الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يلائم العقد ولا جرى به التعامل بين الناس، ومثل هذا الشرط مفسد للبيع لما ذكرنا، ولأنه لا يتمكن من الترك إلا بإعارة الشجرة والأرض وهما ملك البائع، فصار بشرط الترك شارطا للإعارة، فكان شرطه صفقة في صفقة وأنه منهي عنه) .
ورأينا صاحب [فتح القدير] يقول: (وكذلك لو باع عبدا على أن يستخدمه البائع شهرا أو دارا على أن يسكنها، أو على أن يقرضه المشتري دراهم فهو فاسد؛ لأنه شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، وقد ورد في عين بعضها نهي خاص وهو نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف، أي: قرض، ثم خص شرطي الاستخدام والسكنى بوجه معنوي، فقال: ولأنه لو كان الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن بأن يعتبر المسمى ثمنا بإزاء المبيع، وبإزاء أجرة الخدمة والسكنى- يكون إجارة في بيع، ولو كان لا يقابلهما يكون إعارة في بيع، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة) .
3 -
العقود التي يكون فيها الشرط الفاسد مفسدا للعقد:
والظاهر من نصوص [فتح القدير] التي قدمناها: أن الشرط الفاسد لا يفسد العقد إلا إذا كان مبادلة مال بمال، كالبيع والإجارة والقسمة والصلح عن دعوى المال (1) .
وقد ورد في المادة 323 من [مرشد الحيران] : (كل ما كان مبادلة مال بمال كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والمزارعة والمساقاة والقسمة
(1) أكتفي فيما تقدم عما في [فتح القدير] بما نقل عن [المبسوط] و [البدائع] لاشتمالهما عليه.
والصلح عن مال.. لا يصح اقترانه بالشرط الفاسد ولا تعليقه به، بل تفسد إذا اقترنت أو علقت به.. ومثل ذلك إجازة هذه العقود فإنها تفسد باقترانها بالشرط الفاسد وبتعليقها به) .
أما ما كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والخلع على مال، أو كان من التبرعات كالهبة والقرض، أو من التقييدات كعزل الوكيل والحجر على الصبي من التجارة، أو من الإسقاطات المحضة كالطلاق والعتاق وتسليم الشفعة بعد وجوبها، أو من الإطلاقات كالإذن للصبي بالتجارة، وكذلك الإقالة والرهن والكفالة والحوالة والوكالة والإيصاء والوصية، ففي هذه التصرفات كلها إذا اقترن العقد بالشرط الفاسد- صح العقد، ولغى الشرط (1)
ويتضح مما تقدم أن الشرط الفاسد إذا اقترن بعقد هو مبادلة مال بمال تغلغل في صلبه فأفسده معه، والسبب في ذلك أن الشرط لما كان فاسدا فقد سقط، ولما كان العاقد قد رضي بمبادلة مال بمال المتعاقد الآخر على هذا الشرط وقد فات عليه فيكون غير راض بالمبادلة فيفسد العقد.
وفي هذا يقول صاحب [المبسوط] : (لأن الشرط باطل في نفسه، والمنتفع به غير راض بدونه) ، وهذا السبب لا يقوم في التصرفات الأخرى ومن ثم يسقط الشرط؛ لأنه فاسد، ولكن يبقى العقد على صحته.
(1) انظر المواد 324- 326 من [مرشد الحيران] .