الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موجوداً، لا يتوقف فعله على شيء خارج عنه، فلم وجدت عنه المختلفات؟ ولم تأخرت عنه الحوادث؟ فما كان جوابك عن هذا، كان جواباً لهم عن الحوادث، وأولى.
وأما من قال: إن الواجب بنفسه تقوم به الأفعال المتعلقة بقدرته ومشيئته.
فيقولون: حدوث ما حدث يتوقف على تلك الأفعال موقوفة على ما قبلها، فإن التسلسل جائز عندك.
ثم يقال: إما أن يكون التسلسل جائزاً، وإما أن لا يكون.
فإن كان جائزاً، أمكن أن تتسلسل الأفعال التي يقف عليها وجود تلك المفعولات.
وإن لم يكن جائزاً لزم حدوث جنس المحدثات، ويبطل القول بحوادث لا أول لها، وهو نقيض قولكم.
وأيضاً قوله: إذا جاز أن يكون شيء متشابه الحال لا يخلو: إما أن يجوز أن تصدر عنه الأمور المختلفة الحادثة بوسط أو بغير وسط، وإما أن لا يجوز.
فإن لم يجز ذلك لزم أن لا تكون هذه الحوادث صادرة عن علة بسيطة، لا بوسط ولا بغير وسط.
وهذا يبطل قولهم.
وحينئذ فإما أن يقال: إن هذه الحوادث لا محدث لها، وهو معلوم الفساد بالضرورة.
وإما أن يقال: ليس المحدث مجرداً عن الصفات والأفعال، بل له صفات وأفعال، كما يقوله المسلمون، وهو الحق.
وإن جاز أن تصدر المختلفات والمحدثات عن بسيط، أمكن أن يحدث عنه ما لم يكن حادثاً عنه، وحينئذ فلا يلزم أن يكون معلولاً له لازماً له.
كلام الرازي في شرح الإشارات
قال الرازي في شرح هذا الكلام.
اعلم أن الغرض من هذا
الفصل التنبيه على الحجة لا يزال القائلون بالقدم يتمسكون بها ويعولون عليها، وهي أن الأمور التي تتم بها مؤثرية الباري تعالى في العالم، إما أن تكون بأسرها أزلية، وإما أن لا تكون، والثاني باطل، إذ لو كان شيء منها حادثاً لافتقر حدوثه إلى المؤثر.
والكلام في كونه مؤثراً في ذلك الآخر، كالكلام في الأول، فيلزم التسلسل وهو محال.
فإذاً كل الأمور المعتبرة في مؤثرية الله تعالى في العالم أزلية.
وأيضاً فمن الظاهر أن المؤثر متى حصل مستجمعاً جميع الأمور المعتبرة في المؤثرية، وجب أن يترتب الأثر عليه، لأنه إن جاز تخلف الأثر عنه، كان صدور الأثر عن العلة المستجمعة لجميع تلك الأمور المعتبرة في المؤثرية، ولا صدور عنها على السواء.
ولو كان كذلك لما ترجح الصدور على أن لا صدور إلا بمرجح آخر.
فلم تكن جميع الأمور المعتبرة في المؤثرية حاصلاً قبل حصول هذا الزائد، وكنا قد قد فرضنا أن الأمر كذلك، هذا خلف.
قال: وإذا ثبتت المقدمتان لزم من قدم الباري قد أفعاله، هذا تحرير هذه الحجة.