المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كتاب البيع (1)   جائز بالإجماع (2) لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كره إخراج تراب الحرم، وحجارته

- ‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

- ‌«من وقف بعرفة، ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه»

- ‌ الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس

- ‌«من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج»

- ‌ يخطب الإمام بمنى يوم النحر

- ‌السنة أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف

- ‌تضمن حجه ست وقفات للدعاء

- ‌إن أخطأ الناس، فوقفوا في الثامن، أو العاشر أجزأهم

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌يقسم فاضل بين أحرار المسلمين

- ‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

- ‌فصل في أحكام أهل الذمة

- ‌ليس لكافر دخول مسجد، ولو أذن له مسلم

-

- ‌كتاب البيع

- ‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

- ‌ الخامس (أن يكون) المعقود عليه (مقدورًا على تسليمه)

- ‌ يجوز دخول الأرض المملوكة لأخذ الماء والكلأ

- ‌ السابع (أن يكون الثمن معلومًا) للمتعاقدين

- ‌ البيعتان في بيعة هو الشرطان في البيعة

- ‌«الثاني» ما يصح معه البيع

- ‌باب الخياروقبض المبيع والإقالة

- ‌ يجوز (لمن له الخيار الفسخ

- ‌ ما لم يعلم عيبه بدون كسره

- ‌باب بيع الأصول والثمار

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كتاب البيع (1)   جائز بالإجماع (2) لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ}

‌كتاب البيع

(1)

جائز بالإجماع (2) لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} (3)(وهو) في اللغة أخذ شيء وإعطاء شيء؛ قاله ابن هبيرة (4) .

(1) تقدم ذكر أركان الإسلام التي لا يستقيم إلا بها، وحيث أنه لا يتصور منها صدورها إلا بقوة يخلقها الله في أبداننا، وقد أجري العادة بأن تلك القوة لا تدوم إلا بمادة، تحصيلها عن الكسب فيما أباحه الله، من السعي في وجوه المعاملات، من البيع وغيره، وقد حكي الإجماع، على أنه لا يجوز لمكلف أن يقدم على فعل، حتى يعلم حكم الله فيه، أتبعه بالأركان وقدمه على الأنكحة وما بعدها، لشدة الحاجة إليه، وقد بعث عمر من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه.

(2)

بل بالكتاب والسنة، وبالقياس، والإتيان بأصول الدين الأربعة أكمل إذا اتفقت.

(3)

أي أحل الله لكم الأرباح في التجارة، بالبيع والشراء، ويشمل بيع المنافع كالإجارة، وكذا بقية البيوع، كالسلم ونحوه، فـ «أل» فيه للاستغراق، وقال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} وغير ذلك من الآيات، الدالة على جواز البيع، ومن السنة «البيعان بالخيار» وغيره والإجماع معلوم في الجملة، والقياس معلوم أن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، ولا يبذله غالبًا ففي تجويز البيع حصول لغرضه، ودفع لحاجته.

(4)

أي دفع عوض، وأخذ ما عوض عنه، وابن هبيرة هو الوزير، عون الدين، أبو المظفر، يحيى بن محمد بن هبيرة، بن سعد بن الحسن بن أحمد الشيباني

الدوري ثم البغدادي الحنبلي، العامل العادل، صاحب المصنفات الكثيرة

منها الإفصاح عدة مجلدات لما بلغ: «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين» ذكر ما اتفق عليه الأئمة في الفقه، وما اختلفوا فيه، توفي سنة ستين وخمسمائة.

ص: 325

مأخوذ من الباع، لأن كل واحد من المتبايعين، يمد باعه للأخذ والإعطاء (1) وشرعا (مبادلة مال ولو في الذمة)(2) بقول أو معاطاة (3) والمال عين مباحة النفع بلا حاجة (4)(أو منفعة مباحة) مطلقًا (5)(كممر) في دار أو غيرها (6)(بمثل أحدهما) متعلق بمبادلة، أي بمال أو منفعة مباحة (7) .

(1) هذا قول الأكثر، وقيل من المبايعة في العهد، مصدر باع يبيع إذا ملك، ولفظ البيع والشراء، كل منهما يطلق على ما يطلق عليه الآخر، وما دخلت عليه الباء فهو الثمن.

(2)

كعبد وثوب صفته كذا، والمبادلة: جعل شيء في مقابلة شيء آخر، وأتى بصيغة المفاعلة لأن البيع لا يكون إلا بين اثنين، حقيقة أو حكما، كتولي طرفي العقد.

(3)

وهما صورتا البيع الآتي ذكرهما.

(4)

احترازًا من كلب الصيد ونحوه، فإنه لا يباح إلا لحاجة.

(5)

أي لا تختص إباحتها بحال دون أخرى، بل في كل حال.

(6)

كبقعة تحفر بئرًا.

(7)

نحو بيع كتاب بكتاب، أو بممر في دار، أو بيع نحو ممر في دار بكتاب أو بممر في دار أخرى.

ص: 326

فتناول تسع صور، عين بعين (1) أو دين، أو منفعة (2) دين بعين أو دين (3) بشرط الحلول والتقابض قبل التفرق (4) أو بمنفعة (5) منفعة بعين، أو دين، أو منفعة (6) وقوله:(على التأبيد) يخرج الإجارة (7)(غير ربا وقرض) فلا يسميان بيعًا، وإن وجدت فيهما المبادلة (8) لقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (9) .

(1) كهذا الكتاب بهذا الدينار.

(2)

أي أو عين بدين، كهذا الكتاب بدينار في الذمة، أو عين بمنفعة. كهذا الثوب بعلو بيت، ليضع عليه بنيانًا ونحوه.

(3)

فالدين بعين كعبد موصوف، بهذا الدينار، والدين بالدين: كعبد موصوف، بعبد موصوف ونحوه.

(4)

أي لأحدهما إذا باع دينًا بدين.

(5)

أي أو دين بمنفعة، كجارية موصوفة بموضع بحائطه يفتحه بابًا.

(6)

فالمنفعة بعين: كممر دار بهذا الدرهم، والمنفعة بدين: كممر دار بدرهم في الذمة، والمنفعة بمنفعة: كممر دار بممر دار.

(7)

وإن لم تقيد مبادلة المنفعة بمدة، أو عمل معلوم، وتخرج الإعارة وإن لم تقيد بزمن، لأن المستأجرات والعواري مردودة.

(8)

فقد أخرجا من حكم البيع، أما الربا فمحرم.

(9)

فرد تعالى قول المشركين، لما اعترضوا على أحكام الله في شرعه و {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} أي نظيره مع علمهم بتفريق الله بين البيع والربا حكما

وأخبر أن الذين يعاملون فيه {لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} .

ص: 327

والمقصود الأعظم في القرض الإرفاق، وإن قصد فيه التملك أيضًا (1)(وينعقد) البيع (بإيجاب وقبول) بفتح القاف، وحكي ضمها (2) (بعده) أي بعد الإيجاب (3) فيقول البائع: بعتك أو ملكتك أو نحوه بكذا (4) ويقول المشتري: ابتعت أو قبلت ونحوه (5)(و) يصح القبول أيضا (قبله) أي قبل الإيجاب بلفظ أمر (6) .

(1) أي وإن قصد بالقرض التملك، فهو غير مسمَّى بيعًا، وإنما هو عقد إرفاق.

(2)

حكاه في اللباب، والفتح أشهر وإيجاب الشيء، جعله واجبًا وقبوله التزامه والرضى به.

(3)

بأي لفظ دال على الرضا.

(4)

كوليتكه، أو أشركتك فيه، أو وهبتكه بكذا من الثمن، وكأعطيتكه بكذا.

(5)

كاشتريته، أو أخذته فليست منحصرة في لفظ بعينه، بل بكل ما أدى معنى البيع، لأن الشارع لم يخصه بصيغة معينة، وفي الإنصاف: بعتك أو قبلت إن شاء الله، صح بلا نزاع أعلمه.

(6)

نحو: بعني كذا بكذا، وينعقد الإيجاب بلفظ الأمر نحو: خذه ونحوه: لا بنحو ابتعه واشتره.

ص: 328

أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه (1) لأن المعنى حاصل به (2) ويصح القبول (متراخيًا عنه) أي عن الإيجاب ما داما (في مجلسه)(3) لأن حالة المجلس كحالة العقد (4)(فإن تشاغلا بما يقطعه) عرفًا (5) أو انقضى المجلس قبل القبول (بطل)(6) لأنهما صارا معرضين عن البيع (7) وإن خالف القبول الإيجاب لم ينعقد (8) .

(1) كترج وتمن، فالمجرد نحو: اشتريته بكذا، أو ابتعته أو أخذته، بخلاف: أبعتني؟ أتبيعني؟ لعلك بعتني، ليتك بعتني، أو تبيعني، إذ ليس بقبول.

(2)

أي معنى البيع حاصل، بنحو بعني: فيقول: بعتك.

(3)

أي مجلس البيع، وكذا إن تراخى الإيجاب عن القبول، في نحو بعني كذا بكذا.

(4)

لعموم ما لم يتفرقا، ولأنه يكتفى بالقبض فيه لما يعتبر قبضه.

(5)

من كلام أجنبي أو سكوت طويل، أو أكل، ونحو ذلك بطل.

(6)

أي البيع للخبر.

(7)

أشبه ما لو صرحا بالرد وإن كان المشتري غائبًا عن المجلس، فكاتبه البائع أو راسله، إني بعتك داري بكذا، فلما بلغه الخبر قبل البيع، صح العقد، لأن التراخي مع غيبة المشتري لا يدل على إعراضه عن الإيجاب، واختار الشيخ صحة البيع بكل ما عده الناس بيعًا، من متعاقب أو متراخ، من قول أو فعل.

(8)

أي البيع سواء كانت المخالفة في قدر الثمن، أو صفته أو غيرهما، كما لو قال: بألف صحيحة، فقال: اشتريته بألف مكسرة، لم يصح ولو قال

بعتك بكذا، فقال: أنا آخذه بكذا، لم يصح، فإن قال: أخذته بكذا، أو: منك صح.

ص: 329

(وهي) أي الصورة المذكورة أي الإيجاب والقبول (الصيغة القولية) للبيع (1)(و) ينعقد أيضا (بمعاطاة وهي) الصيغة (الفعلية)(2) مثل أن يقول: أعطني بهذا خبزًا، فيعطيه ما يرضيه (3) أو يقول البائع: خذ هذا بدرهم، فيأخذه المشتري (4) أو وضع ثمنه عادة وأخذه عقبه (5) .

(1) فإن له صيغتين يوجد عقده بكل واحدة منهما، والإيجاب والقبول إحدى الصيغتين.

(2)

يعني الحالة بين العاقدين لعموم الأدلة، ولأن الله أحل البيع، ولم يبين كيفيته، فرجع فيه إلى العرف، ولم يزل المسلمون على البيع بالمعاطاة.

(3)

وهو ساكت والفاء للترتيب، فإن تراخى لم يصح البيع.

(4)

وهو ساكت أيضًا، وكذا لو ساومه سلعة بثمن، فيقول البائع: خذها فيأخذها المشتري وهو ساكت، أو: هي لك، أو أعطيتكها، فيأخذها.

(5)

أو قال: كيف تبيع الخبز، فيقول: كذا بدرهم، فيقول خذ درهمًا، قال الشيخ: بيع المعاطاة له صور أحدها: أن يصدر من البائع إيجاب لفظي فقط، ومن المشتري أخذ كقوله: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه، وكذلك لو كان الثمن معينًا، مثل أن يقول: خذ هذا الثوب بثوبك فيأخذ، ولا بد أن يميز هذا الأخذ عن أخذ المستام، الثانية: أن يصدر من المشتري لفظ، والبائع إعطاء سواء كان الثمن معينًا أو مضمونًا في الذمة، الثالثة: لا يلفظ واحد منهما، بل هناك

عرف بوضع الثمن، وأخذ المثمن اهـ وظاهره اعتبار الترتيب في بيع المعاطاة، قال ابن قندس، وهو أولى منه في الصيغة القولية، وظاهره أيضا: ولو لم يكن المالك حاضرًا، للعرف، ولو ضاع الثمن، فمن ضمان المشتري، لعدم قبض البائع له.

ص: 330