وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» ، وقيل لسفيان بن عيينة: هذا ثناء، وليس بدعاء، فقال: أما سمعت قول الشاعر:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

حباؤك إن شيمتك الحباء؟

إذا أثنى عليك المرء يوما

كفاه من تعرضه الثناء

كيف وهي أعلى وأرفع مقامات الذكر والدعاء.

(4)

رواه البيهقي وغيره وكقوله: «اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرا مما نقول» إلخ.. «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر» إلخ رواه الترمذي وغيره: «اللهم إنك ترى مكاني، وتسمع كلامي» إلخ رواه الطبراني وغيره.

ص: 134

ويكثر الاستغفار، والتضرع، والخشوع، وإظهار الضعف والافتقار (1) ويلح في الدعاء (2) .

(1) والتذلل، وتفريغ الباطن والظاهر من كل مذموم، وليكن على طهارة في هذا المشعر العظيم، ويوم الحج الأكبر، فإنه موقف تسكب فيه العبرات، وتقال فيه العثرات، وهو أعظم مجامع الدنيا، فإذا فرغ قلبه، وطهره وطهر جوارحه، واجتمعت الهمم وتساعدت القلوب، وقوي الرجاء، وعظم الجمع كان جديرا بالقبول، فإن تلك أسباب نصبها الله مقتضية لحصول الخير، ونزول الرحمة ويجتهد أن يقطر من عينه قطرات، فإنها دليل الإجابة، وعلامة السعادة كما أن خلافه علامة الشقاوة، فإن لم يقدر على البكاء، فليتباك بالتضرع، والدعاء {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ *} .

(2)

لأنه يوم ترجى فيه الإجابة، ويرفع يديه، قال ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يدعو، ويداه إلى صدره، كاستطعام المسكين، رواه أبو داود قال الشيخ: ويجتهد في الذكر والدعاء هذه العشية فإنه ما رؤي إبليس في يوم هو فيه أصغر، ولا أحقر، ولا أغيظ، ولا أدحض من عشية عرفة، لما يرى من تنزيل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤى في يوم بدر، وروى أبو ذر الهروي عن أنس مرفوعا، «إن الله يباهي بهم الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا، غبرا، أقبلوا يضربون إلي من كل فج عميق، فاشهدوا أني قد غفرت لهم، إلا التبعات التي بينهم» ، وقال: وأما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة، فلم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم، وقد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا يلبون يوم عرفة.

ص: 135

ولا يستبطئ الإجابة (1)(ومن وقف) أي حصل بعرفة (2)(ولو لحظة) أو نائما، أو مارا، أو جاهلا أنها عرفة (3)(من فجر يوم عرفة (4) إلى فجر يوم النحر (5)) .

(1) لقوله عليه الصلاة والسلام «ليدع أحدكم، ولا يستبطئ الإجابة فيقول: دعوت ودعوت فلم يستجب لي، فإن الله تعالى قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} » وإذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة اجتمع فضيلتان، وفي آخر الجمعة ساعة الإجابة على الراجح، فيكون له مزية على سائر الأيام، قال ابن القيم:«وأما ما استفاض على ألسن العوام، أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة، فباطل لا أصل له.»

(2)

وقت الوقوف، وهو أهل له، صح حجه، فلا يقال: لا بد من الإرادة.

(3)

صح حجه، صححه صاحب التلخيص، وجزم به الموفق، وهو مذهب الجمهور، ولو كان حصوله فيها لحظة لطيفة للخبر.

(4)

هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وعنه: الوقوف من الزوال يوم عرفة، وفاقا للأئمة الثلاثة، واختاره الشيخ وغيره، وحكاه ابن المنذر وابن عبد البر إجماعا، لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يقفوا إلا بعد الزوال وما قبله لا يعتد به، في قول أكثر الفقهاء، فإنه لم ينقل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيدا لمطلق خبر «من ليل أو نهار» .

(5)

إجماعا لقوله صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» ثلاثا «فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك» رواه أحمد، وأهل السنن، بإسناد صحيح، وفي لفظ «الحج عرفة، فمن وقف ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه» رواه بمعناه أبو داود وغيره، وصححه الترمذي وغيره، وقال وكيع: هذا الحديث أم المناسك.

ص: 136

وهو أهل له أي للحج، بأن يكون مسلمًا، محرمًا بالحج (1) ليس سكرانًا، ولا مجنونًا، ولا مغمى عليه (صح حجه)(2) لأنه حصل بعرفة في زمن الوقوف (3)(وإلا) يقف بعرفة (4) أو وقف في غير زمنه (5) أو لم يكن أهلا للحج (فلا) يصح حجه (6) .

(1) فالكافر لا يصح منه، وغير المحرم لا يعتبر وقوفه، لأنه لم يكن أهلاً للحج، فلا يعتبر وقوفه بعرفة.

(2)

لانتفاء الموانع، وإن أفاق من ذكر، وحصل منه الوقوف، ولو لحظة صح حجه، ولا تشترط له الطهارة، فلو وقفت حائض، أو نفساء صح حجها إجماعًا لقصة عائشة وأسماء، وغيرهما.

(3)

وهو أهل للحج، فصح حجه بالإجماع للأخبار.

(4)

وقد تقدم ذكر حدودها لم يصح حجه، لقوله:«الحج عرفة» وقوله «وقد وقف بعرفة» لتركه ركنا من أركان الحج المجمع عليها، فلم يصح حجه.

(5)

لم يصح حجه إجماعًا، لقوله:«من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر» الحديث قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج، ولا يجزئ عنه بعد طلوع الفجر، ويجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل، وهو قول أهل العلم.

(6)

سواء كان كافرا، أو غير محرم، أو سكرانًا أو مجنونًا بلا خلاف أو مغمى عليه لعدم أهليته.

ص: 137

لفوات الوقوف المعتد به (1)(ومن وقف) بعرفة (نهارا، ودفع) منها (قبل الغروب (2) ولم يعد) إليها (قبله) أي قبل الغروب، ويستمر بها إليه (فعليه دم) أي شاة (3) لأنه ترك واجبا (4) فإن عاد إليها، واستمر للغروب (5) أو عاد بعده قبل الفجر، فلا دم عليه (6) لأنه أتى بالواجب، وهو الوقوف بالليل والنهار (7) .

(1) ومن فاته الوقوف المعتد به فاته الحج، قال في المبدع وغيره: بغير خلاف نعلمه، لقوله:«الحج يوم عرفة، ومن جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه» رواه أبو داود، ولأنه ركن للعبادة فلم يتم بدونه، كسائر أركان العبادة وتقدم أن من كان بينه وبين الموقف مقدار صلاة صلاها صلاة خوف، واختاره الشيخ.

(2)

خالف السنة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينصرف حتى غابت الشمس وغاب القرص.

(3)

وفاقا لأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وشدد مالك فقال: إن لم يرجع فاته الحج، والنص حجة عليه، وقال ابن عبد البر: لا نعلم أحدًا من العلماء قال بقوله.

(4)

أي ومن ترك واجبا فعليه دم عند الجمهور.

(5)

فلا دم عليه إجماعًا، لإتيانه بالواجب.

(6)

كمن تجاوز الميقات بلا إحرام، ثم عاد إليه فأحرم منه.

(7)

ومن أتى بالواجب فلا دم عليه، وتقدم قوله: وقد وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه.

ص: 138