المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الفتن والشروط - الأحكام الوسطى - جـ ٤

[عبد الحق الإشبيلي]

الفصل: ‌باب الفتن والشروط

يا رَبِّ كَيْفُ هذَا وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْم؟ قَالَ: أُعْطِيهم مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي" (1).

مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ"(2).

‌باب الفتن والشروط

مسلم، عن زيد بن ثابت قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه، فإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال:"مَنْ يعرِفُ أَصحَابَ هذه الأَقْبُر؟ " فقال رجل: أنا، قال:"فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاء؟ " قال: ماتوا في الإشراك، فقال:"إِنَّ هذه الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورها، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدفنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُم مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ" ثم أقبل علينا بوجهه فقال: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ" قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال:"تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ" قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال:"تَعَوَذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظهرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ" قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، فلا:"تَعوَّذُوا باللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ" قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال (3).

مسلم، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ

(1) رواه البزار (2845) وأحمد (6/ 450) والطبراني في الكبير والأوسط (ص 379 مجمع البحرين) وفي مسند الشاميين (2050) والحاكم (1/ 348) والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 355 - 356) وحكم عليه شيخنا الألباني بالوضع.

(2)

رواه مسلم (2832).

(3)

رواه مسلم (2867).

ص: 366

اللَّيْلِ المُظْلِم، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا وَيُمسِي كَافِرًا أَوْ يُمسِي مُؤمِنًا وَيصبِح كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرِضٍ مِنَ الدُّنْيَا" (1).

مسلم، عن حذيفة قال: أخبرنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال:"يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُها مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أثَرها مِثْلَ الْمَحِلِ كَجَمرٍ دَحرَجْتَهُ عَلى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ"(ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله) فَيُصبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ فِي بني فُلَانِ رَجُلَا أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خردَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقد أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايعتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِماَ لَيَرُدَّنَهُ عَلَيَّ دَينَهُ، وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا لَيَرُدَنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأَبَايعَ مِنْكم إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا" (2).

مسلم، عن حذيفة قال: كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، قال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القوم فقلت: أنا قال: أنت لله أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبها نُكِتَ فِيهِ نُكْتَهٌ سَوْدَاءُ وَأَيّ قَلْبٍ أَنْكَرها نُكِتَ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلى قَلْبَيْنِ عَلى أَبْيَضَ مِثْلَ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُربَادًّا كَالْكُوزِ مُجخِّيًا لَا يَعرِفُ مَعرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ

(1) رواه مسلم (118).

(2)

رواه مسلم (143).

ص: 367

هَوَاهُ" قال حذيفة: وحدثْتُهُ أن بينك وبينه بابًا مغلقًا يوشك أن يكسر، قال عمر: أكسرًا لا أبا لك، فلو أنه فتح لعله كان يعاد، قلت: بل يكسر وحدثتُهُ أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثًا ليس بالأغاليط.

قال أبو خالد الأحمر: قلت لسعد يعني ابن طارق: يا أبا مالك وما أسود مُربَادًا؟ قال: شدة البياض في سواد، قال: قلت: فما الكوز مجخيًا؟

قال: منكوسًا (1).

مسلم، عن أم سلمة قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا يقول: "سُبْحَانَ اللهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَات؟ (يريد أزواجه) لِكَيْ يُصلِّيَنَ، رُبَّ كَاسِيَة فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ"(2).

مسلم، عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه وهو يقول:"لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَيْل لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمأْجُوجَ مِثْلُ هذِهِ" وعقد سفيان يده عشرًا، قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"(3).

مسلم، عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم من أطام المدينة قال:"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى، إِنِّي لأَرَى مَوَاقع الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتكُم كَمَوَاقع الْقَطْرِ"(4).

البزار، عن كرز بن علقمة قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: هل للإسلام من

(1) رواه مسلم (144).

(2)

لم يروه مسلم وإنما رواه البخاري (115 و 126 و 5844 و 6218 و 7069) وأحمد (6/ 297) والترمذي (2196) وأبو يعلى (6988) وابن حبان (691) والطبراني في الكبير (23/ 833 و 835 و 836).

(3)

رواه مسلم (2880).

(4)

رواه مسلم (2885).

ص: 368

منتهى؟ قال: "أَيُّمَا بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَرادَ اللهُ بِهم خَيْرًا أَدخَلَ عَلَيْهمْ الإِسْلَامَ" قال: ثم مه، قال:"ثُمَّ تَرتَفِعُ [تَقَعَ] الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الْظُّلَلُ" قال: كلا والله إن شاء الله، قال:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ لَتَعُودُنَّ فِيها أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُم رِقَابَ بَعْضٍ"(1).

أبو داود، عن البراء بن ناجية عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تَدُورُ رِحَى الإسْلَامٍ لِخَمسٍ وَثَلَاثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ يُهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ يَقُم لَهُم دِينُهُمْ يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا" قال: قلت: أمما بقي أم مما مضى؟ قال: "مما مضى"(2).

قال الهروي في تفسير هذا الحديث: قال الحربي: ويروى تزول وكأن تزول أقرب لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها وتدور بما تكرهون وبما تحبون، فإن كان الصحيح سنة خمس فإن فيها قَدِمَ أهل مصر وحصروا عثمان، وإن كانت الرواية سنة ست ففيها خرج طلحة والزبير إلى الجمل، وإن كانت سنة سبع ففيها كان صفين.

وقال الخطابي: يريد عليه السلام أن هذه المدة إذا انقضت حدث في الإسلام أمر عظيم يخاف لذلك على أهله الهلاك، يقال للأمر إذا تغير واستحال دارت رحاه، وهذا والله أعلم إشارة إلى انقضاء مدة الخلافة، وقوله: يعني "يقم لهم دينهم" أي ملكهم وذلك من لدن بايع الحسن معاوية إلى انقضاء أيام بني أمية من المشرق نحوًا من سبعين سنة، والدين الملك والسلطان.

مسلم، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ

(1) رواه البزار (3353 كشف الأستار) وعبد الرزاق (20747) وعنه أحمد (3/ 477) ورواه الطبراني في الكبير (19/ 442 - 446).

(2)

رواه أبو داود (4254).

ص: 369

الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يعبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحرِيش بَيْنَهم" (1).

مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُهْلِكُ أمَّتِي هذَا الحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعتزلُوهُم"(2).

مسلم، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّها سَتكونُ فِتَنٌ أَلَا ثمَّ تَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيها، وَالْمَاشِي فِيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْها أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبلٌ فَلْيَلْحَقْ بِجلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأرضِهِ" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يَعمَدُ إِلى سَيْفِهِ فَيَدق عَلى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِينْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاةَ، اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلغْتُ اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني، قال:"يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ فَيَكُونُ مِنْ أَصحَابِ النَّارِ"(3).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَتكونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيها خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَها تَسْتشرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ فِيها مَلْجَأً فَلْيُعِذْ بِهِ"(4).

أبو داود، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصبِحُ الرَّجُلُ فيها مُؤمِنًا وَيمسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤمِنًا وَيُصبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي،

(1) رواه مسلم (2812).

(2)

رواه مسلم (2917).

(3)

رواه مسلم (2887).

(4)

رواه مسلم (2886).

ص: 370

فَكَسِّرُوا قِسيَّكم وَقَطِّعُوا أَوْتَاركُم وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُم بِالْحِجَارة فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدِكُم فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ" (1).

أبو داود، عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الفتن، قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله أفلا آخذ سيفي فاضعه على عاتقي؟ قال: "شَاركْتَ الْقَوْمَ إِذًا" قال: فما تأمرني؟ قال: "تَلْزَمُ بَيْتكَ" قال: فإن دخل عليَّ بيتي؟ قال: "فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَألق ثَوْبَكَ عَلى وَجْهِكَ يَبُوءُ بإثْمِكَ وَإِثْمِهِ"(2).

النسائي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ مَرَجَتْ عُهُودُهم وَخَانَتْ أَمَانَاتُهُم وَكَانُوا هكَذَا" وشبك بين أصابعه فقمت إليه فقلت: كيف أصنع عند ذلك يا رسول الله جعلني الله فداك؟ قال: "الْزَم بَيْتِكَ وَأمسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعرِفُ وَدع مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدع عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ"(3).

مالك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشَكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتَّبعُ بِها شَعَبَ الْجبَالِ، وَمَوَاقع الْقَطْرِ يَفرُّ بدِينهِ مِنَ الْفِتَنِ"(4).

مسلم، عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الْعِبَادَةُ فِي الْهرَج كهِجْرَة إِلَيَّ"(5).

أبو داود، عن المقدام قال: ايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمِنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ، لَمَنْ

(1) رواه أبو داود (4259).

(2)

رواه أبو داود (4261).

(3)

رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (205).

(4)

رواه مالك (2/ 243).

(5)

رواه مسلم (2948).

ص: 371

جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمنِ ابْتُلِي فَصَبَرَ فَوَاهًا" (1).

مسلم، عن حذيفة قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال:"نَعَم" فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نَعَم وَفِيهِ دَخَنٌ" قلت: وما دَخَنَه؟ قال: "قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيهْدونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعرِفُ مِنْهُم وَتُنْكِرُ" فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نَعَم دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُم إِلَيْها قَذَفُوهُ فِيها" فقلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال:"نَعَم قَوْمٌ مِنْ جَلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِألسِنَتِنَا" قلت: يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وإمَامَهمْ" قال: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فَاعتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّها وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلى أَصلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلى ذَلِكَ"(2).

أبو داود، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ زَوى لِي الأَرضَ" أو قال: "إِنَّ رَبِّي زَوى لِي الأَرضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقها وَمَغَارِبها، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِي لِي مِنْها، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ، وإِنِّي سَألتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَهم بِسَنَةٍ بِعَامَةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِم عَدُوًّا مِنْ سِوى أَنْفُسِهم فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُم، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَلَا أُهْلِكُهُم بِسَنةٍ بِعَامَةٍ، وَلَا أُسَلِّطُ عَلَيْهِم عَدُوًّا مِنْ سِوى أَنْفُسِهِم فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُم، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِم مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِها، أو قال: بِأَقْطَارها حَتَّى يَكُونَ بَعضُهُم يُهْلِكُ بَعضًا، وَحَتَّى يَكُونَ بَعضُهُم يَسْبِي بَعضًا، وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلى أُمَّتِي الأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمتِي لَمْ يُرفَع عَنْها إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا

(1) رواه أبو داود (4263).

(2)

رواه مسلم (1847).

ص: 372

تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى تَعبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الأوثانَ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ كُلُّهُم يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنا خَاتَم النَّبِيِّينَ لَا نبِيَّ بعدِي، وَلَا تَزَالُ طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُم مَنْ خَالَفَهم حَتَّى يَأتِي أَمرُ اللهِ" (1).

مسلم، عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه، فدعا ربه طويلًا ثم انصرف إلينا فقال:"سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتينِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَألتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعطَانِيها، وَسَألتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيها، وَسَألتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأسَهُم بَيْنَهُم فَمَنَعَنِيها"(2).

مسلم، عن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" فقلت: أو قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ"(3).

البخاري، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا"(4).

وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَرْجِعُوا بَعدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ"(5).

وعن ابن عباس: "لا ترتدوا" بدل: "لَا تَرجِعُوا"(6).

مسلم، عن المقداد بن الأسود أنه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت

(1) رواه أبو داود (4252).

(2)

رواه مسلم (2890).

(3)

رواه مسلم (2888).

(4)

رواه البخاري (6874 و 7070).

(5)

رواه البخاري (6166 و 6785 و 6868 و 7077).

(6)

رواه البخاري (7079).

ص: 373

رجلًا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مِنِّي بشجرة فقال: أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقْتُلْهُ" قال: قلت: يا رسول الله إنه قطِع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فهُوَ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ"(1).

أبو داود، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعنِقًا صالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَاما بَلَّحَ"(2).

النسائي، عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كُلُّ ذَنْب عَسى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا الرَّجُلُ يَقْتلُ الْمُؤمِنَ مُتَعَمدًا أَوِ الرجُلُ يَموت كَافِرًا"(3).

وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَتْلُ الْمُومِنِ أَعظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا"(4).

البزار، عن أبى الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنا نَائِمٌ رَأَيْتُ عمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تحتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ، فَأَتْبعتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلى الشَّامِ أَلَا وَإِنَّ الإِيْمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ"(5).

هذا صحيح، ولعل هذه الفتن هي التي تكون عند خروج الدجال، والله ورسوله أعلم.

وقد ذكر أبو داود من حديث أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ

(1) رواه مسلم (95).

(2)

رواه أبو داود (4270).

(3)

رواه النسائي (7/ 81).

(4)

رواه النسائي (7/ 83).

(5)

ورواه أحمد (5/ 198 - 199) والطبراني في مسند الشاميين (449 و 1198). وابن عساكر (1/ 96 - 97) وأبو نعيم في الحلية (6/ 98).

ص: 374

فسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغْوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَها دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ" (1).

وعند دمشق يكون نزول عيسى عليه السلام، وعندها يكون الدجال على ما يأتي بعد إن شاء الله.

مسلم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرَانِي اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ أُدمِ الرِّجالِ تَضْرُتُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعرِ يَقْطِرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَهُ عَلى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهوَ بَيْنَهُمَا يَطُوف بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ مريَمَ، وَرَأَيْتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا جَعدًا قَطَطًا أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ بابْنِ قَطَن وَاضِعًا يَدَهُ عَلى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هذَا؟ قَالُوا: الْمَسْيحُ الدَّجَّالُ"(2).

أبو داود، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ ممَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهاتِ أَوْ لِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهاتِ"(3).

مسلم، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مريَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلى الْحُفرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبِطَ الرَّأْسِ"(4).

مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَريَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ وَلَيَضَعَنَّ الجِريَةَ وَلَيترَكَنَّ

(1) رواه أبو داود (4298).

(2)

رواه مسلم (169).

(3)

رواه أبو داود (4319).

(4)

رواه مسلم (165).

ص: 375

الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْها، وَلَيَذْهبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ وَلَيَدعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ" (1).

مسلم، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" قال: "فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أَمِيرهُمُ: تَعَالَ صَلِّ لنْا، فيقول: لَا إِنَّ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِهِ الأُمَّةِ"(2).

أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الدَّجَّالَ أَعوَرُ جَعْدٌ هِجَان أَقْمَرُ، كَأَنَّ رَأْسَهُ غُضَّةُ شَجَرَةٍ أَشْبَهُ النَّاس بعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ الْخُزَاعِيِّ، فَإِمَّا هلَكَ الهُلَّكُ فإِنَّهُ أَعوَرُ وَلَيْسَ اللهُ بِأعوَرَ"(3).

مسلم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال:"إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى لَيْسَ بِأَعوَرَ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عنَبَةٌ طَافِيَةٌ"(4).

أبو داود، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنِّي كُنْتُ حَدَّثْتكُم عَنِ الْمَسِيحِ الدَّجَالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لَا تَعقِلُوا، إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعدٌ أعوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلَا جَحرَاءَ، فَإِنِ الْتبَسَ عَلَيْكُم فَاعلَمُوا أَنَّ ربكُم لَيْسَ بِأعوَرَ"(5).

مسلم، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى جُفَالُ الشَّعرِ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ"(6).

(1) رواه مسلم (155).

(2)

رواه مسلم (156).

(3)

رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (151/ 132 - 133).

(4)

رواه مسلم (169).

(5)

رواه أبو داود (4320).

(6)

رواه مسلم (2934).

ص: 376

أبو بكر بن أبي شيبة عن الفلتان بن عاصم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَرَجُلٌ أَجْلَى الْجَبْهةِ مَمسُوحُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى عَرِيضُ النَّحرِ فِيهِ دِقٌّ" أي الخناء (1).

أبو داود الطيالسي عن سفينة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَد أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، أَلَا وَإِنَّهُ أَعوَرُ الْعَيْنِ الشَّمَالِ وَبِالْيُمنى ظَفْرَةٌ غَلِيظَةٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرُ -يعني مكتوب كافر- يَخْرُجُ مَعَهُ وَادِيَانِ أَحَدُهُمَا جَنَّةٌ وَالآخَرُ نَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ لِلنَّاسِ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُم أُحْيِي وَأُمِيتُ؟ وَمَعَهُ مَلِكَانِ يَشْبَهانِ بِنَبِيَينِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِنِّي لأَعْرِفُ اسْمَيْهِمَا وَأسْمَاءَ آبَائِهِمَا، لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيهِمَا سَمَّيْتُهُمَا أَحَدُهُمَا عَنْ يميِنِهِ وَالآَخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَيَقُولُ: أَلَسْتُ بِرَبَكم أُخيِ وَأُمِيتُ؟ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: كَذَبْتَ فَلَا يَسْمَعُهُ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ، وَيَقُولُ الآخَرُ صَدَقْتَ وَيَسْمَعُهُ النَّاسُ وَذَلِكَ فِتْنَة، ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَدِينَةِ فَيَقُولُ: هذِهِ قَريَةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَا يُؤذَنُ لَهُ أَنْ يَدخُلَها، ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ الشَّامَ فَيُهْلِكُهُ اللهُ عِنْدَ عَقَبَةِ أَفِيقٍ"(2).

مسلم، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنَا أعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ أَحَدُهُمَا رَأْي الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّج، فَإِمَّا أَدْرَكنَّ أَحَدٌ فيأتي النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ ليُطَأْطِئ فَيَشْرَب مِنْهُ فإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَإِنَّ الدَّجَّال مَمْسُوحُ الْعَيْنِ عَلَيْها ظَفَرة غَلِيظَةٌ مَكْتُوبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُل مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ"(3).

وزاد من حديث عمر بن ثابت عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن

(1) المطالب العالية (1039).

(2)

رواه أبو داود الطيالسي (2777).

(3)

رواه مسلم (2934).

ص: 377

النبي صلى الله عليه وسلم: "تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرى أَحَدٌ [مِنْكُم]، رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ"(1).

البزار، عن حذيفة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الدجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَفِتْنَةُ بَعضِكُم أَخْوَتُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، لَيْسَ مِنْ فِتْنَةٍ صَغِيرَةٍ وَلَا كَبِيرَةٍ إِلَّا تُصْنَعُ لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَمَنْ نَجَا مِنْ فِتْنَةِ مَا قَبْلَها فَقَد نَجَا مِنْها، وَاللهِ لَا يَضُرُّ مُسْلِمًا، مَكْتُوب بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ"(2).

قاسم بن أصبغ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ وَإِدبَار مِنَ الْعِلْمِ لَهُ أَربَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُها فِي الأَرضِ، الْيَوْمُ مِنْها كَالسَّنَةِ وَالْيَوْمُ مِنْها كَالشَّهْرِ وَالْيَوْمُ مِنْها كَالْجُمُعَةِ ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكم هذِهِ، وَلَهُ حِمَارٌ يَركَبُهُ عَرِيضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَربَعِينَ ذِراعًا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ: أَنَا رَبُّكُم، وَهُوَ أَعوَرُ وَإِنَّ ربَّكم لَيْسَ بِأعوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤْهُ كُلُّ مُؤمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ، يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَسَهْلٍ إلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَسَهُمَا اللهُ عَنْهُ وَقَامَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأبْوَابِها. . . .". وذكر الحديث (3).

مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سَمِعتم بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْها فِي البَرِّ وَجَانِبٌ مِنْها فِي الْبحرِ؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَها سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاؤُوها نَزَلُوا فَلم يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَم يَرمُوا بِسَهْمٍ قَالُوا لَا إِلهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْها- قال ثور: لا اعلمه إلا قال-: الَّذِي فِي الْبَحرِ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ لَا إِله إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ جَانِبُها الآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ لَا إِله إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَجُ لَهُمْ فَيَدخُلُونَها فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ فقال:

(1) رواه مسلم (4/ 2245) بعد الحديث (169).

(2)

رواه البزار (3391 كشف الأستار) وأحمد (5/ 389).

(3)

ومن طريقه رواه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 180 - 181) ورواه أيضًا أحمد (3/ 367) وابن خزيمة في التوحيد (70) والحاكم (4/ 350) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وفيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس.

ص: 378

إِنَّ الدَّجَّال قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرجِعُونَ" (1).

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهم جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذين سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُم، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكم وَبَيْنَ إخْوَانِنَا فَيُقَاتِلُونَهم فَيَنْهزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِم أَبدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهَم أَفْضَلُ الشُّهدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُم يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفكُم فِي أَهْلِيكُم فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُم يعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَيَنْزِلُ عِيسى ابْنُ مَريَمَ صلى الله عليه وسلم فأَمَّهم فَإِذَا رآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهم دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ"(2).

وعن يُسَيْرِ بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فقال رجل ليس له هِجيرَى إلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكئًا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يَجْتمعون لأهل الإسلام ويَجْتَمعُ لهم أهل الإسلام، قلت: الروم يعني؟ قال: نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شُرْطَةً للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير كالب وتَفْنى الشُرْطَة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون

(1) رواه مسلم (2920).

(2)

رواه مسلم (2897).

ص: 379

شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قالمالا يرى مثلها، وإما قال لم يُر مثلها حتى إن الطائر ليمر بِجَنَبَاتِهم فما يخلفهم حتى غير ميتًا فيتعادُّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدون بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يُفْرَحُ أو أي ميراث يقاسم، فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببَأسٍ أَكْبَرُ من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خالفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لأَعرِفُ أَسْمَائَهُم وَأَسْمَاءَ آبَائِهِم وَأَلْوَانَ خُيُولهِم هُم خَيْرُ فَوَارِسَ عَلى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذِ" أو: "مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ

عَلى ظَهْرِ الأرضِ يَوْمَئِذٍ" (1).

مسلم، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُومِنِينَ، فَتَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ مَسالِح الدَّجَّالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعمِدُ إِلى هذَا الرَّجُلِ الَّذِي خَرِجَ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَمَا تُؤمِنُ بِرَبِّنَا؟ فَيَقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاء، فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ، فيَقُولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهاكُم رَبُّكُم أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَه؟ قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإذَا رَآهُ الْمُؤمِنُ قَالَ: يَا أَيُّها النَّاسُ هذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: فَيَأمُرُ بهِ الدَّجَّالُ فَيُشَجُّ فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ، فَيُوسَعُ بَطْنُهُ وَظَهْرُهُ ضَربًا فَيَقُولُ: أَوَمَا تُؤْمِنُ بِي؟ فيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسيحُ الْكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤمَرُ بِهِ فَيُنْشَرَ بِالْمِنْشَارِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ حَتَّى يُفَرَقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقُولُ لَهُ: قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا، قال ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتْؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا أزَدَدتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً، قال: ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّها النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بعدِي بِأَحَدٍ مِن النَّاسِ، قال: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلُ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتَهِ نُحَاسًا

(1) رواه مسلم (2899).

ص: 380

فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قال: فَيَأْخُذُ بيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيحسِب النَّاسُ إِنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهادَةً عَنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(1).

وعنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا حديثًا طويلًا عن الدجال، فكان فيما حدثنا قال:"يَأْتِي وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِي إِلَى بَعْضِ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ خَيْرِ النَّاسِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَشْهدُ أَنَّكَ الدَّجَّالَ الَّذِي حَدَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُم إِنْ قَتَلْتُ هذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ أتَشُكُونَ فِي الأَمرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحيِيهِ: وَاللهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِني الآنَ، قَالَ: فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلّطُ عَلَيْهِ"(2).

وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا يَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابها إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ تَحرُسُها، فَيَنْزِلُ بِالسَّبْحَةِ فَتَرْجُف الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ يَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ".

وفي طريق آخر: "كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ"(3).

مسلم، عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال:"مَا شَأْنُكُمْ؟ " قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل، قال: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُم، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُم فَأنَا حَجُيجُهُ دُونَكُم، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُف فَامرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللهُ خَلِيفَتي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ

(1) رواه مسلم (2938).

(2)

رواه مسلم (2938).

(3)

رواه مسلم (2943).

ص: 381

الْعُزَّى بْنِ قْطنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكم فَلْتقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سورة الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةَ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ الله فَأثْبُتُوا" قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: "أَربَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةِ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُم" قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "اقْدُرُوا لَهُ قَدرَهُ" قلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما إسراعه في الأرض؟ قال: "كَالْغَيْثِ اسْتَدبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِي عَلى الْقَوْمِ فَيَدعُوهُم فَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبونَ لَهِ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتَفطُرُ وَالأَزضَ فَتَنْبُتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِم سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذرًا وَأَسَبَغُه ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي الْقَوْمَ فَيَدعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُم فَيُصبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأيْدِيهِم شَيْءٌ مِنْ أَموَالِهِم، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَها: أَخْرِجِي كُنُوزك، فَتَتبعُهُ كُنُوزُها كَيَعاسِيب النَّحْلِ، ثُمَّ يَدعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرُبهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزِلَتَيْنِ رَميَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَريَمَ صلى الله عليه وسلم، فيَنْزِلُ عِنْد الْمَنَارة الْبَيْضَاءِ شَرْقِي دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذا طَأَطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ ريحَ نَفْسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنفْسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدرِكَهُ بِبَابِ لُذ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأتِي عِيسى ابْنَ مَريَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مَنْهُ فَيمسَحُ عَنْ وُجُوهِهِم وَيحَدِّثُهُم بِدَرَجَاتِهِم فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهِ إِلَى عِيسَى عليه السلام إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِم فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللهُ يَأجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُم مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُم عَلى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْربُونَ مَا فِيها، وَيَمُرُّ آخِرُهُم فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةَ مَاءٌ، وَيَحْضُرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدَهم خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصحَابهُ فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِم فَيُصبِحُونَ فَرْسي كَمَوْتِ نَفْسِ وَاحِدَةِ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبي اللهِ عِيسَى عليه السلام وَأصحَاُبهُ إِلَى الأَرضِ

ص: 382

فَلَا يَجِدُونَ فِي الأرضِ مَوْضِعَ شِبْرِ إِلَّا مَلأَهُ زَهمُهم ونَتْنَهُم فَيَرغَبُ إِلى اللهِ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى عليه السلام وَأَصحَابهُ فيْرُسِلُ اللهُ عز وجل طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَيَحملُهُم فَيَطْرَحُهُم حَيْثُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يرسِلُ الله مَطَرًا لَا يَكُنْ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأَرضَ حَتَّى يتْرُكَها كالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتكِ فَيَوْمَئِذٍ تأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحفها وَيُبَارَكُ فِيْ الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحةَ مِنَ الإِبلِ لَتكفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخْذَ مِنَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأخُذُهُم تَحتَ آباطِهم فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤمِنٍ وكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيها تَهَارجُ الْحُمُرِ فَعَلَيْهم تَقُومُ السَّاعَةُ".

وقال في طريق آخر بعد قوله: "لَقَد كَانَ بِهذِهِ مَرَةَ مَاءٌ ثُمَّ يَسِيرُونَ إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ وَهُوَ جَبَل بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ قَتَلنا مَنْ فِي الأَرضِ فَلنقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، فَيرمُونَ بِنُشَّابِهِم إِلى السَّمَاءِ فَيَرُدُّ اللهُ عَلَيْهِم نُشَّابَهُم مَخْضُوبَةً دَمًا"(1).

وقال الترمذي في هذا الحديث: "يُرْسِلُ اللهُ طَيْرًا كَأعنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحمُلُهم فَتَطْرَحُهُم بِالْمِهْبَلِ وَيَسْتَوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّهِم وَنُشَّابِهِم وَجِعَابِهِم

سَبع سِنِينَ" (2).

مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمكُثُ لَا أَدرِي أَربَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَربَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَربَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى عليه السلام كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَ يُرسِلُ اللهُ

(1) رواه مسلم (2137).

(2)

رواه الترمذي (2240).

ص: 383

عَزَّ وَجَلَّ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامٍ فَلَا يَبْقَى عَلى وَجْهِ الأَرضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُم دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ" قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِقةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ لَا يعرِفُونَ مَعرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكِرًا، قال: فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ لَهُم: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهم بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهم حَسَنٌ عَيْشُهُم، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قال: فَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبلِهِ، قال: فَيَصعَقُ وَيصعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ، أو قال: يُنْزِلُ اللهُ مَطَرًا كَأنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّها النَّاسُ هلُمُّوا إِلَى ربكم وَقِفُوهُم إِنَّهُم مَسْؤُولُونَ، ثُمَّ يقَالُ: أَخْرِجُوا بعْثَ النَّارِ، فَيُقَالُ: مِنْ كم؟ فَيُقَالُ: مَنْ كُلِّ أَلفٍ تِسْعَمَائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، قال: فذلك: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} وذلك {يوْمَ يكشَف عَن سَاق} (1).

أبو بكر بن أبي شيبة، عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال قال:"وِإِنَّهُ مَتى يَخْرُجُ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أنَّهُ اللهُ، فَمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَيْسَ يَنْفَعُهُ صَالحٌ مِنْ عَمَلٍ سَلَفَ، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذبَهُ فَلَيْسَ يُعَاقَبُ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَل سَلَفَ، وَإِنَّهُ سَيَظهرُ عَلَى الأَرضِ كُلها إِلَّا الْحَرَمِ وَبَيتِ الْمَقْدِسِ، وإنَّهُ يَحضُرُ الْمُؤمِنِينَ فِي بَيْتِ الْمقدِسِ، قال: فَيَهْزِمُهُ اللهُ وَجُنُودُهُ حَتَّى أَنَّ جَذْمَ الْحَائِطِ وَأَصلَ الشَّجَرَةِ يُنَادِي يَا مُؤمِنُ هذَا كَافِرٌ يَسْتَتِرُ بِي تَعَالَ اقْتُلْهُ، قال: وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى تَرَى أُمُورًا يَتَفَاجُ شَأنُهَا فِي أَنْفُسِكُم فَيَتَسَاءَلُونَ بَيْنَكُمْ هلْ كَانَ نَبِيُّكُمْ ذَكَرَ لَكُم مِنْها ذِكْرًا وَحَتَّى تزولَ جِبَالٌ عَنْ مَرَاتِبِها، ثُمَّ عَلَى أثَرِ ذَلِكَ الْقَبْضُ"(2).

(1) رواه مسلم (2940).

(2)

رواه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 151 - 152).

ص: 384

ووقع في حديث عبد الله بن عمرو: "إِلَّا الْكَعبَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ".

ذكره أبو جعفر الطبري.

وزاد أبو جعفر الطحاوي: "وَمَسْجِدَ الطُّورِ" رواه من حديث جناد بن أبي أمية عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم عن النبي صلى الله عليه وسلم (1).

مسلم، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يَتْبَعُ الدَّجَّال مِنْ يَهُودِ أَصبَهانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَة"(2).

مسلم، عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت نداء منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت في صف النساء اللائي يلين ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال:"لِيَلْزم كُلُّ أَحَدٍ مُصَلَاّهُ" ثم قال: "أَتَدرُونَ لِمَ جَمَعتكمْ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، ثم قال: "إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعتُكُم لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ وَلَكِنْ جَمَعتكُم لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيِّ كَانَ رَجُلًا نَصرَانيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَق الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثكُم عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أنَّهُ ركِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحريةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخَم وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ أَرْفَؤُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبحرِ [حَتَّى] حَيْثُ مَغْرِبَ الشَّمسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُب السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيْتُهُم دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِير الشَّعرِ لَا يَدرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دبرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكَ مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّها الْقَوْمُ: انْطَلِقُوا إِلَى هذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى حَدِيثِكُم بِالأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْها أَنْ تَكُون شَيْطَانَةً، فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلنا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أعظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كعبَيْهِ

(1) انظر فتح الباري (13/ 112).

(2)

رواه مسلم (2944).

ص: 385

بالْحَدِيدِ، قُلنا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُم عَلى خَبَرِي فَأَخْبرُوني مَا أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ ركِبْنَا فِي سَفِينَةِ فَصَادَفنا الْبَحرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهرًا ثُمَّ أَرفأنَا إِلى جَزِيرَتكَ هذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِها فَدَخَلنا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثيرَ الشَّعرِ لَا نَدرِي مَا قُبُلُهُ مِنْ لودبرِهِ مِنْ كَثرةِ الشَّعرِ، فَقُلنا: وَيلك مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قُلنا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعمِدُوا إِلَى هذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلى خَبَرِكُم بِالأَشْوَاقِ، فأقبَلنا إِلَيْكَ سِرَاعًا وَفَزِغنَا مِنْها وَلَم نَأَمَنْ أَنْ تكُونَ شَيْطَانَة، فَقَالَ: أَخْبِروني عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلنا: عَنْ أَيِّ شَأْنِها تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْألكُم عَنْ نَخْلِها هل يُثْمِرَ؟ قفنَا لَهُ: نَعَم، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَلَّا يُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُوني عَنْ بَخرِ طَبَرِيَّةَ؟ قُلنا: عَنْ أَيِّ شَأْنِها تَسْتَخْبِرُ؟ قَال: هلْ فِيها مَاءٌ؟ قُلنا: هِيَ كَثِيرةُ المَاءِ، قَالَ: إِنَّ مَاءها يُوشِك أَنْ يَذْهبَ، قال: أَخْبِرُوني عَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قلنا عَن أَي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين

مَاءٌ؟ وهلْ يَزْرعُ أَهْلُها بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلنا لَهُ: نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائها، قَالَ: فَأَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ بِيَثربَ، قَالَ: أَقَاتَلَتْهُ الْعَرَبُ؟ قُلنا: نَعَم قَالَ: كَيْف صَنَعَ بِهم؟ فَأَخْبَزنَاهُ أنَّهُ قَدْ ظَهرَ عَلى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ فَأَطَاعُوهُ، قَالَ: قَالَ لَهم: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلنا: نَعَم، قَالَ: أَمَا إنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُم أَنْ يُطِيعُوهُ وَإِنَّنِي مُخْبِرُكُم عَنِّي إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّي يُوشَكُ أَنْ يُوذَنَ لي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأسِيرَ فِي الأَرضِ فَلَا أَدعُ قَرْيَةَ إلَّا هبَطْتُها فِي الأَربَعِينَ لَيْلَةَ غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحرَمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدتُ أَنْ أَدخُلَ وَاحِدَة مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلتًا يَصرِفُنِي عَنْها، وَإنَّ عَلَى كُلِّ بَيْتِ مِنْها مَلَائِكَة يَخرُسُونَها" قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ هذِهِ طَيْبَةُ هذِهِ طَيْبَةُ هذِهِ طَيْبَةُ، -يعني المدينة- أَلَا هلْ كُنْتُ حَدَّثْتكم ذَلِكَ؟ " فقال الناس: نعم، حَدِيثُ تميم فَإِنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ حَدَّثْتكم عَنْهُ عَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ أَلَا إِنَّهُ فِي بحرِ الشَّامِ أَوْ بحرِ اليَمَنِ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ

ص: 386

الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ" وَأَوْمَأَ بيده إلى المشرق، قالت فحفظت: هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

مسلم، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُخَرِّبُ الْكَعبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ"(2).

البخاري، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كَأَنِّي بهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُها حَجَرًا حَجَرًا"(3).

أبو داود الطيالسي، عن أبي هريرة قال: قالى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَأَوَّلُ مَنْ يَسْتَحِلُ هذَا الْبَيْتَ أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ هلَكَةِ الْعَرَبِ ثُمَّ يَجِيءُ الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يُعَمَّرُ بَعدَهُ قَالَ: وَهُم الَّذين يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ"(4).

مسلم، عن أبي هريرة قالى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إهابَ أَوْ يَهابَ".

قالى زهير: قلت لسهيل: كم ذلك من المدينة؟ قالى: كذا وكذا ميلًا (5).

مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قالى: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر، قالى:"مَا تَذَاكَرُونَ؟ " قالوا: نذكر الساعة، قال: "إِنَّها لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَةا عَشْرَ آيَاتٍ فذكر الدُّخَّانَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغَرِبِها وَنُزُولِ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَيَأجوجَ وَمَأْجْوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ

(1) رواه مسلم (2942).

(2)

رواه مسلم (2909) والبخاري (1596).

(3)

رواه البخاري (1595).

(4)

رواه أبو داود الطيالسي (2772).

(5)

رواه مسلم (2903).

ص: 387

وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنُ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحشَرِهم" (1).

مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ أَوَّلَ الآَيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمسِ مِنْ مَغْرِبِها وَخُرُوجُ الدَّابَةِ عَلى النَّاسِ ضُحًى وَأيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِها فَالأُخْرَى عَلى إِثْرِها قَرِيبًا مِنها"(2).

ومن حديث هشام بن يوسف القاضي أبي عبد الرحمن الصغاني عن رباح بن عبيد الله بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بِئْسَ الشِّعْب جِيَادٌ" قالوا: وفيم ذلك يا رسول الله؟ قال: "تَخْرُجُ مِنْهُ الدَّابَّةُ فَتَصْرَخُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ فَيَسْمَعُها مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَين"(3).

لم يتابع رباح على هذا الحديث، خرج الحديث أبو أحمد بن عدي رحمه الله.

البخاري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعوَاهُمَا وَاحِدَة، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُم يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ الله، وَحَتَّى يُقْبَض الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثر الْهرَجُ -وهو القتل- وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُم الْمَالُ فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعرِضَهُ فَيَقُولُ الَّذِي يَغرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي بِهِ، وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمرَ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ

(1) رواه مسلم (1901).

(2)

رواه مسلم (2941).

(3)

رواه الطبراني في الأوسط (ص 431 مجمع البحرين) والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 316) وابن عدي في الكامل (3/ 173).

ص: 388

مَغْرِبِها، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرآها النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُها لَمْ يمُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِها خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقَد نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يتبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لَقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَد رَفَعَ أَكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُها" (1).

أبو داود عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنِّي لأَرجُو أَنْ لَا يعجِزَ اللهُ أمَّتِي أَنْ يُؤَخِرَّهم نِصفَ يَوْمٍ".

قيل لسعد: وكم نصف اليوم؟ قال: خمس مئة سنة (2).

كمل السفر الثامن من الأحكام الشرعية بتوفيق الله وعونه وبكماله كمل جميع الديوان وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا سنة أربع وستين وست مئة

(1) رواه البخاري (7121).

(2)

رواه أبو داود (4350).

ص: 389