الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى يفعل شيئاً.
فإن حدوث الحادث بلا سبب حادث ممتنع.
والثاني: أن يقال: لا يحدث مفعولاً إلا بحدوث قدرة، أو إرادة، أو علم أو نحو ذلك.
ولا يحدث ذلك إلا بحدوث ما يوجب حدوثه، فيلزم أن لا يحدث شيئاً، فإن هذا تسلسل في تمام التأثير.
والتسلسل في تمام التأثير كالتسلسل في المؤثرين، فكما أنه يمتنع أن لا يكون مؤثراً إلا عن مؤثر، ولا يؤثر إلا عن مؤثر، وأنه يمتنع وجود علل ومعلولات لا نهاية لها، فلذلك يمتنع أن لا يتم كون الشيء علة أو فاعلاً إلا بوجود أمر، ولا يتم وجود ذلك التمام إلا بوجود تمام آخر، إلى غير غاية.
فهذا أيضاً ممتنع باتفاق العقلاء.
وأما إذا قيل لا يوجد الشيء حتى يوجد قبله شيء آخر، ولا يوجد ذلك الثاني حتى يوجد قبله شيء آخر، فهذا فيه النزاع المشهور، وهو تسلسل الآثار المعينة، لا تسلسل في أصل التأثير، فيجب تصور الفرق بين الأمرين.
وقد صور السهروردي هذه الحجة في كتابه المسمى بـ حكمة الإشراق وهو الذي ذكر فيه خلاصة ما عنده، ولم يقلد فيه المشائين، بل بين فيه خطأهم في مواضع، وذكر فيه طريقة فلاسفة الفرس المجوس والهند.
كما أن ابن سينا في كتابه المسمى بـ الحكمة المشرقية ذكر فيه بيان ما تبرهن عنده، وكذلك الرازي في المباحث المشرقية.
كلام السهرودي المقتول في "حكمة الإشراق
"
كلام السهرودي المقتول في حكمة الإشراق
فقال السهروردي: نور الأنوار والأنوار القاهرة يعني واجب
الوجود والعقول: لا يحصل منهم شيء بعد أن لم يحصل، إلا على ما سنذكره، فإن كل ما لا يتوقف على غير شيء، إذا وجد ذلك الشيء، وجب أن يوجد، وإلا هو مما لا يتصور وجوده أو توقف على غيره، فما كان هو الذي يتوقف عليه، وقد فرض أن التوقف عليه، وهو محال.
وكل ما سوى نور الأنوار لما كان منه، فلا يتوقف على غيره، كما يتوقف شيء من أفعالنا على وقت، أو زوال مانع، أو وجود شرط، فإن لهذه مدخلاً في أفعالنا، ولا وقت مع نور الأنوار متقدم على جميع ما عدا نور الأنوار، فإن نفس الوقت أيضاً من الأشياء التي هي غير نور الأنوار، فلما كان نور الأنوار، وجميع ما يفرضه الصفاتية صفة دائمة، فيدوم بدوامه ما فيه، لعدم توقفه على أمر منتظر، ولا يمكن في العدم البحث قرض تجدد، مع أن كل ما تجدد يعود الكلام إليه.
فنور الأنوار والأنوار القاهرة: ظلالها وأضواؤها المجردة دائمة، وقد علمت أن الشعاع المحسوس هو من النير، لا النير من الشعاع، وكلما يدوم النير الأعظم يدوم الشعاع، مع أنه منه.