الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بجميع أجزائه قديماً ملازماً للذات المجردة، وهو خلاف الحس والمشاهدة.
وأيضاً فيقال له: فعل الأول إما أن يقف على داع، وإما أن لا يقف على داع.
فإن وقف على داع، قيل لك: ما الداعي الموجب لإبداعه للعالم على ما هو عليه من الأمور المختلفة والحادثة؟ وإن لم يقف على داع جاز أن يحدث ما حدث بلا داع، ولم يجب أن يكون لفعله علة.
قال ثابت: ويلزم أهل هذا الرأي أن يكون في المبدأ الأقصى الذي عنده يتناهى الأبد في ابتداء كل فعل ما هو بالقوة، وما بالقوة ليس يخرجه ما هو له بالقوة بغير علة داخلة عليه من خارج يصير معلولاً لها في تلك الجهة، لأنه إن كان ليس لإخراج ما هو له بالقوة إلى الفعل سبب غير ذاته، فيجب أن يكون وجوب ذلك الأمر بالفعل مع وجود تلك الذات المخرجة له، وذلك الشيء غير متأخر عن وجودها، وإن كان له سبب غير ذاته، فإذن تكون العلة الأولى والمبدأ الأول ليس بمبدأ أول على الحقيقة، لأنه يحتاج حينئذ إن كانت تلك حاله إلى مبدأ آخر.
وأيضاً فيلزم جوهر العلة الأولى، وإن كان لها ما هو بالقوة حيناً لم يخرج إلى الفعل حيناً تغير.
وهذا أمر قد أضرب عنه سائر القدماء، فينبغي أن يسلم لأرسطو طاليس أن العلة الأولى على غاية ما يمكن من التمام والكمال.
وكما أنه ليس يمكن منه في مادة من المواد أن تؤخرها الطبيعة لحظة من غير أن يعمل منها أجود ما ينعمل من مثلها، ما لم يعتور ذلك شيء من خارج، كذلك يرى أرسطو طاليس أن الأمر واجب في جملة أمر العالم، أي في وجود جملته، إذ كان إمكانه لم يزل، والإمكان له بمنزلة المادة.
الرد عليه من وجوه. الوجه الأول
الرد عليه من وجوه.
الوجه الأول
فيقال له: جواب هذا من وجوه.
أن يقال: خروج ما بالقوة إلى الفعل: إما أن يفتقر إلى علة من خارج وإما أن لا يفتقر.
فإن لم يفتقر بطل هذا الكلام.
وإن افتقر، فإما أن يفتقر إلى علة خارجة فاعلة، أو علة غائية، أو كلاهما.
والافتقار إلى علة غائية وحدها غير كاف، لأن ما بالقوة إذا لم يخرج إلى الفعل إلا بعلة من خارج، فلا بد أن يكون علة لوجود كونه فاعلاً، وإلا مجرد المحبوب بدون ما به يفعل المحب مطلوبه، لا يوجب وجود الفعل.
ولهذا إذا كان المحب غير قادر على الفعل.
لم يتحرك إلى المحبوب، وتحركه إلى المحبوب هو ممكن ليس بممتنع ولا واجب بنفسه، والممكن لا يترجح أحد طرفيه إلا بمرجح تام يستلزم وجود الممكن، فلا بد لفاعلية الممكن من مرجح تام الفاعلية، وذلك هو الفعل، إذ مجرد الغاية ليس مرجحاً تاماً.
وإن افتقر خروج ما بالقوة إلى الفعل إلى علة من خارج، علة فاعلة أو علة فاعلة وغائية.
قيل له: فحركة الجوهر الجسماني حينئذ يفتقر إلى فاعل خارج عنها.
وحينئذ فذاك الفاعل لم يكن فاعلاً لتلك الفاعلية في الأزل، إذ لو كان كذلك لزم وجود جميع الحركات والحوادث في الأزل، لوجود فاعلها التام، فتعين أنه صار فاعلاً لتلك الحوادث بعد أن لم يكن فاعلاً.
فيلزم حينئذ إذا جعل الممكن مفتقراً إلى علة خارجة، أن تكون العلة صارت علة لفاعليته بعد أن لم تكن علة.
وهذا قد يستدل به على العلية مطلقاً، سواء جعلت فاعلية أو غائية.
فإنه يقال: كل ما حدث من الحوادث فإنه يمتنع وجود علته التامة في