الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من لطف المحاورة ما يعجب منه، وعند ذلك قال المترجمُ الشعرَ الرائقَ، ونظمَ الغزلَ الفائقَ1.
فهذه الصلة بين الخشاب والفرنسيين، وبينه وبين صديقه الفرنسيّ بوجهٍ خاصٍّ، من شأنها أن تؤثر في ثقافة الخشاب، وأن تقفه على كثير من أحوال الفرنسيين، وأن يتأثر بما هم عليه، مما هو غريب عن ثقافته وتفكيره.
كان هذا الاتصال الوثيق بين الفرنسين وهؤلاء الأزهريين عاملًا قويًّا ذا أثر بليغ في الوقوف على حضارة الفرنسيين وعلومهم، ونستطيع أن نقول: إن هؤلاء العلماء كانوا معبرًا بين الثقافة الغربية والثقافة العربية المصرية، وإن أفكارهم كانت أنضج الأفكار المصرية الصالحة للتأثر بالفرنسيين في ذلك الزمان.
1 الجبرتي 4 ص239.
نابليون وعلماء الأزهر:
أدرك نابليون ما لعلماء الأزهر من نفوذٍ في الشعب، ومكانةٍ في الأمة، واستشعر أنه لكي يسوس هؤلاء الناس -أي: المصريين- لابد من وسطاء يسعون بيننا وبينهم، وكان لابد له أن يقيم منهم زعماء يوجهون الأمة برأيهم، وفضَّلهم على غيرهم؛ لأنهم أولًا: كانوا كذلك -أي: رؤساء بطبيعتهم- وثانيًا: لأنهم كانوا مفسري القرآن، ومعروف أن أكبر العقبات تنشأ عن أفكار دينية، وثالثًا: لأن للعلماء خلقًا لينًا؛ ولأنهم دون نزاعٍ أكثر أهل البلاد فضيلةً.
قدَّر نابليون الزعامة الروحية لعلماء الأزهر، واتخذ منهم سبيلًا للتفاهم مع الشعب، وألَّفَ منهم الديوان للفصل في القضايا1.
1 ما بين قوسين من مذكرات نابليون.