المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أخذ الجزية من جميع الكفار - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كره إخراج تراب الحرم، وحجارته

- ‌لا يشرع صعود جبل الرحمة

- ‌«من وقف بعرفة، ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه»

- ‌ الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس

- ‌«من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج»

- ‌ يخطب الإمام بمنى يوم النحر

- ‌السنة أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف

- ‌تضمن حجه ست وقفات للدعاء

- ‌إن أخطأ الناس، فوقفوا في الثامن، أو العاشر أجزأهم

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌يقسم فاضل بين أحرار المسلمين

- ‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

- ‌فصل في أحكام أهل الذمة

- ‌ليس لكافر دخول مسجد، ولو أذن له مسلم

-

- ‌كتاب البيع

- ‌ لفظ الإيجاب والقبول، يشتمل على صور العقد

- ‌ الخامس (أن يكون) المعقود عليه (مقدورًا على تسليمه)

- ‌ يجوز دخول الأرض المملوكة لأخذ الماء والكلأ

- ‌ السابع (أن يكون الثمن معلومًا) للمتعاقدين

- ‌ البيعتان في بيعة هو الشرطان في البيعة

- ‌«الثاني» ما يصح معه البيع

- ‌باب الخياروقبض المبيع والإقالة

- ‌ يجوز (لمن له الخيار الفسخ

- ‌ ما لم يعلم عيبه بدون كسره

- ‌باب بيع الأصول والثمار

الفصل: ‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

(ومن تبعهم) فتدين بأحد الدينين (1) كالسامرة والفرنج والصابئين (2) لعموم قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (3) .

(1) أي دين اليهودية أو النصرانية.

(2)

التابعين لليهودية أو النصرانية، فالسامرة: قبيلة من قبائل بني إسرائيل وهم طائفة من اليهود، إليهم نسب السامري، ويقال لهم:«السمرة» والفرنج: هم الروم، ويقال لهم «بنو الأصفر» والأشبه أنها مولدة، ولعل ذلك نسبة إلى فرنجة، بضم أوله وثانيه، وسكون ثالثه، جزيرة من جزائر البحر، والنسبة إليها فرنجي ثم حذفت الياء، والصائبين جمع صابئ، وهم الخارجون من دين إلى غيره، وأصل الصبو الخروج، فيعقد لهؤلاء، وقاله شيخ الإسلام وغيره، وتنوخ وبهرا، وبنو تغلب، نصارى، لمجاورتهم للروم، وقبائل من اليمن تهودوا لمجاورتهم ليهود اليمن، قال ابن القيم: فأجرى الجزية ولم يعتبر آباءهم ولا متى دخلو في دين أهل الكتاب.

(3)

فشملت الآية من تدين باليهودية أو النصرانية، فمن اختار اليهودية أو النصرانية من هؤلاء أو غيرهم، أقر وعقدت له، قال الوزير وابن رشد وغيرهما: اتفقوا على أن الجزية تضرب على أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، وكذلك اتفقوا على ضربها على المجوس، واختلفوا فيمن لا كتاب له ولا شبهة، فقال مالك: تؤخذ من كل كافر، عربيا كان أو عجميا، إلا من مشركي قريش، وقال أبو حنيفة: لا تقبل إلا من العجم، وهو رواية عن أحمد، واختار أبو العباس‌

‌ أخذ الجزية من جميع الكفار

، وأنه لم يبق أحد من مشركي العرب بعد، بل كانوا قد أسلموا.

وقال: ومذهب الأكثرين: أنه يجوز مهادنة جميع الكفار، بالجزية والصغار، قال: وإذا عرفت حقيقة السنة، تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين عربي وغيره، وأن أخذ الجزية، كان أمرا ظاهرا مشهورا، وقدوم أبي عبيدة بمال البحرين معروف، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص العرب بحكم في الدين، لا بمنع الجزية ولا منع الاسترقاق، ولا تقديمهم في الإمامة، ولا بجعل غيرهم ليس كفوا لهم في النكاح، ولا بحل ما استطابوه دون ما استطابه غيرهم، بل إنما علق الأحكام، بالأسماء المذكورة في القرآن، كالمؤمن والكافر، والبر والفاجر.

ص: 304

(ولا يعقدها) أي لا يصح عقد الذمة (إلا) من (إمام أو نائبه)(1) لأنه عقد مؤبد فلا يفتات على الإمام فيه (2) ويجب إذا اجتمعت شروطه (3)(ولا جزية) وهي مال يؤخذ منهم، على وجه الصغار، كل عام (4) .

(1) ويحرم عقدها من غيرهما ولا يصح.

(2)

ولأن ذلك يتعلق بنظر الإمام، وما يراه من المصلحة.

(3)

وهي بذل الجزية والتزام أحكامنا، قالوا: وكون المعقود له كتابيا، وتقدم اختيار أخذها، من جميع الكفار، وأما نصارى العرب، ويهودهم ومجوسهم، من بني تغلب وغيرهم، فلا جزية عليهم، ولو بذلوها، ويؤخذ عوضها زكاتان من أموالهم مما فيه الزكاة لأن عمر أضعفها عليهم، وقاله الشيخ وغيره، وإذا عقدها كتب أسماءهم وأسماء آبائهم، وخلاهم ودينهم، وجعل لكل طائفة عريفا يكشف حال من تغير حاله.

(4)

أي كل سنة هلالية، وتجب بآخره، تتكرر بتكرر السنين، فإن انقضت سنون استوفيت كلها، وإن مات في أثناء السنة فقال مالك، والشافعي وأحمد:

تؤخذ جزية ما مضى، وإن لم يؤدها حتى أسلم، سقطت، والصغار بالفتح: الذل والهوان.

ص: 305

بدلا عن قتلهم وإقامتهم بدارنا (1)(على صبي، ولا امرأة) ومجنون (2) وزمن وأعمى، وشيخ فان (3) وخنثى مشكل (4)(ولا عبد، ولا فقير يعجز عنها)(5) .

(1) فإن لم يبذلوها لم يكف عنهم.

(2)

لأنهم ليسوا من أهلها، لما رواه الخمسة وغيرهم، وصححه ابن حبان والحاكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذا أن يأخذ من كل حالم دينار أي بالغ، ومفهومه: أنها لا تؤخذ من غير بالغ.

(3)

ولا أهل الصوامع، قال الشيخ: إلا من يخالط الناس، ويتخذ المتاجر، فكالنصارى بالاتفاق، و «فان» بالفاء والنون، أي ضعيف، لأنهم لا يقتلون قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن الجزية، لا تضرب على نساء أهل الكتاب، ولا على صبيانهم حتى يبلغوا، ولا على عبيدهم، ولا على مجنون، ولا ضرير، ولا شيخ فان، ولا أهل الصوامع، وقال الشيخ: تؤخذ من راهب بصومعة ما زاد على بلغته، ويؤخذ منهم ما لنا كالرزق للديورة، والمزارع إجماعا، قال: والرهبان الذين يخالطون الناس، ويتخذون المتاجر والمزارع، فكسائر النصارى، تؤخذ منهم الجزية باتفاق المسلمين.

(4)

لأن الأصل براءته منها، لكونه لا يعلم أنه رجل.

(5)

لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} .

ص: 306

وتجب على عتيق ولو لمسلم (1)(ومن صار أهلا لها) أي للجزية (2)(أخذت منه في آخر الحول) بالحساب (3)(ومتى بذلوا الواجب عليهم) من الجزية (وجب قبوله) منهم (4)(وحرم قتالهم) وأخذ مالهم (5) ووجب دفع من قصدهم بأذى (6) ما لم يكونوا بدار حرب (7) .

(1) أي ولو أعتقه المسلم، لأنه حر، مكلف، موسر، من أهل القتال، فلم يقر بدارنا بلا جزية، كحر الأصل، وتجب على مبعض بحسابه.

(2)

كتابيا كان أو مجوسيا، واختار الشيخ وغيره، أخذها من كل كافر، كما تقدم.

(3)

أي بمقدار ما بقي من الحول، إن نصفا فنصف، أو ربعا فربع، ونحو ذلك، ولا يترك حتى يتم له حول، لئلا يحتاج إلى إفراده بحول، ولا يصح شرط تعجيلها، ولا يقتضيه الإطلاق.

(4)

لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} فجعل إعطاء الجزية غاية لكف القتال عنهم ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة «فاسألهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم» .

(5)

أي بعد إعطاء الجزية، لأن الله تعالى جعل إعطاء الجزية غاية لقتالهم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكف عنهم بعد إجابتهم، فحرم قتالهم، وأخذ مالهم، بعد بذلهم ما وجب عليهم.

(6)

ولو انفردوا ببلد، ولو شرطنا أن لا نذب عنهم لم يصح.

(7)

أي فلا يجب الدفع عنهم، لبقائهم بدار الحرب، فحكمهم حكمهم.

ص: 307

ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه (1)(ويمتهنون عند أخذها) أي أخذ الجزية (2)(ويطال وقوفهم (3) وتجر أيديهم) وجوبا لقوله تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} (4) ولا يقبل إرسالها (5) .

(1) أي سقطت الجزية عن الذمي، ودخل في قوله تعالى:{إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وقوله صلى الله عليه وسلم «من أسلم على شيء فهو له» وإن أسلم في أثناء الحول فبطريق الأولى.

(2)

يعني من أهل الذمة.

(3)

حتى يألموا ويتعبوا، وتؤخذ منهم وهم قيام، والآخذ جالس.

(4)

أي أذلاء مقهورون، ولا يعذبون في أخذها، ولا يشطط عليهم، قال عمر: بلا سوط ولا نول.

(5)

أي مع رسول، لفوات الصغار، ويمتهنون عند كل جزية، ويصح أن يشرط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين، ودوابهم، ويصح أن يكتفي بها عن الجزية، بشرط أن تقابل ما عليهم، ويعتبر بيان قدرها، وأيامها، وعدد من يضاف، ولا تجب الضيافة بلا شرط.

ص: 308