الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين
هو محمد صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، إلى هنا انتهى النسب الصحيح، وما فوق عدنان فمختلف فيه، ولا خلاف بينهم في أن عدنان من ولد إسماعيل الذبيح ابن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.
وكنيته صلى الله عليه وسلم: أبو القاسم وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وهنا تجتمع مع أبيه في النسب.
وصفته صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن ولا القصير ولا الأبيض الأبهق ولا الآدم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط، رجل الشعر أزهر اللون مشربًا بحمرة في بياض، كأن وجهه القمر حسن العنق ضخم الكراديس أوطف الأشفار أدعج العينين في بياضهما عروقٌ رقاقٌ حمر، حسن الثغر واسع الفم حسن الأنف، إذا مشى كأنه يَتَكَفَّأَ، إذا التفت التفت بجميعه، كثير النظر إلى الأرض، ضخم اليدين لينهما قليل لحم العقبين كث اللحية واسعها، أسود الشعر ليس لرجليه أخمص إذا طول شعره فإلى شحمة أذنيه ومع كتفيه، وإذا قصره فإلى أنصاف أذنيه لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبة، وكان عليه السلام ربعة فإذا مشى مع الطوال طالهم.
وأسماؤه صلى الله عليه وسلم: محمد وأحمد والماحي يمحو الله به الكفر، والحاشر يحشر الناس على عقبه، والعاقب ليس بعده نبي، والمقفى ونبي التوبة، ونبي الملحمة والمتوكل، وسماه الله رؤوفًا رحيمًا.
ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقيل لثمان وقيل لاثنتي عشرة ليلة، ووافق من الشهور الأعجمية شهر إبريل وذلك قبل قدوم الفيل بشهر، وقيل بأربعين يومًا وقيل بخمسين يومًا، وكان مولده بمكة، قيل مات أبوه وهو ابن سبعة أشهر وقيل بل تركه حملًا وهو الصحيح، وماتت أمه بالأبواء بين مكة والمدينة ولم يستكمل له سبع سنين، ثم كفله عمه أبو طالب.
وبعث صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لثلاث [لثمان] مضين لربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وقيل خمس عشرة سنة، وقيل عشر سنين وثلاث عشرة ليلة أكثر وأشهر، وقدم صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين وهو الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل على قول الخوارزمي، ومكث بها عشر سنين.
وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة هذا هو الأشهر، كان ابتداء مرضه عند عائشة، واشتد ألمه في بيت ميمونة، ومرض في بيت عائشة بإذن أهله، وعندها مات يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول، ووافق موته يومها الذي كان يدور عليها فيه، ودفن يوم الثلاثاء وقيل ليلة الأربعاء، وكانت علته اثني عشر يومًا صلى الله عليه وسلم.
ونساؤه صلى الله عليه وسلم: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، وهي أول من تزوج تزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، ثم تزوج بعدها سودة بنت زمعة من بني عامر بن لؤي، ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق بمكة وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب بعد الهجرة بسنتين وأشهر، ثم تزوج زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر وتوفيت بعد ضمه لها بشهرين، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية واسمه حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم وهي آخر نسائه موتًا، وقيل آخرهن موتًا صفية، وتزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة
ماتت في أول خلافة عمر بن الخطاب، ثم تزوج جويرية بنت الحارث من بني المصطلق من خزاعة، ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية، وقيل اسمها هند تزوجها وهي ببلاد الحبشة، وكانت هناك مهاجرة وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينارًا وسيقت إليه من هناك، وماتت في أيام أخيها معاوية، وتزوج أثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون بن عمران أخي موسى بن عمران صلى الله عليهما وهو عمران بن قاهات بن لاوي ابن رسول الله يعقوب صلى الله عليه وسلم، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وهي آخر من تزوج تزوجها بمكة في عمرة القضاء وماتت أيام معاوية وقبرها بسرف، وقعت عليه السلام في الجونية ليتزوجها فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت منه فأعاذها ولم يتزوجها، وهو الصحيح في أزواجه، ولم يتزوج بكرًا غير عائشة.
وكان له من الولد القاسم وبه يكنى عاش أيامًا يسيرة وولد له قبل النبوة، وولدان آخران اخْتُلِفَ في اسم أحدهما، ولا تخرج الرواية في ذلك عن عبد الله والقاسم والطيب والطاهر وزينب ورقية وفاطمة وأم كلثوم، وهؤلاء كلهم ولدوا بمكة من خديجة، وولد له بالمدينة إبراهيم من مارية القبطية وكانت سريته صلى الله عليه وسلم[أهداها له المقوقس] ملك الاسكندرية، ومات إبراهيم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم أشهر [وكا [ن] عمره عامين غير شهرين]، وكانت له سرية أخرى اسمها ريحانة بنت شمعون من بني قريظة وقيل من بني النضير ماتت قبله عليه السلام، وقيل ماتت مرجعه من حجة الوداع.
فقلتا: أكثر هذا الباب من المرتبة الرابعة لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم.
مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنا سَيِّدُ وَلَد آدَمَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَأَنا أَوَّلُ مَنْ يَنْشَق عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَنا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ" (1).
مسلم، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَي قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لأَعرِفُهُ الآنَ"(2).
مسلم، عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل وكانت فلقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اشْهدُوا"(3).
مسلم، عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر مرتين (4).
أبو داود الطيالسي، عن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، قال: فقالوا: انظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال: فجاء السفار فقالوا كذلك (5).
البخاري، عن جابر بن عبد الله قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فتوضأ فجهش الناس نحوه، فقال:"مَا لَكُمْ؟ " قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا ماء نشرب إلا من بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة (6).
الترمذي، عن عبد الله بن مسعود قال: إنكم تعدون الآيات عذابًا وإنا
(1) رواه مسلم (2278).
(2)
رواه مسلم (2277).
(3)
رواه مسلم (2800).
(4)
رواه مسلم (2802).
(5)
رواه أبو داود الطيالسي (2447).
(6)
رواه البخاري (3576 و 4152 و 4153 و 4154 و 4840 و 5639).
كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة، لقد كنا نأكل الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام، قال: وأوتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"حَيَّ عَلَى الْوُضُوءِ الْمُبَارك وَالْبَرَكَةِ مِنَ السَّمَاء" حتى توضأنا كلنا (1).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
الترمذي، عن سمرة بن جندب قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم كنا مع نتناول في قصعة من غدوة حتى الليل يقوم عشرة ويقعد عشرة، قلنا: فما كانت تمد؟ قال: من أي شيء تعجب ما كانت تمد إلا من ها هنا وأشار بيده إلى السماء (2).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر حن الجذع حتى أتاه فالتزمه فسكن (3).
قال: هذا حديث حسن صحيح.
مسلم، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتَ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ صَاحِبَكُم خَلِيلًا"(4).
مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اهْدَأَ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ"(5).
(1) رواه الترمذي (3633).
(2)
رواه الترمذي (3625).
(3)
رواه الترمذي (505).
(4)
رواه مسلم (2383).
(5)
رواه مسلم (2417).
الترمذي، عن سعيد بن زيد قال: أشهد على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء، فقال:"اثْبُتْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ" قيل: ومن هم؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، قيل: فمن العاشر؟ قال: أنا (1).
مسلم، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُها الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجرَّاحِ"(2).
مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسبُّوا أصحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بيدهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكم أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهم وَلَا نَصِيفَه"(3).
البزار، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلى الْعَالَمِينَ سِوى النَّبِيِّينَ وَالْمرسَلِينَ، وَاخْتَارَ لِي مِنْ أَصحَابِي أَربَعَةً -يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا- وَجَعَلَهم أَصحَابِي، وَقَالَ فِي أصحَابِي كُلُّهم خَيْرٌ، وَاخْتَار أُمَّتِي عَلى الأُمَمِ، وَاخْتَارَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَ قُرُونٍ الأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابعُ"(4).
ذكره أبو موسى بن سهل وغيره ولم يقل يعني.
البزار، عن أبي الدرداء قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ اللهَ قَالَ لِعِيسَى ابْنِ مريَمَ إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بعدِكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهم مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وَشَكَرُوا، وَإِنْ أَصَابَهم مَا يَكْرَهُونَ احتَسَبُوا وَصَبَرُوا وَلَا حُلْمَ وَلَا عِلْمَ، قَالَ:
(1) رواه الترمذي (3757).
(2)
رواه مسلم (2419).
(3)
رواه مسلم (2540).
(4)
رواه البزار (2019) زوائد الحافظ.