الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب بيع الأصول والثمار
(1)
الأصول جمع أصل، وهو ما يتفرع عنه غيره (2) والمراد هنا الدور والأرض والشجر (3) والثمار جمع ثمر، كجبل وجبال (4) وواحد الثمر ثمرة (5) .
(إذا باع دارا) أو وهبها، أو رهنها، أو وقفها، أو أقر أو أوصى بها (شمل) العقد (أرضها)(6) .
(1) أي هذا باب يذكر فيه حكم بيع الأصول، وبيع الثمار، وما يتعلق بذلك.
(2)
وفي القاموس: أسفل الشيء، وجمعه أصول وأصل، وفرع يتفرع تفريعا انحدر وصعد، ومنه: الأغصان كثرت.
(3)
أي والمراد بالأصول في هذا الباب الدور والأرض والشجر، وهو من النبات ما قام على ساق، أو سما بنفسه، دق أو جل.
(4)
وجمعه ثمر، وجمع الجمع أثمار، وهو حمل الشجر.
(5)
بالفتح والضم، والثمرة أيضا الشجرة، وثمر الشجر، وأثمر صار فيه الثمر، وهو أعم مما يؤكل فيشمل القرظ ونحوه.
(6)
أي إذا باع دارا، وقال الموفق: بحقوقها، أووهب دارا، أو رهن دارا، أو وقف دارا، أو أقر بدار، أو أوصى بدار شمل العقد أرض الدار، وقال الموفق: ومرافقها. والوجه الثاني: يثبت له حق الاختصاص، من غير ملك، وصرح في الإقناع والمنتهى بدخول الفناء في الملك، وقال الوزير: اتفقوا على أنه إذا باع دارا لم يكن له أن يبيع فناءها، فإن باعه فالبيع باطل في الفناء.
أي إذا كانت الأرض يصح بيعها (1) فإن لم يجز كسواد العراق فلا (2)(و) شمل (بناءها وسقفها) لأنهما داخلان في مسمى الدار (3)(و) شمل (الباب المنصوب) وحلقته (4)(والسلم والرف المسمورين (5) والخابية المدفونة) (6) والرحى المنصوبة (7) .
(1) وذلك بأن لم تكن موقوفة ونحوه.
(2)
أي فلا يشمل العقد أرض الدار المبيعة ونحوه، وذكر ذلك بعض الأصحاب، وتقدم صحة بيع المساكن مما فتح عنوة، كأرض الشام، ومصر، والعراق، وصرح الموافق وغيره أنه لا بأس بحيازتها، وبيعها، وشرائها وسكناها، وقال أبو عبيد: ما علمنا أحدا كره ذلك، واقتسمت خطط بالكوفة، والبصرة، والشام، ومصر، وغيرها من البلدان، فما عاب ذلك أحد، ولا أنكره.
(3)
أي وشمل العقد بناء الدار، وشمل سقفها، من خشب أو أحجار أو غير ذلك، وشمل درجها ونحوه، لدخوله في مسماها.
(4)
لاتصال الباب بالدار، وكونه لمصلحتها، واتصال الحلقة به، فأخرج الملقى فيها بغير نصب.
(5)
السلم -بضم السين وفتح اللام- المرقاة، مأخوذ من السلامة تفاؤلا، والرف شبه الطاق، يجعل عليه طرائف البيت، فإذا كانا مسمرين شملهما العقد، وإلا فلا.
(6)
أي وشمل العقد الخابية يعني الحِبَّ، إذا كانت مدفونة، للانتفاع بها، وكذا الأجرنة المبنية، فإن لم تكن الخابية مدفونة، ولا الأجرنة مبنية لم يتناولها العقد.
(7)
أي وشمل العقد حجر الرحى السفلاني، إذا كانت منصوبة وإلا فل. ا
لأنه متصل بها لمصلحتها، أشبه الحيطان (1) وكذا المعدن الجامد (2) وما فيها من شجر وعرش (3)(دون ما هو مودع فيها من كنز) وهو المال المدفون (4)(وحجر) مدفون (5)(ومنفصل منها كحبل، ودلو، وبكرة (6) .
(1) أي لأن ما ذكر ونحوه متصل بالدار لمصلحتها، فشمله العقد، أشبه شمول العقد للحيطان، والمعتبر هنا العرف، لأن القصود في العقود معتبرة، وماكان في الأرض من الحجارة المخلوقة فيها، أو مبنيا فيها، كأساسات الحيطان المتهدمة، والآجر المتصل بالأرض، يشمله العقد، لأنه من أجزائها، فهو كترابها، وإن كان المتصل يضر بها كالصخر فعيب.
(2)
سواء كان معدن ذهب، أو فضة، أو غيرهما، يشمله العقد، ويملك بملك الدار التي هو فيها، لأنه كأجزاء الدار، وإن لم يعلم به البائع فله الخيار، وكذا ما ظهر فيها من بئر، أو عين ماء، ويلزم المشتري إعلامه به.
(3)
أي وكذا ما في الدار من شجر، له ساق أولا، وما فيها من عرش جمع عريش، وهو الظلة، أو ما يحل عليه العنب، أو خيمة من خشب وثمام، يشمله العقد، فهو للمشتري لاتصاله بالدار.
(4)
أي دون ما هو مودع في الدار للنقل، من كنز وهو المال المدفون في الأرض من ذهب، أو فضة أو غيرهما.
(5)
أي ودون حجر مدفون لأنه مودع فيها للنقل، أشبه الستر والفرش.
(6)
وهي بالفتح خشبة مستديرة في وسطها محز، يستقى عليها الماء، أو المحَّالة أي فهي للبائع، لانفصالها من الدار، ولا يتناولها البيع، أشبهت الثياب والطعام.
وقفل، وفرش، ومفتاح) (1) ومعدن جار، وماء نبع (2) وحجر رحى فوقاني، لأنه غير متصل بها، واللفظ لا يتناوله (3) ولو كانت الصيغة المتلفظ بها الطاحونة، أو المعصرة، دخل الفوقاني كالتحتاني (4)(وإن باع أرضا) أو وهبها، أو وقفها أو رهنها، أو أقر أو أوصى بها (5) (ولو لم يقل: بحقوقها شمل) العقد (غرسها، وبناءها) لأنهما من حقوقها (6) .
(1) القفل بالضم: الحديد الذي يغلق به الباب، والفرش ما تفرش به الدار من أي نوع كان، والمفتاح آلة الفتح، وكذا رفوف موضوعة، لعدم اتصالها، ولأن اللفظ لا يشملها، والمعتبر العرف، وتقدم في قبض الدار أن يسلم له مفتاحها، ومفتاحها من مصالحها، وظاهر كلام الموفق وغيره: ما لا يختص بمصلحتها.
(2)
أي خارج من العين لأنه يجري من تحت الأرض إلى ملكه، أشبه ما يجري من الماء في نهر إلى ملكه، ولأنه لا يملك إلا بالحيازة، وأما نفس البئر، وأرض العين ونحوها مما يتصل بها، فلمالك الأرض، وينتقل بانتقالها، لاتصاله بها.
(3)
ولا يدخل في مسمى الدار، فهو للبائع.
(4)
كأن يقول: بعتك هذه الطاحونة، أو المعصرة لتناول اللفظ له.
(5)
أو جعلها صداقا، أو عوضا في خلع، أو عتق، أو جعالة أو تصدق بها ونحو ذلك.
(6)
ويتخذان للبقاء فيها، وليس لانتهائه مدة معلومة، استظهره غير واحد، وما كان كذلك يدخل فيها بالإطلاق، وإن قال: بحقوقها، دخل الغرس والبناء في البيع، قال في الإنصاف: بلا نزاع.
وكذا إن باع ونحوه بستانا لأنه اسم للأرض، والشجر، والحائط (1)(وإن كان فيها زرع) لا يحصد إلا مرة (كبر، وشعير، فلبائع) ونحوه (2)(مبقى) إلى أول وقت أخذه، بلا أجرة، ما لم يشترطه مشتر (3)(وإن كان) الزرع (يُجزُّ) مرارا، كرطبة وبقول (4) .
(1) أي ومثل إن باع أرضا في الحكم، إن باع، أو وهب، أو وقف، أو رهن بستانا، أو أقر أو أوصى ونحو ذلك ببستان، دخل الغراس والبناء، لأن البستان اسم للأرض، والشجر والحائط، بدليل أن الأرض المكشوفة لا تسمى به، وكذا لو باع ونحوه ملكه أو نخله بحقوقه، والمتعارف شمول البيع للأرض والشجر والحوائط، شملها العقد، وإن كان فيها منازل -والمتعارف دخول المنازل- دخلت، لأنها من آكد الحقوق، فإن ما كان مقصودا بالعقد اعتبر في الحكم.
(2)
أي وإن كان في الأرض المبيعة زرع، من أي نوع لا يحصد إلا مرة -كبر وشعير، وأرز ودخن وذرة، وقطنيات ونحوها يبقيانه- فلبائع ونحوه كواهب وواقف، وراهن، ومقر، وموص، ونحوهم إذا أطلق البيع ونحوه، لأنه مودع في الأرض، فهو كالكنز، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي.
(3)
أي الزرع ونحوه، مبقى في الأرض المبيعة، إلى أول وقت أخذه المعتاد، كالثمرة بلا أجرة، لأن المنفعة مسستثناة له، وعلم منه أنه لا يبقى بعد أول وقت أخذه المعتاد -وإن كان بقاؤه أنفع له- إلا برضى مشتر، وذلك ما لم يشترط الزرع مشتر أو متهب ونحوه، فإن اشترطه كان له، ولا يضر جهله في بيع، ولا عدم كماله، لدخوله تبعا.
(4)
أي وإن كان في الأرض المبيعة الزرع يجذ مرة بعد أخرى كرطبة
بفتح الراء، وهي الفصفصة، يعني «القت» وقيل: إذا يبست فهي وقت، وكبقول، كالنعناع والكراث.
(أو يلقط مرارا) كقثاء وباذنجان (1) وكذا نحو ورد (2)(فأصوله للمشتري) لأنها تراد للبقاء، فهي كالشجرة (3)(والجزة واللقطة الظاهرتان عند البيع للبائع)(4) وكذا زهر تفتح، لأنه كالثمر المؤبر (5) .
(1) واحدة القثاء قثاءه، وهو اسم لما يسميه بعض الناس الخيار، والعجور والفقوس، وبعضهم يطلقه على ما يشبه الخيار، وكدباء فأصوله للمشتري إذا أريد به البقاء، سواء كان مما يبقى في الأرض سنة، كالهندباء، أو أكثر كالرطبة وكذا إن كان المقصود منه مستترا بالأرض، كالفجل، والثوم.
(2)
مما يتكرر زهره كياسمين وبنفسج ونرجس.
(3)
أي فأصول جميع هذه للمشتري، وكذا غصونه وأوراقه، لأنه من أجزائه، وهو مقيد بما إذا أريد بها البقاء، والدوام في الأرض، فتكون كالشجر، وإن لم يرد بها الدوام، بل النقل إلى موضع آخر، ويسمى الشتل، وكان أصلها لا يبقى في الأرض، فحكمها حكم الزرع.
(4)
الجزة بالفتح اسم للمرة الواحدة، وهي بالكسر اسم لما يتهيأ للجز، كما في المطلع وغيره، فالجزة من الرطبة والبقول ونحوها، واللقطة من القثاء، والباذنجان، والزهور ونحو ذلك، عند البيع للبائع، لأنه مما تكرر الثمرة فيه، أشبه الشجر.
(5)
أي وكما يلقظ مرارا، زهر تفتح عند البيع، فهو للبائع، لأنه كالثمر المؤبر فأعطي حكمه.
وعلى البائع قطعها في الحال (1)(وإن اشترط المشتري ذلك صح) الشرط (2) وكان له، كالثمر المؤبر، إذا اشترطه مشتري الشجر (3) ويثبت الخيار لمشتر ظن دخول ما ليس له من زرع وثمر (4) كما لو جهل وجودهما (5) ولا يشمل بيع قرية مزارعها بلا نص أو قرينة (6) .
(1) أي وعلى البائع ونحوه، قطع الجزة الظاهرة، واللقطة الأولى، ونحوهما في الحال فورا، إن كان ينتفع به، وإلا فيبقى كبر وشعير.
(2)
لحديث «المسلمون على شروطهم» .
(3)
قصيلا كان أو ذا حب مستتر، أو كان ظاهرا، معلوما أو مجهولا، لأنه دخل في البيع تبعا للأرض فلا يضر جهله، وعدم كماله، كما تقدم.
(4)
إذا كان ممن يجهل ذلك.
(5)
أي الزرع والثمر لبائع، لتضرره بفوات منفعة الأرض والشجر ذلك العام، والقول قوله بيمينه في جهل ذلك، إن جهله مثله كالعامي، لأن الظاهر معه، وإلا لم يقبل قوله.
(6)
فالنص كبعتك القرية بمزارعها، والقرينة مثل المساومة على أرضها، أو ذكر الزرع والغرس فيها، وذكر حدودها، أو بذل ثمن لا يصلح إلا فيها وفي مزارعها، ولا يدخل ما يشمله البيع، فيما إذا باعه دارا، كما تقدم، بل يشمل بيعها الدور والحصون والسور، لأن ذلك هو مسمى القرية، وأما الغراس الذي بين بنيانها، فحكمه حكم الغراس في الأرض، فيدخل تبعا للأرض.
فصل (1)
(ومن باع) أو وهب أو رهن (نخلا تشقق طلعه)(2) ولو لم يؤبر (3)(فـ) الثمـ (لبائع مبقى إلى الجذاذ (4) إلا أن يشترطه مشتر) ونحوه (5) .
(1) في بيع الثمار وما يتعلق به.
(2)
أي من باع نخلا أو وهب، أو رهن نخلا تشقق طلعه، بكسر الطاء وفتحها على المشهور، وهو ظاهر القاموس وغيره، وعاء عنقوده، سواء تشقق الطلع بنفسه، أو شققه الصعاد فيظهر، قال القاضي: أيهما كان فهو التأبير ههنا، والحكم متعلق بالظهور من الغلاف، دون نفس التلقيح، بغير خلاف بين العلماء.
(3)
أي يلقح، وهو وضع طلع الفحال في طلع النخل، وتأبير بعض النخل، يجعل جميعها للبائع.
(4)
وذلك حين تتناهى حلاوة ثمرتها، وفي غير النخل يتناهى إدراكه، ولا فرق بين استحقاقها بالظهور، بأن باع ونحوه بعد التشقق ونحوه، وبين استحقاقها بالشرط، بأن باع ونحوه قبل التشقق والظهور واشترطها، ما لم تكن عادته بأخذه بسرا، أو بسره خير من رطبه، أو يشترط قطعة، ونحو ذلك.
(5)
أي إلا أن يشترط الثمر مشتر ونحوه، كمتهب ومرتهن ومصالح به، ومن آل إليه أجرة أو صداقا، أو عوض خلع، ونحو ذلك، أو يشترط بعضه أو نخلة بعينها وكذا بائع ونحوه، فمن اشترط الثمرة منهما، فهي له، سواء كان ذلك قبل أن تتشقق أو بعده، عملا بالشرط، لا قبل ظهورها، لشبهها بالمعدوم، واستثنى بعضهم الوقف والوصية، فإن الثمرة تدخل فيها، كفسخ لعيب، ورجوع أب في هبة.
لقوله صلى الله عليه وسلم «من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترطه المبتاع» متفق عليه (1) والتأبير التلقيح (2) وإنما نص عليه (3) والحكم منوط بالتشقق لملازمته له غالبا (4) .
(1) أي من اشترى نخلا بعد أن تؤبر، أي تشقق وتلقح، والتأبير التشقيق والتلقيح، وذلك أنه يشق طلع النخلة الأنثى، ليذر فيها شيء من طلع النخلة، الذكر، فالثمرة للبائع، إلا أن يشترطها المشتري، وذلك كأن يقول: اشتريت الشجرة بثمرتها، فدل الحديث على أن من باع نخلة وعليها ثمرة مؤبرة، لم تدخل الثمرة في البيع، بل تستمر على ملك البائع، إلا أن يشترطها المبتاع فتكون له، ودل بمفهومه على أنها إن كانت غير مؤبرة تدخل في البيع، وتكون للمشتري، والبيع صحيح باتفاق أهل العلم، والنهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، المراد بها المستقلة، وهنا الثمرة تابعة للنخل، فتدخل تبعا.
وقال أحمد الذي قد أبر للبائع، والذي لم يؤبر للمشتري، واختار الشيخ، أن الحكم منوط بالتأبير، وهو ظاهر النص، وألحق بالبيع باقي عقود المعاوضات، لأنها في معناه، وكذا الهبة، والرهن، وتترك إلى الجذاذ، لأن تفريغ المبيع بحسب العرف والعادة.
(2)
وفي القاموس: أبر النخل يأبره، أصلحه كأبره، وفي النهاية، المأبورة الملقحة، يقال: أبرت النخلة وأبرتها فهي مأبورة ومؤبرة، والاسم الإبار.
(3)
أي وإنما نص في الحديث على التأبير، الذي هو التلقيح.
(4)
أي والحكم عند بعض العلماء معلق بالتشقق، لملازمة التشقق للتأبير في الغالب، وتقدم أنه قول الجمهور، وقول أحمد: إنه منوط بالتأبير، اختاره الشيخ وغيره، أخذا بظاهر النص.
وكذا لو صالح بالنخل (1) أو جعله أجرة (2) أو صداقا، أو عوض خلع (3) بخلاف وقف ووصية، فإن الثمرة تدخل فيهما، أبرت أو لم تؤبر (4) كفسخ لعيب ونحوه (5)(وكذلك) أي كالنخل (شجر العنب، والتوت، والرمان وغيره) كجميز (6) .
(1) أي ومثل من باع في الحكم، لو صالح بنخل تشقق طلعه، ولو لم يؤبر، فثمرته لمعط، ما لم يشترطه آخذ.
(2)
ومثله لو جعله جعلا، أو أخذه تبعا للأرض بشفعة.
(3)
أي جعل النخل ونحوه صداقا، أو جعله عوض خلع، أو عوض طلاق أو عتق، فثمرة نخل تشقق طلعه لمعط إلى الجذاذ، ما لم يشترطه آخذ وما قبل التشقق لمشتر.
(4)
لأن المقصود من وقف ذلك الانتفاع به، فدخلت مطلقا ومثله الوصية، واقتصاره عليهما يفهم أن الإقرار ليس كذلك، كما هو مفهوم شرح الإقناع.
(5)
أي كفسخ بيع، وكذا نكاح قبل دخوله لعيب، ومقايلة في بيع، ورجوع أب في هبة وهبها لوالده، حيث لا مانع منه، فتدخل الثمرة في هذه الصور ونحوها، لأنها نماء متصل، أشبهت الثمر في المبيع.
(6)
بضم الجيم، وفتح الميم المشددة، التين الحلو، وكذا الجوز وغيره مما فيه ثمر باد، وجعله العنب مما تظهر ثمرته بارزة، لا قشر عليها ولا نور، فيه نظر، بل هو بمنزلة ما يظهر نوره ثم يتناثر، فتظهر قطوفه كحب الدخن، ثم يتفتح ويتناثر كتناثر النور، فيلحق بالتفاح ونحوه.
من كل شجر لا قشر على ثمرته (1) فإذا بيع ونحوه بعد ظهور الثمرة كانت للبائع ونحوه (2)(و) كذا (ما ظهر من نوره كالمشمش والتفاح (3) وما خرج من أكمامه) جمع كم وهو الغلاف (4)(كالورد) والبنفسج (والقطن)(5) الذي يحمل في كل سنة (6) .
(1) أو بدا في قشره وبقي فيه إلى أكله كالرمان والموز، أو في قشريه كالجوز.
(2)
كمرتهن ومتهب وغيرهما ممن تقدم، لأن ظهورها من شجرها بمنزلة ظهور ما في الطلع.
(3)
والسفرجل واللوز، والخوخ ونحوه، و «نوره» بفتح النون زهره.
(4)
كما في النهاية وغيرها وفي القاموس: وعاء الطلع، وغطاء النور، والغلاف الغطاء.
(5)
فإنه تظهر أكمامه ثم تفتح، فهو كالطلع، قال في الإنصاف: ما خرج من أكمامه كالورد والقطن للبائع بلا نزاع. اهـ، وكذا الياسمين والبنفسج والنرجس ونحوه، فإن الشجر على خمسة أضرب، ما تكون ثمرته في أكمام، ثم تفتح فتظهر كالنخل ومنه القطن، وما يقصد نوره كالورد، والياسمين والنرجس، والبنفسج، وهو بفتح الباء، والثاني: ما تظهر ثمرته بارزة، كالتين، والجميز، والثالث: ما يظهر في قشره، ثم يبقى فيه إلى حين الأكل كالرمان، والرابع: في قشريه كالجوز واللوز، لأن قشره لا يزول عنه غالبا، والخامس ما يظهر نوره ثم يتناثر، فنظهر الثمرة كالتفاح.
(6)
قيده بذلك، لأن قطن الشام ونحوه الذي يحصد في كل سنة بخلافه فحكمه حكم الزرع.
لأن ذلك كله بمثابة تشقق الطلع (1)(وما قبل ذلك) أي قبل التشقق في الطلع (2) والظهور، في نحو العنب، والتوت والمشمش (3) والخروج من الأكمام في نحو الورد، والقطن (4)(والورق فلمشتر) ونحوه (5) لمفهوم الحديث السابق في النخل (6) .
(1) فأعطي حكمه، فإن تشقق طلع النخل هو الأصل، وما سواه مقيس عليه.
(2)
فلمشتر لمفهوم الخبر المتقدم ومفهومه قوله: قضى أن ثمرة النخل لمن أبرها: وهو مذهب مالك والشافعي.
(3)
والرمان، والجميز، والتفاح، والسفرجل، ونحو ذلك مما تقدم لمشتر.
(4)
والبنفسج والياسمين ونحوه لمشتر، قياسا على الطلع.
(5)
وكذا الأغصان وسائر أجزاء الشجر، لمشتر، ومتهب، ونحوهما لأن ذلك من أجزائها، خلق لمصلحتها، فهو كأجزاء سائر المبيع، ويحتمل أن يكون ورق التوت المقصود أخذه لدود القز للبائع، إذا تفتح، لأنه بمنزلة ما يظهر نوره من الورد وغيره، وذلك إذا كان عادتهم أخذ الورق، لأن القصود في ذلك ونحوه معتبرة.
(6)
ولفظه «من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها، إلا أن يشترطها المبتاع» وهو مذهب جمهور العلماء، قال الوزير وغيره: إن كان غير مؤبر فقال مالك، والشافعي، وأحمد: الثمرة للمشتري، وإن كان مؤبرا فللبائع، إلا أن يشترطه المبتاع.
وما عداه فبالقياس عليه (1) وإن تشقق أو ظهر بعض ثمره، ولو من نوع واحد، فهو لبائع (2) وغيره لمشتر (3) إلا في شجرة، فالكل لبائع ونحوه (4) ولكل السقي لمصلحة، ولو تضرر الآخر (5) .
(1) أي وما عدا ثمرة النخل الذي وضح الشارع حكمه كما تقدم مقيس عليه، فإن حكم ثمر النخل هو الأصل: وقاس الشيء بالشيء، وقاسه عليه: قدره على مثاله، والقياس في الشرع: حمل فرع على أصل في حكم، يجامع بينهما.
(2)
أي وإن تشقق طلع النخل، أو ظهر بعض ثمر الشجر، فما ظهر للبائع ونحوه، ولو كان ما تشقق أو ظهر بعضه من نوع واحد، إلحاقا لما يتشقق بمتشقق لأنا إذا لم نجعل الكل للبائع أدى إلى الإضرار باشتراك الأيدي، وقال الموفق وغيره: هذا في النوع الواحد، لأن الظاهر أنه يتقارب ويتلاحق فيختلط وإلا لم يتبعه النوع الآخر ولم يفرق أبو الخطاب وغيره.
(3)
أي وغير ما تشقق وظهر كله أو بعضه فلمشتر لما تقدم.
(4)
أي وإلا أن يكون ما ظهر في شجرة، كثمرة النخلة الواحدة إذا تشقق بعضه، فإن الجميع للبائع، قال الموفق: بالاتفاق، ومثل بائع من انتقل إليه بعقد معاوضة كصداق، أولا كهبة كما تقدم، فإن اختلفا: هل بدت الثمرة، أو تشقق الطلع قبل بيع ونحوه أو بعده؟ فقول بائع: قال في الإنصاف: بلا نزاع.
(5)
أي ولبائع سقي ثمرته لمصلحة، ولمشتر سقي ماله إن كان فيه مصلحة، لحاجة وغيرها، ولو تضرر الآخر بالسقي، فلا يمنعان ولا أحدهما من السقي، لأنهما دخلا في العقد على ذلك، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة، ومن اشترى شجرة أو نخلةفأكثر، لم تتبعها أرضها، وإن لم يشترط قطعها أبقاها في أرض بائع، كثمر على شجر، بلا أجرة، ولا يغرس مكانها لو بادت، لأنه لم يملكه وله الدخول لمصلحتها، لثبوت حق الاجتياز له، ولا يدخل لتفرج ونحوه.
(ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه)(1) لأنه عليه السلام نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع، متفق عليه (2) والنهي يقتضي الفساد (3)(ولا) يباع (زرع قبل اشتداد حبه)(4) .
(1) الثمر جمع ثمرة، وهي أعم من الرطب وغيره، و «بدو» بغير همز أي ظهور صلاحه، حمرته، أو صفرته، وبدوه إذا ظهر، ولو في شجرة إذا اتحد البستان، والعقد، والجنس فيتبع ما لم يبد صلاحه ما بدا صلاحه، لأن الله جعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة، إطالة لزمن التفكه، ولو اعتبر في طيب الجميع، لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه، أو الحبة بعد الحبة، وفي كل منهما ضرر.
(2)
أما البائع فإنه يريد أكل المال بالباطل، وأما المشتري فإنه يوافقه على حرام، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث، ولهما عن أنس: نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، قيل: وما زهوها؟ قال «تحمار أو تصفار» قال الخطابي: أراد حمرة أو صفرة بكمودة، ولم يرد اللون الخالص، وقال ابن التين: ظهور أوائل الحمرة، وفي حديث زيد بن خالد: كان الناس يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمرة الدمان، وهو فساد الطلع، وسواده وقال بعضهم: مراض، قشام، أي تساقط، عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تبتاعوا حتى يبدو صلاح الثمرة» فالضابط أن يطيب أكله، ويظهر نضجه.
(3)
أي فساد المنهي عنه، لهذه الأخبار وغيرها، فإنها دالة على المنع من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وأن وقوعه في تلك الحال باطل، كما هو مقتضى النهي.
(4)
أي قوته وصلابته، والمراد بدو صلاحه، وهذا إجراء للحكم على الغالب
لأن تطرق التلف إلى البادي صلاحه ممكن، وعدمه إلى غير ما بدا صلاحه ممكن، فأنيط الحكم بالغالب.
لما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو (1) وعن بيع السنبل حتى يبيض (2) ويأمن العاهة (3) نهى البائع والمشتري (4)(ولا) تباع (رطبة وبقل (5) ولا قثاء ونحوه كباذنجان (6)
(1) وذلك إذا ظهرت حمرته، وفسره بقوله «تحمار وتصفار» وهو دليل على خلاص الثمر من الآفة، وفيه «أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟» .
(2)
وفي لفظ «حتى يشتد» وفي الصحيحين، نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب.
(3)
يعني الآفة تصيبه فيفسد، فدل الحديث على أن الصلاح في السنبل أن يشتد ويبيض، ويأمن الآفة، فاشتداد الحب هو الغاية لصحة بيعه، كبدو الصلاح في الثمرة.
(4)
أما البائع فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل، وأما المشتري فلئلا يضيع ماله، ويساعد البائع على الباطل، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا يعدل عن القول بهذا الحديث، وهو قول مالك وأهل المدينة، وأهل البصرة، وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي.
(5)
الرطبة القت، وفي النهاية: الفصفصة، وهي الرطبة من علف الدواب، والبقل: الكراث، وقيل: كل نبات، اخضرت به الأرض.
(6)
وكبطيخ وباميا والقثاء هو الخيار، والواحدة قثاءة، ويسمى الطروح.
دون الأصل) أي منفردة عن أصولها (1) لأن ما في الأرض مستور مغيب (2) وما يحدث منه معدوم، فلم يجز بيعه كالذي يحدث من الثمرة (3) فإن أبيع الثمر قبل بدو صلاحه بأصوله (4) .
(1) كثمر دون نخل، وسائر شجر، أو زرع دون أرض، أو قثاء ونحوه دون عروقه، فلم يصح البيع، لما تقدم.
(2)
كالمقاثي، أي فلا يجوز بيعها بدون أصولها.
(3)
أي كما لا يجوز بيع ما يحدث من الثمرة، لوقوع العقد على معدوم، وقال الشيخ: الصحيح أن هذه لم تدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم بل يصح العقد على اللقطة الموجودة، واللقطة المعدومة إلى أن تيبس المقثاة، لأن الحاجة داعية إلى ذلك، فيجوز بيع المقاثي دون أصولها.
وقال ابن القيم: ليس في كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام، ولا بمعنى خاص، بل صحح الشارع في بعض المواضع بيع الثمر، وإنما نهى عن بيع الثمار التي يمكن تأخير بيعها، حتى يبدو صلاحها، فلم تدخل المقاثي في نهيه، وقال: وإنما نهى عن بيع الغرر، ولا يسمى هذا البيع غررا لا لغة، ولا عرفا، ولا شرعا اهـ.
وأهل الخبرة يستدلون بما ظهر من الورق، على المغيب في الأرض، والمرجع في ذلك إليهم، وأيضا العلم في المبيع شرط، في كل شيء بحسبه، وما احتيج إلى بيع يسوغ فيه ما لا يسوغ في غيره، فيجيزه الشارع للحاجة مع قيام السبب، كما أقام الخرص في العرايا مقام الكيل، وغير ذلك.
(4)
وذلك بأن يبيع الثمر مع الشجر صح البيع، قال الموفق وغيره: بالإجماع لأنه دخل تبعا لها.
أو الزرع الأخضر بأرضه (1) أو أبيعا لمالك أصلهما (2) أو أبيع قثاء ونحوه مع أصله، صح البيع (3) لأن الثمر إذا أبيع مع الشجر، والزرع إذا أبيع مع الأرض، دخلا تبعا في البيع، فلم يضر احتمال الغرر (4) وإذا أبيعا لمالك الأصل فقد حصل التسليم للمشتري على الكمال (5) .
(1) صح البيع، كالثمر مع الشجر.
(2)
أي أو أبيع الثمر والزرع لمالك أصل الشجر والأرض، صح البيع، وهو المشهور عن مالك، وأحد الوجهين للشافعية، واختاره أبو الخطاب وغيره، وذلك أن يبيع الأصل بعد أن أبرت الثمرة، ولم يشترط المبتاع تلك الثمرة، فيبيعها بائع الأصل على المشتري.
(3)
أي وإلا أبيع قثاء ونحوه كباذنجان مع أصله صح البيع، ولو لم تبع معه أرضه، لأنه أصل تتكرر ثمرته، أشبه الشجر، وذكر الشيخ وغيره أنه يجوز بيع المقاثي بعروقها، سواء بدا صلاحها أولا، وأن العروق كأصول الشجر، وتقدم أن المأخذ الثاني، وهو الصحيح أنها لم تدخل في النهي، بل يصح العقد على اللقطة الموجودة والمعدومة، وأنه يجوز بيعها دون أصولها.
(4)
كما احتملت الجهالة في بيع اللبن في الضرع مع الشاة، والنوى في التمر مع التمر، ولا نزاع في صحته.
(5)
أي وإذا أبيع الثمر لمالك الشجر، والزرع لمالك الأرض، فقد حصل بذلك تسليم الجميع للمشتري على الكمال، لملكه الأصل والقرار، فصح البيع، كصحة بيعها معهما، هذا المذهب وعنه: كبيعه لغير مالكه، لانفراد العقد، وهو قول الجمهور، لعموم الخبر.
(إلا) إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها (1) أو الزرع قبل اشتداد حبه (بشرط القطع في الحال) فيصح إن انتفع بهما (2) لأن المنع من البيع لخوف التلف، وحدوث العاهة، وهذا مأمون فيما يقطع (3) .
(أو) إلا إذا باع الرطبة والبقول (جزة) موجودة فـ (جزة) فيصح (4) لأنه معلوم لا جهالة فيه ولا غرر (5) .
(1) يعني بشرط القطع في الحال فيصح، قال الموفق: بالإجماع.
(2)
أي بالثمر والزرع، قاله الشيخ وغيره، وذلك لأنه إذا لم ينتفع بهما فهو فساد، وإضاعة المال، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وإن أراد بذلك نفي الضمان لم ينتف لإثبات الشارع له، ولا يجوز اتخاذ ذلك حيلة لإبطال ما أمر الله به، ونهى عنه، وإن اشترى قصيلا من شعير ونحوه، فقطعه ثم نبت، فلصاحب الأرض، كما لو سقط سنابل من حاصد زرع، ثم نبت من العام المقبل نص عليه، وما لا ينتفع به كثمر الجوز، وزرع الترمس، لا يصح بشرط القطع، لعدم النفع بالمبيع، وكذا ما كان مشاعا، لتعذر قطعه بدون قطع ما لا يملكه.
(3)
فيصح بيعه، كما لو بدا صلاحه.
(4)
أي البيع إذا، والجزة بالكسر ما جز منه والمرة، وجز الحشيش ونحوه جزا: قطعه.
(5)
وهذا مذهب الشافعي، ورخص مالك وغيره في شراء جزتين وثلاث، وتقدم قول الشيخ وابن القيم: أنه لم يرد أن بيع المعدوم لا يجوز، وأنه ليست العلة في المنع العدم، ولا الوجود، وأنه وإن كان معدوما، فليس فيه غرر، لأنه يقدر على تسليمه، فلا غرر فيه، وأما الخشب ونحوه إذا اشتراه من غير شرط القطع.
فالبيع صحيح، والكل للمشتري إلى وقت قطعه المعتبر عند أهله، جزم به الشيخ سليمان بن علي، وفي الإقناع: إن أخر قطع خشب مع شرطه فنما، فالبيع لازم، ويشتركان في الزيادة.
(أو) إلا إذا باع القثاء ونحوها (لَقْطَة) موجودة فـ (لقطة) موجودة لما تقدم (1) وما لم يخلق لم يجز بيعه (2)(والحصاد) لزرع، والجذاذ لثمر (3)(واللقاط) لقثاء ونحوها (على المشتري)(4) .
(1) أي من أنه معلوم، لا جهالة فيه ولا غرر، فيصح البيع، واللقطة بفتح اللام: المرة.
(2)
وهذا مذهب الشافعي وغيره، وقال ابن القيم: لم جعلوا المعدوم منزلا منزلة الموجود في منافع الإجارة، للحاجة إلى ذلك، وهذا مثله من كل وجه لأنه يستخلف كما تستخلف المنافع، وقد جوزوا بيع الثمرة إذا بدا الصلاح في واحدة منها، ومعلوم أن بقية الأجزاء معدومة، فجاز بيعها، قال: واللقطة لا ضابط لها، فإنه يكون في المقثاة الكبار والصغار وبين ذلك، فالمشتري يريد استقصاءها والبائع يمنعه من أخذ الصغار، فيقع التنازع، فأين هذا من جعل ما لم يوجد تبعا لما وجد، لما فيه من المصلحة، وقد اعتبرها الشارع، ولم يأت عنه أنه نهى عن بيع المعدوم، وإنما نهى عن بيع الغرر، والغرر شيء، وهذا شيء، ولا يسمى هذا البيع غررا، لا لغة، ولا عرفا، ولا شرعا.
(3)
يعني إذا بيع -حيث صح- على المشتري، ما لم يكن عرفا مطرد، أو شرط وكذا جز رطبة، ونعناع ونحوه.
(4)
إذا بيع حيث صح البيع، ولم يكن هناك شرط، ولا عرف، قال في الإنصاف: بلا نزاع، وإن شرطه على البائع صح، وتقدم أن القثاء هو الخيار ونحوه الباذنجان.
لأنه نقل لملكه، وتفريغ لملك البائع عنه فهو كنقل الطعام (1)(وإن باعه) أي الثمر قبل بدو صلاحه، أو الزرع قبل اشتداد حبه (2) أو القثاء ونحوه (مطلقا) أي من غير ذكر قطع ولا تبقية، لم يصح البيع لما تقدم (3) .
(أو) باعه ذلك (بشرط البقاء) لم يصح البيع لما تقدم (4)(أو اشترى ثمرا لم يبد صلاحه بشرط القطع، وتركه حتى بدا) صلاحه، بطل البيع بزيادته (5) .
(1) أي من دار بائع على المشتري، وهذا بخلاف كيل، ووزن فعلى بائع، لأنها من مؤنة تسليم المبيع، وهو على البائع، وهنا حصل التسليم بالتخلية بدون القطع لجواز بيعها، والتصرف فيها، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا.
(2)
أي من غير ذكر قطع ولا تبقية، لم يصح البيع، قال الموفق: إذا باعها مطلقا، ولم يشترط قطعا ولا تبقية، فالبيع باطل، وبه قال مالك: والشافعي، وذكره ابن القيم من الحيل الباطلة وأنه نفس ما نهى عنه الشارع.
(3)
أي من الأدلة على اشتراط بدو الصلاح في الثمرة، واشتداد الحب في الزرع ونحوه، فكذا القثاء ونحوه، وقالوا: لما فيه من الغرر، وتقدم بيانه.
(4)
أي أو باعه الثمر، أو الزرع، أو القثاء ونحوه بشرط البقاء، لم يصح البيع، لما تقدم من الأدلة على ذلك، وتقدم حكاية الموفق الإجماع على عدم جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط التبقية، للنهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، وكذا الزرع الأخضر للخبر، وقول ابن المنذر: لا أعلم أحد يعدل عن القول به، وبيع القثاء ونحوه هذا المذهب، وتقدم ما ذهب إليه الشيخ، وابن القيم، وهو مذهب مالك، ومقتضى الأصول الشرعية.
(5)
هذا المذهب واختاره الخرقي، وقال القاضي والشارح: هي أصح
وعليه: يرد المشتري الثمرة إلى البائع، ويأخذ الثمن، وإن أراد الحيلة لم يصح بحال، فعن أحمد صحته على من لم يرد حيلة، قال الموفق وغيره: وهو قول أكثر الفقهاء، لأن أكثر ما فيه أن المبيع اختلط بغيره، فأشبه ما لو اشترى ثمرة فحدثت أخرى ونحو ذلك.
لئلا يجعل ذلك ذريعة إلى شراء الثمرة قبل بدو صلاحها، وتركها حتى يبدو صلاحها (1) وكذا زرع أخضر بيع بشرط القطع، ثم ترك حتى اشتد حبه (2)(أو) اشترى (جزة) ظاهرة من بقل، أو رطبة (3)(أو) اشترى (لقطة) ظاهرة، من قثاء ونحوها، ثم تركهما (فنمتا) بطل البيع (4) .
(1) ووسائل الحرام حرام، كبيع العينة، قال ابن القيم: إذا باعها بشرط، القطع في الحال، ثم اتفقا على بقائها إلى حين الكمال، فهو عين ما نهى الله عنه، لما يفضي إلى التشاجر، والتشاحن، فإن الثمار تصيبها العاهات كثيرا، فيفضي بيعها قبل إكمالها إلى أكل مال المشتري بالباطل، كما علل به الشارع.
(2)
أي يبطل بزيادته، لئلا يجعل ذريعة إلى ما نهى عنه الشارع، وإن أريد به الحيلة لم يصح بحال، وإذا بطل البيع فالأصل والزيادة للبائع، إلا أنه يعفى عن يسير الزيادة عرفا.
(3)
لاشتراطهم بيعه جزة جزة.
(4)
وذلك بأن طالت جزة الرطبة، ونحوها، وكبرت اللقطة من القثاء ونحوها، وتقدم أن مذهب مالك واختيار الشيخ وتلميذه الصحة.
لئلا يتخذ حيلة على بيع الرطبة ونحوها -والقثاء ونحوها- بغير شرط القطع (1)(أو اشترى ما بدا صلاحه) من ثمر (وحصل) معه (آخر واشتبها) بطل البيع، قدمه في المقنع وغيره (2) والصحيح أن البيع صحيح (3) وإن علم قدر الثمرة الحادثة دفع للبائع، والباقي للمشتري، وإلا اصطلحا (4) ولا يبطل البيع، لأن المبيع اختلط بغيره، ولم يتعذر تسليمه (5) .
(1) هذا على ما ذهب إليه متأخروا الفقهاء، من أنه لا يجوز بيعه إلا جزة، أو لقطة في الحال، وجوز الشيخ وتلميذه وغيرهما بيعه وإن كان معدوما، وذكروا أنه لا غرر فيه، وفي الإنصاف: أو خشبا بشرط القطع، فأخر قطعه فزاد، فالبيع لازم والزيادة للبائع، قدمه في الفائق، وقيل: الزيادة لهما، وذكروا أنه المنصوص.
(2)
وفي المغنى: شبهه بحنطة انثالت عليها أخرى، أو ثوبا اختلط بغيره.
(3)
أي والصحيح فيما إذا اشترى ما بدا صلاحه، وحصل آخر واشتبها أن البيع صحيح، وصوبه الزركشي، وقال الشارح فيما إذا حدثت ثمرة أخرى: هما شريكان فيهما، كل بقدر ثمرته، ولا يبطل العقد في ظاهر المذهب، لأن المبيع لم يتعذر تسليمه وإنما اختلط بغيره.
(4)
أي وإلا يعلم قدرها اصطلحا على الثمرة، لدعاء الحاجة لذلك، إذ لا طريق لمعرفة كل منهما.
(5)
فيصح، أشبه ما لو اشترى صبرة واختلطت بغيرها، ولم يعرف قدر كل منهما.
والفرق بين هذه والتي قبلها تخاذه حيلة على شراء الثمرة قبل بدو صلاحها كما تقدم (1)(أو) اشترى رطبا (عرية) وتقدمت صورتها في الربا (2) فتركها (فأتمرت) أي صارت تمرا (بطل) البيع (3) لأنه إنما جاز للحاجة، إلى أكل الرطب، فإذا أتمر تبينا عدم الحاجة، سواء كان الترك لعذر أو لا (4)(والكل) أي الثمرة وما حدث معها على ما سبق (للبائع) لفساد البيع (5)(وإذا بدا) أي ظهر (ما له صلاح في الثمرة، واشتد الحب (6) .
(1) أي في بطلانه إذا كان حيلة على شراء الثمرة قبل بدو صلاحها، ويفارق أيضا مسألة العرية.
(2)
أي في باب الربا، في كلام الشارح، مستوفاة، بشروطها.
(3)
هذا المذهب، واختاره الخرقي وغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم «يأكلها رطبا» .
(4)
أي لا فرق بين كون تركه لها لغناه عنها، أو مع حاجته إليها، وإن أخذها رطبا فتركها عنده فأتمرت، أو شمسها حتى صارت تمرا جاز، لأنه قد أخذها.
(5)
بمجرد الزيادة، والذي سبق هو قوله: وحصل معه آخر واشتبها. وتقدم مفصلا.
(6)
تقدم أن بدو الصلاح في الثمر أن يحمار ويصفار، واشتداد الحب أن يبيض ويصلب.
جاز بيعه) أي بيع ما ذكر من الثمرة والحب (مطلقا) أي من غير شرط (1)(و) جاز بيعه (بشرط التبقية) أي تبقية الثمر إلى الجذاذ، والزرع إلى الحصاد، لأمن العاهة ببدو الصلاح (2)(وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ)(3) وله قطعه في الحال (4) وله بيعه قبل جذه (5)(ويلزم البائع سقيه) بسقي الشجرة الذي هو عليها (إن احتاج إلى ذلك) أي إلى السقي (6) .
(1) أي شرط قطع أو تبقية، لأن النهي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، والزرع حتى يشتد، غاية للمنع من بيعه، فيدل على الجواز بعده، وهو في الثمر إجماع لأن ظاهر النصوص أن البيع بعد ظهور الصلاح صحيح، وفي الزرع إذا اشتد هو قول الجمهور.
(2)
فإن تعليل الشارع بأمن العاهة يدل على التبقية، لأن ما يقطع في الحال لا تخاف العاهة عليه، وإذا بدا الصلاح فقد أمنت العاهة، فيجب أن يجوز بيعه، لزوال علة المنع، وكذا الزرع إذا اشتد الحب يجوز كالثمرة.
(3)
لاقتضاء العرف ذلك.
(4)
أي ولمشتر قطع الثمر والزرع المبيع في الحال.
(5)
أي ولمشتر بيع الثمر الذي بدا صلاحه، والزرع الذي اشتد حبه قبل جذه، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، لأنه مقبوض بالتخلية، فجاز التصرف فيه كسائر المبيعات.
(6)
وعليه حراسته ليستلم المشتري الثمرة كاملة.
وكذا لو لم يحتج إليه، لأنه يجب عليه تسليمه كاملا، فلزمه سقيه (1)(وإن تضرر الأصل) بالسقي (2) ويجبر عليه إن أبى (3) بخلاف ما إذا باع الأصل وعليه ثمر للبائع، فإنه لا يلزم المشتري سقيها (4) لأن البائع لم يملكها من جهته (5)(وإن تلفت) ثمرة أبيعت بعد بدو صلاحها دون أصلها، قبل أوان جذاذها (6)(بآفة سماوية) وهي ما لا صنع لآدمي فيها، كالريح والحر، والعطش (7) .
(1) ولا يمكن التسليم كاملا بدون السقي.
(2)
فيلزم البائع سقي الشجرة التي عليها الثمر المبيع.
(3)
أي ويجبر بائع على سقي الثمر بسقي الشجر إن أبى السقي، لدخوله عليه.
(4)
ولا يجب عليه تسليم الثمرة، بل يختص بالبائع، لكن لو قال البائع، لا تسق ثمري، لم يلزمه للمشتري شيء، لسقيه الأصل، وانتفاع الثمرة به.
(5)
بل ملكه باق عليه، وهذا ما لم تبع الثمرة مع أصلها، فإن أبيعت معه فمن ضمان مشتر، وكذا لو أبيعت لمالك أصلها، لتسلمها التسلم التام، وكذا لو يؤخرها عن وقت أخذها المعتاد.
(6)
متعلق بأبيعت، أو قبل بدو صلاحها بشرط القطع، قبل التمكن منه، و «ثمرة» نكرة تعم كل ثمر على أصوله، تلف قبل أوان جذاذه، وكذا ما أصله يتكرر حمله، كقثاء وخيار، وفي الكافي وغيره: تثبت أيضا في الزرع.
(7)
وكمطر، وثلج وبرد، وجليد، وصاعقة، وجراد ونحوه، وفي
الاختيارات ولو من جراد، أو جيش لا يمكن تضمينه، فمن ضمان بائعه، إن لم يفرط المشتري.
(رجع) ولو بعد القبض (على البائع)(1) لحديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، رواه مسلم (2) ولأن التخلية في ذلك ليست بقبض تام (3) .
(1) أي رجع مشتري الثمرة بعد بدو صلاحها على البائع، ولو بعد القبض، وهو هنا بالتخلية، فـ (لو) إشارة إلى خلاف أبي حنيفة وغيره، قالوا: التخلية يتعلق بها جواز التصرف، فتعلق بها الضمان، والقول بضمان الثمرة على البائع مذهب الجمهور، والمراد ما لم تبع الثمرة مع أصلها، أو يؤخر أخذها عن عادته.
(2)
الجوائح جمع جائحة، وهي الآفة تصيب الثمار فتهلكها، من الجوح، وهو الاستئصال، ولا خلاف أن البرد، والعطش جائحة، وكذا كل آفة سماوية وأن تلفها من مال البائع، وأنه لا يستحق على المشتري في ذلك شيئا، والجمهور من غير فرق بين القليل والكثير، وبين البيع قبل بدو الصلاح وبعده، عملا بظاهر الحديث، ولقوله «بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟» وغيره، ولأن مؤونته على البائع إلى تتمة صلاحه، فوجب كونه من ضمان.
واختار الشيخ ثبوت الجائحة في زرع مستأجر، وحانوت نقص نفعه عن العادة، وقال: قياس نصوص أحمد وأصوله إذا عطل نفع أرض بآفة، انفسخت فيما بقي، كانهدام الدار، ولأنه لا جائحة فيما تلف من زرعه، لأن المؤجر لم يبعه إياه، ولا ينازع في هذا من فهمه.
(3)
أي فوجب كونه على بائع، كما لو لم يقبض، ويرجع على بائع الثمرة بثمنها إن تلفت كلها، أو ببعض الثمن إن تلف البعض، وهو مذهب الجمهور، ويقبل قول بائع في قدر تالف لأنه غارم.
وإن كان التالف يسيرا لا ينضبط، فات على المشتري (1)(وإن أتلفه) أي الثمر المبيع على ما تقدم (آدمي) ولو البائع (خير مشتر بين الفسخ) ومطالبة البائع بما دفع من الثمن (2)(والإمضاء) أي البقاء على البيع (ومطالبة المتلف) بالبدل (3)(وصلاح بعض) ثمرة (الشجرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان)(4) .
(1) فلا يرجع بقسطه من الثمن لقلته، قال يحيى بن سعيد: لا جائحة فيما دون ثلث رأس المال، وذلك في سنة المسلمين اهـ. ولأنه لا يؤثر في العادة ولا يسمى جائحة، ولا يمكن التحرز منه، كما لو أكل منه الطير، أو تساقط في الأرض، ونحو ذلك.
(2)
أي وإن أتلف الثمر المبيع -على ما تقدم في قوله: أبيعت بعد بدو صلاحها إلخ -آدمي معين، ولو كان المتلف البائع، بنحو حرق، خير مشتر بين الفسخ للبيع، ومطالبة متلف بائع أو غيره بما دفع من الثمن، ويرجع بائع على متلف.
(3)
كالمكيل إذا أتلفه آدمي قبل القبض، وقال ابن القيم: من غير مال غيره، بحيث يفوت مقصوده عليه، يخير المالك بين أخذه وتضمين النقص، والمطالبة بالبدل، وهذا أعدل الأقوال، وأقواها، اهـ. وأصل ما يتكرر حمله، من قثاء ونحوه كشجر، وثمره كثمر في جائحة ونحوها.
(4)
أي وصلاح بعض ثمرة الشجرة صلاح لجميعها، فيباح بيع جميعها بذلك، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، ولسائر النوع الذي في البستان، فيجوز بيعه، وهو مذهب الشافعي وغيره.
لأن اعتبار الصلاح في الجميع يشق (1)(وبدو الصلاح في ثمر النخل أن تحمر أو تصفر)(2) لأنه عليه السلام نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، قيل لأنس: وما زهوها؟ قال: تحمار أو تصفار (3) .
(1) فيؤدي إلى الاشتراك، واختلاف الأيدي، وكذا اشتداد بعض حب، فيصح بيع الكل تبعا، لا إفراد ما لم يبد صلاحه بالبيع، قال ابن رشد: الأنواع المتقاربة الطيب، يجوز بيع بعضها بطيب البعض، لأن الثمرة التي تنجو فيه في الغالب من العاهات، هو إذا بدا الطيب في الثمرة ابتداء متناسقا، غير منقطع وقال ابن القيم: إذا بدا الصلاح في بعض الشجر جاز بيعها جميعها، وكذلك يجوز بيع ذلك النوع كله في البستان.
وقال شيخنا: يجوز بيع البستان كله، تبعا لما بدا صلاحه، سواء كان من نوعه أو لم يكن، تقارب إدراكه وتلاحقه، أو تباعد اهـ، وهو مذهب مالك، لأنهما يتقاربان في الصلاح، ولأن المقصود الأمن من العاهة، وقد وجد، وذكره الموفق احتمالا، وفي الاختيارات، إذا بدا صلاح بعض الشجرة جاز بيعها، وبيع ذلك الجنس، وهو رواية عن أحمد، وبقية الأجناس الذي بان حمله، وقال: صلاح جنس من الحائط صلاح لسائر أجناسه، فيتبع الجوز التوت، والعلة عدم اختلاف الأيدي على الثمرة، وفي الفروع، واختار شيخنا بقية الأجناس التي تباع عادة كالتفاح، إلا أن يشترطه المبتاع، بلا نزاع في الجملة.
(2)
أي يظهر في بلح النخل لون الحمرة أو الصفرة، بكمودة، أو أوائل ذلك، وليس المراد اللون الخالص كما تقدم.
(3)
بالمد فيهما للمبالغة، والحمرة والصفرة هما بدو الصلاح في ثمر النخل، وبذلك يطيب الأكل منه، لقوله «حتى يطيب أكله» .
(وفي العنب أن يتموه حلوا)(1) لقول أنس: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود، رواه أحمد، ورواته ثقات، قاله في المبدع (2)(وفي بقية الثمر) كالتفاح والبطيخ (3)(أن يبدوا فيه النضج، ويطيب أكله)(4) لأنه عليه السلام نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب، متفق عليه (5) والصلاح في نحو قثاء أن يؤكل عادة (6) .
(1) أي يصفر لونه، ويظهر ماؤه، وتذهب عفوصته، من الحلاوة، فإن كان أبيض حسن قشره، وضرب إلى البياض، وإن كان أسود فحين يظهر فيه السواد.
(2)
فقوله «حتى يسود» دليل لبدو الصلاح فيه، وغاية لجواز بيعه، وذلك بأن يبدو فيه الماء الحلو، ويلين، ويصفر لونه، ولأنه بذلك يطيب أكله.
(3)
وكالرمان، والمشمش، والخوخ، والجوز، ونحو ذلك مما يظهر فمًا واحدا، وغير ذلك من سائر الثمار.
(4)
وكذا قال جماعة في بدو الصلاح في الثمر، أن يطيب أكله، ويظهر نضجه، وفي الإنصاف: أن هذا الضابط أولى، والظاهر أن مراد غيرهم، وما ذكروه علامة على هذا.
(5)
وفي لفظ: «حتى يطيب أكله» ولهما من حديث ابن عباس: نهى عن بيع النخل حتى يؤكل منه، والأحاديث في ذلك كثيرة، تدل على هذا المعنى.
(6)
أي والصلاح فيما لا يتغير لونه ويؤكل طيبا، في نحو قثاء كخيار، فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادة كالثمر.
وفي حب أن يشتد أو يبيض (1)(ومن باع عبدا) أو أمة (له مال، فماله لبائعه، إلا أن يشترطه المشتري)(2) لحديث ابن عمر مرفوعا «من باع عبدا وله مال، فماله لبائعه، إلا أن يشترطه المبتاع» رواه مسلم (3)(فإن كان قصده) أي المشتري (المال) الذي مع العبد (4)(اشترط علمه) أي العلم بالمال (وسائر شروط البيع)(5) .
(1) أي والصلاح في حب أن يصلب ويقوى، كما تقدم، لأنه صلى الله عليه وسلم جعل اشتداد الحب غاية لصحة بيعه، كبدو الصلاح في الثمرة.
(2)
أي ومن باع عبدا أو أمة، له مال ملكه سيده إياه، أو خصه به، فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع أو بعضه في العقد، وهذا مذهب مالك، والشافعي.
(3)
ورواه البخاري وغيره، وعن عبادة قضى أن مال المملوك لمن باعه، إلا أن يشترطه المبتاع، فدل على أن مال العبد لا يدخل في المبيع، حتى ثياب الجمال، ونسبه الماوردي لجميع الفقهاء، وصححه النووي، ولاختصاص البيع بالعبد دون غيره، كما لو كان له عبدان، فباع أحدهما، ولأن العبد وماله للبائع، فإذا باع العبد بقي المال، وسواء قلنا: العبد يملك بالتمليك، أولا، وقوله: المملوك ظاهر في التسوية بين العبد والأمة فهو في الدلالة أشمل.
(4)
وذلك بأن لم يقصد تركه للرقيق، وعدم القصد تركه في يده له.
(5)
من العلم به، وأن لا يشارك الثمن في علة ربا الفضل، ونحوه، كما يعتبر في العينين المبيعتين.
لأنه مبيع مقصود، أشبه ما لو ضم إليه عينا أخرى (1)(وإلا) يكن قصده المال (فلا) يشترط له شروط البيع (2) وصح شرطه ولو كان مجهولا (3) لأنه دخل تبعا، أشبه أساسات الحيطان (4) وسواء كان مثل الثمن، أو فوقه، أو دونه (5) .
(1) وباعهما، أي فإنه يشترط علمه بهما، وسائر شروط البيع، فكذلك المال مع العبد إذا كان مقصودا.
(2)
أي وإلا يكن قصد المبتاع القن بالمال، أو ثياب جماله أو حليه، وقصد ترك ذلك للرقيق لينتفع به وحده، لم يشترط علمه بالمال، ولا غيره من شروط البيع.
(3)
أي وصح شرط مال العبد، ولو كان مجهولا وقت البيع، وهو مذهب الشافعي وغيره، وسواء كان المال من جنس الثمن، أو من غير جنسه، عينا كان أو دينا.
(4)
أي لأن مال العبد دخل في البيع تبعا غير مقصود، فأشبه أساسات الحيطان المستورة عن المشتري، في دخولها في البيع تبعا، وأشبه التمويه بالذهب في السقوف، والحمل في البطن، وأشباه ذلك، حتى قيل: إن المال ليس بمبيع هنا، وإنما استبقاه المشتري على ملك العبد، لايزول عنه إلى البائع.
(5)
أي سواء كان المال مع العبد -غير المقصود للمشتري مثل الثمن- كأن باع عبدا بألف درهم، ومعه ألف درهم، أو أقل أو أكثر، فالبيع جائز، إذا كان رغبة المبتاع في العبد، لا في الدراهم، وذلك لأنه دخل في المبيع تبعا غير
مقصود، ونص أحمد على أن الشرط -الذي يختلف الحكم به- قصد المشتري دون غيره، وقال الموفق: هو أصح.
وإذا شرط مال العبد ثم رده بإقالة أو غيرها، رده معه (1)(وثياب الجمال) التي على العبد المبيع (للبائع)(2) لأنها زيادة على العادة، ولا يتعلق بها حاجة العبد (3)(و) ثياب لبس (العادة للمشتري)(4) .
(1) أي وإذا شرط المشتري مال العبد، ثم رد الرقيق بإقالة أو غيرها -كخيار، أو عيب، أو تدليس، ونحو ذلك- رد ماله مع الرقيق، لأنه عين مال أخذه المشتري به، فيرده بالفسخ كالعبد، ولأن قيمته تكثر به وتنقص مع أخذه فلا يملك رده حتى يدفع ما يزيل نقصه، فإن تلف ماله، ثم أراد رده، فكعيب حدث عند مشتر، يرد قيمته، ولا يفرق بين العبد المبيع وبين امرأته ببيعه، بل النكاح باق.
(2)
وكذا شيء يزينه به، إلا أن يشترطه المبتاع، أو يطرد عرف.
(3)
وإنما يلبسها إياه لينفقه بها، وهذه حاجة السيد، لا حاجة العبد، قال الموفق وغيره، ولم تجر العادة بالمسامحة بها، فجرت مجرى الستور في الدار، والدابة التي يركب عليها، ولأنه لم يتناولها لفظ البيع، ولا جرت العادة ببيعها معه، أشبه سائر مال البائع.
(4)
أي وثياب عبد مبيع، أو أمة مبيعة مما هو لبس العادة للمشتري، إذ لا غناء له عنها، قال أحمد: ما كان يلبسه عند البائع للمشتري، اهـ. لأنه مما تعلق به حاجة المبيع أو مصلحته.
لجريان العادة ببيعها معه (1) ويشمل بيع دابة كفرس لجاما، ومقودا ونعلا (2) .
(1) قال الموفق وغيره: الثياب التي يلبسها عادة للخدمة والبذلة تدخل في المبيع.
(2)
اللجام بكسر اللام ما يجعل في فم الدابة، والمقود بكسر الميم الرسن، وكل أسماء الآلات، بكسر أوله، والنعل للدابة ما وقيت به الأرض، ويجعل من حديد وغيره، فيدخل ذلك ونحوه في مطلق البيع، لجريان العادة به، فالعمل في الغالب بالعرف في ذلك ونحوه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
آخر المجلد الرابع من حاشية «الروض المربع»
ويليه المجلد الخامس وأوله «باب المسلم»