المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رأسه إلى قدمه مقتبس من استقراء كلام العرب، وتتبع خواص - خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني

[محمد محمد أبو موسى]

الفصل: رأسه إلى قدمه مقتبس من استقراء كلام العرب، وتتبع خواص

رأسه إلى قدمه مقتبس من استقراء كلام العرب، وتتبع خواص تراكيبها، وأن كلام العرب "هو الجحهة التي منها يطلب"، كما قال علماؤه، ومعنى هذا أنه تحليل لطرائق العربية، وسننها في الإبانة عن المعاني، والعربية هي التي في لساني، ولسانك، هي عربيتنا نحن الذين يعيشون على الأرض، وليست عربية الذين ماتوا، لأن من مات لا يمتلك، وقد كانت ملكا لهم ثم صارت إرثا لنا نحن. قلت البلاغة علم تأسس كل شيء فيه على طرائق هذا اللسان، وتأمل كل سطر تقرؤه في أي كتاب من كتب البلاغة. التي كتبت في زمن الجاحظ، إلى يومنا هذا، لن تجد في أي سطر من سطورها خروجا عن شرح وتحليل سنن الكلام العربي، فالتنكير في لسان العرب يفيد كذا، والتعريف باسم الإشارة يفيد كذا، ومجيء الواو يفيد كذا، و"إن" تفيد كذا، والعل يفيد كذا، والاسم يفيد كذا، كل قاعدة وكل سطر في البلاغة شرح لطبيعة هذا اللسان، ومذاهبه، ومسالكه، وقدراته، وطاقاته في الإبانة.

وما دمنا نحرص على لغتنا التي هي ذات نفوسنا، فلا يجوز لنا إلا الحرص على هذه العلوم التي تتناول طرائق هذه اللغة وتحوطها من الاختلال، والفساد، وإنما نتخلى عن هذه العلوم يوم نتخلى عن هذه اللغة، وهذا الذي لا أشك فيه هو الذي يجعلني شديد الحرص على نقاء هذه العلوو، والرفض القاطع لأقل صور الخلط والاقتباس من كلام الغرباء عنها وعن آدابها وطرائقها والذين لاي ضمرون لها ولأصحابها إلى كل زراية.

وطول تصفحي لكلام علمائنا دلني على أنهم كانوا في اللغة يأخذون بشدائد عمر؛ مع أنهم في الفقه كانوا كثيرا ما يأخذون برخص ابن عباس رضوان الله عليهم جميعا، لأني لم أجد واحد من علمائنا أدخل فيها شيئا من ألأوشاب اللغات الأخرى، ولا أشك في أن أبا علي الفارس كان

ص: 3

‌باب المقدمات

‌مقدمة الطبعة الرابعة

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الرابعة

اللهم إرني الوجه الذي ترضى، وخذ بناصيتي فلا أصر فوجهي عنه، وأجعل آخر أيامي كفارة لأولها، واصرف عني لغو هذه الدنيا ولغوبها وارزقني الفهم، وأعني على نفسي، واجعل لي من نورك نورا في حياتي وعند مماتي، وفي قبري ويوم ألقاك، واللهم ارزقني استجابة الرجاء، ولا ترد لي عندك حاجة، وصلى يا رب على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد

فكلام البلاغيين ظاهر الدلالة على أن دراسة هذه العلم لا تقوم إلى على ما يجده الدارس في نفسه عند قراءة الشعر والكلام المختار، فإن أستحسن الكلام وستعذبه وراقه وكثر عنده نظر ليتعرف على ما في الكلام من صنعه يرجع إليها ما وجده في نفسه، وإن استهجن الكلام واسترذله نظر في الكلام ليتعرف على الشيء الذي فيه والذي صار به مستهجنا مسترذلا، وهو حين ينظر ليتعرف على سباب الحسن أو الاستهجان يكون قد بدأ العمل البلاغي ويكون قد وضع قدمه على طريق علماء هذ العلم، وشغله حينئذ هو تفلقد اللغة والأحوال والصيغ والخصوصيات والمصور والرموز، وكل ما يتحصل ببنية الشعر واللغة والأدب، ثم إنه لا يقع على هذا الذي وجب به الفضل إلا بمعونة الذوق، وهذا يعني أن هناك مرحلة سابقة للنظر البلاغي يكون الدارس فيها قد هيأ نفسه وأشربها من بيان اللغة وجيد الكلام، وأحيا حسها بما أشربها وأيقظها وشحذها، ونبهها. وإنما يكون ذلك بتفقد الشعر والنظر في صوره ولغته، والوعي برموزه، وإشاراته، والتدقيق في امتلاك خواطره،

ص: 3