المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وهذا لا يأتي إلا بمخالطة الخطيب للناس، وحضور مجالسهم وسماع - خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

[عبد الغني أحمد جبر مزهر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌[الفصل الأول مقومات الخطبة المؤثرة]

- ‌[المبحث الأولى قصر الخطبة وطولها]

- ‌[المبحث الثاني اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية]

- ‌[المطلب الأول اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية]

- ‌[المطلب الثاني اشتمال الخطبة على الأحاديث النبوية]

- ‌[المبحث الثالث اشتمال الخطبة على الأمثال والأشعار والقصص]

- ‌[المطلب الأول اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال]

- ‌[المطلب الثاني الاستشهاد بالشعر]

- ‌[المطلب الثالث الاستشهاد بالقصة في الخطبة]

- ‌[المبحث الرابع تحديد موضوع الخطبة وإعدادها]

- ‌[المطلب الأول تحديد الموضوع]

- ‌[المطلب الثاني إعداد الخطبة]

- ‌[تقسيم الخطبة]

- ‌[فقرات الموضوع]

- ‌ أهمية الموضوع

- ‌[الكلمة أمانة]

- ‌[المبحث الخامس اشتمال الخطبة على الأسلوب الحسن]

- ‌[تجنب التخصيص في الخطبة]

- ‌[تجنب التجريح سواء للهيئات أم الجماعات والأحزاب أم الأشخاص]

- ‌[تجنب المبالغة والتهويل في الخطبة]

- ‌[المبالغة في المدح]

- ‌[المبالغة في الذم]

- ‌[المبالغة في ذم الدنيا]

- ‌[التهويل في تصوير الواقع]

- ‌[تجنب التيئيس وما يولد الإحباط عند المخاطبين]

- ‌[المبحث السادس اشتمال الخطبة على الموعظة والحث على التقوى وما يرقق]

- ‌[أهمية الوعظ وأدلته من الكتاب والسنة]

- ‌[الوعظ بالقرآن]

- ‌[البدع الميتة]

- ‌[الفصل الثاني مقومات الخطيب المؤثر]

- ‌[المبحث الأول الإخلاص والصدق]

- ‌[المبحث الثاني سيرة الخطيب وحسن أخلاقه]

- ‌[المبحث الثالث ثقافة الخطيب وعلمه]

- ‌[الثقافة اللغوية]

- ‌[الثقافة الشرعية]

- ‌[الثقافة العامة]

- ‌[المبحث الرابع لغة الخطيب وفصاحته]

- ‌[المبحث الخامس نبرة الصوت والحركة]

- ‌[المبحث السادس حسن مظهر الخطيب]

- ‌[المبحث السابع تثبته من المعلومات والأحكام التي يلقيها على الناس]

- ‌[المبحث الثامن حسن العرض والخطاب]

- ‌[المبحث التاسع تجنب التقعر والتكلف في الكلام]

- ‌[المبحث العاشر إعداد الخطبة]

- ‌[المبحث الحادي عشر تقويم الخطيب لخطبه]

- ‌[الفصل الثالث المخاطبون]

- ‌[المبحث الأول مراعاة مستواهم من حيث العلم والثقافة والسن والعادات]

- ‌[المبحث الثاني معرفة أمراضهم ومشكلاتهم الاجتماعية ومعالجتها]

- ‌[أمراض القلوب وعلاجها]

- ‌[الفصل الرابع أثر خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الأول خصائص خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الثاني بروز آثار الخطبة في الواقع]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[المصادر والمراجع]

الفصل: وهذا لا يأتي إلا بمخالطة الخطيب للناس، وحضور مجالسهم وسماع

وهذا لا يأتي إلا بمخالطة الخطيب للناس، وحضور مجالسهم وسماع وجهات نظرهم، ومقترحاتهم، ومناقشتهم في موضوعات مختلفة، وإيجاد قدر من الثقة والتعاون بينه وبينهم.

إن كثيرا من الخطباء يشعر بالحرج والخجل من مناقشته موضوعات الخطبة، مع عدد من المصلين، ظنا منه أن هذا نوع من تزكية النفس، أو التطلع للثناء والمدح، وهذا غير صحيح إذا كانت نية الخطيب هي الوصول إلى الأكمل، والارتقاء بأسلوبه، وموضوعات خطبه لتكون أعظم أثرا، وإنما لكل امرئ ما نوى.

إن حسن الاختيار دليل على حسن التخطيط من الخطيب ومؤذن بحسن التأثير بخطبته، ومن الخطأ أن يعتمد الخطيب في هذا على قوة ذاكرته، أو سعة اطلاعه، وحسن أسلوبه، فلا يقوم بإعداد خطبته، والتحضير لها، وربما ترشح لديه الموضوع وهو في طريقه إلى المسجد، أو قبيل الخطبة بدقائق.

[الكلمة أمانة]

الكلمة أمانة: ألم يعلم أن الخطبة أمانة، والكلمة أمانة، وصعود المنبر أمانة، ووقت المصلين أمانة، والمخاطبين أمانة، فعلى الخطيب أن يستشعر عظم هذه الأمانة والمسؤولية قبل أن يصعد المنبر، وعند صعوده.

لقد أوجب الإسلام على المسلمين حضور صلاة الجمعة، والاستماع والإنصات للخطيب، وعدم التشاغل عنه بأي عمل من الأعمال، أو قول من الأقوال.

وهذا يحتم على الخطيب أن يكون على مستوى هذه المسؤولية التي أهل لها، والتي هيئ له الناس فيها، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]

ص: 53

أمر تعالى في هذه الآية بالسعي إلى ذكر الله، وأمر بترك البيع، ومثله سائر الأعمال التي تشغل عن صلاة الجمعة، وهذا دليل على أن صلاة الجمعة بما يسبقها من استعداد، وترك للأعمال، وما يرافقها من خطبة، واستماع وإنصات تمثل شعيرة من شعائر الإسلام.

ووردت أحاديث كثيرة في منع الكلام والإمام يخطب، وفي الأمر بالإنصات والاستماع للخطبة.

منها ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت» (1) .

وما رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ومن لغى وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا» (2) .

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحضر الجمعة ثلاثة نفر، فرجل حضرها بلغو، فذلك حظه منها، ورجل حضرها بدعاء فهو رجل دعا الله، إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحدا، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله تعالى يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] » [الأنعام - 160](3) .

قال ابن القيم في تعداد خصائص الجمعة:

(1) البخاري (343 / 2) ومسلم (رقم 851) .

(2)

أبو داود (رقم 347) وسكت عليه، وسكت عليه عبد الحق (الوسطى 2 / 97) ، ورواه ابن خزيمة (1810) واسناده حسن.

(3)

رواه أحمد (2 / 214) وأبو داود (1113) وإسناده حسن، وانظر: تخريج المشكاة (1 / 440) تخريج الزاد (1 / 413) .

ص: 54

الخاصة التاسعة: الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوبا في أصح القولين، فإن تركه كان لاغيا، ومن لغا فلا جمعة له (1) .

هذه النصوص وغيرها تضمن للخطيب جمهورا متفرغا مستمعا منصتا، يعطيه أذنه ووعيه، فعليه أن يتقي الله تعالى، فيحفظ أمانة الكلمة، وأمانة النصيحة التي يوصلها إليه، وليكن جادا في موضوعاته ساميا في اهتماماته، وعليه أن يكون أكثر الناس إحساسا بأهمية الموضوع، والحاجة إليه بحيث يدرك فيه من يسمعه صدق اللهجة، وقوة العاطفة، وشدة التحرق لحال أمته، ويلمس فيه سعة الاطلاع والإلمام بأحوال المسلمين في العالم الإسلامي، وما ينوء به واقعهم من مشكلات، ومدى الكيد والعداوة المتربصة بهم، مع الإلمام بحال البلد الذي يعيش فيه، والحي الذي يقطنه.

وذلك دون أن يخل بالغرض الأساسي من الخطبة، وهو العظة والتوجيه، وتقوية الإيمان في القلوب، وزرع الثقة في النفوس، والتذكير بسنن الله تعالى في عباده، ومنته عليهم، والتحذير من بطشه وأخذه.

إن من الخطأ الواضح أن يظن بعض الخطباء، وخاصة المتطوعون منهم أن الخطابة كلمات تقال في دقائق معدودة ثم ينتهي الأمر، أو أنهم يتصدقون على الناس بتلاوة آية قرآنية، أو حديث نبوي، فيفسرون الآية، ويشرحون الحديث بلغة ركيكة، أو أسلوب ضعيف، ثم على الناس أن يسمعوا ويطيعوا، وعليهم أن ينصرفوا من الخطبة وقد تغيرت حياتهم وأحوالهم.

ومما ينبغي أن يعد له الخطيب العدة ما قد يطرأ من طارئ مفاجئ، كأن تحدث جلبة أو صراخ في المسجد أثناء الخطبة، أو يصرخ أحد الحضور إعجابا أو انتقادا للخطبة، أو غير ذلك. فليكن دقيق الملاحظة، سريع المعالجة، حاضر البديهة، فليس هناك طريقة محددة لعلاج مثل هذا الموقف، ولكن تدارك الأمر يفرضه ظرف الحدث، وملابساته.

(1) ابن القيم، زاد المعاد (1 / 377) .

ص: 55

الخاتمة: ليس كل كلام يصلح أن يكون خاتمة للخطبة، ولا كل عبارة تصلح أن تكون نهاية للكلام، بل ينبغي أن تكون الخاتمة بأقوى العبارات وأجزلها، وأعظمها أثرا فهي آخر ما يطرق آذان المخاطبين، ويعلق بأذهانهم، فيحسن في الخاتمة أن تجمع الصفات التالية (1) .

1 -

قوة العبارة وقصرها.

2 -

الاختلاف في ألفاظها عما سبق في الخطبة، فلا تكون تكرارا لما تقدم.

3 -

خلوها من أي خطأ علمي، أو لغوي، فإنها تعطي الانطباع الأخير عن الخطبة.

4 -

وقوعها في قمة حماسة الناس وتأثرهم.

(1) وانظر: فن الخطابة (ص 137) .

ص: 56