المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كره إخراج تراب الحرم، وحجارته

- ‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

- ‌«من وقف بعرفة، ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه»

- ‌ الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس

- ‌«من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج»

- ‌ يخطب الإمام بمنى يوم النحر

- ‌السنة أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف

- ‌تضمن حجه ست وقفات للدعاء

- ‌إن أخطأ الناس، فوقفوا في الثامن، أو العاشر أجزأهم

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌يقسم فاضل بين أحرار المسلمين

- ‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

- ‌فصل في أحكام أهل الذمة

- ‌ليس لكافر دخول مسجد، ولو أذن له مسلم

-

- ‌كتاب البيع

- ‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

- ‌ الخامس (أن يكون) المعقود عليه (مقدورًا على تسليمه)

- ‌ يجوز دخول الأرض المملوكة لأخذ الماء والكلأ

- ‌ السابع (أن يكون الثمن معلومًا) للمتعاقدين

- ‌ البيعتان في بيعة هو الشرطان في البيعة

- ‌«الثاني» ما يصح معه البيع

- ‌باب الخياروقبض المبيع والإقالة

- ‌ يجوز (لمن له الخيار الفسخ

- ‌ ما لم يعلم عيبه بدون كسره

- ‌باب بيع الأصول والثمار

الفصل: ‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

فتقوم المعاطاة مقام الإيجاب، والقبول (1) للدلالة على الرضا (2) لعدم التعبد فيه (3) وكذا حكم الهبة، والهدية، والصدقة (4) ولا بأس بذوق المبيع حال الشراء (5)(ويشترط) للبيع سبعة شروط (6) .

(1) لأن المعاطاة لا تتضمن الصيغة، والصواب، أن جميع هذه الصور تسمى إيجابا وقبولا، لأن إيجاب الشيء جعله واجبًا، وقبول ذلك التزامه، كما تقدم، وقال الشيخ: عبارة أصحابنا وغيرهم أن المعاطاة ونحوها ليست من الإيجاب والقبول، وهذا تخصيص عرفي، فالصواب الاصطلاح الموافق للغة، وكلام المتقدمين أن‌

‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

، قولية أو فعلية.

(2)

أي من غير لفظ، اكتفاء بالقرائن، والأمارات الدالة على الرضى، الذي هو شرط في صحة البيع.

(3)

أي في البيع، وهو عدم تعليل المعنى، بل المعنى الذي شرع له متعقل، وهو الإرفاق بالناس، والمصلحة لهم، فتقوم المعاطاة مقامه للعرف.

(4)

أي تنعقد بالمعاطاة، قال الشيخ: تجهيز المرأة بجهاز إلى بيت زوجها تمليك.

(5)

ظاهره ولو لم يستأذن، لجريان العادة به.

(6)

إذا فقد شرط منها لم يصح البيع، وهي معروفة بالاستقراء.

ص: 331

أحدها (التراضي منهما) أي من المتعاقدين (1)(فلا يصح) البيع (من مكره بلا حق)(2) لقوله عليه السلام «إنما البيع عن تراض» رواه ابن حبان (3) فإن أكرهه الحاكم على بيع ما له، لوفاء دينه صح (4) لأنه حمل عليه بحق (5) وإن أكره على وزن مال، فباع ملكه، كره الشراء منه وصح (6) .

(1) بأن يأتيا به اختيارا، ظاهرا وباطنا، فإن لم يقصدا البيع باطنا، بل أظهراه تلجئة خوفًا من ظالم ونحوه لم يصح، وكذا بيع هازل، وبيع الأمانة الذي هو في معنى القرض بعوض.

(2)

سواء أكرها أو أحدهما، والمكره: هو المضطهد، الملجأ بأي نوع من أنواع الإكراه وقال الشيخ: من استولى على ملك إنسان بلا حق، ومنعه إياه حتى يبيعه له، فهو كبيع المكره بلا حق، فلا يصح البيع، لأنه ملجأ إليه اهـ ويقبل من البائع أن البيع وقع تلجئة أو هزلاً، بقرينة دالة على ذلك، لاحتمال كذبه، فإن لم توجد فلا يقبل إلا ببينة.

(3)

وابن ماجه وغيرهما، وأصرح منه قوله تعالى:{إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} أي عن طيب نفس كل واحد منكم، وحقيقة البيع: المبادلة الصادرة عن تراض، فدلت الآية والحديث على اشتراط التراضي من المتعاقدين.

(4)

يعني البيع، سواء رضي بذلك أو لم يرض، ولا بأس بالشراء منه.

(5)

أي إلزام له بقضاء واجب عليه.

(6)

أي وإن أكره على دفع مقدار من المال، كأسير يقال له: ما نفك إسارك إلا بكذا وكذا فباع ملكه لذلك، كره الشراء منه، أو لبيعه بدون ثمن مثله في

الغالب، وهو بيع المضطر، وصح الشراء منه، لأنه غير مكره على البيع، واختار الشيخ: الصحة من غير كراهة، لأن الناس لو امتنعوا من الشراء منه، كان أشد ضررا عليه، وسئل أحمد عن رجل مقر بالعبودية، حتى يباع فقال: يؤخذ البائع والمقر بالثمن، فإن مات أحدهما أو غاب، أخذ الآخر بالثمن، واختاره الشيخ: وصوبه في الإنصاف، وفي الفروع، يتوجه في كل غار، ولو أقرأنه عبده فرهنه فكبيع.

ص: 332

(و) الشرط الثاني (أن يكون العاقد) وهو البائع والمشتري (جائز التصرف) أي حرًا مكلفًا رشيدًا (1)(فلا يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي)(2) فإن أذن صح، لقوله تعالى (وابتلوا اليتامى) أي اختبروهم (3) وإنما يتحقق بتفويض البيع والشراء إليه (4) .

(1) لأن العبد محجور عليه من قبل سيده، وغير المكلف -وهو الصبي والسفيه- محجور عليه خوف ضياع ماله قال تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أي صلاحا في المال {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} .

(2)

لأنه قول يعتبر له الرضا، فلم يصح من غير رشيد، ولو تعارضت بينة السفه والرشد، فأفتى ابن رجب وغيره ببينة الرشد، ولا يصح من مجنون مطلقا، ولا من سكران، ونائم، ومبرسم، وأما الهبة، والوصية، فاختار الموفق والشارح وغيرهما صحة قبول المميز والسفيه، وصوبه في الإنصاف، وتقبل الهدية من مميز أرسل بها، ومن كافر إجماعًا.

(3)

أي في عقولهم، وحفظ أموالهم، فدلت على جوازه مع الإذن.

(4)

أي إنما يتحقق الصلاح بالإذن وإذا كان لا بد منه وقد أمر الله به، فيصح التصرف معه.

ص: 333

ويحرم الإذن بلا مصلحة (1) وينفذ تصرفهما في الشيء اليسير بلا إذن (2) وتصرف العبد بإذن سيده (3)(و) الشرط الثالث: (أن تكون العين) المعقود عليها، أو على منفعتها (مباحة النفع من غير حاجة)(4) بخلاف الكلب، لأنه إنما يقتنى لصيد، أو حرث، أو ماشية (5) وبخلاف جلد ميتة ولو مدبوغًا لأنه إنما يباح في يابس (6) والعين هنا مقابل المنفعة، فتتناول ما في الذمة (7)(كالبغل، والحمار)(8) .

(1) لما فيه من إضاعة المال، ويضمن كما في الحجر.

(2)

أي ينفذ تصرف الصبي والسفيه في الشيء اليسير، كرغيف وحزمة بقل ونحوهما بلا إذن، واشترى أبو الدرداء عصفورًا من صبي فأرسله.

(3)

أي وينفذ تصرف العبد فيما أذن له سيده فيه، لزوال الحجر عنه.

(4)

أو ضرورة، فخرج ما لا نفع فيه كالحشرات، وما فيه منفعة محرمة كالخمر، وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب، وما فيه منفعة تباح للضرورة كالميتة ويأتي مفصلاً.

(5)

فلا يصح بيعه، للنهي عن ذلك، ولأنه لا ينتفع به إلا لحاجة.

(6)

بناء على عدم طهارته بالدبغ، وتقدم أنه يطهر بالدبغ، للأخبار ويجوز بيعه عند الجمهور، واختاره الشيخ وغيره.

(7)

أي والعين في قول المصنف: وأن تكون العين مباحة النفع.

(8)

والعقار، والمأكول، والمشروب، والملبوس، والمركوب، وغير ذلك، فالكاف للتمثيل، لأن ما بعدها جزء ما قبلها.

ص: 334

لأن الناس يتبايعون ذلك في كل عصر، من غير نكير (1)(و) كـ (دود القز) لأنه حيوان طاهر، يقتنى لما يخرج منه (2)(و) كـ (بزره) لأنه ينتفع به في المآل (3)(و) كـ (الفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد)(4) كالفهد، والصقر (5) لأنه يباح نفعها، واقتناؤها مطلقا (6) (إلا الكلب) فلا يصح بيعه (7) لقول ابن مسعود: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، متفق عليه (8) .

(1) أي فكان إجماعا، وقياسا لما لم يرد به النص من ذلك على ما ورد.

(2)

وهو الحرير الذي هو أفخر الملابس.

(3)

«بزرة» بفتح الباء وكسرها ولد الدود قبل أن يدب، أي يجوز بيعه، لأنه ينتفع به في المآل، يحصل منه الدود الذي يستخرج منه الحرير.

(4)

أما الفيل فلأنه يباح نفعه واقتناؤه، فجاز بيعه، أشبه البغل، وسباع البهائم التي تصلح للصيد، بشرط أن تكون معلمة، أو تقبل التعليم.

(5)

والبازي، وولدها، وفرخها وبيضها.

(6)

أي مع الحاجة وعدمها، وقيل: والهر، لأنه طاهر العين، مباح النفع، وعن أحمد: لا يجوز بيعه، وقد ثبت النهي عن ثمنه، واختاره ابن القيم: وابن رجب وغيرهما.

(7)

ولو كان مباح الاقتناء معلمًا كان أو غير معلم، عند جمهور العلماء.

(8)

والنص على تحريم ثمنه يدل باللزوم على تحريم بيعه، ولأنه لا ينتفع به، إلا لحاجة، ويحرم اقتناؤه، كما يحرم اقتناء خنزير إجماعًا، ولو لحفظ البيوت

إلا كلب صيد، أو ماشية، أو حرث، فيباح للخبر، وكره أحمد بيع قرد، وشراءه وحرم اقتناؤه للعب.

ص: 335

ولا بيع آلة لهو، وخمر، ولو كانا ذميين (1)(والحشرات) لا يصح بيعها، لأنه لا نفع فيها (2) إلا علقًا لمص الدم (3) وديدانًا لصيد سمك (4) وما يصاد عليه كبومة شباشا (5) (والمصحف) لا يصح بيعه (6) ذكر في المبدع أن الأشهر: لا يجوز بيعه (7) قال أحمد: لا نعلم في بيع المصحف رخصة (8) .

(1) أي ولا يصح بيع آلة لهو، كمزمار، وطنبور، ونرد وشطرنج ولا يصح بيع خمر للخبر، ولو لإتلافها، لأنه لا نفع فيها، قال أحمد ومالك وغيرهما: لا يجوز بيعها، ولا ضمان على متلفها.

(2)

الحشرات كفأر، وحيات، وعقارب، وخنافس، ونحوها.

(3)

لأنه نفع مقصود، فجاز بيعها لذلك.

(4)

وهو نفع مقصود أيضا، فجاز بيعها، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة وإنما اعتنى الشارع بتوضيح البياعات الفاسدة.

(5)

مفعول لفعل محذوف، أي: تجعل شباشا، أو مفعول لأجله، أي خيالا. تخاط عيناها، وتربط لينزل عليها الصيد، وكره فعل ذلك، لما فيه من تعذيبه، ويجوز بيع صيد لأجل صوته كبلبل.

(6)

ولو في دين أو غيره، لما فيه من ابتذاله، وترك تعظيمه.

(7)

ومقتضى كلام الإنصاف أنه المذهب.

(8)

واختاره الموفق وغيره.

ص: 336

قال ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيعها (1) ولأن تعظيمه واجب، وفي بيعه ابتذال له (2) ولا يكره إبداله (3) وشراؤه استنقاذًا (4) وفي كلام بعضهم، يعني من كافر (5) ومقتضاه أنه إن كان البائع مسلمًا حرم الشراء منه، لعدم دعاء الحاجة إليه (6) بخلاف الكافر (7) .

(1) أي المصاحف، وروي عن عمر: لا تبيعوا المصاحف، وكرهه ابن مسعود، وجابر، وغيرهما، وتخصيص المصحف يدل على الإباحة في كتب العلم، ولكن قال الشيخ: وكذا المعاوضة على المنافع الدينية، من العلم ونحوه، إذ لا فرق بين الأعيان الدينية، والمنافع.

(2)

وابتذاله ضد الصيانة المأمور بها، فتجب صيانته عن الابتذال، وكثرة إيجاده اليوم بالطبع والنشر بذل له، وتسهيل للراغب فيه.

(3)

ولو مع أحدهما دراهم زيادة، ولو كانت المبادلة بيعا، فإنما أجازها أحمد لأنها لا تدل على الرغبة عنه، ولا عن الاستبدال به بعوض دنيوي، بخلاف أخذ ثمنه، ويجوز وقفه، وهبته، والوصية به، لأنه لا اعتياض في ذلك عنه.

(4)

أي ولا يكره شراؤه من كافر، أو ممن هو مستخف به، لأن الاستنقاذ شراؤه ممن لا يكرمه فيعم.

(5)

أي في البيع بشرط الاستنقاذ لا مطلقًا، ويدخل المصحف في ملك الكافر ابتداء بالإرث، والرد عليه لنحو عيب، وبالقهر، وغير ذلك.

(6)

يعني إلى الاستنقاذ، وأما الحاجة إلى اقتنائه فالواقع أن الحاجة داعية إليه، فلو منع من بيعه، وشرائه لعز وجوده.

(7)

أي فلا يحرم، قال الحجاوي، وقد يفهم من كلام المنقح أنه يصح بيعه للمسلم مع التحريم، وليس بمراد، لكن الشراء استنقاذا جائز للمسلم فقط.

ص: 337

ومفهوم التنقيح، والمنتهى يصح بيعه لمسلم (1) (والميتة) لا يصح بيعها (2) لقوله عليه السلام:«إن الله حرم بيع الميتة، والخمر، والأصنام» متفق عليه (3) ويستثنى منها السمك، والجراد (4)(و) لا (السرجين النجس) لأنه كالميتة (5) .

(1) وعن أحمد: لا يكره، وقال الوزير: كرهه أحمد وحده، وأجازه الباقون من غير كراهة، واتفقوا على جواز شرائه اهـ والعمل عليه في سائر الأقطار، من غير نكير، قال في تصحيح الفروع: عليه العمل، ولا يسع الناس غيره، ولما ذكر الشيخ: والمنافع الدينية من العلم ونحوه، قال: ويتوجه في هذا وأمثاله أنه يجوز للحاجة، كالرواية المذكورة في التعليم، فينبغي أن يفرق في الأعيان بين المحتاج وغيره، كما فرق في المنافع.

(2)

بالإجماع، ولو اضطر، ولو طاهرة كميتة آدمي.

(3)

وفيه «والخنزير» ولأبي داود «حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه» والصنم ما كان مصورا، وسماها تعالى رجسا، لأن وجوب تجنبها أوكد من وجوب تجنب النجس، وعبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات.

(4)

أي يستثنى من الميتة ميتة السمك، والجراد، ونحوهما من حيوانات البحر التي تعيش إلا فيه، لحديث «أحلت لنا ميتتان، ودمان، أما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان، فالطحال والكبد» وسمي جرادًا لأنه يجرد بأكل نباتها.

(5)

وللإجماع على نجاسته، ويقال له السرقين، وهو الزبل، وتحريم بيعه مذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة، ويجوز بيع السرجين والنجس، وأهل الأمصار يتبايعونه من غير نكير، وحكي إجماعًا، واختار الشيخ جواز الانتفاع بالنجاسات.

ص: 338

وظاهره، أنه يصح بيع الطاهر منه قاله في المبدع (1)(و) لا (الأدهان النجسة ولا المتنجسة)(2) لقوله عليه السلام «إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه» (3) وللأمر بإراقته (4)(ويجوز الاستصباح بها) أي بالمتنجسة، على وجه لا تتعدى نجاسته (5) كالإنتفاع بجلد الميتة المدبوغ (6)(في غير مسجد) لأنه يؤدي إلى تنجيسه (7) ولا يجوز الاستصباح بنجس العين (8) ولا يجوز بيع سم قاتل (9) .

(1) والطاهر منه كروث الإبل، والبقر، والغنم، والحمام.

(2)

النجسة كدهن شحم الميتة، والمتنجسة كدهن زيت، وشيرج متنجس.

(3)

متفق عليه، وهو حجة في تحريم بيع النجس، وعلى تحريم بيع ما حرم على العباد، إلا ما خصه الدليل.

(4)

يعني النجس، كما في قصة لحوم الحمر، ودنان الخمر، فدل على أنه لا يجوز بيع النجس.

(5)

لأنه أمكن الانتفاع بها من غير ضرر، واختاره الشيخ وغيره، وهو مذهب الجمهور، لأنه يجري مجرى الإتلاف بلا ضرر.

(6)

يعني في يابس، على ما تقدم لعد تعدي نجاسته.

(7)

فلا يجوز الاستصباح بها فيه مطلقًا.

(8)

باستصباح ولا غيره، لحديث «أرأيت شحوم الميتة، فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟» فقال: «لا هو حرام» متفق عليه.

(9)

كسم الأفاعى، لخلوه من نفع مباح، وأما سم النبات، فإن أمكن النفع به، والتداوي بيسيره جاز، ويصح بيع ترياق خال من لحوم الحيات، ومن الخمر، لأنه مباح، كسائر المعاجين.

ص: 339

(و) الشرط الرابع (أن يكون) العقد (من مالك) للمعقود عليه (1)(أو من يقوم مقامه) كالوكيل، والولي (2) لقوله عليه السلام لحكيم بن حزام «لا تبع ما ليس عندك» رواه ابن ماجه، والترمذي، وصححه (3) وخص منه المأذون له، لقيامه مقام المالك (4)(فإن باع ملك غيره) بغير إذنه لم يصح (5) ولو مع حضوره وسكوته (6) ولو أجازه المالك (7) .

(1) وقت العقد، وكذا الثمن، ملكا تاما، لا يحتاج لحق توفية.

(2)

وذلك أن يكون مأذونًا له في البيع وقت العقد، من مالكه، أو من الشارع كالوكيل، وولي الصغير ونحوه، وناظر الوقف، وإن ظن عدم الإذن لأن الاعتبار بما في نفس الأمر.

(3)

أي لا تبع ما ليس في ملكك من بيوع الأعيان، وقال الوزير، اتفقوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده، ولا في ملكه، ثم يمضي فيشتريه له، وأنه باطل.

(4)

أي خص بالبناء للمفعول، أو الفاعل، من قوله «لا تبع ما ليس عندك» المأذون له في البيع من المالك، أو من الشارع، لقيامه مقام المالك في التصرف.

(5)

بالاتفاق لفوات الشرط.

(6)

لأن السكوت ليس دالاًّ على الرضا، إلا في مسائل مستثناة، وليس هذا منها.

(7)

بعد، لفوات شرطه، وهو الإذن وقت العقد، وعن أحمد: يقف على الإجازة، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، لحديث عروة بن الجعد، فإنه أعطاه دينارًا ليشتري به شاة، فاشتري به شاتين، فباع إحداهما بدينار، ثم عاد بالدينار والشاة، رواه البخاري.

ص: 340

ما لم يحكم به من يراه (1)(أو اشترى بعين ماله) أي مال غيره (بلا إذنه لم يصح)(2) ولو أجيز لفوات شرطه (3)(وإن اشترى له) أي لغيره (في ذمته بلا إذنه، ولم يسمه في العقد صح) العقد (4) لأنه متصرف في ذمته، وهي قابلة للتصرف (5) ويصير ملكًا لمن اشتري (له) من حين العقد (بالإجازة)(6) لأنه اشتري لأجله، ونزل المشتري نفسه منزلة الوكيل، فملكه من اشتري له، كما لو أذن (7)(ولزم) العقد (المشتري بعدمها) أي عدم الإجازة (8) .

(1) فإن حكم به حنفي لم ينقض، لقوة الدليل، وارتفاع الخلاف.

(2)

أي العقد بالاتفاق، لفوات شرطه.

(3)

وهو كونه من مالكه، أو مأذونا له فيه.

(4)

وذلك بأن قال: اشتريت هذا، ولم يقل: لفلان، سواء نقد الثمن من مال الذي اشترى له، أو من مال نفسه، أو لم ينقده، فصح تصرفه بشرطين، أن يشتري في ذمته، وأن لا يسمي المشتري له، وعنه: يصح تصرفه، ويقف على الإجازة، قال الشيخ وغيره: المقاصد معتبرة في التصرفات، وتغير أحكامها، فإذا اشترى لموكله، كان له، وإن لم يتكلم به في العقد، وإن لم ينوه له وقع للعاقد، عند الجمهور، إلا النكاح، فلا بد من تسميته الموكل.

(5)

وما نقده عوض عما فيها.

(6)

ومنافعه ونماؤه له.

(7)

أي بالشراء، ولا يصح مع عدم الإذن إلا في هذه الصورة.

(8)

فيقع الشراء له من حين العقد.

ص: 341

لأنه لم يأذن فيه، فتعين كونه للمشتري (ملكًا) كما لو لم ينو غيره (1) وإن سمي في العقد من اشترى له لم يصح (2) وإن باع ما يظنه لغيره، فبان وارثًا، أو وكيلاً صح (3) .

(ولا يباح غير المساكن مما فتح عنوة (4) كأرض الشام، ومصر، والعراق) (5) وهو قول عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر، رضي الله عنهم (6) ، لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين (7) .

(1) أي غير نفسه، ومتى لم ينو غير نفسه وقع الملك له، عند الجمهور كما تقدم.

(2)

لفوات شرطه، وهو الملك أو الإذن، وإن أذن له، ولم يسمه في العقد ضمن، قال الشيخ: ومن وكل في بيع، أو استئجار، أو شراء، فلم يسم الموكل في العقد فضامن، ومن ادعى بعد البيع أن المبيع لغيره، وأنه فضولي، أو غاصب لم يقبل منه، ولا تسمع بينته على ذلك، فإن أقام المقر له البينة بالملك سمعت، فإن لم تكن له بينة، حلف المشتري أنه لا يعلم مالكا سوى البائع.

(3)

وذلك كموت أبيه وهو وارثه، أو توكيله، لأن الاعتبار في المعاملات بما في نفس الأمر، لا بما في ظن المكلف.

(4)

أي فتحه المسلمون قهرًا وغلبة ولم يقسم.

(5)

وغيرها مما فتحه المسلمون عنوة.

(6)

وغيرهم، وهو مذهب الأكثر، وأحد قولي الشافعي.

(7)

وأقرها في أيدي أربابها بالخراج، إلا إذا باعها الإمام لمصلحة، أو باعها غيره، وحكم به من يرى صحته، وفي الاختيارات، يصح بيع ما فتح عنوة ولم

يقسم، من أرض الشام، ومصر، والعراق، ويكون في يد مشتريه بخراجه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وأحد قولي الشافعي، والمؤثر بها أحق بلا خلاف، وقال: لا يجوز رفع أيدي المسلمين الثابتة على حقوقهم كأرض السواد، وذكر أنها نتنقل إلى ورثتهم وغيرهم من بعدهم بالإرث، والوصية، والهبة وكذا البيع تنتقل في أصح قولي العلماء، وليس هذا بيعًا للوقف، كما غلط في ذلك من منع بيع أرض السواد، معتقدا أنها كالوقف الذي لا يجوز بيعه.

وقال: معنى وقفها إقرارها على حالها، وضرب الخراج عليها، مستمرًّا في رقبتها، وليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيعها كما هو عمل الأمة، وإجماعهم على أنها تورث، والوقف لا يورث ونقل الملك في رقبته إبطال لحق البطون الموقوف عليهم، من منفعته، والمقاتلة حقهم في خراج الأرض، فمن اشتراها صارت عنده خراجية.

ص: 342

وأما المساكن فيصح بيعها (1) لأن الصحابة اقتطعوا الخطط في الكوفة، والبصرة، في زمن عمر، وبنوها مساكن، وتبايعوها من غير نكير (2) ولو كانت آلتها من أرض العنوة (3) أو كانت موجودة حال الفتح (4) وكأرض العنوة في ذلك ما جلوا عنه فزعًا منا (5) .

(1) أي يصح بيع المنازل ما زالت عامرة، وإن عادت مزارع فلها حكمها.

(2)

أي فكان كالإجماع على جواز بيع المساكن، وكبيع غرس محدث فيها.

(3)

أي يصح بيع المساكن، ولو كانت آلتها التي بنيت بها من أرض العنوة.

(4)

يعني المساكن، لجريان ذلك في زمن الصحابة من غير نكير.

(5)

أي وكأرض العنوة في الأحكام المتقدمة ما تفرقوا عنه خوفًا من المسلمين، فالضمير عائد إلى «ما» باعتبار لفظها.

ص: 343

وما صولحوا على أنه لنا، ونقره معهم بالخراج (1) بخلاف ما صولحوا على أنه لهم كالحيرة (2) وأليس وبانقيا (3) وأرض بني صلوبا (4) من أراضي العراق، فيصح بيعها (5) كالتي أسلم أهلها عليها، كالمدينة (6)(بل) يصح أن (تؤجر) أرض العنوة، ونحوها (7) .

(1) أي حكمه حكم أرض العنوة، من عدم جواز بيع المزارع، وجواز بيع المساكن وغير ذلك.

(2)

بكسر الحاء المهملة، مدينة قرب الكوفة، فإنها فتحت صلحًا، على أنها لأهلها.

(3)

أليس بضم الهمزة، وتشديد اللام المفتوحة، بعدها ياء ساكنة، ثم سين مهملة، مدينة بالجزيرة، وبانقيا بالباء الموحدة فنون مكسورة، ناحية بالنجف، دون الكوفة.

(4)

بفتح الصاد، وضم اللام.

(5)

أي هذه الأماكن المذكورة من أراضي العراق، فإنها فتحت صلحًا، على أنها لهم، فيصح بيعها عند الجمهور، وعمل الناس عليه.

(6)

فإنها ملك لأربابها، وكذا ما فتح عنوة، وقسم بين الغانمين، كنصف خيبر، يصح بيعه.

(7)

كالأرض التي جلا عنها أهلها، أو صولحوا على أنها لهم، ولنا الخراج عنها، وتكون الإجارة مدة معلومة بأجر معلوم.

ص: 344

لأنها مؤجرة في أيدي أربابها، بالخراج المضروب عليها في كل عام (1) وإجارة المؤجر جائزة (2) ولا يجوز بيع رباع مكة (3) ولا إجارتها (4) لما روى سعيد بن منصور، عن مجاهد مرفوعًا «رباع مكة حرام بيعها، حرام إجارتها» (5) وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا «مكة لا تباع رباعها، ولا تكرى بيوتها» رواه الأثرم (6) .

(1) لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين، وأقرها في أيدي أربابها، بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام، ولم يقدر مدة الإجارة.

(2)

علل صحة إجارتها بأنها مؤجرة في أيدي أربابها، وهو كذلك، وأن إجارة المؤجر جائزة، وهو مذهب الجمهور كما سيأتي.

(3)

جمع ربع، وهو المنزل والدار الذي يربع به الإنسان ويستوطنه لأنها فتحت عنوة، ولم تقسم بين الغانمين، فصارت وقفا على المسلمين، ولا الحرم كله، وبقاع المناسك، كالمسعى، والمرمى، والموقف ونحوها، بل بقاع المناسك أولى بعدم الصحة، إذ هي كالمساجد، لعموم نفعها.

(4)

أي ولا تجوز إجارة رباع مكة، وبقاع المناسك.

(5)

وهذا على تقدير صحته، وهو مرسل.

(6)

وقالت عائشة: ألا تبني لك بيتًا، أو بناء يظلك من الشمس؟ فقال:«لا إنما هو مناخ من سبق إليه» رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وحسنه، وقال ابن القيم: مثل هذا الحديث حسن عند أهل الحديث، وعن أحمد: يجوز بيعها وإجارتها، وهو أظهر في الحجة، واختار الشيخ وابن القيم جواز البيع #

لأنه إنما يستحق التقدم على غيره بهذه المنفعة، واختص بها لسبقه وحاجته، فهي كالرحاب، والطرق الواسعة، وغيرها، من سبق إليها فهو أحق بها، وإنما جاز البيع لوروده على المحل، الذي كان البائع اختص به عن غيره، وهو البناء.

وما روي من الأحاديث في خلاف ذلك فضعيف، لا تقوم به حجة، وكانوا يتبايعونها قبل الإسلام وبعده، كما اشترى معاوية دار الندوة، من عكرمة ابن عامر، فما أنكر بيعها أحد من الصحابة، وابتاع عمر وعثمان ما زاده في المسجد، وتملك أهلها أثمانها، ولو حرم ذلك لما بذلاه من أموال المسلمين، فكان إجماعًا متبوعًا وفعلاً مشروعًا، لورودها على المنفعة، وهي مشتركة، قال في الإنصاف: ويستثنى بقاع المناسك بلا نزاع.

ص: 345

فإن سكن بأجرة، لم يأثم بدفعها، جزم به في المغني وغيره (1)(ولا يصح بيع نقع البئر) وماء العيون (2) لأن ماءها لا يملك (3) لحديث «المسلمون شركاء في ثلاث، في الماء، والكلأ والنار» رواه أبو داود، وابن ماجه (4) .

(1) وصححه في الإنصاف، وقال ابن القيم: ليس له أن يعاوض على منفعة السكنى بعقد الإجارة، فإن هذه المنفعة إنما يستحق أن يقدم فيها على غيره، ويختص بها لسبقه وحاجته.

(2)

وهو كل ماء عد، له مادة لا تنقطع.

(3)

يعني نفس النقع، هذا المذهب.

(4)

وللنهي عن بيع فضل الماء، وسئل عن الذي لا يحل منعه قال:«الماء» فليس لأحد بيع ماء نبع، ولا كلأ ونحوه، ما لم يجزه، ولا يدخل ما في الأرض من ذلك في بيعها، لأن البائع لم يملكه، فلم يتناوله البيع، كما لو كان في أرض مباحة.

ص: 346

بل رب الأرض أحق به من غيره (1) لأنه صار في ملكه (2)(ولا) يصح بيع (ما ينبت في أرضه من كلأ وشوك) لما تقدم (3) وكذا معادن جارية، كنفط، وملح (4) وكذا لو عشش في أرضه طير (5) .

(1) قاله الموفق وغيره، وقال ابن القيم: بل يكون أولى به من كل أحد، وما فضل منه لزمه بذله لبهائم غيره وزرعه.

(2)

فلا يلزمه أن يبذل إلا الفاضل عن حوائجه، ولا ريب أن الماء يملك بالعمل فيه لا نفس النقع، فإنه لا يملك إذا لم يكن نبع في ملكه، والعمل هو احتفار السواقي وإصلاحها وبعث الآبار وعمارتها، فبهذا تكون مملوكة، وفي الاختيارات، ومن ملك ماء نابعًا كبئر محفورة في ملكه، أو عين ماء في أرضه، فله بيع البئر والعين جميعًا، ويجوز بيع بعضها مشاعًا، وإن كان أصل القناة في أرض مباحة، فكيف إذا كان أصلها في أرضه؟ قال الشيخ: وهذا لا أعلم فيه نزاعا، وإنما تنازعوا لو باع الماء دون القرار، وفي الصحة قولان، ومذهب مالك والحنفية الصحة ونص الشافعي على أنه يملك.

(3)

أي في قوله: «الناس شركاء في ثلاث، في الماء، والكلأ، والنار» بل يكون أولى به من غيره، ولو سبق غيره، وعن أحمد: يجوز وهو مذهب مالك، والشافعي، إذا كان في أرض عادة ربها ينتفع بها، وفي الاختيارات، يجوز بيع الكلأ ونحوه الموجود في أرضه، إذا قصد استنباته، والكلأ بإثبات الهمزة: العشب، رطبًا كان أو يابسًا، و «الشوك» واحدته شوكة.

(4)

أي ولا يصح بيع معادن جارية، وهي ما إذا أخذ منه شيء خلفه غيره، كنفط وهو دهن معدني، وملح جار، وكقار، لأن نفعه يعم، فلم يملك كالماء العد، فإن كان جامدا ملك بملك الأرض.

(5)

أو نضب الماء عن سمك في أرضه، لم يصح بيعه، ما لم يجزه.

ص: 347