الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعراء الأزهر والتجديد في الشعر:
ومن التجديد المثمر الذي أدخل على الشعر العربي في العصر الحديث ما فعله الشيخ "رفاعه رافع الطهطاوي"، أحد زعماء النهضة الأدبية العلمية في هذا العصر، فإنه لما عاد من بعثه إلى "باريس" حاول إدخال نوع جديد في الشعراء المصري، إذ كان قد تعلم الفرنسية وآدابها، وأراد محاكاة بعض الشعراء هناك، وكان من أول آثره في ذلك أن نقل قصيدة "المارسيليز" التي هي تشيد فرنسا القومي إلى العربية في شعر تصرف فيه بعض التصرف، حيث قال:
فهيا يا بني الأوطان هيا
…
فوقت فخاركم لكم تهيا
أقيموا الراية العظمى سويا
…
وشنوا غارة الهيجا مليا
عليكم بالسلام أيا أهالي
…
ونظم صفوفكم مثل اللآلى
وخوضوا في دماء أولي الوبال
…
فهم أعداؤكم في كل حال
وجودكم غدا فيكم جليا
…
فماذا تبتغي منا الجنود
وهم جمع وأخلاط عبيد
…
كذا أهل الخيانة والوفود
كذاك ملوك بغي لم يسودا
…
تعصبهم لنا لم يجد شيئا
إلخ.
وقد جرى على هذا النهج في إنشاء أناشيد وطنية مصرية، ومدائح لحكام مصر مزجها بذكر مجد البلاد، ومن ذلك منظومة طبعت بمطبعة بولاق سنة 1227 من الهجرة قال فيها يمدح "سعيد باشا" الخديو:
بشرى لمصر سعدها بالعز لاح
…
وسعيدها بالفوز ساعده الفلاح
أبناء مصر نحن موطننا أصيل
…
حسب عريق زانه مجد أثيل
وفخارنا في الكون جل عن المثيل
بشرى لمصر..........
…
..........................
نحن السراة وشأننا حب الوطن
…
ولشأننا السامي نزاحم من قطن
شاني حمانا ليس من أهل الفطن
…
فهو الدعي وعرضه شرعا مباح
بشرى لمصر............
…
............................
وطن عزيز لا يهان ولا يضام
…
وحمى تعزز من علا علياه حام
مجد له لا زال يخترق الغمام
…
عين السها لفخارة ذات التمام
بشرى لمصر...............
…
...............................
إلخ.
فكان الشيخ "رفاعة" من المجددين في الشعر على هذا النمط.
وكان صاحب الفضل في إضافة هذا اللون من الشعر الذي يمثل الحياة المصرية من بعض وجوهها.
لقد غرس "رفاعة" في الشعر الحديث هذا الغرض الذي كان نواة للأناشيد القومية التي تودع كل معاني الحماسة، والغيرة على الوطن والتي هي رمز لكفاح الدولة.
وكان من تجديد الأزهريين في الشعر الحديث أيضا ما اقتدر عليه المرحوم "السيد عبد الله نديم"، من إخضاع الزجل لمعاني الشعر الرفيعة، وإيداعه خيالاته الرائعة، وألوان الأدب في شتى صورها -واستخدامه الزجل في توجيه الشعب، وتقويم الأمة ودعوتها للنهوض سياسيا، وخلقيا واجتماعيا.