الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حالة إخلال المتعهد بالتزامه نحو المنتفع، فيمثل الشرط الجزائي في هذه الحالة المصلحة المادية للمشترط في اشتراطه لمصلحة الغير. اهـ.
وجاء في نظام المناقصات والمزايدات السعودي ما نصه:
(إذا تأخر المقاول عن إتمام العمل وتسليمه كاملا في المواعيد المحددة ولم تر اللجنة صاحبة المقاولة داعيا لسحب العمل منه توقع عليه غرامة عن المدة التي يتأخر فيها إكمال العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم الاستلام المؤقت دون حاجة إلى أي تنبيه للمقاول ويكون توقيع الغرامة على المقاول كما يلي:
1 % عن الأسبوع الأول 1.5% عن الأسبوع الثاني 2% عن الأسبوع الثالث 2.5% عما زاد عن ثلاثة أسابيع 3% عن أية مدة تزيد على أربعة أسابيع. اهـ (1) .
(1) انظر: ص 107 [نظام المناقصات] .
3 -
ما يندرج تحته الشرط الجزائي من أنواع الشروط التي تشترط في عقود المعاملات أو إجارة أو نحو ذلك مع بيان وجه الاندراج:
نستعرض فيما تحت هذا العنوان
ما ورد من الأحاديث والآثار في الشروط المقترنة بالعقود
من حيث الجملة وما ذكره بعض العلماء في تفسيرها وما بنوه عليها من تقسيم الشروط إلى قسمين: شروط صحيحة وشروط فاسدة، وما وضعوه من الضوابط لكل منهما؛ ليتسنى معرفة ما يندرج تحته الشرط الجزائي من هذه الضوابط، وما يلتحق به من المسائل
التي يشبهها وأدرجوها تحتها، أو جعلوها أمثلة شارحة لها.
روى البخاري في [صحيحه] تحت باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله عن عروة: «أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن بريرة جاءت تستفتيها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا. فقالت لها عائشة: (ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت) فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق " قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق (1) » ، وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«أرادت عائشة رضي الله عنها أن تشتري جارية لتعتقها، فقال أهلها: على أن ولاءها لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق (2) » .
قال ابن حجر في [الفتح] : قوله: (باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله) ، جمع في هذه الترجمة بين حكمين وكأنه فسر الأول بالثاني، وأن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله، وسيأتي في كتاب [الشروط] (3) : أن المراد بما ليس في كتاب الله ما خالف كتاب الله، وقال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا: حكمه؛ من كتابه، أو سنة رسوله،
(1) صحيح البخاري كتاب العتق (2561) ، صحيح مسلم العتق (1504) ، سنن أبو داود العتق (3929) ، موطأ مالك العتق والولاء (1519) .
(2)
صحيح البخاري كتاب العتق (2562) ، سنن النسائي البيوع (4644) ، مسند أحمد بن حنبل (2/30) .
(3)
أي: من [صحيح البخاري] .
أو إجماع الأمة، وقال ابن خزيمة:(ليس في كتاب الله) أي: ليس في كتاب الله جوازه أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل؛ لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ويشترط في الثمن شروطا من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل.
قال النووي: قال العلماء: الشروط في البيع أقسام:
أحدها: يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه.
الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا.
والثالث: اشتراط العتق في العبد، وهو جائز عند الجمهور؛ لحديث عائشة وقصة بريرة.
الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل.
وقال القرطبي: قوله: (ليس في كتاب الله)، أي: ليس مشروعا في كتاب الله تأصيلا ولا تفصيلا، ومعنى هذا: أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها ما يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلا. . . إلى أن قال: وقال القرطبي: قوله: (ولو كان مائة شرط)، يعني: أن الشروط الغير مشروعة باطلة ولو
كثرت. اهـ (1) .
وقال البخاري في [صحيحه](باب الشروط التي لا تحل في الحدود) .
قال ابن حجر في [الفتح] : وقد ترجم له في الصلح (3) : إذا اصطلحوا على جور فهو مردود.
ويستفاد من الحديث: أن كل شرط وقع في رفع حد من حدود الله فهو باطل، وكل صلح وقع فيه فهو مردود. اهـ (4) .
وروى البخاري في [صحيحه] عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (5) » .
(1)[صحيح البخاري] مع شرحه [فتح الباري](5 \ 142) .
(2)
صحيح البخاري الشروط (2725) ، صحيح مسلم الحدود (1698) ، سنن الترمذي الحدود (1433) ، سنن النسائي آداب القضاة (5411) ، سنن أبو داود الحدود (4445) ، سنن ابن ماجه الحدود (2549) ، مسند أحمد بن حنبل (4/115) ، موطأ مالك الحدود (1556) ، سنن الدارمي الحدود (2317) .
(3)
أي: من [صحيح البخاري] .
(4)
[صحيح البخاري] مع شرحه [فتح الباري](5 \ 347) .
(5)
صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .
قال ابن حجر: وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده، فإن معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه، قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي أن يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك، وقال الطرقي: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع؛ لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه
وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه؛ لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع، وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث
وإنما يقع النزاع في الأولى، ومفهومه: أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح، مثل: أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما كان عليه أمر الشرع فهو صحيح؛ فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع فلو اتفق أن يوجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لاستقل الحديثان بجميع أدلة الشرع، لكن هذا الثاني لا يوجد، فإذا حديث الباب نصف أدلة الشرع، والله أعلم.
وقوله: "رد" معناه مردود من إطلاق المصدر على اسم المفعول مثل: خلق ومخلوق، ونسخ ومنسوخ، وكأنه قال: فهو باطل غير معتد به.
واللفظ الثاني وهو قوله: من "عمل" أعم من اللفظ الأول وهو قوله: "من أحدث"، فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المرتبة عليها، وفيه رد المحدثات، وأن النهي يقتضي الفساد؛ لأن