الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [الملك: 13-14] .
وقد استدل طوائف من أهل السنة بهذه الآية على أنه خالق أقوال العباد وما في صدورهم.
وهذه الآية تدل على كونه عالماً بالجزئيات من طرق:
أحدها: من جهة كون الخلق يستلزم العلم بالمخلوق.
والثاني: من جهة كونه في نفسه لطيفاً خبيراً، وذلك يوجب علمه بدقيق الأشياء وحفيها.
ثم يقال: اللطيف الخبير علمه بنفسه أولى من علمه بغيره، وعلمه بنفسه، مستلزم لعلمه بلوازم ذاته، كما تقدم.
فقد تضمن الآية هذه الطرق الثلاثة.
اعتراض الرازي على ابن سينا
وقد اعترض الرازي على ما قرره ابن سينا، من كون علمه بذاته يستلزم علمه بمفعولاته.
فقال في شرحه: كنا قد بينا في الأبواب السالفة أنه علام بذاته وبسائر المعلومات، والآن نريد أن نبحث عن كيفية حصول تلك العالمية له فنقول:
قد بينا قبل هذا الفصل أن علمه بالأشياء لا بد وأن يكون
حاصلاً له لذاته.
فنقول: إنه يجب أن يعلم ذاته بذاته، ثم إذا علم ذاته، فذاته علة لما بعده، يجب أن يعلم من ذاته كونه علة لما بعده، فإذا علم ذاته علم لا محالة معلوله.
ثم يلزم من علمه بمعلوله، علمه بسائر المعلولات النازلة من عنده طولاً وعرضاً.
وأما طولاً فكالعقول التي كل واحد منها علة للعقل الذي تحته، وأما عرضاً فكما إذا صدر شيئان أو أكثر عن علة واحدة، كما يقال: إنه يصدر عن كل عقل: عقل، ونفس، وفلك، معاً.
قال: ولقائل أن يقول: لم قلتم: إن علمه بذاته يقتضي علمه بمعلوله؟ بيناه: أنكم إما أن تقولوا: إن علمه بذاته من حيث إنها تلك الذات المخصوصة علة لعمله بمعلوله، أو تقولوا إن علمه بذاته، من حيث إنها علة لذلك المعلول، يقتضي وجوده بذلك المعلول، والأول ممنوع، فلم قلتم: إن علمه بذاته المخصوصة -التي من جملة لواحقها واعتباراتها كونها علة لذلك المعلول-