الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أنه لو قدر موجود غيره واجب بنفسه، أو موجود عن ذلك الواجب بنفسه، وذات العالم هي التي اقتضت العلم به -لكان هذا كمالاً له على هذا التقدير، لم يكن هذا مما ينفيه وجوب وجوده.
الرابع: أن هذا وإن قدر أنه استكمال بالغير، فلا دليل لهم على نفيه، لا من جهة الوجوب، ولا من جهة استحقاق الكمال.
ولا من غير ذلك، بل الأدلة تقتضي ثبوته.
الوجه الثالث
عن شبهة ابن سينا أن يقال: قوله: ليس يجوز أن يعقل الأشياء من الأشياء، وإلا فذاته إما متقومة بما تعقل، فيكون متقوماً بالأشياء، وإما عارضاً لها أن تقعل، فلا تكون واجبة الوجود من كل وجه.
يقال له: قولك: يعقل الأشياء من الأشياء أتريد به أن الأشياء تجعله عاقلاً، فتعلمه العلم بها؟ أم تريد أن علمه بالأشياء لا يكون إلا مع تحقق المعلوم؟ أم تعني به أن علمه بالأشياء يكون بعد وجود المعلوم؟.
أما الأول فلا يقوله مسلم، بل المسلمون متفقون على أن الله مستغن عما سواه في علمه بالأشياء في غير ذلك، بل هو المعلم لكل من علم سواه من علمه.
وقد قال تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255] .
وقال: {علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 4-5] .
وقال: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: 50] .
وقال: {الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى} [الأعلى: 2-3] .
وقال: {الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان} [الرحمن: 1-4] .
وقال: {وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113] .
وقال: {وعلمناه من لدنا علما} [الكهف: 65] .
وقال: {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب} [البقرة: 282] .
وقال: {وعلم آدم الأسماء كلها} إلى قول الملائكة: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} [البقرة: 31-32] .
وقال: {تعلمونهن مما علمكم الله} [المائدة: 4] .
وإن أراد بعقله الأشياء من الأشياء: أنه لا يكون عالماً إلا مع تحقق معلوم بعلم، فهذا حق.
لكن لا يمكن ثبوت إلا كذلك، وإلا فإذا قدر علم لا يطابق معلومه كان جهلاً لا علماً وحينئذ الأمر إلى سؤال الاستكمال، وقد تقدم.