الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قال قبل هذا: إن الفاسدات إن عقلت بالماهية المجردة، وبما يتبعها مما لا يتشخص، فلم تعقل بما هي فاسدة، وإن أدركت بما هي مقارنة للمادة وعوارض المادة، لم تكن معقولة، بل محسوسة أو متخيلة.
فقد ذكر أنها إذا عقلت بالماهية المجردة وما يتبعها، فلم تعقل عينها المعينة، وإن عقلت معينة فهي محسوسة لا معقولة، فالمعينات عنده لا تكون إلا محسوسة لا معقولة، وعنده لا توصف بالحس، فكيف يقول: إنه لا يعزب شيء شخصي مع قوله: إنه لا يعلم شيئاً عن المشخصات المتغيرة؟.
الوجه الخامس عشر
أنه قال: فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له، وهو مبدأ للموجودات التامة بأعيانها، والكائنة الفاسدة بأنواعها أولاً، ويتوسط ذلك في أشخاصها.
فقد أثبت هنا أنه يعلم الموجودات التامة بأعيانها، وذلك كالأفلاك والكواكب، مع ما يثبتونه من العقول والنفوس.
ثم قال: وإن عقلت الفاسدات بما هي مقارنة للمادة وعوارض المادة، لم تكن معقولة، بل محسوسة أو متخيلة.
وقد قال: إنه يعقلها بأعيانها.
فسمى العلم بالأجسام المعينة تارة عقلاً، وتارة قال: هو حس أو تخيل، ليس بعقل.
وأثبت أنه يعلمها تارة، ونفى ذلك أخرى، لكونه حساً لا عقلاً.
وليس الكلام هنا في إدراكها متغيرة أو غير متغيرة، بل في إدراك الأجسام المعينة هل يعلمها معينة أم لا؟ وهل ذلك عقل أو حس؟ فقد أثبت أنه يعقلها، وعلل غيرها بعلة تقتضي أنه لا يعقلها، وهذا تناقض بين.
ولا ريب أن كلامه هنا إنما ينفي كونه يعلمها متغيرة، لئلا يكون متغير الذات.
ثم يعلل ذلك بأنه لا يعلم الحسيات.
لكنه في موضع آخر قال: إن كل صورة محسوسة وكل صورة خيالية فإنما يدركها المدرك بآله متجزئة، وإن مدرك الجزئيات لا يكون عقلاً بل قوة جسمانية.
وهنا قد ذكر أن واجب الوجود الجسمانيات التامة بأعيانها، فيلزم أحد الأمرين.
إما أنه جسم يدركها بقوة جسمانية، وإما أنه لا يدركها كما قاله أرسطو.
وإما أن تكون الأجسام تدرك بقوة غير جمسانية، كما قاله أبو البركات، وقد ناقضه أبو البركات في هذا الفصل، وسنذكر إن شاء الله كلامهما.
فكلام ابن سينا في العلم متناقض، فإنه يثبت أنه يعلم الموجودات التامة بأعيانها، وهذا يناقض جميع ما ذكره في نفي